قصة "عمر أفندي" الشركة الأكثر إثارة للجدل منذ عهد الخديوي "سعيد"

أحمد عاشور :

تعد شركة " عمر أفندي " التى تأسست منذ أكثر من 159 سنة ، على يد عائلة "أودلف أوروزدي" ذات الأصول النمساوية تحت أسم "أوزوردي باك Orosdi Back" ، من أكثر الشركات التى أثارت جدلاً في تاريخ الاقتصاد المصري خاصة فيما يتعلق بدور الدولة في إدارة أصول قطاع الأعمال العام

قصة "عمر أفندي" الشركة الأكثر إثارة للجدل منذ عهد الخديوي "سعيد"
جريدة المال

المال - خاص

6:28 م, الخميس, 24 يوليو 14

 
أحمد عاشور :

تعد شركة ” عمر أفندي ” التى تأسست منذ أكثر من 159 سنة ، على يد عائلة “أودلف أوروزدي” ذات الأصول النمساوية تحت أسم “أوزوردي باك Orosdi Back” ، من أكثر الشركات التى أثارت جدلاً في تاريخ الاقتصاد المصري خاصة فيما يتعلق بدور الدولة في إدارة أصول قطاع الأعمال العام

.

 

فالشركة التى تأسست فى عهد الخديوى سعيد باشا ، بدأت أول فروعها في شارع عبد العزيز لتلبية احتياجات العملاء من المصريين والأجانب ولمع صيتها كواحدة من أعرق وأشهر السلاسل التجارية في العالم بعد أن اشتراها أحد أثرياء مصر اليهود عام 1921 وأطلق عليها ـ” عمر أفندي “، لكنها تواجه الآن من صعوبة تشغيل فروعها المتهالكة.

 

وتعاني الشركة من صدمات حادة منذ أن قام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بتأميمها عام 1957 ، ضمن سياسات التأميم التى كانت متبعة أنذاك والتى شملت العديد من الشركات المملوكة للمصريين والأجانب .
 
وقال حسن عباس زكي وزير الاقتصاد في عهد الرئيس الراحل “عبد الناصر “، في تصريحات سابقة له أنه لم يكن مقتنعاً بسياسات التأميم ولكنه أجبر على تنفيذها.
 
وشهد عام 1967 تحويل شركة ” عمر أفندي ” بموجب القرار الجمهوري رقم 544 لسنة 1967 إلى شركة مساهمة مصرية تتبع الشركة القابضة للتجارة ، التى لم يعد لها وجود الآن وتفرقت شركاتها على الشركة القومية للتشييد والشركة القابضة للسياحة.
 
وحصر القرار الجمهورى أنشطة “عمر أفندى” فى الاتجار بجميع أنواع السلع ووسائل النقل الخفيف والتصدير والاستيراد والوكالة التجارية والتصنيع الجزئي ولها  الحق في المشاركة في تكوين شركات مصرية أو أجنبية تباشر نشاطها في الداخل أو الخارج وكذلك القيام بأى نشاط يتعلق بأغراض الشركة .

 

واستمرت الشركة في العمل إلى أن بدأت حكومة الرئيس المخلوع حسني مبارك في الخصخصة الجزئية لفروعها ، ضمن برنامج واسع لخصخصة شركات قطاع الأعمال العام شمل اكثر من 140 شركة .
 
ففي عهد الدكتور مختار خطاب  وزير قطاع الأعمال العام  عام 2004 قامت الوزارة بطرح فروع “عمر أفندى” للقطاع الخاص للمشاركة فى إدارة فروع بالكامل مثل فرع الفيوم لصالح شركة ” النساجون الشرقيون ” وفرع الجامعة العمالية لصالح شركة الخزف والصيني وفرع 26 يوليو لصالح المركز المصري للهندسة والتجارة وكذلك فرع ثروت لشركة مصر ايطاليا للملابس الجاهزة “جوباي” .
 
وفي عام 2005 أعلنت الحكومة عن بيع “عمر أفندي ” لشركة “أنوال السعودية المملوكة لرجل الأعمال جميل عبد الرحمن القنبيط بقيمة 560 مليون جنيه .
 
وأثار خصخصة الشركة العديد من الانتقادات ، فقال  اللواء سمير يوسف المفوض السابق للشركة ، إن نظام الرئيس السابق حسني مبارك  تعامل مع أكبر شركة لتجارة التجزئة في مصر والشرق الأوسط ، قبل بيعها للمستثمر السعودي ، كمن يملك “سيارة” وعزم على عرضها للبيع وقرر عدم استخدامها لحين أن يجد من يشتريها.
 
وأضاف يوسف أن  الحكومة باعت  “عمر أفندي”، وكانت مبيعاتها السنوية تتراوح مابين 360و380 مليون جنيه وهي تمثل 50% من حجم المبيعات التى كانت تحققها في السنوات السابقة.
 
وبالرغم أن المستثمر السعودي تعهد بأن يضاعف مبيعات الشركة لـ 720 مليون جنيه في العام الثاني ثم مليار جنيه في العام الثالث و1,5 مليار جنيه في العام الرابع إلا أن النتائج جاءت عكسية حيث تراجعت مبيعات عام 2006/2007 لتصل إلى 180 مليون جنيه اى النصف ، ثم 90 مليون جنيه في 2007/2008 ، و30 ملبيون جنيه في العام الثالث إلى أن بلغت صفراً في العام الرابع.
 
ووفقاً للتصريحات الحكومية فإن المستثمر السعودي تعمد عدم تشغيل الشركة مما أدى إلى إنهيارها بهدف تحويل فروعها لأصول عقارية.
 
وقبيل ثورة 25 يناير2011 ، قضت محكمة القضاء الإداري بعودة الشركة مرة أخرى للدولة ممثلة في الشركة القومية للتشييد والتعمير بعد أن فجر يحيي عبد الهادي مدير مركز إعداد القادة السابق وقائع فساد فى أعمالها ، ولكن الشركة القومية أكدت أنها ترحب بالحكم وأن موقفها كان واضحاً طوال السنوات الماضية من المستثمر السعودي حيث أكدت أنها ترفض سياسات تدمير الشركة.
 
وبالرغم من ترحيب ” القومية للتشييد” بعودة “عمر أفندي ” إلا أنها أكدت صعوبة تشغيلها نظراً لعدم توافر السيولة المالية اللازمة لإحياء فروعها مرة أخرى .
 
ويقول السفير جمال بيومي الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب أن الدولة ليست وظيفتها تشغيل “عمر أفندي ” وبيع الملابس ولكن دورها هو وضع السياسات الاقتصادية وجذب الاستثمارات. ويسأل بيومى: ماذا فعلت الدولة بالشركة بعد أن قامت باستلامها ؟! .
 
وتحتاج ” عمر افندي ” لضخ استثمارات تتجاوز قيمتها الـ 500 مليون جنيه على مدار الـ 4 سنوات للخروج  من خانة الخسارة التى تعاني منها والتى بلغت نحو 3 مليارات جنيه في 3 سنوات.
 
وبالرغم من أن مجلس إدارة الشركة القومية للتشييد السابق كان يعترض على طرح فروع الشركة للقطاع الخاص لتشغيلها إلا أن إدارة الشركة قامت بالفعل بطرح عدد من الفروع ولكن لم يتقدم أحد لتأجيرها نظراً لتراكم المديونيات فضلا عن وجود نزاع تحكيم دولي بين المستثمر السعودي والحكومة المصرية .
 
والغريب أن وزارة المالية في عهد المجلس العسكري والرئيس المعزول محمد مرسي ، امتنعت عن رصد مخصصات مالية لتطوير الشركة خوفا من عودتها مرة اخرى للمستثمر السعودي ، حسبما أكد مصدر مسئول بالشركة لـ” المال “.
 
وقرر رئيس مجلس إدارتها الحالي محمود عزت  الاستمرار في خطة طرح الفروع من خلال مزايدة علنية بدأت منذ أيام.
وتشمل الخطة طرح 16 فرعاً ومخزنين للمشاركة مع القطاع الخاص ، وهي نفس الألية التى اتبعها الدكتور مختار خطاب عام 2004 ، على أن تظل الأصول مملوكة للدولة.
 
وكشف عزت عن ان الفترة الحالية ستشهد عقد الجمعية العمومية غير العادية لتحديد المستحقات النهائية على المستثمر السعودي.
 
وعلمت ” المال ” من مصدر مسئول ان الحكومة تسعى حالياً لحسم الأزمة مع المستثمر السعودي من خلال عمل مقاصة بين القيمة التى دفعها المستثمر لشراء الشركة والمديونيات المستحقة عليه عند تبعية الشركة لولايته .

جريدة المال

المال - خاص

6:28 م, الخميس, 24 يوليو 14