محمود كامل:
لدينا في مصر عاطلون كثيرون بغير عمل، ولدينا في مصر كذلك فرص عمل كثيرة لا تجد من يشغلها، معادلة يصعب كثيرا فهمها، ولكنها حقيقة قائمة، وكل المطلوب ـ الذي لم يحدث ـ هو أن يتحرك أحد للتوفيق بين الطرفين بإيجاد معبر يصل بين العاطل الذي رغم شهاداته لم يجد عملا، وصاحب العمل الذي رغم كثرة مشروعاته لديه فرص عمل لا يجد كفاءة تشغلها.
ورغم أشواق الأول إلي امكانيات الثاني، فإن طوابير العاطلين المصريين تزداد طولا، واعدادها تزداد كثافة فيما ينذر بمخاطر خارجة عن أي حسبان تؤرق المصريين جميعا خوفاً من يوم تهب فيه الريح العاصفة التي لا تبقي ولا تذر، وهو يوم نسأل الله ألا يأتي أبدا، وإن كان البعض منا لا يحس أصلا بالمشكلة المؤرقة حيث يتمرغ ابناؤهم في نعمة الوظائف التي يريدونها، وبالمرتبات التي يحددونها ببركة «دادي»، وأصدقاء «أونكل » وحبايب «تيته» إلي آخر هذا السلسال من الواصلين الذين يدركون جيداً أن وظائف الأنجال ليست أكثر من رشاوٍ مقنعة مقابل نفوذ السيد «دادي»، والست «تيته» .. وعبقرية العيال اللي م حصلتش!
وفي قطاع السياحة الذي يمثل أكثر الموارد توليدا للمهن والوظائف الجيدة والمحترمة، هناك ألوف من الوظائف الشاغرة التي تبحث عمن يشغلها، بل ويعاني هذا القطاع الواعد دائما من ندرة الكفاءات الصالحة لشغل تلك الوظائف، هذه «الندرة» في الكفاءات هي وقود ما يسمي بحرب «خطف الكفاءات» الدائرة منذ سنوات بين الكيانات السياحية بمختلف أنشطتها من فنادق، وقري، وشركات سياحة وبكل وظائفها بداية بالمطابخ وانتهاء بالمكاتب الأمامية، وأفراد فرق العلاقات والتسويق وما بينها!
أي أن القطاع لديه فرص عمل متزايدة لا أول لها ولا آخر، والمجتمع يعاني من بطالة خانقة لا أول لها هي الأخري ولا آخر، ومع ذلك لم يتحرك أحد للتعرف علي مواصفات الوظائف الشاغرة، ولا للتعرف علي الكفاءات أو الخبرات المتاحة بين العاطلين، وتحويل البعض منها ـ بالتدريب التحويلي ـ إلي الاتجاه المطلوب بعيدا عن شهادات المعاهد والجامعات التي يحملها كل شاب بينما هي ـ بسبب تدني التعليم ـ تمثل أكبر العوائق التي تحول بينه وبين العمل المتاح، ومن ثم تصبح الخبرة الجديدة المكتبسة بالتدريب هي المفتاح المطلوب لأبواب العمل.
وكفاءات صناعة السياحة ـ كما هو معروف وحادث في الدنيا كلها ـ تقل أعدادها عن المطلوب، وهو ما يعني ان التكالب علي الكفاءات المصرية الموهوبة الآن لا تتعرض لعمليات «الخطف الداخلي» فقط بالمرتبات الأعلي، والمزايا الأكثر، وانما تتعرض في نفس الوقت لإغراءات من كيانات سياحية أجنبية أكثر اقتدارا علي مغريات الخطف، وهو ما يضع قطاعات «الاحتياج» المصرية في مأزق تزداد شراسته يوما بعد يوم مما يهدد صناعة السياحة المصرية في مقتل في زمن أصبحت جودة الخدمة هي أكثر عناصر المفاضلة بين فندق وفندق، وقرية سياحية وقرية، وشركة سياحية وأخري، ليصل الأمر بعنصر الجودة ليصبح هو فيصل المنافسة بي دولة سياحية.. ودولة أخري!
وفي مواجهة الخطف من الداخل إلي الخارج تنبه أصحاب الكيانات السياحية المصرية الكبيرة إلي أصول اللعبة فدخلوها باغراء الكفاءات الأجنبية للعمل في مصر، وهو ما وصل بمرتبات بعض الوظائف الكبيرة للأجانب القادمين بما يزيد علي العشرين ألف دولار مرتبا شهريا، ومعها فيلا للاقامة، وسيارات خاصة للأسرة والأولاد، بل وتتضمن أغلب العقود سداد مصاريف الأولاد في أرقي المدارس المتاحة في مصر.
ولمعرفة حجم العمالة المطلوبة، فإن مصر لديها 130 الف غرفة تزيد الي 170 ألف غرفة خلال سنوات قليلة، هذا التزايد يفتح أمام العمالة المصرية، سوق عمل بلا نهاية لو استوفوا المواصفات المطلوبة والتي لا يكفيها الـ2000 متدرب الذين يتخرجون سنويا، والغريب ان جميع عقود الإدارة الأجنبية في مصر تتضمن بندا يلزم تلك الإدارة بتدريب كوادر مصرية لتسكينهم في الوظائف التي يشغلها الأجانب بصفة مؤقتة، إلا أن أحدا في هذا البلد «المسطول» لم يكلف خاطره بمراجعة هذا البند، وهو ما دفع الإدارات الأجنبية إلي استمرار استقدام الأجانب لشغل الوظائف العالية التي كان ينبغي أن تشغلها كفاءات مصرية موجودة ومحترمة.
الغريب أن المصري في بلده يتقاضي عُشر «بضم العين وتسكين الشين» ما يتقاضاه الأجنبي عن نفس المنصب الذي يشغله بنفس القدرة، وأحيانا بكفاءة أعلي، إنما نقول إيه، فأحيانا يكون عيبك الوحيد انك مصري حتي لو كنت تعمل في بلدك.. ومع أن لبس «البرنيطة» مش عيب إلا أن المهم هو أن تقلع «الطربوش»!!
لدينا في مصر عاطلون كثيرون بغير عمل، ولدينا في مصر كذلك فرص عمل كثيرة لا تجد من يشغلها، معادلة يصعب كثيرا فهمها، ولكنها حقيقة قائمة، وكل المطلوب ـ الذي لم يحدث ـ هو أن يتحرك أحد للتوفيق بين الطرفين بإيجاد معبر يصل بين العاطل الذي رغم شهاداته لم يجد عملا، وصاحب العمل الذي رغم كثرة مشروعاته لديه فرص عمل لا يجد كفاءة تشغلها.
ورغم أشواق الأول إلي امكانيات الثاني، فإن طوابير العاطلين المصريين تزداد طولا، واعدادها تزداد كثافة فيما ينذر بمخاطر خارجة عن أي حسبان تؤرق المصريين جميعا خوفاً من يوم تهب فيه الريح العاصفة التي لا تبقي ولا تذر، وهو يوم نسأل الله ألا يأتي أبدا، وإن كان البعض منا لا يحس أصلا بالمشكلة المؤرقة حيث يتمرغ ابناؤهم في نعمة الوظائف التي يريدونها، وبالمرتبات التي يحددونها ببركة «دادي»، وأصدقاء «أونكل » وحبايب «تيته» إلي آخر هذا السلسال من الواصلين الذين يدركون جيداً أن وظائف الأنجال ليست أكثر من رشاوٍ مقنعة مقابل نفوذ السيد «دادي»، والست «تيته» .. وعبقرية العيال اللي م حصلتش!
وفي قطاع السياحة الذي يمثل أكثر الموارد توليدا للمهن والوظائف الجيدة والمحترمة، هناك ألوف من الوظائف الشاغرة التي تبحث عمن يشغلها، بل ويعاني هذا القطاع الواعد دائما من ندرة الكفاءات الصالحة لشغل تلك الوظائف، هذه «الندرة» في الكفاءات هي وقود ما يسمي بحرب «خطف الكفاءات» الدائرة منذ سنوات بين الكيانات السياحية بمختلف أنشطتها من فنادق، وقري، وشركات سياحة وبكل وظائفها بداية بالمطابخ وانتهاء بالمكاتب الأمامية، وأفراد فرق العلاقات والتسويق وما بينها!
أي أن القطاع لديه فرص عمل متزايدة لا أول لها ولا آخر، والمجتمع يعاني من بطالة خانقة لا أول لها هي الأخري ولا آخر، ومع ذلك لم يتحرك أحد للتعرف علي مواصفات الوظائف الشاغرة، ولا للتعرف علي الكفاءات أو الخبرات المتاحة بين العاطلين، وتحويل البعض منها ـ بالتدريب التحويلي ـ إلي الاتجاه المطلوب بعيدا عن شهادات المعاهد والجامعات التي يحملها كل شاب بينما هي ـ بسبب تدني التعليم ـ تمثل أكبر العوائق التي تحول بينه وبين العمل المتاح، ومن ثم تصبح الخبرة الجديدة المكتبسة بالتدريب هي المفتاح المطلوب لأبواب العمل.
وكفاءات صناعة السياحة ـ كما هو معروف وحادث في الدنيا كلها ـ تقل أعدادها عن المطلوب، وهو ما يعني ان التكالب علي الكفاءات المصرية الموهوبة الآن لا تتعرض لعمليات «الخطف الداخلي» فقط بالمرتبات الأعلي، والمزايا الأكثر، وانما تتعرض في نفس الوقت لإغراءات من كيانات سياحية أجنبية أكثر اقتدارا علي مغريات الخطف، وهو ما يضع قطاعات «الاحتياج» المصرية في مأزق تزداد شراسته يوما بعد يوم مما يهدد صناعة السياحة المصرية في مقتل في زمن أصبحت جودة الخدمة هي أكثر عناصر المفاضلة بين فندق وفندق، وقرية سياحية وقرية، وشركة سياحية وأخري، ليصل الأمر بعنصر الجودة ليصبح هو فيصل المنافسة بي دولة سياحية.. ودولة أخري!
وفي مواجهة الخطف من الداخل إلي الخارج تنبه أصحاب الكيانات السياحية المصرية الكبيرة إلي أصول اللعبة فدخلوها باغراء الكفاءات الأجنبية للعمل في مصر، وهو ما وصل بمرتبات بعض الوظائف الكبيرة للأجانب القادمين بما يزيد علي العشرين ألف دولار مرتبا شهريا، ومعها فيلا للاقامة، وسيارات خاصة للأسرة والأولاد، بل وتتضمن أغلب العقود سداد مصاريف الأولاد في أرقي المدارس المتاحة في مصر.
ولمعرفة حجم العمالة المطلوبة، فإن مصر لديها 130 الف غرفة تزيد الي 170 ألف غرفة خلال سنوات قليلة، هذا التزايد يفتح أمام العمالة المصرية، سوق عمل بلا نهاية لو استوفوا المواصفات المطلوبة والتي لا يكفيها الـ2000 متدرب الذين يتخرجون سنويا، والغريب ان جميع عقود الإدارة الأجنبية في مصر تتضمن بندا يلزم تلك الإدارة بتدريب كوادر مصرية لتسكينهم في الوظائف التي يشغلها الأجانب بصفة مؤقتة، إلا أن أحدا في هذا البلد «المسطول» لم يكلف خاطره بمراجعة هذا البند، وهو ما دفع الإدارات الأجنبية إلي استمرار استقدام الأجانب لشغل الوظائف العالية التي كان ينبغي أن تشغلها كفاءات مصرية موجودة ومحترمة.
الغريب أن المصري في بلده يتقاضي عُشر «بضم العين وتسكين الشين» ما يتقاضاه الأجنبي عن نفس المنصب الذي يشغله بنفس القدرة، وأحيانا بكفاءة أعلي، إنما نقول إيه، فأحيانا يكون عيبك الوحيد انك مصري حتي لو كنت تعمل في بلدك.. ومع أن لبس «البرنيطة» مش عيب إلا أن المهم هو أن تقلع «الطربوش»!!