كشف التقرير الشهري الأخير للبنك المركزي عن تطور بالغ الخطورة بالرغم من الاداء المتوازن للسياسة النقدية التي نجحت في تنظيم عرض السيولة داخل السوق المصرفية الا ان اداء البنوك بدا متخاذلا حيث تراجع اجمالي التسهيلات الائتمانية من جانبها الي السوق بواقع 7,8 مليار جنيه دفعة واحدة خلال شهر يناير الماضي الذي امتد اليه رصد التقرير مما زاد من مخاوف استمرار هذا المنحي خلال الفترات التالية.
برز هذا التراجع باعتباره الاكثر حدة في تاريخ التسهيلات الائتمانية منذ يونيو 2000 حيث لم تنخفض معدلات منح الائتمان في شهر واحد بهذا القدر من قبل دون وجود اسباب مقبولة وفي الوقت الذي يواصل فيه البنك المركزي خفض اسعار الفائدة لحث البنوك علي مجاراة التراجع في اسعار العائد علي عملياته، اكتفت البنوك بخفض اسعار الايداعات دون اسعار الاقراض لتصل بمعدلات منح الائتمان الي تلك الحدود.
وتوزع تراجع حصص الائتمان علي القطاعات المختلفة بواقع 5,9 مليار جنيه لقطاع الصناعة، ونحو 1,4 مليار جنيه في قطاع التجارة ، ونحو 450 مليون جنيه فقط في قطاع الخدمات فيما يتعلق بالتسهيلات بالجنيه بينما تراجعت كذلك بالنسبة للتسهيلات بالنقد الاجنبي بواقع 380 مليون جنيه للصناعة، ونحو 524 مليون جنيه للتجارة، وحوالي 764 مليون جنيه للخدمات، وهوما مثل علامة استفهام عريضة امام المحللين وخبراء السوق الذين اجهدهم البحث عن تفسير مقبول لهذا التراجع الذي بدا غير مبرر في نسبته دون المنحي العام الذي يمكن ان يعكس خللا طفيفا لا يثير اية مخاوف.
وفيما رفض البعض تقديم اي تفسيرات استباقية لهذا الوضع ابدي عدد منهم تخوفه من تطور هذه المؤشرات سلبا بما ينعكس علي معدلات النمو التي تحتاج الي زيادة مضطردة في معدلات الادخار العام وكذلك الاقراض لزيادة سرعة دوران النشاط الاقتصادي، وهو ما ينذر حسب وجهة نظرهم بمخاطر محدقة تعرقل المنحي الصعودي لمعدلات النمو.
واعرب عدد منهم عن احتمال قيام بنوك القطاع ببعض العمليات التي ترتب عليها هذا الوضع من قبيل ذلك قيام بنك الاسكندرية ببيع مديونيات شركات قطاع الاعمال العام الي بنك الاستثمار القومي بقيمة اجمالية بلغت 6,9 مليار جنيه الا ان هذا التفسير اصطدم باعلان اتمام هذه العملية في فبراير وليس يناير اضافة الي ان ما يقرب من %40 من هذه التراجعات كان من نصيب قطاع الاعمال الخاص.
واكتفي حسن عبدالحميد عضو مجلس ادارة بنك الاسكندرية منفردا بتفسير تلك التراجعات بكونهاردة فعل طبيعية نتيجة تراجع الطلب علي الائتمان من جانب منظمات الاعمال واصحاب المشروعات خلال هذه الفترة من العام بعد تسوية الحسابات الختامية واستئناف النشاط في بداية العام المالي الذي عادة ما يكون خاملا وينشط تدريجيا، وقد يحدث في بعض الفترات ان يكون الشعور بهذا التحول خافتا حيث سرعان ما تتحسن المؤشرات بتقدم العام المالي.
واستبعد عبدالحميد ان يكون تراجع معدلات منح الائتمان جاء متأثرا بعمليات الدمج والاستحواذ التي يمر بها الجهاز المصرفي، وما يترتب علي ذلك من تباطؤ في اتخاذ بعض القرارات بما فيها قرارات منح الائتمان.