عودة الثقة للبورصة مرهونة باستقرار الأوضاع السياسية‮.. ‬و»إيقاف التداول‮« ‬أسوأ الحلول

عودة الثقة للبورصة مرهونة باستقرار الأوضاع السياسية‮.. ‬و»إيقاف التداول‮« ‬أسوأ الحلول
جريدة المال

المال - خاص

6:45 م, الأحد, 30 يناير 11

خاص – المال

فجرت الانهيارات التي شهدتها البورصة المصرية، خلال تعاملات الأسبوع الماضي، علي خلفية الاحتجاجات الشعبية، التي بدأت بمظاهرات حاشدة يوم الثلاثاء 25 يناير، والتي أصابت السوق بحالة اختلال توازن، لتجبر إدارة البورصة علي إيقاف التداول لمدة 45 دقيقة، في حدث استثنائي، علامات الاستفهام حول ماهية الإجراءات الرقابية الواجب اتخاذها لحماية السوق من اتساع وتيرة الخسائر، خاصة في ظل الغياب الواضح لتصريحات القيادات الحكومية حول تقييم الأوضاع الراهنة، علاوة علي صعوبة كبح جماح الانخفاضات المتتالية لمؤشرات السوق.يذكر أن تعليق التداول لمدة 45 دقيقة، لم يكن السابقة الأولي في تاريخ البورصة المصرية، حيث تم إيقاف التداول في 14 مارس عام 2006، بالتزامن مع الانخفاضات الحادة، التي شهدتها الأسواق العالمية، التي تجاوزت نسبة %20.

 

أحمد مبروك ــ نشوي حسين ــ إيمان القاضي ــ محمد فضل ــ أحمد الشاذلي ــ نرمين عباس ــ شريف عمرفي استقصاء »المال« قبل »جمعة الغضب« : الحوار بين النظام والمحتجين.. كلمة السر لتهدئة الأوضاع

المال« استطلعت آراء خبراء سوق المال والاستثمار خلال نهاية الأسبوع الماضي قبل أحداث »جمعة الغضب« حول مدي امكانية إيقاف إدارة البورصة المصرية التداول لعدة أيام، حتي تستقر الأمور علي الصعيد السياسي، خاصة في ظل ضبابية اتجاه المؤشرات، واعتمادها علي الأوضاع السياسية، بعيداً عن أسس التحليل الفني والمالي والاقتصادي.
 
وأجمع كبار خبراء سوق المال والاستثمار، علي تأكيد عدم منطقية اتخاذ إدارة البورصة أي قرارات استثنائية، من شأنها إيقاف التداول الجزئي أو الكلي، سواء من خلال إيقاف بعض الأنشطة المتخصصة، أو خفض الحدود السعرية للأسهم، دون %10، خاصة في ظل التجارب السابقة لأسواق المال العالمية، بصفة عامة عقب الأزمة المالية العالمية، أو علي صعيد السوق المحلية خلال عام 2006 أو في جلسة الخميس الماضي.
 
وأشار الخبراء إلي أن أي تدخل من الجهات المعنية بالسوق، سيزيد الوضع سوءاً، خاصة في ظل ما تعطيه تلك الإجراءات من إشارات سلبية بالخروج من سوق المال، سواء للمتعاملين المحللين أو الأجانب، ووصفوا قرار إيقاف التداول لمدة 45 دقيقة في جلسة الخميس الماضي، بالقرار »غير الحكيم«، ودللوا علي صحة وجهة نظرهم السابقة، باتساع وتيرة الخسائر عقب إعادة التداول.
 
ووصف المتعاملون روشتة إعادة الثقة والاستقرار للبورصة المصرية بـ»استقرار« الأوضاع السياسية، التي ستتم عبر منفذ واحد، وهو خلق منبر  للحوار المتبادل، بين القيادات الحكومية والمحتجين، خاصة أن حالة الغياب الحكومي تزيد الوضع سوءاً وتدعم حالة التشاؤم المسيطرة علي المتعاملين الأفراد.
 
وتطرق خبراء سوق المال والاستثمار إلي أن البورصة المصرية، تسبح بعيداً عن أي أسس فنية أو مالية أو اقتصادية، حيث أصبحت العوامل السياسية المحرك الأوحد لاتجاهات سوق المال المصرية، مما دفع البعض للمطالبة بقصر اللجوء لإجراءات إيقاف التداول بوجود تنسيق مع الحكومة، سواء بإصدارها بياناً رسمياً أو إلقاء خطابات مباشرة، لتوضيح تطورات الوضع الراهن وآليات التعامل معه.
 
في البداية، هاجم يوسف الفار، رئيس مجلس إدارة شركة النعيم القابضة للاستثمارات المالية، بشدة قرار إيقاف التداول، كأحد الإجراءات الرقابية المقترحة علي الساحة للحفاظ علي مسار السوق، خاصة في ظل حالة الفزع التي ستسيطر علي جميع المتعاملين في حال اتخاذ إجراء مماثل، رافضاً في الوقت ذاته إيقاف بعض الأنشطة المتخصصة أو خفض نسبة الحدود السعرية دون %10.
 
وأكد الفار ضرورة عدم تدخل إدارة البورصة في اتجاهات السوق، وترك الزمام علي طبيعته، خاصة أن الانهيارات التي تشهدها سوق المال، لا تتعلق بأوضاع اقتصادية أو مالية، وإنما هي رد فعل طبيعي للمستجدات السياسية الراهنة، واصفاً رد فعل المتعاملين بأنه يتسم بقدر كبير من المبالغة.
 
ولخص رئيس مجلس إدارة شركة النعيم القابضة للاستثمارات المالية، التعامل الأمثل مع الانهيارات الحالية، التي تشهدها سوق المال، في توضيح أحد القيادات الحكومية معالم الوضع الراهن، بالإضافة إلي إيجاد حلول مثلي لاحتواء الموقف، وهو ما سيعيد للبورصة قدراً كبيراً من توازنها، بعد وقوف المستثمرين علي حقيقة الأمور.
 
وعلي صعيد متصل، اكتفي أحد مسئولي المجموعة المالية »هيرمس« القابضة- EFG – رفض الافصاح عن هويته، بالتأكيد أن أي تدخل رقابي في محاولة لإيقاف كلي أو جزئي للسوق ستزيد الوضع سوءاً، مؤكداً أن إيقاف وتيرة خسائر السوق، لابد أن ترتبط فقط بحل جذري للأوضاع السياسية الراهنة، ومحاولة إيجاد نوع من الاستقرار وهو ما سينعكس بالإيجاب علي أداء مؤشرات السوق.
 
وأكد المسئول بالمجموعة المالية هيرمس القابضة-EFG – أن المتعاملين بجميع فئاتهم تسيطر عليهم حالة من القلق والذعر، نتيجة تصاعد الأحداث السياسية، والوقفات الاحتجاجية المستمرة، ومن ثم استقرار الأوضاع السياسية، بالتزامن مع تدني الأسعار السوقية للأسهم، سيعيد التوازن لتحركات البورصة المصرية، بعد أن فقدت جانباً كبيراً من عافيتها.
 
واتفق مع الآراء السابقة، ياسر زكي، العضو المنتدب لقطاع السمسرة بشركة بايونيرز القابضة للاستثمارات المالية، فيما يتعلق بعدم صحة اتخاذ الجهات الرقابية أي إجراءات من شأنها إيقاف التداول بسوق المال، خاصة في ظل التجربة السيئة لقرار إيقاف التداول علي حوالي 29 سهماً في أكتوبر 2009، مؤكداً أن أي ضوابط، ستتخذها إدارة البورصة لإيقاف التداول، ستكون ذات تأثير سلبي مبالغ فيه، علي أداء السوق، إذا ما أخذ في الاعتبار تجارب البورصات العالمية في هذا الشأن.
 
وفسر زكي وجهة نظره السابقة، بأن تدخل إدارة البورصة لإيقاف التداول سيحمل في طياته إشارات سلبية واضحة للسيولة سواء محلية أو أجنبية بالخروج من السوق لفترة  زمنية طويلة، مشيراً إلي أنه طالما توجد حالة عدم استقرار في الأوضاع، فإن أي إجراءات ستتخذ، ستكون عديمة الفائدة.
 
ولفت العضو المنتدب لقطاع السمسرة بشركة بايونيرز القابضة للاستثمارات المالية، إلي الدور المنوط لإدارة البورصة، والمتمثل في تنظيم آلية التنفيذ، وفقاً للقوانين المنصوص عليها، بالإضافة إلي منع التلاعبات واتخاذ الإجراءات، التي من شأنها الحفاظ علي استقرار الأسعار السوقية للأسهم، علاوة علي الحفاظ علي كون البورصة وسيلة سهلة لتخارج المستثمرين.
 
واقترح ياسر زكي، العضو المنتدب لقطاع السمسرة بشركة بايونيرز القابضة للاستثمارات المالية، عدة عوامل من شأنها الحفاظ علي استقرار سوق المال، أهمها العمل علي خلق طلبات للشراء، وذلك من خلال تدخل البنوك والمؤسسات، وصناديق الاستثمار ذات الملاءة المالية العالية، لضخ سيولة جديدة بالسوق، استغلالاً للتدني الملحوظ للأسعار السوقية للأسهم، علاوة علي امكانية إيقاف آلية الشراء والبيع في ذات الجلسة، لمدة أسبوع  لحين استقرار الأوضاع.
 
وعاد زكي ليؤكد أن التدخل الزائد من إدارة البورصة للسيطرة علي السوق من شأنه إحداث نوع من البلبلة وعدم الاستقرار، خاصة أن تاريخ البورصة المصرية، والبورصات العالمية يؤكد ذلك.
 
من جانبه اعتبر شريف سامي، العضو المنتدب لشركة مصر المالية للاستثمار، قرار إدارة البورصة بتعليق التداول لمدة 45 دقيقة بجلسة الخميس الماضي، إجراء خاطئاً مؤكداً صحة وجهة نظره باتساع وتيرة خسائر الأسهم عقب فتح التداول.
 
وأوضح سامي أن القيم السوقية للأسهم أصبحت مغرية للشراء ومن ثم فإن أي تدخل في اتجاهات سوق المال، خلال الفترة الراهنة، سيزيد الوضع سوءاً معتبراً أن ارتفاع مخاطرة الاستثمار بالبورصة، إذا ما قورنت بالعائد المنتظر، والذي يتضاعف مقارنة بالعوائد المصرفية يفتح شهية المتعاملين نحو اتباع السلوك الشرائي.
 
ورهن العضو المنتدب لشركة مصر المالية للاستثمار، عودة الاستقرار لسوق المال، بخلق ساحة من الحوار المتبادل بين القيادات الحكومية والمتظاهرين، خاصة في تعدد المطالب التي يصعب تحقيقها دفعة واحدة ومن ثم »الحوار« سيكون العامل الأوحد لتهدئة الأوضاع، بما سيكون بمثابة الدواء السريع لحالة الهياج التي تمر بها البورصة المصرية.
 
من جهته، أبدي هاني حلمي، رئيس مجلس إدارة شركة الشروق للسمسرة، اعتراضاً علي الإجراءات الرقابية بشكل عام في السوق، وهو الأمر الذي دفعه إلي انتقاد اتجاه إدارة البورصة، إلي استخدام إجراء إيقاف التعامل تزامناً مع مرور السوق، بحالة ذعر بيعي، مؤكداً أن قوة أي بورصة في العالم تكمن في حريتها.
 
وأضاف حلمي: إنه بعد انتهاء دقائق إيقاف التعامل، تسارعت وتيرة هبوط البورصة بنسبة أعلي من انخفاض السوق، قبل إيقاف التعامل، وهو ما يؤكد تنامي حالة الذعر البيعي بعد فتح التعامل.
 
ورأي رئيس مجلس إدارة شركة الشروق للسمسرة، أن أفضل الأوضاع التي تدعم فكرة إيقاف التعامل تتمثل في وجود حالة من التنسيق بين البورصة والحكومة، حيث يفضل إيقاف التعامل بالبورصة، في حال وجود تنسيق مسبق بين إدارة البورصة ومجلس الوزراء علي سبيل المثال، تمهيداً لإصدار بيان صحفي لتوضيح الأمور للمستثمرين.
 
وأضاف حلمي أنه في حال عدم وجود تنسيق، لا يفضل إيقاف التعامل لفترة معينة، وهو الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلي حرمان المستثمرين، من حقهم في البيع، وجني أي أرباح في حال ازياد الأمورسوءاً، أو الشراء واقتناص الفرص في حال تحسن الأوضاع.
 
وانتقد محمد حسين، رئيس مجلس إدارة شركة بيت الاستثمار العالمي- جلوبال مصر للسمسرة- لجوء إدارة البورصة إلي إيقاف التعامل بالسوق لفترة صغيرة، أثناء الجلسة دون حدوث أي تطورات إيجابية، وهو الأمر الذي يري أنه سيؤدي في النهاية إلي التضخيم من حالة الذعر، لدي المتعاملين، خاصة الأجانب والعرب.
 
ورأي رئيس مجلس إدارة شركة بيت الاستثمار العالمي- جلوبال للسمسرة، أن الحل الأمثل في تلك الأوضاع، يتلخص في ترك السوق لآليات العرض والطلب، أو إيقاف التعامل وربط عودته ببيان صحفي رسمي من جهة حكومية مسئولة لتوضيح الحالة.
 
من جانبه، رأي عيسي فتحي، العضو المنتدب لشركة المصريين، في الخارج لإدارة المحافظ، أن قرار إدارة البورصة بتعليق التعامل لفترة زمنية معينة باستهداف إيقاف التعامل قرار غير صائب، مشيراً إلي أن السبب الرئيسي لانخفاض السوق بشكل مبالغ فيه، يرجع إلي أسباب سياسية هيكلية، وليست فنية أو متعلقة بتلاعب في الأسعار السوقية للأسهم، أو شفافية أو إفصاح.
 
وأشار فتحي إلي أن إدارة البورصة لم تكن في حاجة إلي تعليق التداول خلال جلسة الخميس، خاصة أن معظم الأسهم المتداولة، كانت قد بلغت نسبة الانخفاض المسموح بها والبالغة %10 وهذا يؤكد أن السوق كانت ستوقف نفسها بنفسها من الأساس لمدة نصف ساعة، قبل أن توقف إدارة البورصة التعامل لمدة ساعة إلا ربع.
 
وأعرب فتحي أن الحل الرقابي الأمثل في الفترة الراهنة، هو إيقاف التعامل بسوق الأوراق المالية المحلية لحين ظهور مسئول حكومي بارز وتوضيح رؤية الحكومة لتطورات الأحداث الجارية، حيث إنه مطلوب من إدارة البورصة، أن تعلق التداول بالسوق ومخاطبة المسئولين ومطالبتهم بإصدار بيان توضيحي عن رؤية الحكومة للوضع الحالي، ورهن إعادة التعامل بظهور مسئولين حكوميين.
 
ودعا فتحي إلي التفرقة بين ذلك المقترح، وإيقاف التعامل لفترة وجيزة، دون حدوث أي تطورات، مشيراً إلي أن إيقاف التعامل لفترة وجيزة، سيؤدي في النهاية إلي خلق حالة من الذعر الإضافي، لدي المتعاملين بشكل عام، وهو ما سيؤدي إلي تسارع وتيرة الانخفاض.

جريدة المال

المال - خاص

6:45 م, الأحد, 30 يناير 11