اتفقت دراسة أجرتها »المال« للوقوف علي مدي ارتباط حركة البورصة المصرية بتعاملات فئات المستثمرين، مع الواقع النفسي للمتعاملين المصريين، الذي يؤكد تبعية القرارات الاستثمارية للمصريين لاتجاهات الأجانب علي مدار الاشهر الستة الأخيرة، فيما انقسم خبراء السوق حول ضرورة انسياق المتعاملين المصريين وراء الاجانب، فالشق الاول يري أنها علاقة طبيعية بالنظر الي حال الاسواق الناشئة التي تحتاج لمن يضبط ايقاع السوق ويمتلك الخبرة الكافية التي تمكنه من قيادتها، بينما استند الفريق الاخر من الخبراء الي حقيقة سيطرة المتعاملين المصريين علي %80 من السوق المصرية، واقل من %20 للاجانب، الامر الذي يتعارض مع العلاقة النفسية للمستثمرين المصريين.
وأظهرت الدراسة التي أجرتها »المال« وجود علاقة ترابط عكسية بين حركة المؤشر وصافي تعاملات المصريين والعرب، وعلي الناحية الأخري علاقة طردية بين حركة المؤشر وصافي تعاملات الأجانب، حيث كشفت عن سلبية الارتباط بين تعاملات المصريين والعرب وحركة المؤشر في مقابل إيجابيته بالنسبة لتحركات الأجانب، حيث بلغ معامل الارتباط بين صافي تعاملات المصريين وحركة مؤشر EGX 30 علي مدار الاشهر الستة الماضية 0.333 -، فيما بلغ معامل الارتباط بين صافي تعاملات العرب وحركة المؤشر 0.0613 -، في الوقت الذي بلغ فيه الترابط بين صافي تعاملات الاجانب وحركة المؤشر 0.3359.
ويلفت الوضع السابق الي أنه رغم ضعف الارتباط بين تعاملات الأطراف المعنية والمؤشر، فإنه أكد الارتباط السلبي بين صافي تعاملات العرب والمصريين من ناحية وحركة المؤشر من الناحية الاخري، التي جاءت علي العكس من تعاملات الأجانب التي شهدت ارتباطاً ايجابيا بنفس القيمة تقريبا مع المؤشر.
ويذهب تفسير تلك المعاملات الاحصائية إلي ارتباط ارتفاع السوق بإتجاه الأجانب للشراء وكذلك هبوط المؤشر عند اتجاههم للبيع، علي عكس المصريين والعرب الذين لا تنعكس تحركاتهم علي المؤشر.
وتأتي تلك النتائج لتخالف الواقع النظري البحت الذي لم يستطع ان يفرض نفسه أمام الواقع النفسي للمتعاملين المصريين، والذي يشير الي سيطرة المتعاملين المصريين علي اكثر من %80 من قيمة التعاملات اليومية، في مقابل اقل من %20 من اجمالي التعاملات اليومية لصالح الأجانب.
اتفق وائل زيادة، رئيس قسم البحوث بالمجموعة المالية هيرمس، مع الواقع النفسي للمتعاملين المصريين الذي فرض نفسه علي الساحة، ويشير إلي تبعية المصريين للأجانب واتخاذهم مؤشرا لحركة السوق بغرض توافر الأدوات البحثية والخبرة والمعرفة الواسعة بأمور البورصات والاسواق المالية، ولفت الي ان الاقتداء بتوجهات الاجانب يعد طبيعيا في البورصة المصرية التي تعتبر من الأسواق الناشئة المعروفة بتلك الظاهرة.
علي صعيد آخر، أرجع رئيس قسم البحوث بالمجموعة المالية هيرمس ضعف الارتباط بين التعاملات وحركة المؤشر، بغض النظر عن الاتجاه سواء كان سلبيا أم ايجابيا، الي قصر فترة البحث، والتي يفضل ان يتم احتسابها علي مدار عام او اكثر علي سبيل المثال، لافتا الي ان الأشهر الستة الماضية شهدت انخفاضا حادا في مؤشر البورصة تلاه ارتفاع، خاصة في الاشهر الثلاثة الاخيرة، وأشار الي ارتفاع اجمالي تعاملات المصريين خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة مقارنة بالاشهر الثلاثة الاولي من فترة الدراسة.
واتفق مع الرأي السابق أحمد النجار، رئيس قسم البحوث بشركة بريميير للسمسرة، الذي اعتبر الارتباط الايجابي بين صافي تعاملات الاجانب وحركة المؤشر أمرا طبيعيا بالنظر الي الارتباط النفسي بين المتعاملين بالبورصة بوجه عام مع تداول أي أخبار حول قيام الاجانب بالشراء.
وارجع النجار انخفاض نسبة الترابط بين تعاملات الفئات المختلفة وحركة المؤشر الي ما شهدته الاشهر الستة الماضية من عوامل مضادة محت أثر بعضها البعض، فعلي سبيل المثال.. شهدت الاشهر الثلاثة الاخيرة مبيعات من قبل الاجانب مقابل شراء من قبل المصريين الذين قادوا المؤشر للارتفاع، وعلي الناحية الاخري أثرت مبيعات الاجانب خلال الاشهر الثلاثة الاولي من فترة البحث بالسلب علي حركة السوق.
واتفق النجار مع فكرة سيطرة الاجانب علي مجريات الأمور في تعاملات البورصة المصرية نظرا للطبيعة الناشئة للسوق المصرية، بسبب امتلاك المستثمرين الأجانب القوي المالية والمعرفية الكافية لتغيير وضع السوق في أي فترة وفقا لتوجهاتهم الاستثمارية.
وارجع رئيس قسم البحوث بشركة بريميير سيطرة الأجانب علي مجريات الأمور رغم ضاَلة تمثيلهم في التعاملات اليومية في البورصة المصرية التي لا تتجاوز %20 في ازهي الجلسات، الي تمتع تعاملاتهم بالتوحد، فعلي الرغم من سيطرة المصريين علي أكثر من %80 من التعاملات اليومية، فإن تلك التعاملات مشتتة بشكل كبير بين الشراء والبيع دون أن يكون هناك اتجاه واحد لهذه التعاملات، كما تشمل كل الاسهم المدرجة، في حين ترتكز تعاملات الاجانب علي الاسهم القيادية التي تؤثر في السوق بشكل مباشر، وتتميز تعاملاتهم أيضا بتوحد الاتجاه سواء بالبيع أو بالشراء.
من جانب آخر، اعتبر النجار ارتفاع السوق خلال الاشهر الثلاثة الأخيرة بدفع من مشتريات المصريين، دليلا واضحا علي الانخفاض التدريجي لتأثير تعاملات الاجانب علي حركة السوق، مستندا الي ان المستثمر المصري دائما ما يعلق انخفاض السوق علي شماعة المستثمر الاجنبي او شهادات الايداع الدولية او الاسواق العالمية، بينما لا يبحث عن السبب وراء ارتفاع السوق، كما أن المستثمر المصري دائما ما يهول من ظهور علامة صافي البيع علي تعاملات الاجانب، ودائما ما يتعامل معها علي انها اتجاه عام بغض النظر عن نسبة صافي البيع من اجمالي تعاملات الاجانب خلال الجلسة ذاتها، مما رسخ في اذهان المتعاملين المصريين فكرة قيادة الاجانب للسوق.
وابدي النجار اتفاقا مع ضرورة متابعة توجهات الاجانب في البورصة المصرية واعتبارها مؤشرا لحركة السوق، شأنها شأن الاسواق العالمية وشهادات الايداع الدولية، والاعتماد علي كل الادوات التحليلية المتاحة لدي المستثمر والاخبار المعلنة للشركات، والاخذ في الاعتبار الاخبار غيرالمعلنة.
من جانبه، اتفق حسام حلمي المستشار الفني بشركة بايونيرز مع نتائج البحث الذي اجرته »المال«، لافتا إلي أنه من الطبيعي ان يسفر عن علاقة ايجابية بين تعاملات الاجانب وحركة المؤشر نظرا لقيادتهم السوق في العديد من الاوقات، واستند الي حقيقة تبعية المستثمرين الافراد لتحركات الاجانب.
أضاف حلمي انه علاوة علي العلاقة الايجابية بين تحركات الاجانب والمؤشر، إلا ان تعاملات الاجانب في السوق المصرية تتسم بالتكهن السليم لاتجاه السوق، حيث يبدأ الاجانب بالشراء وقت نهاية المسار الهابط للسوق ليبدأوا رحلة الصعود، قبل أن يتبعهم المصريون بالشراء بعد ان تبدأ السوق في الارتفاع، وعلي العكس يبدأ الأجانب بالبيع في نهاية المسار الصاعد للسوق، في حين يتبعهم المصريون والعرب في البيع بعد ان تبدأ السوق في الانخفاض مما تنتج عنه معاناة العديد من المستثمرين الافراد من خسائر فادحة اوقات الانخفاض، وارباح اقل من الاجانب اوقات الارتفاع، وهو ما اعتبره تفسيرا منطقيا لانخفاض درجة الترابط بين فئات المتعاملين وحركة المؤشر سواء كانت تلك النسبة بالسلب او بالايجاب.
واعتبر المستشار الفني بشركة بايونيرز، حقيقة تبعية المستثمرين المصريين للأجانب في البورصة المصرية أمرا مهماً السوق في حاجة اليه _ علي حد تعبيره _ بسبب الخبرة والمعرفة والادوات البحثية المتكاملة التي يستخدمونها التي يجهلها معظم المستثمرين المصريين، مما يضيف قدرا من الاتزان لحركة السوق، علاوة علي اتسام المستثمرين الاجانب بالتوقيت السليم في اتخاذ القرارات الاستثمارية، علاوة علي التزامهم بالاستراتيجية الاستثمارية علي العكس من المستثمر المصري الذي تتلخص استراتيجيته الاستثمارية في تحقيق اقصي ربح ممكن.
وعلي الناحية الاخري، اوضح حلمي ان هناك العديد من العيوب التي تتأثر بها البورصة المصرية جراء سيطرة الاجانب تتمثل في مبيعاتهم المكثفة في بعض الاوقات وما لها من تأثيرات سلبية علي حركة المؤشر، مشيرا الي ان مبيعات الاجانب بغرض جني الارباح دائما تأتي فوق مستويات الدعم الخاصة بالأسهم التي يتعاملون فيها لتدفع المؤشر لاختراقها، بينما يتبع مبيعات الاجانب اتجاه المستثمرين المصريين للبيع بما يؤدي لتعزيز الحركة الهبوطية للمؤشر.
من جانبه، حدد حسين الشربيني العضو المنتدب لشركة فاروس للسمسرة عددا من الأسباب التي تؤدي في النهاية الي سيطرة الاجانب علي مجريات الامور في البورصة المصرية، علي رأسها، احترافية المستثمر الاجنبي مقارنة بالمصري، بحكم ان اغلب المستثمرين الاجانب في البورصة المصرية عبارة عن صناديق استثمار مما يتيح للمستثمر الاجنبي اساليب بحثية متطورة، بينما لا يجيد غالبية المستثمرين المصريين قراءة التقارير الصادرة عن بنوك الاستثمار علي سبيل المثال، كما ان المستثمر الاجنبي دائما ما يبحث عن الاسواق التي تكمن بها الفرص الاستثمارية والاسواق التي لم تحصل علي حقها بعد في الارتفاع مثل باقي الاسواق العالمية ليستثمروا بها بحثا عن الارباح، مقابل انغلاق المستثمر المصري علي الاستثمار بالبورصة المصرية فقط، مما يؤدي لمحدودية خبرته بالسوق.
ولفت الشربيني الي أنه رغم السيطرة النسبية للاجانب علي تحرك البورصة المصرية، فإنها لا تدوم عادة، فمثلا خلال الاشهرالثلاثة الاخيرة سيطر المتعاملون المصريون علي حركة السوق مما أدي الي ارتفاع المؤشرات بحدة، بالتزامن مع انخفاض نسبة تعاملات الاجانب في تلك الفترة.
ورغم اتفاق مديري المحافظ مع الاراء السابقة بخصوص سيطرة الاجانب علي مجريات الامور في السوق المصرية، فإنهم استنكروا تلك الظاهرة مؤكدين ضرورة فك الارتباط النفسي بين المتعاملين الافراد والاجانب.
حيث استنكر عمر رضوان المدير التنفيذي لادارة الاصول بشركة اتش سي من سيطرة الاجانب علي مجريات الامور في البورصة المصرية بحكم اعتقاد المصريين أن الاجانب يمتلكون الخبرة والعلم الكافيين للسيطرة علي حركة السوق، لافتا الي ان الاجانب لا يمثلون اكثر من %10 من التعاملات اليومية بالسوق، في حين يهيمن المصريون علي اكثر من %80 من التعاملات اليومية، لذا فالواقع العملي يتعارض بوضوح مع الواقع النظري الذي يفترض سيطرة المصريين علي مجريات الامور.
واستبعد رضوان ان يمتلك المستثمر الأجنبي خبرة أعلي من تلك التي اكتسبها نظيره المصري في التعامل مع البورصة المحلية، بحكم المتابعة اللصيقة للمستثمر المصري بشاشة التداول في البورصة، في حين يصدر المستثمر الاجنبي أوامر الشراء والبيع للسمسار الذي يتعامل معه ويطلب منه الاستجابة لتحركات البورصة المصرية سواء بالبيع او بالشراء دون متابعة دقيقة.
من جانبه، نصح احمد ابو السعد مدير ادارة المحافظ وصناديق الاستثمار بشركة دلتا رسملة لادارة الاصول بفك الارتباط النفسي بين المتعاملين المصريين والاجانب، مشيرا الي خطورة الاعتماد علي الغير في اتخاذ القرارات الاستثمارية، واوضح ان الاستفادة الوحيدة التي سيحصل عليها المستثمر المصري تكمن في حالات الاتجاه المؤكد، سواء بالبيع أو بالشراء فيما يعرف بالـ»EXTREME « في تعاملات الاجانب، والتي يتضح فيها الاتجاه العام سواء بالشراء أو بالبيع، ففي تلك الحالات يمتلك المستثمر الاجنبي مبررات قوية وتوقعات تكاد تكون مؤكدة ينتج عنها ظهور الاتجاه، بينما في الحالات الاعتيادية لا يصح النظر لتعاملات الاجانب.
واتفق ابوالسعد مع الاراء السابقة فيما يخص السيطرة النفسية للمتعاملين الاجانب علي مجريات الامور، وتركز استثماراتهم في اسهم المؤشر الذي يؤدي الي توافق تعاملاتهم مع اتجاه السوق.