
أدى تحرك البورصة بين أعاصير الاضطرابات الاقتصادية والسياسية والأمنية المتلاحقة إلى تغير سلوك السوق والأسهم بوجه عام، حيث انتهى عهد الازدهار واختفى السهم «القائد» – تلك الظاهرة التى تسيدت سوق المال المحلية منذ بدء المسيرة الصاعدة طويلة الأجل للسوق فى 2003 وحتى اندلاع الأزمة المالية العالمية-، وساد الركود أوساط التعاملات، ليهوى متوسط قيم التعاملات اليومى من حاجز الـ 2 مليار جنيه إلى أقل من 300 مليون جنيه، ليعكس وقوع البورصة فى بحر الاضطرابات السياسية وظلمات المسيرة الاقتصادية.
أكد محللون أن الاحداث السياسية والأمنية والاقتصادية باتت المحرك الرئيسى للسوق فى الوقت الذى تلعثمت فيه عجلة النمو الاقتصادى وساد الركود أغلب القطاعات الاقتصادية، لينتهى شهر العسل بين أداء البورصة «وقيم التعامل» والاقتصاد الحقيقى من ناحية أخرى.
قال وائل زيادة، رئيس قسم البحوث بالمجموعة المالية هيرمس، إن البورصة افتقرت منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية إلى مفهوم «القائد» مقارنة بالسنوات السابقة، حيث قادت أسهم أوراسكوم تليكوم، وموبينيل، وهيرمس، والقطاع العقارى، البورصة خلال السنوات التى سبقت الأزمة من الانتعاش القطاعى الذى يعكس انتعاش تلك القطاعات على ارض الواقع خلال تلك الفترة.
واستشهد بقيادة «أوراسكوم تليكوم» و«موبينيل» للبورصة فى التسعينيات و2003 بدعم من النشاط الذى حظى به قطاع الاتصالات فى مصر وتحقيقه معدلات نمو حقيقية فى ظل ضعف نسبة الاختراق، كما سيطر «هيرمس» على قيادة السوق فى 2004 بدعم من النشاط الذى حظيت به سوق المال وكون «هيرمس» أكبر بنك استثمار، بجانب استفادة أسهم القطاع العقارى من معدلات التضخم فى فترة قيادتها للبورصة، كما قاد «OCI » السوق وقت انتعاش قطاع الأسمنت فى العالم بوجه عام.
وأوضح أن سلوك البورصة تغير منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية وثورة يناير وما تبعها من تداعيات، بحيث أصبح المؤثر الرئيسى فى السوق هو «الحدث» بدلاً من الأداء القطاعى، مثل تقسيم أوراسكوم تليكوم إلى شركتين، عرض شراء «موبينيل»، ومشكلة «فرانس تليكوم» وعرض «أوراسكوم» للإنشاء والصناعة، وصفقة البنك الأهلى سوسيتيه جنرال.
وأشار زيادة إلى أن تلك الاحداث كانت بمثابة حجر يلقى بالمياه الراكدة بالسوق، وبالتالى يؤثر إيجابياً على الأجل القصير فى ظل افتقاد السوق الأداء القطاعى على أرض الواقع.
وقال إنه رغم تصدر سهم البنك التجارى الدولى الأسهم المتداولة بالبورصة من حيث رأس المال السوقى وحجم البنك، فإنه ليس قائداً للسوق بـ«المفهوم القديم»، فرغم توقعات كونه أول المستفيدين حال انتعاش الاقتصاد المحلى، فإن السهم عادة ما يتداول بالقرب من قيمته العادلة بسبب سيطرة الأجانب على تحركاته وحرصهم الدائم على انقاذ السهم من الهبوط وابقائه بالقرب من القيمة العادلة.
وانتقد تقييد المحللين الأداء الاقتصادى بدورة زمنية محددة ولتكن لـ 5 سنوات فى الفترة الراهنة، خاصة فى ظل التأثر بالعديد من الأحداث السياسية والعوامل الخارجية التى تحول دون تحديد فترة زمنية للدورة الاقتصادية.
ورهن زيادة عودة سوق المال إلى ما اعتادت عليه قبيل الأزمة المالية العالمية، بهدوء الاوضاع السياسية وبدء الحكومة تنفيذ خطط تنموية حقيقية، وبدء القطاع الخاص العودة إلى العمل من جديد وخروج البنوك على سياساتها التحفظية فى الاقراض.
وشملت قائمة المجموعة المالية هيرمس لافضل الأسهم المرشحة للاستثمار بالبورصة خلال العام الحالى، البنك التجارى الدولى بقيمة عادلة 35.6 جنيه، والسويدى للكابلات بقيمة عادلة 33.5 جنيه، وسيدى كرير بسعر عادل 20 جنيهاً، و«طلعت مصطفى» بقيمة عادلة 7.4 جنيه، وجى بى أوتو بسعر عادل 35 جنيهاً.

من جهته، قال محمد الأعصر، رئيس قسم التحليل الفنى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بـ«NBK Capital »، إن مفهوم قيادة البورصة اختفى منذ الأزمة المالية العالمية واندلاع ثورة يناير، حيث لوحظ تحرك الأسهم المتداولة بالبورصة بشكل جماعى دون تولى أسهم بعينها تحريك السوق لأعلى أو لأسفل.
ودلل على وجهة نظره بقيادة سهم هيرمس البورصة خلال عامى 2006/2005، وخاصة خلال الأخير والذى تصدر فيه السهم بالكامل المشهد فى سوق المال المحلية إلى جانب تمكنه من الارتفاع من 30 جنيهاً إلى 250 جنيهاً فى عام، إلا أنه احتل وحدة أكثر من نصف قيم التعامل اليومية بالسوق خلال تلك الفترة، حتى إن المتعاملين الأجانب انتقدوا تلك الوضعية ووصفوا البورصة المصرية خلال تلك الفترة بـ«سوق السهم الأوحد».
وأوضح الأعصر أن المستثمر انشغل خلال الفترة الراهنة بالاحداث الاقتصادية العالمية او السياسية المحلية والتى باتت المحرك للسوق دون غيرها، عدا بعض التحركات السعرية لعدد من الأسهم بعينها بناء على أخبار جوهرية وصفقات وعروض شراء.
وحول الأسهم المتوقع لها التفوق على اداء البورصة خلال العام الراهن، رأى الأعصر أن سهم البنك التجارى الدولى سيستهدف مستوى42 جنيهاً، على أن يصل سهم العربية للاستثمارات والتنمية إلى 2.3 جنيه، و1.1 جنيه لعامر جروب، و1.8 جنيه للمصرية للمنتجعات السياحية، وجنيه واحد لأوراسكوم للاتصالات والإعلام والتكنولوجيا، و21 جنيهاً لحديد عز، و8.2 جنيه لطلعت مصطفى.
فيما توقع مهاب عجينة، رئيس قسم التحليل الفنى بشركة بلتون فاينانشيال، أن يواصل سهم البنك التجارى الدولى تصدر المشهد بالبورصة خلال العام الحالى، بعد انفراده باهتمام الأجانب وبقيادة السوق بعد خروج أوراسكوم للإنشاء والصناعة «قائد» البورصة بعد الأزمة المالية العالمية.
وأوضح أن تفوق البنك التجارى الدولى على تحرك البورصة خلال الفترة المقبلة مرهون بصموده فوق منطقة دعمه العامة عند 31 جنيهاً لاستكمال مسيرته الصاعدة متوسطة الأجل صوب منطقة 40-35 جنيهاً.
فيما توقع لسهم حديد عز، التفوق على البورصة واستهداف منطقة 19 جنيهاً خلال العام الحالى، على أن يستهدف سهم الجوهرة منطقة 17 جنيهاً، ورأى أن سهم جنوب الوادى للأسمنت يستهدف منطقة 6.5 جنيه، على أن يستهدف سهم بالم هيلز منطقة 3.5 جنيه، متوقعا لسهم عامر جروب استهداف 21 جنيهاً.
وابدى عجينة نظرة متفائلة لاداء البورصة خلال العام الحالى متوقعا لمؤشر EGX 30 استهداف منطقة 7600-7500 نقطة بالربع الأول، تليها 8200 نقطة على مدار العام الراهن.
فيما له صلة، وضعت شركة بلتون فاينانشيال فى تقريرها السنوى الاستراتيجى 11 سهماً من البورصة المصرية فى قائمة افضل الأسهم اداء خلال العام الحالى، وهى البنك التجارى الدولى وبنك قطر الوطنى – البنك الاهلى سوسيتيه جنرال سابقا-، وكريدى اجريكول، والمجموعة المالية هيرمس، والشرقية للدخان وجى بى أوتو وايبيكو وحديد عز وطلعت مصطفى والمصرية للاتصالات وجلوبال تليكوم.
فيما قال إيهاب السعيد، رئيس قسم التحليل الفنى، عضو مجلس الإدارة بشركة أصول للسمسرة، إنه إذا ما تحسن الاداء الاقتصادى والاوضاع السياسية خلال الفترة المقبلة، فإن ذلك قد يصل لقيادة أسهم ذات رأسمال سوقى منخفض نسبيا اداء البورصة خلال 2014 مثل أسهم القطاع العقارى على سبيل المثال، مستشهدا بان الأسهم الكبرى تقود صعود البورصة فى فترات الركود فى الوقت الذى تنتعش فيه الأسهم المتوسطة والصغيرة فى فترات التحسن الاقتصادى.
وأشار إلى أن سهم البنك التجارى الدولى هو قائد البورصة بلا منازع، منذ خروج «OCI » والذى كان يشاركه القيادة قبيل اتمام الصفقه، وبالتالى من الارجح أن يواصل تصدره المشهد بالسوق إلى أن يجد جديداً.
وأوضح أن قيادة البورصة على مدار السنوات العشر الماضية كانت مدعومة بمسببات على ارض الواقع، ضاربا مثالاً بسهم هيرمس الذى كان اول بنك استثمارى بالمنطقة ومؤهل للاستفادة من طفرات البورصة وانتعاش قيم التعامل فى المسار الصاعد للسوق، والأرباح المرتفعة التى حققتها هيرمس خلال تلك الفترة، واتسام الشركة بتعاملها مع صفوة المجتمع وتوليها بمهام قيادة كل الاكتتابات التى تتم بالبورصة وأشهرها المصرية للاتصالات فى 2005.
وأضاف أن شركة العربية لحليج الأقطان تصدرت المشهد بالبورصة بعد اكتتاب زيادة رأس المال وبدء التفكير فى اضافة النشاط العقارى ودخول شركة اموال الخليج، ودعم السهم تولى امين اباظة رئاسة مجلس ادارة الشركة قبيل تعيينه وزيرا بحكومة نظيف وقبل التخلى عن رئاسة الشركة رسميا.
ولفت إلى تولى شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة مهمة ربط البورصة بالعالم، إلى جانب توليها معظم المشروعات الإنشائية فى مصر خلال الفترة من 2010-2006، واستفادتها من انتعاش قطاع الأسمنت قبيل بيع ذراع الأسمنت لـ«لافارج» الفرنسية وتوزيع 300 جنيه كوبون على المساهمين، وصعد السهم بنسب قوية جداً بدعم من النشاط الذى حظى به السهم قبيل التجزئة، وكان السهم يرتفع بناء على معدلات نمو حقيقية فى أعمال وربحية الشركة.
فى سياق مواز، ابدى إبراهيم النمر، رئيس قسم التحليل الفنى بشركة النعيم القابضة، نظرة ايجابية لاداء البورصة خلال العام الحالى متوقعا صعود جميع القطاعات بقيادة البنوك والعقارات، وحدد مستهدف البنك التجارى الدولى عند35.5 جنيه يليه 39 جنيهاً، على أن يستهدف المصرية للاتصالات 20 جنيهاً حال حصول الشركة على الرخصة المتكاملة.

وعلى صعيد الإسكان، توقع النمر لسهم مدينة نصر للاسكان استهداف 25 جنيهاً يليه 28 جنيهاً، على أن يستهدف مدينة نصر للإسكان 28 جنيهاً، فى الوقت الذى سيستهدف فيه سهم طلعت مصطفى منطقة 6.85 جنيه تليها 8 جنيهات.
واتفق النمر مع الآراء السابقة حول افتقار البورصة المصرية للسهم القائد فى السنوات القليلة الماضية، مشيراً إلى أن قائد السوق على مدار العقد الماضى كان بمثابة «السهم الساخن» الذى يعتبره المستثمرون مؤشرا بديلا للسوق، ويحوز على اهتمام الافراد بالسوق – المشكلين لغالبية التعاملات -وهى تلك المميزات غير المتوافرة فى سهم البنك التجارى الدولى صاحب أكبر رأسمال سوقى بالبورصة.
واستعرض مفهوم السهم القائد فى تسيد سهم أوراسكوم تليكوم تعاملات السوق منذ 2003 إلى 2006، بعد صعوده من 10 جنيهات إلى 600 جنيه مدعوماً بأداء مالى رائع، ثم ظهور سهم هيرمس منذ 2005 الذى صعد من 9 جنيهات إلى 285 جنيهاً فى عام وكان بمثابة مؤشر السوق بالنسبة للمستثمر مدعوما بالأدء المالى القوى خلال تلك الفترة. وأضاف النمر أن سهم «OCI » قفز من مستوى 60 جنيهاً إلى 700 جنيه، بعد أن هدأت وتيرة سهم هيرمس، قبل قيامه بالتوزيع النقدى الأكبر فى تاريخ البورصة المصرية بواقع 300 جنيه بعد صفقة لافارج، ثم ظهور سهم المنتجعات السياحية الساخن، وسهم حديد عز الذى ظهر مع العربية لحليج الأقطان الذى صعد من 4 جنيهات إلى 32 جنيهاً.
وأكد أن البورصة مرت خلال 2008-2003 بفترة «الازدهار» قبل أن تتسبب الظروف الاقتصادية العالمية والسياسة الداخلية بالبلاد فى دخولها مرحلة «البحث عن قائد».
فى حين، حددت شركة «مباشر» للابحاث فى آخر تقاريرها السنوية الاستراتيجية أسهمها المفضلة فى مصر فى أسهم طلعت مصطفى، وسيدى كرير للبتروكيماويات، والوطنية لمنتجات الذرة، والعربية لحليج الأقطان، وبالم هيلز، والبنك التجارى الدولى، وهيرمس، وجلوبال تليكوم، والمصرية للاتصالات.