توالت المواقف المثيرة الخاصة بعروض شراء اسهم الخزينة خلال الفترة الاخيرة، والتي انتهت برفض الهيئة العامة للرقابة المالية مؤخرا طلب الشركة القابضة المصرية الكويتية بشراء اسهم خزينة بمبلغ 10 ملايين دولار، وبررت الهيئة رفضها بان الشركة طلبت ان تكون فترة التنفيذ 6 اشهر.
l
من جانبهم أيد معظم خبراء سوق المال الاجراء الذي اتخذته الهيئة العامة للرقابة المالية برفض تنفيذ عملية شراء اسهم خزينة خلال 6 اشهر، مؤكدين عدم منطقية السماح للشركات المقيدة بممارسة دور صانع السوق لسهمها طوال هذه المدة ـ 6 اشهر ـ خاصة ان عمليات دعم ومساندة السعر السوقي للسهم اصبحت غير مجدية، كما ان تحريك الاسعار السوقية للاسهم تخضع لقوي العرض والطلب وليست مهمة الشركات المصدرة للاسهم.
واشاروا الي احتمالية مرور الفترة المحددة لتنفيذ شراء اسهم الخزينة دون قيام الشركات بشراء اي من الكمية المطلوبة، ومن ثم فان طول فترة التنفيذ سيضاعف من الضرر الواقع علي المتعاملين، في ظل ترقبهم عمليات شراء اسهم الخزينة فترة طويلة.
واكد الخبراء ان البديل الافضل هو اعادة الشركات طلب شراء اسهم الخزينة كل شهر في حال رغبتها شراء كميات اضافية من اسهم الخزينة، بما يسمح للهيئة بقبول او رفض الطلب بناء علي متغيرات محددة.
وطالبوا بتحديد فترة محددة لاتمام عملية الشراء علي ان تتراوح بين شهر و3 اشهر بحد اقصي حتي ترتفع فرص الشركة في تنفيذ الشراء وفقا للسعر السوقي المستهدف.
وعلي الجانب الاخر، فضل بعض الخبراء تقدم الشركات بطلب واحد لشراء اسهم خزينة خلال 6 اشهر، بدلا من تكرار الطلب عدة مرات لحين وصول سعر السهم الي المستويات المستهدفة من الشركة، خاصة في ظل تكرار طلب شراء اسهم خزينة بالنسبة لبعض الشركات في الفترة الاخيرة نظرا لعدم ملاءمة ظروف السوق لاتمام عمليات الشراء.
واكدوا ان فترة التنفيذ تعتبر من النواحي التنظيمية والاجرائية التي لاتؤثر علي جدية تنفيذ عملية شراء اسهم الخزينة.
وكانت الفترة الاخيرة قد شهدت ممارسات غير تقليدية من قبل الشركات المقيدة بعمليات شراء اسهم الخزينة، بدأتها شركة العربية للاستثمارات والتنمية القابضة AIC التي اجبرتها الهيئة العامة للرقابة المالية علي شراء اسهم خزينة بعد ان امتنعت الشركة عن شراء اسهم الخزينة المعلن عنها، ثم تراجعت شركة برايم القابضة للاستثمارات المالية عن تنفيذ شراء اسهم الخزينة 3 مرات متتالية. وفي هذا السياق أكد مصدر مسئول في الشركة القابضة المصرية الكويتية ان القانون لم يتضمن مادة تلزم الشركات المقيدة بتنفيذ عمليات شراء اسهم الخزينة خلال فترة زمنية محددة وانما تقوم الشركات المقيدة بتنفيذ عملية شراء اسهم الخزينة خلال شهر وفقا للمتعارف عليه في سوق المال وليس طبقا لما ورد بالقانون.
واوضح المصدر المسئول ان شركته تقدمت بطلب شراء اسهم خزينة خلال 6 شهور لكي تتمكن من حماية القيمة السوقية لسهمها لاطول فترة ممكنة، بحيث تقوم الشركة بالشراء في السهم عند الانخفاضات القوية التي تحدث خلال فترة الـ6 اشهر المحددة لتنفيذ عملية شراء اسهم الخزينة، مؤكدا ان تنفيذ عمليات شراء اسهم الخزينة بهذا الاسلوب سيضاعف من جدواها في تدعيم سعر السهم السوقي.
واضاف المصدر ان شركته فضلت التقدم بطلب شراء اسهم خزينة لفترة طويلة نظرا لان %70 من اعضاء مجلس ادارة شركة القابضة المصرية الكويتية مقيمون بدول اخري، كما يرتفع عدد اعضاء مجلس ادارة الشركة والذي يبلغ 10 افراد، ومن ثم يصعب علي الشركة عقد اجتماعات مجلس ادارة كل شهر لاتخاذ قرارات بشأن شراء اسهم الخزينة.
من جانبه، أيد خالد ابوهيف الرئيس التنفيذي لشركة التوفيق القابضة للاستثمارات المالية رفض الهيئة العامة للرقابة المالية تنفيذ عملية شراء اسهم الخزينة خلال فترة 6 اشهر، مؤكدا انه ليس من المنطقي ان يتم السماح لإحدي الشركات المقيدة بالتأثير في حركة السهم لمدة 6 اشهر متواصلة، حيث يتعارض هذا مع مبدأ العدالة بين كل الاسهم نظرا لعدم قدرة كل الشركات علي القيام بالامر ذاته في ظل تباين القدرات المالية للشركات فضلا عن تباين الجدوي الاستثمارية لشراء اسهم خزينة بين الشركات، خاصة ان شراء الشركات المقيدة لاسهم الخزينة يجب ان يتم بعد حساب العائد المنتظر مقارنة بالتكلفة لكي لا يمثل شراء اسهم الخزينة عبئا علي الشركة.
ورأي ابو هيف انه ليس من المنطقي السماح للشركات بشراء اسهم خزينة خلال فترة 6 اشهر خاصة انها تمثل نصف الفترة المسموح بالاحتفاظ باسهم الخزينة خلالها المسموح بها طبقا لقانون سوق المال والتي لا تتعدي عاما من تاريخ تسويات شراء اسهم الخزينة، لافتا الي احتمالية مرور الاشهر الستة التي تمثل الفترة المحددة دون قيام الشركة بشراء اسهم الخزينة المعلن عنها، الامر الذي سيضاعف من الضرر الواقع علي المتعاملين في ظل طول الفترة المنتظر ان يتم خلالها تنفيذ شراء الشركات المصدرة اسهم خزينة.
ورأي ابوهيف ان البديل الامثل هو التزام الشركات بتنفيذ عمليات شراء اسهم الخزينة خلال شهر علي ان تعيد طلب شراء اسهم الخزينة في حالة رغبتها في اعادة الشراء خلال الشهر التالي من خلال عقد اجتماع مجلس ادارة جديد وتقديم طلب جديد.
من جانبه تحفظ شريف سامي العضو المنتدب بشركة »مصر المالية« للاستثمارات علي رفض طلب شركة القابضة الكويتية بشراء اسهم خزينة بقيمة 10 ملايين دولار في غضون 6 اشهر حيث من الافضل التقدم بعرض مرة واحدة بدلا من اكثر من مرة حتي تصل القيمة السوقية للسهم الي مستهدف الشركة، خاصة ان الفترة الاخيرة شهدت تقدم بعض الشركات بطلب شراء اسهم خزينة لثلاث مرات متتالية لعدم توافر الظروف الملائمة لتنفيذ عملية الشراء ومن بينها ارتفاع السعر السوقي.
واضاف سامي ان هذا الامر يدخل ضمن الشكل الاجرائي الذي لايؤثر علي جدية تنفيذ عملية شراء الاسهم الخزينة، موضحا انه من منطلق حرص هيئة الرقابة المالية علي مصالح المتعاملين فمن الاولي ان تخصص شاشة تعرض فيها عمليات شراء اسهم الخزينة والكميات المحجوزة لدي الشركات بما يوفر معلومات مستمرة واكثر دقة للمتعاملين.
واستبعد العضو المنتدب بشركة »مصر المالية« للاستثمارات ان تعطي طول فترة شراء الاسهم الخزينة ايحاء طويل الامد الي المستثمرين بوجود قوة شرائية علي السهم من المنتظر ان تتم خلال هذه الفترة، لانه لايتعلق بمدة التنفيذ حيث من الممكن ان ينتقل نفس الايحاء الي المتعاملين بالسوق في حال اقتصار فترة الشراء علي شهر واحد فقط، خاصة ان ارتفاع المستويات السعرية يحدث عند موافقة الهيئة علي عملية الشراء.
ونفي سامي امكانية الجزم بان الشركة تنوي تركيز الشراء في شهر واحد فقط بدلا من تنفيذ عملية شراء الاسهم الخزينة طوال المدة لان الامر يتعلق بالدرجة الاولي بتسجيل السهم المستوي السعري المستهدف. علي صعيد متصل، اوضح مصدر مسئول بالبورصة انه يتم تحديد فترة احتفاظ الشركة بأسهم الخزينة لمدة سنة وفقا لكل عملية شراء منفذة علي حدة طول الفترة تمشيا مع قانون الايداع الذي ينص علي بدء فترة الاحتفاظ بتاريخ مدة التسوية.
وابدي المصدر اندهاشه من طلب الشركة فترة طويلة للغاية – علي حد وصفه – لتنفيذ عملية الشراء دون وجود اي مبررات تستدعي حصولها علي هذه الفترة، خاصة ان عمليات دعم ومساندة السعر السوقي للسهم اصبحت غير مجدية وهو ماتم اثباته عند فشل محاولات الشركات بايقاف نزيف خسائر الاسهم عبر عمليات شراء اسهم الخزينة في اعقاب وقوع الازمة العالمية لذا اصبح الهدف الرئيسي حاليا من هذه العملية هو استثمار السيولة المتوافرة التي لم تجد فرصا استثمارية توفر عائدات تفوق حجم التكلفة.
واكد ان هيئة الرقابة المالية وجهت من خلال رفض طلب الشركة »القابضة الكويتية« بانها لن تسمح لاي شركة بالتلاعب من خلال اسهم الخزينة خاصة مع التقدم بشروط لطلب الشراء غير مرفقة باي مبررات، وهو ماوضح مع الزام شركة »العربية للاستثمارات والتنمية AIC « سابقا باستكمال تنفيذ عروض شراء اسهم الخزينة من خلال سوق العمليات الخاصة »OPR «، خاصة في الوقت الذي برزت فيه شبهة تلاعب بعض الشركات عبر اسهم الخزينة.
وعلي الجانب القانوني، اكد ابوبكر الهواري الخبير القانوني في اسواق المال ان قانون سوق راس المال واللائحة التنفيذية لم تتضمن نصا صريحا يحدد فترة شراء اسهم الخزينة وان كانت تتعلق الموافقة من عدمها علي السلطة التقديرية للهيئة في مثل هذه المواقف خاصة في حالة رؤيتها بعدم وجود مبررات تدعم طلب الشراء والمدة المطلوبة لتنفيذها، خاصة ان الشركة يمكن ان تلجا الي تنفيذ عرض الشراء في الشهر الاخير من الاشهر الستة مع تدني سعر السهم.
واضاف »الهواري« انه يجب ان يكون هناك مواءمة بين عرض الشراء وظروف السوق من جانب والشركة من جانب اخر، لافتا الي ضرورة تدخل المشرع بتحديد فترة محددة لاتمام عملية الشراء بحيث يتم اغلاق مجال طلب الشركات لفترات غير مناسبة لتنفيذ عملية شراء اسهم الخزينة واقترح ان تتراوح هذه المدة بين شهر و3 اشهر حتي ترتفع فرص الشركة في تنفيذ الشراء وفقا للسعر السوقي المستهدف.