❐ بنوك استثمار ترسم الطريق للاستفادة من الشعبية الجارفة
❐ جاد: تغيير فكر الإدارة إلى «البيزنس» ضرورة قبل بدء الإجراءات
❐ عمارة: لتحرك إستراتيجى بالسوق وتجذب جمهورًا كبيرًا
❐ عبدالعال: سوق المال مطالبة بتوضيح مزايا الطرح
أحمد علي
«كرة القدم» و«البورصة».. قد يتبادر سؤال فى ذهن قارئ السطور حول ماهية العلاقة بين تلك الرياضة وسوق الأسهم؟ والحقيقة أن إجابة السؤال تتعلق بقطاع كامل غائب تمامًا عن مشهد الاستثمار أو التواجد بالبورصة المصرية.. قطاع تحوّل فى دول العالم المتقدم لصناعة تُدر أموالًا وإيرادات جعلتها فى مقدمة الصناعات الأكثر تنافسية حول العالم.
وتشهد البورصة المصرية فى الفترة الراهنة أول محاولة لقيد وطرح شركة استثمار رياضى تمتلك ناديًا لكرة القدم، وذلك عبر قيام شركة “ايجل» بتقديم ملف نادى «نيوكاسل للاستثمار الرياضى»« للقيد ببورصة النيل.
كما تعتزم شركة «مصر المقاصة» طرح شركتها التابعة «المقاصة سبورت» والتى تمتلك نادى المقاصة الرياضة بالبورصة الرئيسية فى العام المقبل، إذ تُخطط لرفع رأسمال الأخيرة لـ50 مليون جنيه ثم طرح حصة منها فى البورصة.
ومنذ أسابيع قليلة، صدر قانون جديد للرياضة المصرية، فتح الباب أمام الاستثمار فى الأندية، مختلفا عن القديم الذى كان يصنِّف تلك الأندية على أنها مؤسسات غير هادفة للربح، ولا يحق لها الاستثمار بأى شكل من أشكاله المعروفة عالميًا، وهو العائق الذى منع النادى الأهلى من إنشاء «استاد الأهلى» بفكر استثمارى عبر شراكة مع أحد الكيانات الألمانية، وأيضًا منعه من طرح شركة «الأهلى للإنتاج الإعلامى» -التى أسس بمقتضاها قناته الفضائية – بالبورصة المصرية.
وقد نصت المادة 71 من قانون الرياضة الجديد على أنه يجب أن تتخذ الشركات التى تنشأ لمزاولة أعمال الخدمات الرياضية بجميع أنواعها شكل الشركات المساهمة، ويجوز لهذه الشركات طرح سهمها فى اكتتاب عام وفقا لأحكام قانون سوق رأس المال، كما يجوز قيد اسهمها بورصة الأوراق المالية.
وعقب حصول الأندية الرياضية على حق إنشاء شركات مساهمة تابعة لها، ومع قوانين الاتحاد الدولى بضرورة فصل نشاط كرة القدم عن أنشطة النادى الأخرى، أصبح الطريق ممهدًا أمام طرح الأندية بالبورصة.
«المال» تسعى لرسم صورة حول ماهية المتطلبات التى يجب على الأندية وادارة البورصة والحكومة توفيرها من أجل الاستفادة من صناعة ضخمة مثل «صناعة كرة القدم».
من جهته قال مصطفى جاد، رئيس قطاع بنوك الاستثمار بالمجموعة المالية هيرمس، إن فكرة طرح الأندية الرياضية بالبورصة أمر يمكن تحقيقه لكنه يتطلب بعض المهام والخطط لكى تتحول تلك الفكرة إلى واقع ذو تأثير إيجابى على السوق.
وأضاف أن أبرز تلك المواصفات تكمن فى ضرورة توفير الأداء المالى الجيد للشركات الرياضية، خاصة عقب صدور قانون الرياضة الجديد الذى سمح بإنشاء شركات رياضية مساهمة تهدف للربحية.
وأوضح رئيس قطاع بنوك الاستثمار بالمجموعة المالية هيرمس، ان الاندية الرياضية الكبيرة والجماهيرية تحصل على دعم من الدولة ممثلة فى وزارة الشباب والرياضة، وهو أمر لا تستقيم معه فكرة التواجد بالبورصة، مشيرًا الى وجود أندية خاصة ناجحة من حيث الأداء المالى وأبرزها «وادى دجلة».
وأشار إلى أن الأندية المصرية تفتقد العديد من مصادر الدخل التى تعتمد عليها الأندية العالمية، اذ تتركز ايرادات الأندية المصرية على عقد الرعاية والبث الفضائى فقط، فيما تعتمد نظيرتها الأوروبية على مصادر أخرى أبرزها «ايرادات الاستاد» و«بيع الملابس» و«المطاعم المنتشرة فى مقار الأندية والاستادات» و«المتاحف الخاصة» و«عقود الرعاية العديدة».
وقال جاد إنه لتنفيذ فكرة طرح الأندية الرياضية الجماهيرية بالبورصة، يجب أن تتواجد ادارة سماها «ادارة محترفة بالبيزنس» وليست ادارة بالشكل الحالى للأندية الرياضية، تهدف دائمًا لتحقيق معدلات ربحية مرتفعة وعدم الاعتماد على دعم الدولة وتنويع مصادر الدخل.
وبسؤاله عن إمكانية تحقيق تلك المهام حال تواجدت رغبة الدولة، أكد جاد أن قرار الطرح سيكون من حق الجمعية العمومية للأندية ومن ثم فإن رغبة الدولة قد تتصادم مع رؤية الجمعية العمومية للأندية خاصة تلك التى سيترك طرحها آثار ايجابية على السوق.
وعن توقعاته لمستقبل البورصة حال طُرحت أندية مثل «الأهلى والزمالك»، شدد جاد على أن تأثير طرح تلك الأندية فى شكل شركات مساهمة متخصصة بكرة القدم، سيتوقف على أداء الشركة المالى ومدى جاذبيتها للمستثمرين.
وأضاف أن بنك الاستثمار يتلخص دوره فى اعداد الشركات بالشكل الذى يساهم فى نجاح طرحها بالبورصة و خلق معدلات جاذبية مرتفعة للشركة عند المستثمرين.
وأشار الى ان الوضع الراهن فى الأندية الرياضية الكبيرة يشى بصعوبة طرحها بالبورصة، اذ سيتطلب تنفيذ ذلك وقتًا أطول من فكرة صدور قانون جديد للرياضة.
من جانبه، قال ياسر عمارة، رئيس مجلس ادارة شركة ايجل للاستشارات المالية – التى ترعى عملية طرح أول ناد رياضى فى بورصة النيل – إن فكرة طرح وخصخصة الأندية الرياضية ليست اختراعًا مصريًا، اذ طُبقِّت فى العديد من دول العالم وأخرها «المملكة العربية السعودية»« التى أعلنت عن رؤية لخصخصة الأندية الرياضية التابعة لها.
وتقوم “ايجل» بمهمة راعى شركة «نيوكاسل يونايتد» للاستثمار الرياضى، اذ تتولى قيد الشركة ببورصة النيل، وسيكون أول ناد رياضى يُقيد بالبورصة سواء كانت الرئيسية او النيل.
وأضاف أن صدور قانون الرياضة الجديد سيساعد فى تنظيم عملية طرح الأندية بالبورصة، مشيرًا الى رغبة النادى الأهلى فى طرح شركته التابعة «الأهلى للانتاج الاعلامى» بالبورصة الا ان القانون القديم كان يوصف الأندية بأنها مؤسسات لا تهدف للربح ولا يحق لها الاستثمار ومن ثم كان من المستحيل طرح الشركة.
وأوضح ان طرح الأندية الرياضية أو خصخصتها سيساهم فى تقليل العبء على موازنة الدولة، عبر إلغاء الدعم الذى كانت تتحصل عليه تلك الأندية سواء كانت دعمًا نقديًا أو عينيا متمثلا فى خصم نسبة من تكلفة المرافق «الكهرباء و المياه» والذى يقدر بالمليارات سنويًا.
وأشار عمارة الى أن الاستثمار فى قطاع الرياضة أصبح ينافس الاستثمار فى باقى قطاعات الاقتصادية، اذ اصبحت الرياضة وتحديدًا كرة القدم صناعة تُدر المليارات على أصحاب الفكر الاستثمارى بها.
وتابع: إن صناعة كرة القدم أصبحت مركزًا لتنمية صناعات أخرى أبرزها «القطاع الغذائى» و«التسويق والإعلانى» و«صناعة الملابس»، ومن ثم فإن تغيير الفكر الحالى فى صناعة الرياضة وتحويله للاستثمار وطرح الأندية الرياضية بالبورصة سيؤدى الى تغيير جذرى وتحول إستراتيجى فى سوق المال المصرية.
وأكد رئيس مجلس ادارة شركة ايجل للاستشارات المالية، أنه يجب تأسيس شركات مساهمة تتولى ادارة أنشطة كرة القدم على أن تكون منفصلة عن باقى أنشطة النادى الرياضى، موضحًا ان قوانين الاتحاد الدولى لكرة القدم ألزمت الأندية بذلك التوجه.
وأوضح أن قرار طرح الشركات التى سيتم تأسيسها لاحقًا بالبورصة، سيخضع للقانون الذى سيتم تأسيس الشركات عليه سواء كان قانون الشركات رقم 95 أو آخر.
وتطرق عمارة، إلى إمكانية تعديل قواعد القيد بالبورصة ومنح الأندية الرياضية استثناءات من بعض الشروط المتعلقة بالربحية والأداء المالى على أن تكون مؤقتة، وذلك من أجل الاستفادة من الآثار الإيجابية الضخمة التى ستعود على البورصة من تواجد شركات تابعة لأندية «الأهلى» و«الزمالك»، مؤكدًا ان هناك العديد من البورصات العالمية التى استثنت الأندية الرياضية من بعض قواعد القيد بها.
وأضاف أن تواجد «الأهلى» و«الزمالك» بالبورصة سيساهم فى جذب شريحة كبيرة للغاية من الجمهور للبورصة خاصة الأفراد منهم، بجانب انتشار الثقافة الاستثمارية عند جماهير تلك الأندية والتى ستهتم بأخبار أسهم أنديتها بالسوق، بالإضافة الى تشجيع شركات أخرى على القيد والطرح بالبورصة للاستفادة من الزخم الإعلامى الذى سيسيطر على سوق المال.
من جهته قال شريف عبدالعال، العضو المنتدب لقطاع بنوك الاستثمار بشركة فاروس القابضة للاستثمارات، إن طرح الأندية الرياضية بالبورصة عقب صدور قانون الرياضية الجديد، أمر متاح ويُمكن تحقيقه، الا انه يتطلب انجاز العديد من المهام للوصول لمرحلة الطرح ذاتها.
وأضاف أن دور بنك الاستثمار فى عملية الطرح يكمن فى تجهيز الشركة محل الطرح من جميع الجوانب المالية والادارية، مشيرًا الى ان الشركة الرياضية يجب أن تتميز بأداء مالى جيد ونتائج مستمرة إيجابية على مستوى الربحية.
وأوضح أنه يجب تطبيق مفاهيم الحوكمة على الشركة أو النادى الرياضى قبل الطرح بالبورصة، وتحويل الفكر الادارى الى فكر استثمارى فى المقام الأول.
وأشار إلى أن شركة «فاروس» يمكن أن تدرس خلال الفترة المقبلة امكانية تجهيز ملفات خاصة بإنشاء شركات مساهمة للأندية الرياضية، والعمل على تجهيزها تمهيدًا لطرحها لاحقًا بالبورصة.
وأكد عبدالعال، أن تواجد أندية كبيرة مثل «»الأهلى – الزمالك” فى البورصة، سيساهم فى جذب شريحة كبيرة من المستثمرين الأفراد للسوق، ومن ثم زيادة مستوى التداولات بالسوق.
وشدد على ان ادارة البورصة يجب ان تقوم بالتواصل مع الاندية خلال الفترة المقبلة، وشرح مزايا القيد والطرح بالبورصة ونشر الثقافة الاستثمارية بين إدارات تلك الأندية.
فى سياق متصل، قال مصدر مسئول بأحد بنوك الاستثمار الكبرى، ان عملية طرح أى شركة بالبورصة تخضع لعدة اعتبارات، أبرزها قدرة الشركة محل الطرح فى جذب المستثمرين من عدمه، مشيرًا الى انه كبنك استثمارى او مدير للطرح يجب ان يقوم بتسويق بضاعة جيدة قادرة على جذب السيولة وعروض الشراء.
وأضاف أن الأندية الرياضية فى الوقت الراهن تحتاج إلى العديد من الإجراءات والهيكلة الادارية والتجهيزات حتى تصل الى مرحلة ما قبل الطرح، ثم العمل على الأداء المالى وتنويع مصادر دخلها ثم أخيرًا مرحلة الطرح.
وأوضح المصدر، انه فى حال وجود شركات تابعة للاندية الرياضية ناجحة على مستوى الأداء المالى والربحية فإن تواجدها بالبورصة سيضيف للتمثيل القطاعى، بجانب جذب عملاء جدد وزيادة مستوى التداولات.