أكد خبراء ومتعاملون بسوق المال أن الضوابط الجديدة التي أصدرتها الهيئة العامة لسوق المال مؤخراً والتي تتضمن إلزام شركات السمسرة بمراعاة الفصل التام بين الأنشطة التي تقدمها لعملائها داخل البورصة المصرية وأي أنشطة أخري في الأسواق الخارجية، علاوة علي ضوابط تعامل الموظفين في شركات السمسرة وإدارة محافظ الأوراق المالية، لم تضف جديداً إلي السوق حيث انها تعد ضوابط تنظيمية لاحكام الرقابة علي السوق والحفاظ علي اموال العملاء.
|
وأشار الخبراء إلي أن ضوابط شركات السمسرة أكدت دور الأساليب المنطقية لإدارة نشاط تداول الأوراق المالية الخاصة بالشركات التي تنتج لعملاتها خدمة التداول بأكثر من سوق مال، وأكدوا ان قضية النصب الشهيرة المتهم فيها »نبيل البوشي« تعد أحد العوامل الجوهرية التي دفعت الهيئة لإصدار هذه الضوابط للتأكيد علي التزام الشركات بها.
في حين أشار فريق من الخبراء إلي أن الضوابط التي تحكم تعامل الموظفين في شركات السمسرة وإدارة المحافظ تهدف إلي تسهيل هذه التعاملات، خاصة في ظل تعقدها قبل التعديل، حيث كانت الشركات تلتزم بالحصول علي موافقة الهيئة العامة لسوق المال والتي كانت تستغرق مدة لا تقل عن 3 أشهر.
كما أشاروا إلي أن هذه التعديلات جاءت كرد فعل وقائي ضد ما يسمي »Front running « الذي يشير إلي استباق الاستفادة من المعلومات المتوفرة لدي العاملين بالشركات قبل العملاء.
وأصدرت الهيئة العامة لسوق المال -الخميس الماضي- ضوابط جديدة بكتابها الدوري رقم »49« للفصل بين انشطة الشركات العاملة في مجال السمسرة في الأوراق المالية التي تقدمها لعملائها، والأطراف المرتبطة سواء داخل مصر أو خارجها، وضرورة الافصاح الفوري عن الخدمات التي تقدمها لعملائها في الأسواق المالية الاخري بشئون رئاسة الهيئة.
وأرجع هشام إبراهيم -المشرف علي قطاع شئون رئاسة الهيئة إصدار هذه الضوابط إلي تقديم بعض الشركات السمسرة خاصية التعامل في أسواق مالية أخري لعملائها في مصر مما دعا إلي وضع ضوابط تؤكد ضرورة الفصل والافصاح عن أي نشاط تقوم به الشركات بخلاف النشاط المرخص به في السوق المصرية والتي تخضع إلي رقابة الهيئة العامة لسوق المال.
وأضاف أن عملية الفصل التام، والافصاح تتضمن الفصل عند اعداد القوائم المالية الخاصة بالشركة، والافصاح عن الجهة التي تقوم بتنفيذ هذه العمليات سواء كانت شركة وساطة مالية تابعة للشركة المرخص لها بالسوق المحلية، أو من خلال سمسار آخر بهذه السوق، بالإضافة إلي الافصاح عن الجهة الرقابية التي تخضع لها الشركة الاجنبية، والأنشطة المتعامل عليها.
ولفت الي أن هذه الضوابط تسري علي الانشطة المالية التي تقوم بها الشركات، سواء وساطة في الأوراق المالية، أو إدارة محافظة وصناديق استثمار لضمان توافر الرقابة اللازمة علي هذه التعاملات.
تضمنت الضوابط الجديدة التي أصدرتها الهيئة إلزام الشركات بالافصاح الواضح لعملائها عن نوعية المخاطر التي يتعرضون لها في التعامل في الأسواق المالية، والتأكيد علي أن نظم الحماية والتأمين المتوافرة في سوق رأس المال المصرية لا تغطي أي مخاطر يتعرض لها العميل في هذه الأسواق الخارجية، بالإضافة إلي ضرورة أن تراعي الشركة لدي إعداد قوائمها المالية الدورية والسنوية الافصاح التام عن الأطراف ذوي العلاقة وفقاً لمعايير المحاسبة المصرية رقم 15.
من جهة أخري أصدرت الهيئة العامة لسوق المال قراراً بتفعيل ضوابط تعامل موظفي شركات السمسرة في الأوراق المالية، وشركات تكوين وإدارة المحافظة، والتي الزمت الشركات السابقة والعاملين بها عند التعامل في الأوراق المالية بأن يكون التعامل من خلال ذات الشركة المنتمين إليها، أو من خلال شركة أخري ولكن بعد الحصول علي موافقة الهيئة بناء علي المبررات التي تقدرها بشرط أن يكون تعامل الأشخاص في خلال شركة سمسرة واحدة.
وألزمت الضوابط هؤلاء الأشخاص في حالة الرغبة في التعامل علي الأوراق المالية بالتقدم بطلب موقع ومؤرخ من المراقب الداخلي للشركة، موضحاً به اسمه وصفته وأسماء وأعداد المتعاملين المرتبطين به، بالإضافة إلي ضرورة احتواء هذا الطلب علي بيانات وحجم المحفظة الحالية بموجب البيان الصادر عن أمين الحفظ والرصيد النقدي المتاح بحسابه لدي الشركة.
وألزمت الضوابط المراقب الداخلي للشركة بفحص هذه الطلبات ومرفقاتها وإعداد بيان مجمع يعرض علي مجلس إدارة الشركة ويتم إخطار الهيئة بما وافق عليه المجلس عن هذه الطلبات وقيام المراقب الداخلي بوضع ضوابط الرقابة الداخلية والمراجعة الدورية بما يكفل التحقق من الالتزام بجميع القواعد والاجراءات الحاكمة والمنظمة لهذه التعاملات.
من جانبه اعتبر هشام توفيق، العضو المنتدب لشركة النعيم القابضة للاستثمارات المالية، هذه الضوابط تأكيداً علي الأساليب المنطقية لإدارة نشاط تداول الأوراق المالية الخاصة بالشركات التي تتيح لعملائها خدمة التداول بأكثر من سوق مالية وأكد توفيق أن الواقع العملي يفرض علي شركات الوساطة المالية الفصل بين حسابات العملاء في السوق المصرية وباقي الأسواق المالية الأخري، حيث إنه من الخطأ تسلم أموال العملاء وإيداعها بإحدي الشركات الأخري، خاصة أن شركات السمسرة التي لديها فروع بسوق مالية مغايرة تقوم بالفصل التلقائي بين حسابات العملاء بكلا الكيانين.
واتفق مع الرأي السابق شريف سامي ـ خبير أسواق المال ـ مشيراً إلي أنه من المنطقي أن تقوم الشركات العاملة في السوق المصرية بالفصل بين حسابات العملاء في السوق المحلية وباقي الأسواق المالية الأخري، خاصة في ظل اختلاف قواعد كل سوق عن الأخري.
وأوضح سامي أنه رغم قلة عدد الشركات القادرة علي ممارسة هذا النشاط في السوق المصرية فإن محاولة الهيئة لإحكام الرقابة علي شركات السمسرة والتعرف علي وضع المصريين في الأسواق الخارجية علاوة علي الإحاطة بأوضاع هذه الشركات دفع الهيئة لاقرار هذه الضوابط.
وحول مدي تأخر إصدار هذه الضوابط أكد سامي أن اضطراب أوضاع السوق والمرور بالأزمات يستلزم أخذ المزيد من الحيطة والحذر واحكام المزيد من الرقابة.
وحول ضوابط تعامل العاملين في شركات السمسرة وتكوين وإدارة محافظ الأوراق المالية أكد خبير أسواق المال أن هذا الإجراء يضمن عدم تنفيذ ما يسمي »Front Running « أو »الاستباق« وهو مفهوم يشير إلي استفادة الموظفين داخل شركات السمسرة من اطلاعهم علي المعلومات المتوفرة عن تعاملات المستثمرين أو الأخبار الجوهرية التي توجههم إلي استثمار معين مثل اطلاعهم علي أوامر البيع والشراء علي سهم ما، أو اتجاه صندوق ما لتصفية مراكزه المالية في أسهم شركة معينة مما يوجه استثماراتهم.
وأضاف أنه رغم عدم وجود ضوابط معينة تضمن احكام الرقابة علي »Front Running « نتيجة تعدد ممارسات الاستفادة من الاطلاع علي المعلومات مثل الاستفادة منها بطريق غير مباشر عن طريق أحد الأقارب فإن الهيئة العامة لسوق المال تسعي لإحكام الخناق علي المتلاعبين وذلك للمحافظة علي أموال المستثمرين.
ولفت إلي أن إلزام العاملين بشركات السمسرة بالتعامل من خلال شركة واحدة يعد إجراء جيداً لسهولة متابعة تعاملات الموظفين وإيجاد القرائن في حال حدوث تلاعبات.
وفي ذات السياق اعتبر هاني حلمي رئيس مجلس إدارة شركة الشروق لتداول الأوراق المالية أن ضوابط تعامل العاملين في شركات السمسرة إجراءات جيدة تهدف إلي التبسيط وليس التعقيد، موضحاً أن إجراءات تعامل الموظفين قبل التعديل كانت تنص علي إلزام الموظفين عند التعامل علي الأوراق المالية بالعمل فقط من خلال شركة السمسرة المنتمين إليها مع الحصول علي موافقة مجلس إدارة الشركة ثم يتم إرسال الطلب إلي الهيئة العامة لسوق المال لأخذ موافقتها وهذه الإجراءات كانت تتعدي مدتها 3 أشهر.
وأوضح حلمي أن الضوابط الجديدة عملت علي تسهيل الإجراءات واكتفت فقط بموافقة مجلس الإدارة علي الطلب الذي يراجعه المراقب الداخلي للشركة ثم إخطار الهيئة فقط، مما يقلل من الفترة الزمنية، ويسهل تعامل الموظفين علي الأوراق المالية، كما أنه يقضي علي التلاعبات، خاصة أن الموظفين كانوا لا ينتظرون أخذ موافقة الهيئة ويقومون بتعاملاتهم من خلال أشخاص آخرين.
وحول الضوابط التي تلزم شركات السمسرة بمراعاة الفصل التام بين أنشطة الشركة المقدمة لعملائها داخل البورصة المصرية عن أي أنشطة أو خدمات أخري في الأسواق الخارجية، أكد حلمي أن هذه الضوابط جاءت بهدف القضاء علي التلاعبات والحفاظ علي أموال العملاء خاصة بعد قضية البوشي مما استلزم معه التأكيد علي شركات السمسرة بضرورة الافصاح والتنظيم.
وأضاف حلمي أن هذه الضوابط تنطبق علي عدد قليل من الشركات خاصة في ظل تدني عدد الشركات القابضة في السوق المصرية بينما شركات السمسرة فقط لا يحق لها التعامل في الأسواق الخارجية.