ضوابط التصدير الأمريكية تخفض إيرادات شركات الرقائق الإلكترونية بنسبة 25%

بعد تشديد القيود المفروضة على الصين

ضوابط التصدير الأمريكية تخفض إيرادات شركات الرقائق الإلكترونية بنسبة 25%
نيفين نبيل

نيفين نبيل

3:57 م, السبت, 22 فبراير 25

حذر قطاع الرقائق الإلكترونية في الولايات المتحدة من أن القيود التي تفرضها واشنطن على تصدير الشرائح إلى الصين قد تضر بأعماله وتُعزز منافسة صينية قوية. ومع ذلك، ظلت هذه التحذيرات دون تأثير كبير لفترة طويلة، حيث استمرت الإيرادات في تحقيق أرقام قياسية بفضل الطفرة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي.

لكن تقارير الأرباح الأخيرة الصادرة عن شركات تصنيع المعدات مثل Applied Materials وLam Research تشير إلى أن الهجوم الأمريكي على قطاع الرقائق الصيني بدأ يؤتي ثماره السلبية، مما أثر على أداء هذه الشركات.

أصدرت شركة Applied Materials، أكبر مصنع لمعدات الرقائق في الولايات المتحدة، توقعات إيرادات مخيبة للآمال الأسبوع الماضي، مشيرة إلى أن ضوابط التصدير الجديدة التي تفرضها واشنطن بدأت تؤثر على أعمالها.

وانخفضت إيرادات الشركة من الصين، التي تُعد أكبر سوق لها، بنسبة 25% في الربع الأخير، لتصل إلى 2.2 مليار دولار من إجمالي إيرادات بلغت 7.2 مليار دولار. كما تراجعت مساهمة الصين في إيرادات الشركة من 45% قبل عام إلى 31% فقط في الوقت الحالي.

وتتوقع الشركة أن تستمر هذه الانخفاضات في المستقبل القريب. وقال برايس هيل، المدير المالي لشركة Applied Materials، للمحللين: “في الربع الثاني، نتوقع أن تنخفض نسبة الإيرادات من الصين بنحو خمس نقاط مئوية مقارنة بالربع الأول”.

لم تكن Applied Materials الوحيدة التي شعرت بآثار القيود الأمريكية. فقد أعلنت شركة Lam Research، وهي شركة أخرى رائدة في تصنيع معدات الرقائق، عن انخفاض إيراداتها من الصين بنسبة 10% على أساس سنوي في الربع الأخير من عام 2024، لتصل إلى 1.4 مليار دولار. كما تراجعت مساهمة الصين في إيرادات الشركة من 40% قبل عام إلى 31% الآن.

وحذرت الشركة في تقرير أرباحها من أن “مبيعاتنا للعملاء في الصين، وهي منطقة مهمة بالنسبة لنا، تأثرت سلبًا بمتطلبات تراخيص التصدير والتغييرات التنظيمية الأخرى، أو الإجراءات الحكومية المتعلقة بالعلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين”.

تُعد الصين مركزًا رئيسيًا لتصنيع أشباه الموصلات، حيث يتم استهلاك أكثر من 50% من الرقائق التي تُنتجها الشركات الصينية محليًا. كما أن الطلب الاستهلاكي الضخم على الإلكترونيات في الصين يدعم نمو قطاع الرقائق بشكل كبير.

ويوضح مونسوب شين، رئيس قسم الأجهزة وأشباه الموصلات ومراكز البيانات لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في شركة باين آند كومباني: “الصين ليست مجرد مركز لتصنيع أشباه الموصلات، بل هي أيضًا أكبر مستهلك لهذه الرقائق في العالم”.

على الرغم من أن شركات تصنيع المعدات ما زالت تُبلغ عن نمو في إيراداتها الإجمالية بفضل طفرة الذكاء الاصطناعي، إلا أن فقدان السوق الصينية يُعد ضربة قاسية. فالصين تُعد أكبر سوق لتصنيع الرقائق “الناضجة”، وهي المكونات الأقدم التي تُستخدم في صناعة المركبات الكهربائية والأجهزة المنزلية.

ويشير المحللون إلى أن المناطق الأخرى، مثل جنوب شرق آسيا، تحاول تعزيز تصنيعها المحلي لتكون بديلاً عن الصين. لكن هذه المناطق تفتقر إلى البنية التحتية والقدرات التصنيعية التي تتمتع بها الصين، مما يجعلها غير قادرة على تعويض الخسائر الناجمة عن القيود الأمريكية.

على عكس Applied Materials وLam Research، ظلت إيرادات شركة KLA Tencor، وهي شركة تصنيع معدات أمريكية كبرى أخرى، مستقرة نسبيًا في الصين. ويعزو ديفيد تشوانج، كبير المحللين البحثيين في شركة Isaiah Research، هذا الاستقرار إلى أدوات القياس المتقدمة التي تقدمها الشركة، والتي لا تمتلك الصين بديلاً محليًا لها حتى الآن.

ويقول تشوانج: “المصانع الصينية ستُقدم على أي شيء للحصول على أدوات القياس المتطورة التي تنتجها KLA Tencor”.

منذ عام 2019، فرضت الولايات المتحدة قيودًا صارمة على مبيعات الرقائق إلى الصين، مستهدفة شركات مثل هواوي وSMIC (شركة تصنيع أشباه الموصلات الدولية). وفي عام 2022، شددت واشنطن هذه القيود لتشمل المعدات اللازمة لتصنيع الرقائق المتقدمة، مما دفع دولًا مثل هولندا واليابان إلى فرض قيود مماثلة.

ومن المفارقات أن هذه القيود ساعدت في البداية على زيادة مبيعات شركات المعدات الأمريكية، حيث سارع المصنعون الصينيون إلى تخزين الآلات خوفًا من مزيد من القيود. لكن مع زيادة استثمارات الصين في تحقيق الاكتفاء الذاتي في صناعة الرقائق، بدأ الطلب على المعدات الأجنبية في التراجع.

تُظهر تقارير الأرباح الأخيرة أن القيود الأمريكية على تصدير الرقائق إلى الصين بدأت تُلقي بظلالها على شركات المعدات الأمريكية. ومع استمرار بكين في دعم قطاعها المحلي للرقائق، قد تواجه الشركات الأمريكية تحديات أكبر في الحفاظ على حصتها في السوق العالمية. وفي الوقت نفسه، تظل الصين لاعبًا رئيسيًا في صناعة الرقائق، مما يجعلها سوقًا لا يمكن تجاهلها بسهولة.