صدق أو لا تصدق.. فالشركات الألمانية العملاقة المتخصصة في صناعة السيارات، وفي مقدمتها «مرسيدس بنز» و«فولكس فاجن» و«بي إم دبليو» تواجه ضغوطا كبيرة.. والسبب يعود إلي المنافسة الشرسة التي تواجهها من جانب عدد من أشهر العلامات الآسيوية في عالم السيارات، وترتب علي ذلك اتخاذ قرار من جانب أهم الشركات الألمانية العاملة في تصنيع السيارات بإجراء عملية إعادة هيكلة جذرية ترفع من خلالها شعار «خفض تكاليف الإنتاج علي حساب استحداث فرص عمل»، الأمر الذي يهدد بتسريح آلاف العاملين في هذه الصناعة المهمة.
في هذا الإطار خرجت إدارة شركة فولكس فاجن العملاقة، التي تعد من أكبر عشرين شركة ألمانية، عن صمتها مؤخرا لتعلن عن ضرورة تسريح حوالي عشرة آلاف عامل في مصانعها الرئيسية في مدينة فولفسبورج»، يجيء ذلك عقب تصريح رئيس مجلس إدارة الشركة بيرند بيتشسريدر في وقت سابق انه يجب ممارسة ضغوط علي العاملين في الشركة لاخراجها من حالة الخمول التي تعاني منها، في اشارة الي الانتاج المفرط الذي يقلص من قدرات الشركة التنافسية.
وكما هو متوقع، رفض ممثلو العاملين في شركة فولكس فاجن هذا الاجراء، في الوقت الذي اجمع فيه معظم المحللين الاقتصاديين علي انه يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح وينذر ببدء تعامل الشركة بصورة بناءة مع معطيات الواقع.
ورغم الصعوبات التي تواجهها شركات السيارات الالمانية العملاقة مثل فولكس فاجن ومرسيدس بنز، فإن الغالبية العظمي للمحليين تشارك رئيس شركة دايملر كرايسلر الجديد ديتر تسيشه رؤيته التي عبر عنها قائلا: يجب ان تتمتع منتجاتنا بجودة وجاذبية أعلي من منتجات الشركات الآسيوية.
وفي الإطار نفسه، ينصب تأكيد رئيس مجلس إدارة شركة فولكس فاجن بيشيتسريدر ان انتاج السيارات الفاخرة فقط هو الكفيل بتحقيق عوائد مجدية علي المدي البعيد.
غير ان خبيرا اقتصاديا يعمل في مركز البحث العلمي يدعي اولريش يورجنز يؤكد وقوع اخطاء في استراتيجية الانتاج واختيار الطرازات تتحمل مسؤوليتها إدارة شركات السيارات، مثل عدم الاهتمام بتطوير سيارات موفرة لاستهلاك الطاقة استجابة في ظل الارتفاع المتزايد لاسعار البنزين، وللتأكيد علي فرضيته يشير يورجنز إلي تجربة شركة «تويوتا» العملاقة التي نجحت في تطوير محركات «الهيبريد» المزدوجة التي تتكون من محركين أحدهما احتراق تقليدي يعمل بالبنزين، والآخر كهربائي، وهو ما يعطي هذه السيارة القدرة علي توفير في الطاقة يصل إلي %30 مقارنة بالمحركات المعتادة.
وفي إطار مواز، شكلت الخسائر المادية في عدد من شركات السيارات الألمانية أحد أهم الأسباب التي مهدت إلي تغيير قياداتها، وكان وراء تلك الخسائر في أحيان كثيرة الفساد والتلاعب في إدارة أسهمها وممتلكاتها، وفي هذا السياق اعلنت شركة مرسيدس مؤخرا عن تعرضها لخسائر بسبب احتمال تورط رئيسها السابق ايكهارد دوردس في صفقات غير شرعية، وتطال نفس التهمة كذلك اولريش وولكر رئيس شركة صناعات سيارات سمارت التابعة لمرسيدس ولايزال المستثمرون ينتظرون المزيد من الاجراءات التصحيحية الهادفة إلي جعل اداء الشركات الألمانية أكثر شفافية.
ويري الخبراء ان تغيير رؤساء الشركات وإعادة النظر في أنظمة العمل تأتي في اطار «ضخ دماء جديدة» وتخليصها من البيروقراطية، لاسيما في ظل المنافسة الحادة التي تشهدها الأسواق الأوروبية والألمانية، وقد اشتدت هذه المنافسة بعد دخول الصين سوق تصنيع السيارات وتصديرها، ومؤخرا جذبت سيارتها «لاندويند» الأنظار في السوق الأوروبية بسبب كبر حجمها وكفاءة تشغيلها وسعرها المغري الذي لا يتجاوز 17 ألف يورو.