رحب عدد من خبراء سوق المال باعلان هيئة الرقابة المالية مؤخرا عن سعيها مراجعة وتفعيل الية صكوك التمويل خلال النصف الثاني من العام الحالي، تلك الآلية التي اعتبر الخبراء أنها تأخرت كثيرا في ادخالها خاصة في ظل التزايد المستمر لمعدلات الاقبال عليها بالاسواق العربية والعالمية خلال السنوات الاخيرة، وبصفة خاصة بعد الازمة المالية العالمية.
l
وحدد خبراء سوق المال عدداً من العناصر التي يجب توافرها لنجاح صكوك التمويل في مصر، في مقدمتها درجة نجاح هيئة الرقابة المالية في وضع صيغة تشريعية تضمن حقوق حامل الصك في استرداد امواله، فضلا عن اتباع اجراءات لتنشيط تداول الصكوك لكي لا تواجه نفس مصير سوق السندات غير النشطة.
ويختلف صك الملكية عن السند بعامل جوهري يكمن في طرق احتساب العائد التي تضع في اعتبارها ارباح وخسائر الشركات، حيث يمثل الصك وثيقة أو شهادة ملكية في المؤسسات أو الجهات المصدرة، في حين يمثل السند حق مديونية في الشركات، لذا فإنه من المفترض أن ترتفع مخاطرة الاستثمار بالصكوك مقارنة بالسندات، الامر الذي استبعده خبراء سوق المال، مؤكدين أن العكس هو الصحيح حيث إن حامل السند يقوم بتمويل الشركة بكل مشاريعها وانشطتها المتعددة في حين يمول حامل الصك مشروعاً معيناً تقوم به احدي الشركات، بما يجعل مخاطر الاستثمار بصكوك التمويل اكثر تحديدا من السندات.
وتعمل هيئة الرقابة المالية خلال الفترة الحالية علي اضافة تعديلات جديدة للباب المنظم لصكوك التمويل باللائحة التنفيذية لسوق المال، والتي ستتعلق باحكام الرقابة بما يسمح بضمان حقوق حامل الصك من خلال وضع صيغة تشريعية تنص علي تحديد العلاقة بينه وبين الجهة المصدرة للصكوك، والمنتج الذي سيتم تمويله من حصيلتها.
كما تتعلق التعديلات الجديدة بتحديد بنود نشرة الاكتتاب في اصدارات صكوك التمويل، وباالانماط الجديدة التي ستتم اضافتها، في ظل وصول عدد انماط صكوك التمويل المتداولة إلي 17 نمطاً، منها صكوك المرابحة والمشاركة والمضاربة، وصكوك الاجارة والمنافع.
وحققت صكوك التمويل نجاحا قويا في عدة دول عربية وبصفة خاصة في الامارات التي شكلت احد اهم البلاد المصدرة للصكوك، فضلا عن السعودية التي شهدت اصدارا جديدا تصل قيمته إلي 450 مليون دولار من شركة دار الاركان للتطوير العقاري خلال الربع الاول من العام الحالي، كما تعمل نفس الالية في كل من الأسواق القطرية والكويتية والبحرينية، فيما تحتل ماليزيا مركزا مهماً علي مستوي العالم في اصدار صكوك تمويل.
وكانت بعض التقارير الصادرة عن مؤسسات مالية عربية حددت قيمة اصدارت الصكوك في دول التعاون الخليجي خلال الربع الأول من 2010، بـ625 مليون دولار بعد أن حققت انخفاضا طفيفا مقارنة بالربع الرابع من 2009.
وأكد خالد أبوالعلا، العضو المنتدب لشركة التوفيق القابضة للاستثمارات المالية، أن صكوك التمويل لاقت اقبالا كبيرا في عدة أسواق عربية وعالمية خلال الفترة الاخيرة، خاصة بعد الازمة المالية العالمية نظرا لضعف السيولة لدي أغلب المستثمرين بالاسواق العالمية في الوقت الذي توافرت بشكل معقول لدي المستثمرين العرب الذي يفضلون الاستثمار عبر الوسائل المالية المتوافقة مع الشريعة الاسلامية متوقعا أن تلاقي اقبالاً جيدا من المؤسسات المالية أو المستثمرين ذوي الملاءات المالية الضخمة في السوق المصرية بعد أن يتم تفعيلها، واستبعد »أبوالعلا« أن تلقي صكوك التمويل اقبالاً كبيراً من صغار المستثمرين بسبب انخفاض درجة الوعي الاستثماري بالآليات الجديدة.
كما استبعد »أبو العلا« أن يكون الوقت غيرمناسب لتفعيل صكوك التمويل بسبب عدم تعافي الاسواق بالكامل من اثار الازمة، مؤكدا أن السوق المصرية تأخرت في ادخال آلية صكوك التمويل التي تم تفعيلها بالاسواق العربية منذ عدة سنوات، متوقعاً أن تواجه صكوك التمويل نفس المصير الذي واجهته السندات التي تعتبر غير نشطة، حيث رهن نشاط الاداتين باتخاذ الجهات الرقابية خطوات مجدية بهذا الصدد والتي حدد اهمها في السماح لشركات السمسرة بالتعامل علي السندات وصكوك التمويل بعد تفعيلها.
واستبعد ابو العلا أيضاً أن يكون معدل مخاطرة الاستثمار بصكوك التمويل اعلي من السندات، مؤكدا أن العكس هو الصحيح نظرا لأن حامل السند يقوم بتمويل الشركة بكل مشروعاتها وانشطتها المتعددة في حين يمول حامل الصك مشروعاً معيناً تقوم به احدي الشركات مثل افتتاح خط انتاج معين أو فتح شركة تابعة جديدة، ومن ثم فان عوامل الخطر تكون اكثر تحديدا بصكوك التمويل مقارنة بالسندات المرتبطة بكل اعمال الشركة التي تتأثر بعدة عوامل مختلفة.
وأوضح العضو المنتدب لشركة التوفيق أن نشرة اكتتاب صكوك التمويل تشمل عدة بنود لضمان حق حامل الصك، مؤكدا انها لا تختلف عن نشرات اكتتاب السندات بشكل يذكر، ويقتصر الاختلاف بينها في الصيغة والشكل التمويلي واساليب احتساب العوائد فقط.
من جانبه أكد شريف سامي، خبير استثمار أسواق مال، النجاح الضخم الذي حققته صكوك التمويل باغلب الاسواق العربية خلال الفترة الاخيرة، واعتبر عدم وجود تلك الآلية في السوق المصرية من قبل ساهم بشكل كبير في حرمانها من دخول التمويل العربي والخليجي للمشروعات المحلية، ونظرا لسيطرة الثقافة الدينية علي الفكر الاستثماري لشريحة عريضة من مستثمري الخليج.
كما أكد »سامي« أن فرص نجاح الصكوك في السوق المصرية تفوق فرص نجاحها بالاسواق العربية الاخري، بسبب المناخ الاستثماري الاكثر مرونة، مرجحاً أن يساهم تفعيل صكوك التمويل في تنشيط تداول كل ادوات الدين بالسوق المحلية، نظرا لتمتعها بميزة التوافق مع الشريعة الاسلامية مما يسمح بدخول كل شرائح المستثمرين بها سواء من الذين تغلب عليهم الثقافة الدينية أو الآخرون.
وذكر خبير الاستثمار أن صكوك التمويل تعتبر إحدي اهم الادوات المالية طويلة الاجل التي تصلح لاستثمار اموال المعاشات التكميلية بها، مما سيخلق سيولة لسوق صكوك التمويل وفي الوقت نفسه سيوفر اداة مالية منخفضة المخاطر لاستثمار أموال المعاشات.
وأشار »سامي« إلي عدد من العوامل التي من شأنها ضمان حق حامل الصك في استرداد امواله، الاول في حقوق الاولوية لحامل الصك عند التصفية والتي لا تختلف كثيرا عن حقوق حملة السندات، مؤكداً في الوقت نفسه أن هذا الامر مرهون بالشكل الاخير للصيغة التشريعية التي ستقرها هيئة الرقابة المالية لتنظيم تعاملات حملة صكوك التمويل مع الجهة المصدرة.
وأضاف »سامي« أن وجوب خضوع الجهات المصدرة للصكوك التمويل للتصنيفات الائتمانية من احدي الوكالات قبل أن تتم الموافقة علي اصدارها من شانه المساهمة ايضا في تحديد الجدارة الائتمانية للجهات المصدرة وبالتالي يشكل عامل ضمان لحقوق حملة الصكوك، و من ثم اعتبر عدم توافر شركات تصنيف ائتماني بشكل كاف في السوق المصرية احد اهم العوامل التي قد تعوق نجاح تجربة تفعيل الصكوك.
وأوضح خبير الاستثمار أن صكوك التمويل لا تختلف عن السندات سوي في طرق احتساب العائد التي تتم طبقا للشريعة الاسلامية، حيث يعتبر الصك سنداً اسلامياً.
ورأي أحمد أبو السعد، العضو المنتدب لشركة دلتا رسملة لادارة الأصول، أن البنود المتعلقة بضمان حقوق حملة الصكوك في نشرات الاكتتاب تتغير طبقا للامتيازات التي ستقوم الجهات المصدرة بمنحها لعملائها، علي أن يتم ذلك في الاطار القانوني الذي ستضعه هيئة الرقابة، مؤكداً أن حقوق حملة الصكوك لا تختلف عن حملة السندات الذين لهم الاولوية في استرداد اموالهم في حالة التصفية.
وشدد »أبو السعد« علي ضرورة عدم اكتفاء الجهات الرقابية بتفعيل آلية صكوك التمويل فقط، وانما يجب العمل عليها تنشيط تداولاتها من خلال اتباع نفس الاجراءات التي اقرتها الهيئة لتنشيط سوق السندات والمتمثلة في تشجيع اصدارات الشركات، والتسوية اللحظية، الا انه استبعد أن تتلاءم آلية »الشورت سيلينج« -المنتظر تطبيقها علي السندات- مع طبيعة صكوك التمويل، كما شدد علي ضرورة أن يتم تسهيل الاجراءات المرتبطة بعملية اصدار الصكوك مؤكدا أن هذا الامر قد يشكل أحد اهم العوائق امام نجاح سوق صكوك التمويل في مصر.
من جانبه، رأي عمر رضوان الرئيس التنفيذي لشركة اتش سي لادارة الاصول أن معدل ارتفاع الاقبال علي الاستثمار عبر الية صكوك التمويل سجل معدلات اعلي من باقي الوسائل التمويلية في الفترة الاخيرة، وبصفة خاصة بالاسواق العالمية التي باتت تسجل رصيداً قوياً من سوق اصدارات الصكوك علي الرغم من كونها اداة مالية اسلامية.
واعتبر »رضوان« أن الصيغة القانونية لصكوك التمويل اهم تحد امام نجاحها بالسوق المحلية، حيث يجب أن تراعي حقوق حامل الصك الذي يعتبر ممول للجهة المصدر، مؤكداً أنه لا يمكن تحديد نمط معين من الصكوك الاسلامية لكي تتناسب طبيعته مع السوق المصرية خاصة في ظل اختلاف طبيعة تلك السندات سواء العادية أو الإسلامية من سوق إلي أخري ومن جهة مصدرة إلي أخري وضرب مثلا بالشركات المحلية المصدرة للسندات كوبونات سنوية أو نصف سنوية، الامر الذي يختلف عن العديد من السندات بالاسواق الاخري، كما أكد أن الصكوك الاسلامية تصلح لتمويل كل أنواع المشاريع حيث إنه غير مقصورة علي انواع معينة من المشاريع فقط.