شكوك حول حصة القطاع من المزايدات والمناقصات الحكومية

شكوك حول حصة القطاع من المزايدات والمناقصات الحكومية
جريدة المال

المال - خاص

12:01 ص, الأحد, 18 أبريل 10

المال – خاص
 
يجري حالياً مشروع تنمية الخدمات غير التمويلية للمشروعات الصغيرة »BDSSP « التابع للوكالة الكندية للتنمية الدولية بالتعاون مع هيئة الخدمات الحكومية التابعة لوزارة المالية والصندوق الاجتماعي للتنمية، دراسة تحليلية عن المشاكل التي تواجه المشروعات الصغيرة خلال التقدم للمناقصات الحكومية، حيث تم تكليف مكتب استشارات دولية لإجراء نموذج تجريبي يقوم فيه أصحاب المشروعات الصغيرة بالحصول علي مناقصة حكومية من إحدي الجهات أو المصالح الحكومية في نطاق جغرافي محدود وسيتم تقييم نتائج هذا النموذج ودراسة أثره قبل تعميم التجربة والتوسع في مناطق أخري لرصد المعوقات السائدة ومحاولة إيجاد حلول لتذليلها.

 
وكانت هيئة الخدمات الحكومية قد انتهت مؤخراً من إعداد استراتيجية لتطوير العمل تضمنت تفعيل مشاركة المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر في المناقصات الحكومية، حيث تشمل إصدار دليل ارشادي للمشتريات الحكومية، وذلك للدخول في المزايدات والمناقصات التي تطرحها تلك الجهات مع شرح مبسط لقانون المناقصات والمزايدات وكان خالد نوفل، مستشار وزير المالية للخدمات الحكومية، قد أشار إلي أنه يجري حالياً عقد ورش عمل في محافظات مصر بالتعاون مع الصندوق الاجتماعي للتنمية وBDSSP يستهدف توعية أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالفرص المتاحة للدخول في المناقصات الحكومية وكيفية التقدم لها، خاصة أن قانون تنمية المنشآت الصغيرة رقم 141 لسنة 2004 ينص علي أحقية المشروعات الصغيرة والمتوسطة في نسبة لا تقل عن %10 من المشتريات الحكومية.
 
وأضاف نوفل أن هيئة الخدمات الحكومية في إطار استراتيجية التطوير انتهت بالفعل من إعداد كراسة شروط نموذجية للمناقصات الحكومية تشمل التفاصيل بشروط هذه المناقصات، مشيراً إلي حرص الهيئة علي تضمين جميع الحقوق القانونية وواجبات الجهات الحكومية بكراسة الشروط، وأيضاً حقوق المورد سواء كان الأمر يتعلق بشراء سلعة أو الحصول علي خدمة أو كانت المناقصة تتعلق بإنشاءات خاصة بالمشروعات العامة في مشروعات البنية التحتية التي تنفذها الحكومة في قطاعات المياه والصرف الصحي وبناء المدارس والمستشفيات والكباري والطرق وغير ذلك.
 
ورغم إيجابية تلك المبادرات من الناحية النظرية فإن فرص تقييمها معدومة في ظل غياب الرقم الحقيقي حول حصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة من إجمالي ما يتم طرحه سنوياً من مناقصات ومزايدات الجهات الحكومية، أو علي الأقل النسبة التي تغطيها مشروعات القطاع من النسبة المحددة بالقانون وهي الـ%10، حيث يصعب بذلك وضع مؤشر يقيس مدي تأثير تلك المبادرات في رفع هذه النسبة غير المعلومة في الأصل، نظراً لغياب شفافية المعلومات حول هذا الأمر حتي الآن.
 
ونظراً لأن المعني بذلك جهات حكومية فلا توجد آلية واضحة للمساءلة حول الحجم الحقيقي الذي يغطيه القطاع من حصته في المشتريات الحكومية، كما لا توجد إحصاءات مستقلة لرصد تلك الحصة إلا أن الشكوي الدائمة التي يعاني منها القطاع هي عدم تكافؤ الفرص المطروحة أمامه لدخول المناقصات الحكومية رغم أن القانون كفل له هذا الحق، في حين تردد دائماً الجهات الحكومية شكوي تتعلق بعدم استيفاء العديد من وحدات القطاع للمواصفات المطلوبة بكراسات الشروط لتبقي هناك حلقة مفرغة من الاتهامات، يتمثل الحل الوحيد للقضاء عليها في الكشف عن الحصة السنوية الحقيقية للقطاع في إجمالي المشتريات الحكومية.
 
ومن جانبها تقول عزة قنديل، المدير الميداني لمشروع تنمية الخدمات غير التمويلية للمشروعات الصغيرة بالوكالة الكندية للتنمية الدولية، إن الدراسات أثبتت أن القطاع إذا حصل علي مشتريات حكومية تتراوح  قيمتها بين 1.5 و2 مليار جنيه سنوياً، وذلك تطبيقاً للمادة رقم 12 من القانون 141 فإن ذلك سيكون بمثابة فرصة حقيقية لتنمية القطاع وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي وهو الهدف الذي ترغب الحكومة في تحقيقه بشدة خلال السنوات المقبلة.
 
وتري أن الخطوة الأولي لتفعيل تطبيق هذه المادة بالقانون وتحقيق هذا الهدف ليس في زيادة الوعي فقط بقدر ما يحتاج الأمر إلي إيجاد آليات واضحة تفرض الإلزام بهذا النص الصريح في المزايدات والمناقصات التي يتم تنظيمها من قبل الجهات الحكومية، إلي جانب إيجاد آلية موازية لتوقيع الجزاء المناسب في حال مخالفة ذلك، واعتماد التجاوز عن تطبيق هذه المادة كمخالفة من جانب الأجهزة الرقابية كالجهاز المركزي للمحاسبات، وهذه الإجراءات كفيلة بجعل المادة 12 من قانون 141 أكثر من مجرد حبر علي ورق.
 
وشددت علي صيغة الالتزام التي يمكن فرضها علي المسئولين عن المشتريات الحكومية وهي وحدها الكفيلة بتطبيق المادة المعطلة، التي ستحدد إلي أي مدي سيتم التجاوب مع هذا التوجه، ثم يأتي بعد ذلك دور الوعي بأهمية القيام بدعم مشروعات القطاع عن طريق تلك المستويات والتعرف علي الآليات التي تسمح بتحول هذا الإجراء إلي عملية منظمة ومستمرة لا تخضع لأهواء موظفين إداريين ينقصهم في أغلب الأحيان التأهيل الكافي لأداء هذه المهمة، الأمر الذي تحركه برامج ومبادرات التوعية بأهمية هذا الدور.
 
ويقول فؤاد ثابت، رئيس اتحاد الجمعيات الاقتصادية، إن الحكومة لا تتواني عن التنبيه في العديد من المناسبات إلي أهمية تطبيق المادة الخاصة بحصة القطاع في المشتريات الحكومية، ولكنها إلي الآن لا تتقدم بصورة ملحوظة في هذا الاتجاه لافتقارها إلي التحرك المؤسسي علي مستوي وحدات الجهاز الإداري، مما يجعل التزام إحداها بتنظيم المادة والشراء من منتجات المشروعات الصغيرة مجرد حالة استثنائية لا يوجد ما يفرض الالتزام بها خلاف النص القانوني.
 
ويشير ثابت في ذلك إلي الدراسة الميدانية التي أجراها مؤخراً مركز المشروعات الدولية الخاصة CIPE بالتعاون مع مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، حول بيئة عمل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وعلاقاتها بالإدارات الحكومية وبتمويل الهيئة الأمريكية للتنمية الدولية، والتي أثبتت أن نمط الإدارة الحكومية التي تتعامل مع هذه المشروعات بأدائها الحالي يخلق مجالاً عازلاً بينها وبين المزايا التي تم إقرارها لتنمية القطاع، بسبب انتشار الفساد والممارسات التميزية القائمة علي انتزاع المزايا لمصلحة فئة دون غيرها، مقابل اقتسام العائد من تلك المزايا مع أصحاب المشروعات، وبطبيعة الحال فعندما يتعلق الأمر بالمشتريات الحكومية من منتجات القطاع فإن الممارسات غير العادلة تكون لها الغلبة لافتقارها لضوابط واضحة وصريحة قادرة علي تقدم المساندة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
 
ويضيف ثابت أن المجال العازل الذي يتسبب فيه الفساد الإداري وتأثيره السلبي علي الالتزام الحكومي بحصة مشروعات القطاع من المشتريات العامة يتسع في وجود عامل آخر هو عدم صراحة النصوص القانونية التي يفترض أن تؤدي إلي الالتزام بتحقيق المزايا التي يتم اقرارها لمصلحة مشروعات القطاع، حيث تؤدي الطبيعة »الفضفاضة« لتلك النصوص واتساع نطاق التفسيرات والتأويلات، بما يساعد علي انتشار الفساد وإعاقة نمو تلك المشروعات باعتبار تلك التفسيرات المتعددة فرصة للالتفاف علي ما تقرره من مزايا لتمكين البعض منها علي حساب الآخر، وفي النهاية لا يتحقق الالتزام بالمادة 12 من القانون 141 وإنما تحدث حالة من تسرب المنافع تؤدي إلي حرمان القطاع من فرص نمو كان من المفترض أن يكفلها له القانون.
 
وقال إن هناك ضرورة لرصد بيانات شفافة حول ما تستحوذ عليه مشروعات القطاع من عمليات ترسية مناقصات أو مزايدات تصدرعن الجهات الحكومية بشكل دوري ليتم حصرها سنوياً، وتوقيع جزاءات علي الجهة التي لم تستوف حصة المشروعات الصغيرة من إجمالي هذه العمليات وذلك حتي يتم وضع أساس معلوماتي صحيح يتم عليه بناء أي مبادرات حقيقية في المستقبل.
 
جريدة المال

المال - خاص

12:01 ص, الأحد, 18 أبريل 10