حوار – ماهر أبوالفضل ـ مروة عبدالنبى
وصف الدكتور شريف فتحى، العضو المنتدب لشركة «عناية مصر» للرعاية الصحية، التى تزاول نشاط إدارة محافظ الطبى لصالح شركات التأمين وفق آلية الطرف الثالث فى العملية التأمينية «TPA»، سوق التأمين الطبى فى مصر بالعشوائية والفوضوية، لارتفاع وتيرة المنافسة التى تقودها شركات الرعاية الصحية التى تزاول نشاط الـ Risk Taker أو ما يعرف بالـ«HMO» والتى تستثمر عدم خضوعها لجهة ولاية محددة لإشعال تلك المنافسات مستخدمة سلاح المضاربات السعرية على حساب الخدمة المقدمة للعميل، مما أثر سلبا على قطاع التأمين بأكمله وأفقد العملاء ثقتهم فيه.
وكشف فتحى، فى حواره لـ»المال»، عن تخارج بعض شركات الـ«HMO» من السوق نهائيًا، خاصة بعد تكبدها خسائر ضخمة نتيجة استمرارها فى استخدام أسلوب المضاربات السعرية، مما أدى إلى تآكل محافظها الضخمة التى تكونت خلال سنوات عديدة لعدم وفائها بالتزاماتها تجاه العملاء.
وحمل شركات التأمين جزءا من ضريبة العشوائية التى يتحملها سوق التأمين الطبى، واستحواذ شركات الـ«HMO» على نصيب الأسد من كعكة أقساط الطبى، نتيجة تقصيرها-على حد قوله- فى استحداث قنوات تسويقية جديدة وتطوير آلياتها الحالية لجذب الشرائح المختلفة بتنوع أطيافها وأطرافها، مشددا على ضرورة إعادة تقييم عمليات الاكتتاب، والتى تعد العمود الفقرى لصناعة التأمين، مع ضرورة تفريخ كوادر جديدة لديها من الكفاءة ما يمكنها من التعامل مع مخاطر الطبى، والتى تتسم بالخصوصية الشديدة.
وانتقد عدم استثمار شركات التأمين زيادة معدل الطلب على المنتجات الفردية فى فرع الطبى مقابل محدودية منتجاته، رافضا الاكتفاء بالتغطيات النمطية التى لا تغنى ولا تسمن من جوع، مطالبا بتفصيل المنتجات بما يتلاءم مع تنوع الاحتياجات، إضافة إلى ضرورة تنويع برامج التأمين الطبى الجماعية التى تخاطب المؤسسات الاقتصادية باختلاف أنشطتها.
وشدد على ضرورة اعتماد شركات التأمين التى تزاول نشاط الطبى على شركات إدارة المحافظ المعروفة بشركات الـ«TPA»، خاصة أنها تمتلك من الخبرات ما يؤهلها لإدارة عمليات الطبى بشكل أفضل، خصوصا فى تلبية الخدمة الطبية للعملاء بجودة أفضل وبأسعار تنافسية.
واعترف فتحى بأن الممارسات السلبية لشركات الـ«HMO» أثرت سلبا على سمعة سوق التأمين بأكملها، خاصة مع ضعف الوعى لدى العميل من جهة، إضافة إلى مقدمى الخدمة الطبية من جهة أخرى، والتى لجأت إلى ممارسة بعض الضغوط على شركات التأمين ووحدات الإدارة، مثل زيادة أسعار الخدمة المقدمة لتعويض خسائرها من تعاقدتها مع شركات الـ«HMO» مما يرفع من تكلفة الخدمة، وتأثير ذلك على حجم الإقبال من جهة، إضافة إلى تأثيره السلبى على معدل الربحية المحقق.
وكشف عن انخفاض أتعاب وتكاليف الإدارة التى تحصل عليها شركات الـ«TPA» من شركات التأمين، والتى تراجعت من %15 فى عام 1998 لتصل إلى %10 حاليا، رغم زيادة معدل التضخم من ناحية، وارتفاع أسعار مقدمى الخدمة من ناحية أخرى، لافتا إلى أن شركات إدارة محافظ الطبى تلجأ أحيانا لسداد تكاليف مقدمى الخدمة لصالح شركات التأمين، لحين تحصيل الأخيرة أقساطها من العملاء، إضافة إلى تأخير سداد عمولات أو أتعاب الإدارة نفسها لنهاية العام، وهو تحدٍ رئيسى تواجهه أغلب شركات الـ«TPA» لا سيما مع ارتفاع مصروفاتها الإدارية وأجور العاملين فيها، مؤكدا أن تدخل شركات الإدارة لسداد التكاليف نيابة عن شركات التأمين يأتى فى إطار دورها للحفاظ على مستوى الخدمة المقدم للعميل رغم الضغوط.
وعول فتحى على الإصلاحات التشريعية التى تجرى حاليا، خاصة مشروع قانون الإشراف والرقابة على التأمين، والذى من ضمن أهدافه ضبط إيقاع سوق التأمين الطبى من خلال إخضاع شركات الرعاية الصحية بتنوعاتها سواء شركات الـ«HMO» أو شركات الـ «TPA» لرقابتها، بما يضمن سلامة العملية التأمينية والاكتتاب الفنى، متحفظا فى الوقت ذاته على رؤوس أموال شركات الإدارة او الـ«TPA»، والتى تصل وفقا لما هو معلن إلى 5 ملايين جنيه، واصفا هذا الرقم بالضئيل والذى لا يتلاءم مع حصيلة الأقساط التى تديرها تلك الشركات.
وشدد على ضرورة مراجعة برامج التأمين الطبى فى السوق المصرية، ووضع حدود دنيا لها، فليس من المقبول أن تصل أقساط التأمين المستحقة على العميل الفرد إلى 600 جنيه فقط فى العام كله، بما يؤثر تدريجيا على الخدمة المقدمة، مشيرا إلى ضرورة إعادة النظر فى جدول المنافع المقدمة ودراسة بعض القواعد لوقف الهدر فى التأمين الطبى، من خلال استغلال بعض الأفراد لتلك الخدمة والتحايل عليها أو الغش فيها نتيجة ضعف الوعى، لافتا إلى أنه يمكن محاصرة ذلك من خلال فرض نسب تحمل على العميل.
واعترف بعدم قدرة شركته على تطبيق القواعد التى اقترحها لضبط إيقاع السوق أو حتى اقتراحها على شركات التأمين، حتى لا تفقد الميزة التنافسية التى تتمتع بها، خاصة أنها تعمل فى سوق مفتوحة ومن الممكن استثمار الشركات المنافسة ذلك بخرق تلك القواعد لصالحها.
وأكد أن الحل فى دعوة أطراف الصناعة، سواء شركات التأمين أو الـ«HMO» أو الـ«TPA»، للجلوس على مائدة التفاوض، للاتفاق على قواعد عامة لحماية السوق، وعبور النفق المظلم، أو ميثاق شرف تلتزم به كل أطراف وأطياف تلك الصناعة الإستراتيجية، والتى تعد أمنا قوميا لارتباطها بحياة الإنسان نفسه، وذلك بالاتفاق على رفع مستوى الخدمة، والتخلى عن مسلسل المضاربات السعرية، لتحقيق هامش ربح لمواجهة التكاليف الضخمة.
وحول القيمة المضافة التى تحققها عناية مصر فى سوق التأمين الطبى، أكد فتحى أن شركته تسعى لتقديم أفضل خدمة ممكنة للعميل ومتابعته على مدار اليوم والتغلب على الصعوبات التى تواجهه، خاصة أنها تمتلك جهازًا إداريا وفنيا قادر على التعامل مع التحديات بكل أنواعها.
وأشار إلى أن حصيلة الأقساط التى تديرها عناية مصر لصالح شركات التأمين التى تتعامل معها بلغت 100 مليون جنيه بنهاية 2015 ومن المستهدف زيادتها بنسبة %20، لتصل إلى 120 مليون جنيه بنهاية العام الحالى، ويصل عدد العملاء إلى 100 ألف عميل، ومن المستهدف زيادتهم إلى 120 ألفًا خلال 2016.
فى السياق ذاته، كشف فتحى عن مفاوضات شركته مع عدد من شركات التأمين لإدارة محافظها الطبية بجانب قائمة الشركات التى تتعامل معها، والتى تصل إلى 10 شركات، أبرزها: «الدلتا» للتأمين بفرعيها حياة وممتلكات، إضافة إلى «مصر» لتأمينات الحياة، و»رويال» للتأمين، و»بيت التأمين المصرى السعودى»، إضافة إلى «وثاق» للتأمين التكافلى، و»إسكان» للتأمينات العامة.
وأوضح أن الجمعية العمومية لـ»عناية مصر» ستعقد اجتماعا مارس المقبل، ومن المقرر مناقشة ضخ مليونى جنيه فى القاعدة الرأسمالية، لتصل إلى 12 مليون جنيه، مقابل 10 ملايين حاليا، على أن يتم تمويل الزيادة من المساهمين، لافتا إلى خطة الشركة لزيادة رأسمالها ليصل إلى 15 مليون جنيه خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وأوضح أن الشركة تسعى للتوسع الجغرافى بإنشاء 4 فروع جديدة خلال الثلاث سنوات المقبلة، فى كل من طنطا، ووسط الدلتا، إضافة إلى إحدى مدن القناة، وفرع رابع فى منطقة الصعيد.