تتجه الشركات العالمية الي نمط جديد من الهيمنة الاقتصادية، فبعد أن كانت شركات الدول الغنية الكبري -متعددة الجنسيات- تثير رعب المستقبلين لها وجيرانهم، بالتناوب علي مدي العقود الخمسة الاخيرة من القرن الماضي، جاء دور شركات الدول النامية لتجدد تلك المخاوف، حيث تشهد هذه الشركات منذ بداية القرن الحالي نموا وتوسعا غير مسبوق.
فقد تحول اتجاه الارباح والتوسعات في الاسواق العالمية حيث اكدت شركة »فورد« بعد نحو10 اعوام من بيعها مصنعي »جاجوار« و»لاند روفر« بأن الطرازات البريطانية التقليدية من السيارات لم تعد قادرة علي توليد ارباح مثل نظيراتها في دولة مثل الهند.
وتعد شركتا »تاتا« و»لاكه« الهنديتان من ابرز النماذج المؤكدة لوجهة نظر شركة »فورد« حيث امتدت توسعاتهما لتشمل عددا كبيرا من مناطق العالم.
وقالت دراسة لمؤسسة »بوسطن كونسلتيج جروب« رصدتها مجلة »الايكونمست« الانجليزية ان هاتين الشركتين هما الابرز وسط عشرات الشركات الكبري القادمة من دول الجنوب النامي.
وقالت إن مسحا نشر في 2006 اشار الي ان 20 شركة من بين اكبر مائة شركة عالمية بلغت أصولها 520 مليار دولار في مجال السيارات ولدت في تلك الدول.
وقالت إحدي البحوث التي عرضها مؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية في 2004 إن 5 شركات من دول آسيوية نامية احتلت المراتب الاولي في قائمة اكبر 100 شركة متعددة الجنسيات في العالم كما جاءت 10 منها من بين اكبر 200 شركة.
وبلغت استثمارات الدول النلامية المباشرة في الاسواق العالمية نحو 174 مليار دولار عام 2006 لتمثل %14 من اجمالي الاستثمارات في هذا العام مقابل %5 فقط في عام 1990.
كما سيطرت علي %13 من اسواق الاسهم مقابل %8 في نفس فترة المقارنة.
وزاد نصيب هذه الدول من عمليات الاستحواذ ذي الاندماج الي %14 بواقع 123 مليار دولار من خلال الف صفقة اجريت في عام 2006.
ونبهت صفقة استحواذ شركة »ميتال« لصناعة الحديد والتي تتخذ من لندن مقرا لها ويملكها رجل الاعمال الهندي لاكشمي ميتال علي شركة »ارشلر« الفرنسية.. نبهت العالم الي القادمين الجدد خاصة بعد تفوقها علي كبريات الشركات العالمية من لوكسمبورج واسبانيا وغيرهما.
وبعد انتهاء رجل الاعمال الهندي عام 2006 من صفقة »ارشلر« اقتحم اسواقاً اخري مثل روسيا واندونيسيا والمكسيك حيث اشتري مصنعها للحديد الذي كان ملكا للحكومة، ثم اشتري شركة »ايلاند« الأمريكية، ويسعي حاليا للاستحواذ علي عدد من مصانع الحديد القديمة في شرق أوروبا، ويبلغ إنتاج »اشلر« السنوي حالياً 100 مليون طن.
ويري ميتال ضرورة السعي نحو الفرص الاستثمارية في جميع أنحاء العالم بغض النظر عن طبيعة الدولة ومدي نموها لأن هذا يضمن محفظة استثمارات متوازنة ضد المخاطر.
وسارت شركة »تاتا« علي نفس الدرب حيث استحوذت علي »توراس« الألمانية الإنجليزية بعد تغلبها علي شركة »سي إس إن« البرازيلية.
وتعتزم شركة »شيري« الصينية للسيارات إقامة عدد من المصانع في أوروبا الشرقية والشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية.. واشترت شركة »سيمكس« المكسيكية »آر إم سي« البريطانية، وبالتعاون مع بعض الشركاء البرازيليين احتلت المركز الثالث في قائمة أكبر الشركات المنتجة للأسمنت في العالم.
وأيضاً شركتي »ساديا« و»بيرديجو« البرازيلتين للأطعمة واللتين تصل مبيعاتهما إلي 6 مليارات دولار معظمها صادرات.
ورصدت الدراسة عدة أسباب لتفوق تلك الشركات منها بعض المزايا المحلية كانخفاض التكلفة، والصعاب التي تدفعهم إلي تحويلها إلي ميزات من خلال خلق إدارات متطورة ومرنة بخلاف اتجاه معظم بلاد تلك الشركات إلي التحرر الاقتصادي حيث بدأ في الهند في أوائل التسعينيات من القرن الماضي.
ووفقاً للدراسة فإن الخوف من منافسة الشركات الأجنبية الكبيرة في السوق المحلية حثت الشركات علي شحن مهاراتها للحفاظ علي السوق المحلية وأيضاً الاستحواذ علي حصة من الأسواق العالمية
وتضيف الدراسة أنه ربما جاء الدور علي الدول الغنية لتخاف من شركات الدول النامية بعد عقود من اقتصاد هذا الخوف علي شركات الدول الغنية ففي مطلع الستينيات من القرن الماضي أبدت فرنسا قلقاً من توسع الشركات الأمريكية مثل »إي بي إم« و»فورد« و»جنرال موتورز« و»اي تي تي« في الدول الأوروبية في حين أن المخاوف اجتاحت أمريكا في مطلع الثمانينيات عندما توسعت عدة شركات يابانية في ولايات أمريكية منها مانهاتن وهوليود.