شبح الأزمة اليونانية يطارد صناديق الاستثمار الأمريكية

شبح الأزمة اليونانية يطارد صناديق الاستثمار الأمريكية
جريدة المال

المال - خاص

1:24 م, الخميس, 31 مايو 12

إعداد ـ أيمن عزام
 
أبدي مسئولون رقابيون ومشرعون أمريكيون تخوفهم من خطر التعرض للبنوك الأوروبية من قبل صناديق الاستثمار في الأصول السائلة، خصوصاً في الوقت الراهن الذي يشهد تفاقم أزمة المديونية في اليونان، وهرولة الأخيرة بحثاً عن مصادر لإعادة تمويل ديونها المتراكمة، تفادياً لاحتمالات تعثرها في سدادها.

 
قالت صحيفة وول ستريت: رغم أن أكبر صناديق الاستثمار الأمريكية في الأصول السائلة يحتفظ بأقل قدر من الاستثمارات المباشرة في الديون التي تصدرها الحكومة اليونانية، لكنها تحتفظ بديون بقيمة تريليون دولار أصدرتها بنوك أوروبية كبري، مثل بنوك بي إن بي باريبا وباركليز وديوتش بنك.

 
وتحتفظ هذه البنوك بأحجام هائلة من السندات الحكومية التي تصدرها حكومات أوروبية، بما فيها الحكومة اليونانية، بالقدر الذي يعرضها لتكبد خسائر فادحة في حالة تدهور الأزمة التي تعصف حالياً بالديون السيادية الأوروبية.

 
وتثور مخاوف تفاقم أزمة تعثر اليونان في سداد ديونها وامتدادها إلي دول أخري مثل البرتغال أو إسبانيا، وهو ما سيؤدي إلي إضعاف البنوك وإلحاق أضرار كبيرة بصناديق الاستثمار في الأصول السائلة التي تحتفظ بديون هذه البنوك.

 
ويتخوف بعض المسئولين في هيئة الأوراق المالية والصرف، من احتمالات تدهور الموقف، بينما يواصل مجلس الاحتياط الفيدرالي مراقبته لتطورات الأحداث عن كثب.

 
ومن المقرر أن تعقد لجنة الخدمات المالية التابعة لمجلس النواب جلسة استماع مع كبار رجال الصناعة، بغرض مناقشة سبل المحافظة علي الاستقرار المالي لصناديق الاستثمار.

 
وتلعب صناديق الاستثمار في الأصول السائلة أدواراً مهمة في النظام المالي العالمي، حيث يتعامل معها المستثمرون بوصفها بديلاً يتيح تقديم عائد أعلي، مقارنة بالعائد المتوقع من الودائع المصرفية، كما أنها تعتبر ذات مخاطر أقل، مقارنة بالصناديق التقليدية التي تستثمر في الأسهم أو السندات.

 
وأقبل علي الاستثمار في البنوك الأوروبية نحو نصف أصول صناديق الاستثمار في الأصول السائلة، بداية من أواخر شهر مايو، وفقاً لتقديرات مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني، التي أشارت إلي أن 3 من بين أكبر 10 صناديق استثمار في هذه الأصول، قد ضخت استثمارات في بنوك فرنسية وألمانية وبريطانية.

 
واستبعد مديرو الصناديق وقوع أزمة مالية كبيرة أخري، وحذرت مؤسسة موديز لخدمات المستثمرين الأسبوع الماضي من تزايد احتمالية اقدامها علي تقليص التصنيف الائتماني للدين طويل الأجل، الذي تصدره بنوك فرنسية، مثل: بي إن بي باريبا وكريدي أجريكول وسوسيتيه جنرال، لكونها الأكثر تعرضاً لليونان والحكومات الأوروبية الأخري.

 
لكن الصناديق تحتفظ من ناحية أخري بأذون قصيرة الأجل لا تندرج ضمن التحذير الأخير بتقليص التصنيف الائتماني.

 
وفضلت بعض الصناديق الانسحاب من بلدان أوروبية ضعيفة، مثل اليونان والبرتغال منذ شهور طويلة ماضية، من ضمنها صناديق ذات تعرض ضعيف لتلك البلدان، وتتم إدارتها بواسطة مؤسسات كبري مثل جي بي مورجان تشيس وستيت.

 
وقال بول ستيفنس، المدير التنفيذي لمعهد انفستمنت كمبني البحثي، إن صناديق الاستثمار في الأصول السائلة، أصبحت في وضع أفضل حالياً، بالقدر الذي يتيح تجاوزها نوعية المشاكل التي وقعت في خريف عام 2008، وتدلل البيانات الحالية علي وجود اتجاه قوي نحو الابتعاد عن بلدان مثل البرتغال وإيرلندا وإسبانيا وغيرها من البلدان الضعيفة مالياً.

 
وتتولي مؤسسة جي بي مورجان إدارة واحدة من أكبر صناديق الاستثمار في الولايات المتحدة بأصول تقدر قيمتها بنحو 130 مليار دولار، وفقاً لما ذكرته مؤسسة مورننجستار البحثية.

 
وتتولي مؤسستا »فانجارد جروب« و»فيدلتي انفستمنت« إدارة صناديق ذات أصول بقيمة 110.6 و77.6 مليار دولار علي التوالي، وتحتفظ صناديق الاستثمار بإجمالي أصول تقدر قيمتها بنحو 2.7 تريليون دولار، تشكل منها الصناديق المختصة بالاستثمار في الأصول السائلة نسبة تقدر بنحو %60.

 
وتتجه صناديق الاستثمار بدافع من الرغبة في تحقيق عوائد أعلي، حتي تنأي بنفسها أحياناً بعيداً عن الاستثمارات التي توفر قدراً فائقاً من الأمان، مثل أدوات الدين التي تصدرها وزارة الخزانة الأمريكية.

 
ولحقت خسائر ضخمة بصندوق الاحتياط الأولي عندما انهار بنك ليمان براذرز في 2008، وهو ما دفع المستثمرين للخروج من الصندوق، الذي تراجعت قيمة أصوله الأقل من دولار للسهم الواحد، وتوقفت لعدة أيام سوق سندات الأذون التي تعد مصدراًً أساسياً لتمويل الشركات العالمية.

 
وقام مجلس الاحتياط الفيدرالي بإقامة برامج اقراض مخصصة لدعم صناديق الاستثمار في الأصول السائلة.. كما أنه تولي توفير الدولارات للبنوك المركزية الأجنبية التي كانت تقوم بدورها باقراض البنوك التابعة لها.

 
وقامت هيئة الاوراق المالية والصرف منذ ذلك الحين بمطالبة الصناديق باصدار بيانات شهرية حول الاسعار التي تعكس القيمة السوقية الفعلية للاوراق المالية التي تقع في حوزتها، بديلاً عن السعر الاسمي للسهم المقدر بنحو دولار الذي يتم بموجبه اتمام صفقات شراء وبيع الأسهم.

 
كما أقرت الهيئة مجموعة القواعد التي تشترط علي الصناديق الاحتفاظ بقدر أكبر من الاصول ذات السيولة الاكبر والجودة الأعلي.

 
ويحلو لبعض المراقبين توجيه انتقادات للهيئة تتعلق بضعف الاجراءات التي تم اتخاذها وعدم كفايتها لحماية المستثمرين، استناداً الي ان الوضع الأوروبي الراهن يرجح تكبدهم خسائر اضافية.

 
وقد ساهمت أسعار الفائدة المتدنية في تشجيع مدراء الصناديق علي التحرك بحثا عن العوائد الأعلي ذات المخاطر الأكبر، مثل تلك التي تصدرها البنوك الأوروبية والتي يتعذر عثورهم عليها في أي مكان آخر.

 
ويزيد التعرض للبنوك الأوروبية المحتفظة بفروع في الولايات المتحدة من قبل صناديق الاستثمار في الاصول السائلة، فهذه البنوك تؤدي اعمالها في الولايات المتحدة.. لكنها لا تحتفظ بإيداعات هناك مما يدفعها للاعتماد علي هذه الصناديق في الحصول علي الدولار.

 
وارتفعت خلال الأزمة المالية تكلفة اقراض البنوك الأوروبية من اسواق الاصول السائلة قصيرة الأجل، بسبب تزايد صعوبة حصول الأخيرة علي الدولارات، وهو ما دفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر 2008، إلي ضخ نحو 600 مليار دولار، عبر برامج مخصصة لتمكين البنوك الأوروبية من مواصلة تقديم القروض.

 
وسعي المسئولون في مجلس الاحتياط الفيدرالي للتعويل علي برامج الاقراض للمساعدة في التخفيف من حدة الأزمة واستخدامها في حال ظهور ضغوط جديدة من سوق الاصول الساذلة.

 
ورغم ان هذه البرامج سينتهي العمل بها في 1 أغسطس المقبل، لكن المسئولين في مجلس الاحتياط الفيدرالي يستطعيون تمديد هذا الموعد خصوصا بعد تمديده مرات عديدة سابقة.

 
وقد تؤدي التقلبات التي تشهدها أوروبا حاليا لدفع الهيئة للسعي بجدية لكبح جماح صناديق الاستثمار في الاصول السائلة. وقد تم التقدم بمقترحات تشمل فرض متطلبات رأسمالية اضافية عليها، واستبدال السعر الاسمي المقدر بنحو دولار للسهم بأسعار شهرية تعكس القيمة السوقية الفعلية للأوراق المالية.

 
وقال ميرسر بولارد، الأستاذ بكلية »ميسيسبي للقانون«، إن صناديق الاستثمار في الأصول السائلة تعتمد علي ثقة المستثمرين فيها، مما يجعل منتجاتها مختلفة عن تلك السائدة في السوق العادية، مما يعني أنها تحتاج دوما إلي الحصول علي تأكيدات بأن النظام لا يزال يعمل بكفاءة.

 

جريدة المال

المال - خاص

1:24 م, الخميس, 31 مايو 12