شاعر الغزل عمر بن أبي ربيعة (1)

ذكر الأستاذ العقاد فى بداية الكتاب عن الشاعر ونشأته أنه اتفق أن صدر هذا الكتاب فى فترة واحدة مع كتابه عن عمر بن الخطاب

شاعر الغزل عمر بن أبي ربيعة (1)
رجائى عطية

رجائى عطية

7:21 ص, الخميس, 28 مارس 19

بقلم رجائي عطية

صدر هذا الكتاب سنة 1943، ونشرته دار المعارف بالعدد الثانى من سلسلة «اقرأ» فى فبراير 1943، وأعادت إصداره فى يوليو 1955، ثم فى سبتمبر 1964، وأصدرت له عدة طبعات فيما بعد، وأعيد نشره ضمن «مجموعة أعلام الشعر»، وبالمجلد/3 للمجموعة الكاملة لمؤلفات العقاد بيروت، وبالمجلد/2 فى «موسوعة العقاد الإسلامية».

ويذكر الأستاذ العقاد فى بداية الكتاب عن الشاعر ونشأته، أنه اتفق أن صدر هذا الكتاب فى فترة واحدة مع كتابه عن عمر بن الخطاب، وأن ذلك لم يكن عن قصد مرسوم ولا محض مصادفة، ولكنه كان مزيجًا من القصد والمصادفة، إذ كان قد دعى من أكثر من سنة إلى الكتابة عن عمر بن أبى ربيعة بين مشاهير الأدب العربى والتاريخ الإسلامى، حيث كانت النية قد اتجهت حينًا إلى ضم سيرهم فى مجلد واحد، فكان أن بدأ دراسة الشاعر وتحضير سيرته ونقده حتى لم يبق سوى الكتابة، ولكنه أرجأها إلى موعدها المقدور حين وقف العمل فى مجلد المشاهير.

وأنه بعد أن كتب «عبقرية عمر»، بعد «عبقرية محمد»، طلبت إليه دار المعارف أن يكتب رسالة فى الأدب على نحو الرسالة التى كان قد أزمع كتابتها عن عمر بن أبى ربيعة، فكان أن تزامن هذا الكتاب مع عبقرية عمر التى كان قد انتهى فى التو من كتابتها.

ولا أملك شخصيًا إلاَّ أن أتساءل الآن، أين توارت هذه الإيجابية التى كانت دور النشر الكبرى تبادر بها إلى طلب المؤلفات من كبار الكتاب ؟! بل وصارت الآن تتباطأ فى إصدار الكتب، ومطالبة المؤلفين بالاشتراك فى تكاليف الطبع. وقد انعكس هذا على الكتابة وعلى القراءة، وكان له ولا يزال آثار سلبية على الثقافة والمعرفة !

● ● ●

قيل إن عمر بن أبى ربيعة ولد يوم مات عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فكان الناس يقولون بعد ذلك: أى حق رُفع، وأى باطل وُضع !

ولا خلاف على أن وفاة الفاروق رفعت حقًّا عظيمًا من الدنيا يوم وفاته.

بيد أنه ليس صحيحًا ما قيل فى المقابل إن باطلاً وُضع فى الدنيا يوم ولد عمر بن أبى ربيعة.

فالذى لا جدال فيه، أن هذا الشاعر يستحق الدراسة الأدبية، لأنه كان بلا ريب ظاهرة أدبية، وظاهرة نفسية قليلة النظير فى الآداب العربية.

بل هو فى الطليعة الملحوظة بين جميع الشعراء المعروفين بهبة الفن وصدق التعبير.

وتاريخ الشاعر، فيما يقول الأستاذ العقاد، وجيز فى حساب الحوادث والسنين.

إذ من المتفق عليه أنه ولد سنة 23 هـ، ولكن مُختلف فى سنة وفاته وسبب وفاته. فقيل إنه مات حتف أنفه، وقيل إنه مات مقتولاً أو مدعواًّ عليه. وقيل إنه مات سنة 93هـ، وقيل غير ذلك.

على أن هذا الاختلاف لا يغير أو يبدل فى حقيقته الشعرية أو فى حقيقته الفنية، وهو ما يعنى الكاتب ويعنى القراء.

● ● ●

كان إبن أبى ربيعة من سادة بنى مخزوم أحد أقوى البطون القرشية، ومن أكبر بيوتات قريش، وكان جده «أبو ربيعة» يُسمى «ذا الرمحين»، وقيل إن ذلك كان لطوله، وكأنه يمشى على رمحين، وقيل إنه كان بسبب أنه قاتل يوم عكاظ برمحين.

وكان أبوه يُدعى « بحيرا » فسماه النبى عليه السلام عبد الله، واشتهر بين قريش بلقب العدل، لأنه كان يعادل قريشًا التى كانت كلها تكسو الكعبة سنة، ويكسوها بمفرده سنة.

وكان بحيرا، أو عبد الله، تاجرًا موسرًا يمارس تجارته بين الحجاز واليمن، وكانت أمه من قبله عَطَّارة يأتيها العطر من اليمن، واسمها « مخرمة» أو «مخربة » فى رواية أخرى، وقد تزوجها هشام بن المغيرة، فولدت له أبا جهل «عمرو بن هشام»، والحارث بن هشام.

واستعمل النبى عليه السلام عبد الله على ولاية الجند وسوادها فى اليمن، وبقى عاملاً عليها إلى مقتل عمر رضى الله عنه، وقيل بل امتدت ولايته إلى عهد عثمان. وكان له عبيد كثيرون من الحبشة يمارسون جميع المهن.

أما أم الشاعر، فكانت سبية من حضرموت أومن حمير، يقال لها « مجد » ومن هناك أتاه الغزل كما قيل عنه فى زمانه.

ولم تكن أمه هى الصلة الوحيدة بينه وبين الحضارة اليمنية، بل كانت أيضًا وكما رأينا من علاقة أبيه وجدته بتجارة اليمن والعطر منها على الخصوص، وهى التجارة التى بينها وبين معيشة الغزل والغزليين نسب قريب على ما سوف نرى.

[email protected]

www. ragai2009.com

رجائى عطية

رجائى عطية

7:21 ص, الخميس, 28 مارس 19