لم ينجح سهم بنك قناة السويس في العودة للتحرك فوق قيمته الاسمية مع استمراره في التحرك تحتها منذ مطلع عام 2009، وساهم في الضغط الواقع علي السهم استمرار البنك في توجيه كامل الارباح الي بند المخصصات، مع تحوله لتكبد خسائر من المصدر الرئيسي للدخل المتمثل في الائتمان.
ومن المنتظر ان يتلقي عائد البنك من الائتمان نقلة نوعية في المرحلة المقبلة بعد قيامه البنك في نهاية اكتوبر الماضي بالخروج من تحت مظلة البنوك المتوسطة الي الكبري، جاء ذلك بعد مضاعفته راس المال المدفوع ليبلغ 2 مليار جنيه، عن طريق طرح 100 مليون سهم بالقيمة الاسمية البالغة عشرة جنيهات. ويهدف البنك من وراء ذلك الي توسعة القاعدة الراسمالية، وتحقيق اقصي استفادة ممكنة من الانتعاش المرتقب للانشطة الائتمانية في ظل الخفض المتتالي لاسعار الفائدة منذ منتصف فبراير الماضي في ستة قرارات متتالية قبل ان يقوم البنك المركزي بتخفيضها في الربع الاخير.
وجاء نجاح البنك في مضاعفة راس المال بمساعدة من الرالي العنيف الذي شهده سهمه منذ مطلع مارس 2009 بصعوده من ادني مستوياته منذ طرحه في البورصة بتحركه قرب 5 جنيهات في فبراير الماضي، ليشهد بعد ذلك صعودا متواصلا قاربت نسبته %100، ليتحرك قرب قيمته الاسمية البالغة 10 جنيهات. وتبع زيادة راس المال، اعلان البنك عن نتائج اعماله للأشهر التسعة الاولي من العام المالي الاخير، والتي اظهرت استمراره في تكبد خسائر من الائتمان، مع توجيه كامل الايرادات من الانشطة البنكية الاخري لخانة المخصصات، ليبلغ ما تم بناؤه منها في الأشهر التسعة الاولي 167 مليون جنيه مقابل 567 مليون جنيه في فترة المقارنة.
وكانت المخصصات غير المسبوقة في فترة المقارنة قد جاءت، نتيجة تحقيق البنك ارباحاً راسمالية استثنائية ضخمة تم توجيهها للمخصصات، للوصول بمعدلات التغطية الي %100. وجاء استمرار البنك في بناء مخصصات ضخمة في االأشهر التسعة الاولي ليعزز من فرص استمراره في هذه السياسة في الربع الاخير من العام المالي الاخير التي سيعلن عنها في الاسابيع المقبلة. وبالتالي فيستمر البنك في سياسة عدم توزيع ارباح نقدية علي المساهمين التي انتهجها في السنوات الاربع الاخيرة. من جهة اخري يظهر نجاح البنك في مضاعفة راس المال علي الرغم من هذا التوجه ثقة المكتتبين في أداء البنك علي المديين المتوسط والطويل، وهو ما دفعهم للتغاضي عن ذلك لقناعتهم بجدواه.
وكان توجه البنك في هذا النطاق بعدم توزيع ارباح نقدية قد تواصل في السنوات الاخيرة، مما ادي لالتهام المخصصات للارباح بالكامل. وتبع ذلك توصله لسلسلة من التسويات النقدية والعينية مع شريحة عريضة من المقترضين المتعثرين مكنتهم من العودة لخدمة القروض، وادي ذلك لتحسن واضح في مستوي جودة الاصول، وساهم ذلك بدوره في الصعود بمستوي تغطية المخصصات للقروض المتعثرة.
ويتزامن تصاعد مستوي تغطية المخصصات للقروض المتعثرة مع زيادة راس المال، وسيوفر ذلك للبنك سيولة اضافية ستمكنه من استهداف قطاعات جديدة لم تكن تحتويها محفظته من القروض، بالاضافة الي التوجه للمشروعات الصغيرة والمتوسطة المرتفعة الربحية التي لا يزال المجال رحباً في تقديم خدماتها، وسيقوم البنك في هذا النطاق بتوسعة شبكة فروعه للتوجه للعميل، وسيمكنه ذلك من زيادة حصته من سوق التجزئة المصرفية.
كان سهم بنك قناة السويس قد استفاد من الموجة الصعودية التي تشهدها البورصة بارتفاعها في الاثني عشر شهرا الاخيرة بنسبة %100، مع وصول مؤشر البورصة الرئيسي لاعلي مستوياته منذ اندلاع الازمة المالية العالمية في اكتوبر 2008، وبدوره ارتفع السهم خلال الفترة بنسبة %100 من 5 جنيهات التي سجلها في فبراير 2009.
وكان السهم قد سبق البورصة في صعودها حيث وصل في يوليو 2009 الي مستوي 10.7 جنيه، وتراجع بعد ذلك السهم ليتحرك قرب 7 جنيهات، قبل ان يرتد لاعلي في الجلسات الاخيرة ويتحرك قرب 9 جنيهات.
وستكون قدرة السهم علي العودة للتحرك فوق قيمته الاسمية البالغة 10 جنيهات، مرتبطة بنجاحه في العودة لتحقيق صافي ربح من الائتمان، والبدء في الحد من تعزيز المخصصات الموجهة للقروض المتعثرة، وبالتالي توزيع كوبونات نقدية. وكانت طموحات المستثمرين تتجه لان يحد البنك من بناء المخصصات بعد ان وصلت بالفعل معدلات التغطية لقرب %100، وخالف البنك هذه الطموحات، نتيجة عدم التوصل لنهاية سعيدة لعدد من التسويات الجاري دراستها، وعزز ذلك من فرص استمرار البنك في عدم القيام بتوزيع كوبونات ارباح علي غرار السنوات الاربع الاخيرة. وكان ذلك قد شكل ضغطاً علي السهم، حيث اتجهت شريحة من حملته إلي بيعه ليتحرك تحت قيمته الاسمية.
وكان هناك نجاح في زيادة راس المال، جاء بعد زيادة جاذبيته علي المديين المتوسط والطويل انعكاسا لتوصله لمراحل متقدمة في التسويات المرتقبة مع عدد من العملاء المتعثرين، ستمكنهم من العودة الي السداد بشروط مدروسة، وسينعكس ذلك ايجابا علي جودة محفظة البنك من القروض، ويحد بدوره من معدلات بناء المخصصات، ومن شأن ذلك ان يحد من التهام المخصصات لايرادات النشاط، لتصل شريحة عريضة منها الي خانة الارباح.
وكان سهم بنك قناة السويس قد سجل اعلي مستوياته علي الاطلاق في مطلع عام 2008 بوصوله الي 38 جنيهاً، وتبع ذلك هبوطه تدريجيا لعدة عوامل تزامن وقوعها، وتسارعت وتيرة هبوط السهم بعد اندلاع الازمة المالية العالمية في اكتوبر 2008 . جاء ذلك اثر قيام البنك ببناء مخصصات كبيرة في الربع الثالث من عام 2008 لمواجهة اي تعثر محتمل في سداد القروض من طرف العملاء، وتبع ذلك استمراره في تعزيز المخصصات في الربع الاخير من عام 2008، ليبلغ اجمالي المخصصات الموجهة للقروض المتعثرة في عام 2008 ما قيمته 570 مليون جنيه، لتلتهم ارباح البنك بالكامل. وادي ذلك الي عدم قيام البنك بتوزيع كوبون نقدي عن ارباح عام 2008 للعام الرابع علي التوالي.
وتبع ذلك اعلان البنك في نهاية ابريل انه قارب بالفعل علي الوصول بمعدل تغطية القروض المتعثرة الي اجمالي القروض الي المستويات المطلوبة، وسيسمح ذلك بوصول ايرادات النشاط الي خانة الارباح في عام 2009 ، ويعزز من فرص قيام البنك بتوزيعات أرباح سخية، وكان ذلك من العوامل التي اعطت البنك دفعة في رحلة صعوده من خمسة جنيهات ليقترب من قيمته الاسمية.
وكان البنك قد اعطي اولوية مطلقة في السنوات الاربع الاخيرة للصعود بمستوي جودة اصوله، وتجنب الازمة الائتمانية التي تعرض لها في مطلع العقد الحالي، نتيجة اندفاعه في منح الائتمان خلال النصف الثاني من التسعينيات، في استجابة لمتطلبات السوق آنذاك، حيث شهد اتجاهاً عاماً لتمويل المشروعات من خلال الاقتراض، ويظهر ذلك ضخامة الرافعة التمويلية للشركات التي دخلت السوق خلال تلك الآونة.
وجاء اندفاع بنك قناة السويس في منح الائتمان وقتذاك مصحوبا بعدم تدقيقه في الحصول علي الضمانات الكافية، وساهم ذلك في وصول معدل تشغيل القروض للودائع الي مستوي مقلق. وانعكس ذلك بالسلب علي الاستثمارات والخدمات المصرفية الاخري التي لم يعطها البنك اهتماما كافيا، ويظهر ذلك محدودية العائد منها آنذاك. وبحلول عام 2000 شهدت السوق مستجدات متلاحقة أدت لتباطؤ الاقتصاد القومي، واثر ذلك بالسلب علي مختلف قطاعات الاقتصاد، ويعد هذا السيناريو غير مرشح للحدوث حاليا بعد تراجع المخاوف من تداعيات الازمة المالية العالمية.
وسيكون نجاح البنك في التوسع الائتماني دون الاخلال بالحصول علي الضمانات الكافية اكبر التحديات التي ستواجهه، كون التباطؤ الاقتصادي سيضغط بقوة علي قطاعي السياحة والاستثمار العقاري اللذين يشكلان حيزاً كبيراً من محفظة قروضه، وستكون جودة قروض البنك في هذا النطاق والضمانات التي حصل ويحصل عليها المحدد لقدرته في الحد من بناء المخصصات لمواجهة اي تعثر من قبل العملاء في هذا النطاق. وستمكن مضاعفة راس المال البنك من تنويع محفظته من القروض والتوجه للقطاعات الدفاعية، وفي مقدمتها البترول والاتصالات بالاضافة الي الاسمدة والاسمنت والاغذية والمشروبات، وسيمكنه ذلك من الاستمرار في الصعود بجودة محفظته من القروض.
كان اندفاع بنك قناة السويس في منح الائتمان لقطاعي السياحة والعقارات مطلع العقد الحالي قد تبعه ركود اقتصادي، مما اثر علي قدرة العملاء علي الوفاء بالتزاماتهم حياله، ليحقق خسائر متلاحقة من الائتمان بلغت ذروتها في عام 2005. وكان ذلك قد دفع البنك المركزي للتدخل مع اصدار توجيهاته لبنك قناة السويس ببناء مخصصات في هذا العام بقيمة 674 مليون جنيه لتحسين معدل تغطية القروض المتعثرة ، وادي ذلك الي تكبد البنك خسائر خلال العام بلغت 524 مليون جنيه. وصاحبت ذلك اطاحة المساهمين الرئيسيين بالادارة القديمة، وجلب ادارة جديدة في مطلع عام 2006. وتبنت تلك الادارة سياسة ائتمانية متحفظة، تهدف في المقام الاول للصعود بمستوي جودة الاصول، ودفعها ذلك للقيام بتوجيه صافي ارباح البنك بالكامل في عام 2006 للمخصصات، ليبلغ ما تم بناؤه منها 168 مليون جنيه.
واتبع البنك نفس السياسة في عام 2007، حيث تم توجيه الارباح بالكامل للمخصصات ليبلغ ما تم بناؤه منها 275 مليون جنيه. ويهدف البنك من التعزيز المكثف للمخصصات في الفترة الاخيرة للوصول بمعدل تغطيتها للقروض المتعثرة الي مستوي %100 أسوة بالبنوك النخبة، وتراوح هذا المعدل في نهاية عام 2007 حول مستوي %70، مع قيام البنك باعدام جزء من القروض المتعثرة وغير المنتظمة لتتراجع نسبتها لاجمالي القروض الي حوالي %40. وبتعزيز المخصصات القياسي في عام 2008 بوصول ما تم بناؤه منها الي 570 مليون جنيه، يكون البنك قد اقترب بالفعل من الوصول بمعدلات التغطية الي %100.
وقام البنك من جديد في الأشهر التسعة الاولي من عام 2009 ببناء مخصصات بقيمة 167 مليون جنيه مقابل 567 مليون جنيه في فترة المقارنة. لتكون بذلك المخصصات قد التهمت بالفعل كامل صافي بعد خصم المصروفات الادارية والعمومية. وكان صافي ربح النشاط قد تراجع في الأشهر التسعة الاولي بنسبة %52 مسجلا 351 مليون جنيه مقابل 735 مليون جنيه في فترة المقارنة.
ومما ضغط علي صافي العائد من النشاط في الأشهر التسعة الاولي من العام المالي الاخير، تكبد البنك خسائر من المصدر الرئيسي للدخل المتمثل في الائتمان. جاء ذلك نتيجة هبوط العائد من القروض والارصدة لدي البنوك بنسبة %46، مسجلا 364 مليون جنيه مقابل 685 مليون جنيه في فترة المقارنة.
من جهة تراجعت تكلفة الودائع والاقتراض بمعدل اقل بلغ %16 مسجلة 467 مليون جنيه مقابل 555 مليون جنيه في فترة المقارنة. وادي ذلك لتكبد البنك خسائر من الائتمان بلغت 103 ملايين جنيه بعد ان كان قد حقق ارباحاً من هذا البند في فترة المقارنة بلغت 131 مليون جنيه.
وترتكز استراتيجية البنك الائتمانية الاخيرة علي تنويع محفظة قروضه لتشمل القطاعات الحيوية المتمثلة في الاتصالات، والاسمدة، والغاز الطبيعي، بالاضافة الي السياحة والاستثمار العقاري واستهداف القطاع الاستهلاكي.
واستقر معدل تشغيل القروض للودائع لبنك قناة السويس في الأشهر التسعة الاولي ليبلغ في نهاية سبتمبر الماضي %49، مقابل %48.9 في ديسمبر 2008. جاء ذلك بعد ثبات رصيد محفظة البنك من القروض، مسجلة 5.764 مليار جنيه، في حين شهدت الودائع تراجعاً طفيفاً، مسجلة 11.5 مليار جنيه مقابل 11.7 مليار جنيه في ديسمبر 2008.
جاء ذلك نتيجة استمرار البنك في تعزيز رصيده من أذون الخزانة ليبلغ في نهاية سبتمبر الماضي 2.27 مليار جنيه مقابل 2.2 مليار جنيه في ديسمبر 2008.
وشهد عائد البنك من الفوائد المقبلة من اذون الخزانة صعوداً قوياً، مسجلا 291 مليون جنيه مقابل 72 مليون جنيه في فترة المقارنة. وبخصم الخسائر من الائتمان يكون صافي العائد من الفوائد قد تراجع بنسبة %6، مسجلا 189 مليون جنيه مقابل 202 مليون جنيه في فترة المقارنة.
وبالنسبة للعائد من خارج الفوائد، فقد تراجع بدرجة قياسية، مسجلا 161 مليون جنيه مقابل 532 مليون جنيه في فترة المقارنة. وكانت الارباح الاستثنائية من هذا البند في فترة المقارنة قد جاءت نتيجة قيام البنك ببيع حصته في شركة قناة السويس لتوطين التكنولوجيا مع تحقيقه ارباحاً راسمالية من هذا البند بلغت 457 مليون جنيه، كما قام البنك ببيع حصته في شركة شارم جروب للفنادق (وامسترز) للقري السياحية محققا منهما أرباحاً راسمالية بقيمة 103 ملايين جنيه. وبخصم الخسائر من بيع عدد من الاستثمارات المالية، يكون البنك قد حقق صافي عائد من بيع الاستثمارات المالية بلغ 416 مليون جنيه، مقابل 5 ملايين جنيه في الأشهر التسعة الاولي من عام 2009.
واستقر العائد من المصدر الرئيسي للدخل المتمثل في العمولات والخدمات المصرفية علي الرغم من تصاعد المنافسة في مجال التجزئة المصرفية مع تنامي اهتمام البنوك العامة بها، وبلغت ايرادات البنك من هذا البند 45 مليون جنيه مقابل 47 مليون جنيه في فترة المقارنة.
من جهة اخري ارتفع العائد من توزيعات الارباح، مسجلا 36.8 مليون جنيه مقابل 21.8 مليون جنيه في فترة المقارنة. وشهد صافي الربح من المتاجرة نقلة نوعية، مسجلا 41 مليون جنيه مقابل 929 الف جنيه. جاء ذلك نتيجة تحول البنك لتحقيق ارباح من اعادة تقييم مكونات محفظته من الأسهم المقتناة بغرض المتاجرة بلغت 22 مليون جنيه، بعد ان كان قد تكبد خسائر من هذا النبد في فترة المقارنة بلغت 11 مليون جنيه، نتيج الهبوط القوي للبورصة، واستفاد السهم في الأشهر التسعة الاولي من العام الحالي من صعود البورصة بنسبة %48، ومكنه ذلك من تحقيق ارباح دفترية من المتاجرة. ومما شكل ضغطاً اضافياً علي الارباح في التسعة اشهر الاولي ارتفاع المصروفات العمومية والادراية بنسبة %11، مسجلة 176 مليون جنيه، مقابل 158 مليون جنيه في فترة المقارنة.
وتم توجيه كامل ايرادات النشاط بعد خصم المصروفات الادراية والعمومية الي بند المخصصات، ليبلغ ما تم بناؤه منها 167 مليون جنيه.