يتداول سهم باكين خلال الاسبوعين الماضي والحالي عند اعلي مستوياته منذ فبراير 2009 بدفع من اعلان الشركة عن نتائج اعمالها المجمعة للعام المالي المنتهي في يونيو 2010 والتي اظهرت تحقيق نقلة نوعية في الارباح حيث ارتفعت بنسبة %69 مسجلة 154 مليون جنيه مقابل 91 مليون جنيه في العام الاسبق، ليصل نصيب السهم من الارباح الي 7.7 جنيه.
وأقرت الجمعية العمومية للشركة الخميس الماضي توزيع كوبون بقيمة %4.5 تمثل عائداً بنسبة %8 علي اقفال السهم – الأحد البالغ 57 جنيه. وكانت المستجدات الايجابية التي تشهدها الشركة وانتقال خطوط انتاجها لمجمع مصانعها في العبور قد اعطتها مزايا اقتصادية مكنتها من النزول بتكلفة الانتاج لمستويات لم تكن متاحة في الماضي، واعطي ذلك دفعة قوية لهامش ربح المبيعات ليصل الي %25مقابل %17 في عام المقارنة. واستجاب السهم لتلك المستجدات الايجابية ليتفوق علي البورصة منذ بداية العام الحالي حيث ارتفع في التسعة اشهر الاخيرة بنسبة %39 من 40 جنيها في اقفال ديسمبر الي 56 جنيها الاسبوع الحالي، في الوقت الذي انحصر فيه صعود مؤشر البورصة الرئيسي علي %8. وارتفع السهم في الثمانية عشر شهرا الاخيرة بنسبة %211 من 18 جنيها الي مستواه الحالي في حين ارتفعت البورصة بنسبة %97.
يأتي ذلك انعكاسا لنمو مؤشرات اداء الشركة حيث جاء ارتفاع هامش ربح المبيعات مصحوبا بنموها بنسبة %10 مسجلة 703 ملايين جنيه مقابل 639 مليون جنيه في فترة المقارنة. واعطي ذلك دفعة مزدوجة لمجمل الربح ليرتفع بنسبة %61 مسجلا 176 مليون جنيه مقابل 109 ملايين جنيه في عام المقارنة. جاء ذلك بعد هبوط تكلفة المبيعات مسجلة 527 مليون جنيه وبنسبة %75 من المبيعات مقابل 529 مليون جنيه بنسبة %83 من اجمالي المبيعات في عام المقارنة.
وتمكنت »باكين« من تحقيق ذلك عن طريق تمرير جزء من زيادة تكلفة المواد الاولية التي تشكل %70 من تكلفة الانتاج الي المستهلكين عن طريق رفع اسعار عدد من منتجاتها من البويات الانشائية والصناعية بالاضافة الي الاحبار. كما قامت لنفس الهدف ببيع شرائح متزايدة من انتاجها عن طريق التوجه مباشرة الي المقاولين بدلا من الاعتماد الكلي في تصريف منتجاتها علي الموزعين، ومكنها ذلك من الحد من المصروفات البيعية.
من جهة اخري جاء انتعاش المبيعات بعد عودة النشاط نسبيا لانشطة العقارات انعكاسا لاستقرار اسعار الحديد والاسمنت، وعلي الرغم من ان هذا الانتعاش غير مرشح للاستمرار انعكاسا للتباطؤ الاقتصادي، فان استكمال المشاريع الجارية سيعطي دفعة لمبيعات الشركة علي المدي القصير.
ومما اعطي دفعة اضافية للارباح تراجع المصروفات التمويلية الي النصف بتسجيلها 4.1 مليون جنيه مقابل 8.2 مليون جنيه في فترة المقارنة. نتيجة اعتماد الشركة علي التمويل الذاتي بشكل شبه كامل وامتناعها عن السحب علي المكشوف بعد ان بلغ الاخير 12 مليون جنيه في يونيو 2009 ، كما قامت الشركة بسداد القروض قصيرة الاجل بالكامل بعد ان بلغت 16 مليون جنيه في يونيو 2010 ، وادي ذلك لوصول شرائح متزايدة من الايرادات الي خانة الارباح وتحقيقها نموا قياسيا.
ومما اعطي دفعة لمبيعات باكين استفادتها من الانتعاش غير المسبوق للقطاع العقاري في عامي 2007 و2008 قبل ان تهدأ وتيرة هذا الانتعاش بعد اندلاع الازمة العالمية، وجاءت الاستفادة المتاخرة من هذا الانتعاش كون مبيعات البويات الانشائية تأتي في مرحلة لاحقة للانشاءات، ومن المنتظر ان تتأثر مبيعات الشركة بعد انتهاء المشروعات الجارية. من جهة اخري من شان صعود اسعار النفط المرشح للاستمرار زيادة تكلفة الانتاج، ويشكل ضغطا علي هامش ربح المبيعات، وهو ما سيؤدي لوصول شرائح اقل من الايرادات الي خانة الارباح.
وتشكل الخامات الرئيسية الداخلة في الانتاج ثلثي التكلفة ويتم استيراد 60-%70 منها من الاتحاد الاوروبي. وتمكنت الشركة من الصعود بهامش ربح المبيعات علي الرغم من صعود اسعار تلك المواد نتيجة نجاحها في الهبوط بالتكاليف التشغيلية الاخري مع بدء انتاج البويات الانشائية في مصنع العبور الذي تدار خطوط انتاجه باحدث تكنولوجيا مطبقة في هذا المجال، وهو ما مكن الشركة من الهبوط بتكلفة التشغيل، بخلاف المواد الاولية لمستويات غير مسبوقة.
وتلقت الارباح في العام المالي الاخير دفعة من خارج التشغيل جاءت من الفوائد حيث بلغت 2.6 مليون جنيه مقابل 0.9 مليون جنيه في عام المقارنة. ومن غير المنتظر ان يستمر نمو العائد من الفوائد بعد ان تراجعت النقدية في العام المالي الاخير لتبلغ في يونيو الماضي 32 مليون جنيه مقابل 96 مليون جنيه في يونيو 2009 . وقامت الشركة بتوجيه جانب كبير من فائض السيولة لديها لوثائق الاستثمار طرف البنك الاهلي سوسيتيه بقيمة 12 مليون جنيه واذون خزانة بقيمة 97 مليون جنيه، لتبلغ الاستثمارات المالية المقتناة بغرض المتاجرة 109 ملايين جنيه في يوينو الماضي بعد ان اقتصر رصيدها علي 45 مليون جنيه في يونيو 2009 .وادي ذلك لارتفاع العائد من الاستثمارات المالية بنسبة %66 مسجلة 7.8 مليون جنيه مقابل 4.7 مليون جنيه في فترة المقارنة.
وتعد »باكين« من الشركات القليلة العاملة في قطاع مواد البناء المعتمدة بشكل شبه كلي علي التمويل الذاتي، بعد انتهائها في العام المالي الاخير من سداد قرض طويل الاجل بقيمة 24 مليون جنيه كانت موجهة لتمويل الانشاءات الجارية في مجمع مصانعها في العبور.
وواصلت الشركة الحد من تحفظها تجاه البيع الآجل مما اعطي دفعة للمبيعات في ظل نقص مستويات السيولة داخل السوق. وبلغ رصيد المدينيين واوراق القبض في يونيو الماضي 101 مليون جنيه مقابل 104 ملايين جنيه في يونيو 2009. وكانت الشركة قد عانت في نهاية التسعينيات من القرن الماضي وبداية العقد الحالي من صعوبات في تحصيل مستحقاتها لدي العملاء حيث كانت تقوم في الربع الاخير من السنة المالية المنتهية في يونيو بضخ كميات هائلة من منتجاتها عن طريق البيع الآجل للموردين وذلك بغرض تحقيق هدفين ، الاول تجميل الميزانية عن طريق تضخيم المبيعات، والثاني محاصرة منافذ بيع البويات بمنتجاتها في مطلع الصيف وهو موسم بيع البويات وبالتالي تكتفي تلك المنافذ الي حد كبير ببيع منتجات الشركة. وتسببت تلك السياسة في مشاكل كبيرة للشركة حيث تعثر جزء كبير من العملاء في السداد نتيجة القيام بتمويل تلك المشتريات من خلال تسهيلات ائتمانية مفروض عليها فوائد مرتفعة.
وتسبب الكساد في سوق العقارات آنذاك في زيادة العرض علي الطلب، ولم يتمكن عدد كبير من المقاولين من تسويق وحداتهم السكنية والعقارية مع اشهار العديد منهم إفلاسه وامتناعهم عن السداد، وكان ذلك قد تسبب في مشاكل كبيرة للشركة فيما يخص التحصيل والسيولة في تلك الفترة، لتقوم بتغيير استراتيجيتها في هذا النطاق، مع عودتها اليها من جديد في ظل نقص السيولة داخل السوق، ويعزز ذلك من فرص المرور بنفس السيناريو خاصة في ظل الضغوط القوية التي يمر بها القطاع العقاري في الوقت الحالي.
وسيكون تمكن الشركة من تحقيق التوازن في توجهها لتقديم منتجاتها للموزعين بتسهيلات في السداد، مع حفاظها علي الضمانات الضرورية للسداد، عاملا مهما في الحفاظ علي الاتجاه الصعودي للارباح. وسيمكن ذلك الشركة من الحفاظ علي مستويات السيولة لديها، ويمكنها من الحفاظ علي استراتيجيتها القائمة علي توزيع ارباح نقدية مجزية لمساهميها.
ومما يمنح مبيعات الشركة حصانة نسبية ضد اي تباطؤ محتمل داخل القطاع العقاري تمتع انشطتها الاساسية المتمثلة في تصنيع البويات الانشائية بطبيعة دفاعية كونها موجهة للاسكان المتوسط وليس الفاخر، ويعد الاسكان المتوسط اقل تأثرا باي تباطؤ محتمل في القطاع العقاري.
ويعد توزيع الارباح السخي من العوامل التي تشكل دعما قويا للسهم وتوفر لحملته السيولة التي تشجعهم علي الاحتفاظ به، مما اعاده لاستهداف اعلي مستوياته علي الاطلاق التي سجلها في مايو 2008 بتسجيله 80 جنيها اثر تناقل انباء عن قيام مستثمر استراتيجي بالتقدم بعرض لشراء حصة المال العام في باكين البالغة %35.5 علي سعر مقارب لمستوي 80 جنيهًا، بالاضافة الي شراء حصص المساهمين الرئيسيين واتحاد العاملين. وجاء انهيار البورصة بعد ذلك وتراجع اسواق المال علي مستوي العالم ليحد من الآمال في تقدم مستثمر استراتيجي للاستحواذ علي الشركة، واعاد ذلك السهم الي ارض الواقع ليصل في ذروة هبوط البورصة في فبراير 2009 الي 18 جنيها، ليشهد صعودا تدريجيا خاصة بعد ان استعادت السوق توازنها بتكوين مؤشر البورصة الرئيسي قاعا تاريخية عند 3400 نقطة. ليكون بذلك السهم قد تفوق علي البورصة في الرالي الذي شهدته خلال الفترة قبل ان ينكسر مؤخرا وتتحرك عرضيا، لتكون قد كسبت خلال الفترة محل القياس %97 في حين كسب السهم %211 خلال الرالي، وحافظ علي اتجاهه الصعودي وقاوم تصحيحا بعد وصولها لمستوي 7700 نقطة.
وكانت »باكين« هدفا محتملا للاستحواذ نظرا لطبيعة انشطتها المرتبطة بشكل كلي بالانشطة العقارية التي شهدت رواجا غير مسبوق في عامي 2007-2008، وتراجعت جاذبيتها بعد الارتفاع الحاد في معدلات التضخم قبل ان تستقر مؤخرا، بالاضافة الي صعود اسعار مواد البناء والذي ادي لتراجع الطلب علي الوحدات السكنية. وتزامن ذلك مع الازمة المالية العالمية وتراجع مستوي السيولة علي مستوي العالم. ولا تعد »باكين« مرتبطة بشكل كلي بتراجع جاذبية قطاع الاسكان والعقارات نظرا لان البويات الانشائية التي تعد منتجها الرئيسي غير مرشحة للتراجع كونها تخاطب الاسكان المتوسط الذي يعد طوق النجاة للقطاع العقاري في المرحلة الحالية بعد تشبع الاسكان الفاخر.
و من جهة اخري ستتأثر »باكين« بشكل غير مباشر بالهبوط المنتظر لاسعار الاراضي حيث انه من المقرر بيع مقرها الحالي في الاميرية بعد أن انتهت من نقل خطوط انتاجها بالكامل الي مجمع مصانعها في مدينة العبور. ونفت الشركة نيتها لتأسيس شركة منفصلة للاستثمار العقاري تتولي الاشراف علي بيع اراضي المقر القديم علي غرار الاستراتيجية التي كان وزير الاستثمار قد اعلن عنها حول توجه قطاع الاعمال حيال بيع حصة المال العام في الشرقية للدخان لمستثمر استراتيجي والتي تشمل تأسيس الاخيرة لشركة منفصلة للاستثمار العقاري تهدف في المقام الاول الي ادارة بيع الاراضي الواقعة عليها مصانعها الحالية في الجيزة، علي ان يكون ذلك بعد انتقال خطوط انتاج الشرقية بالكامل الي السادس من اكتوبر، علي ان تتجه المكاسب الراسمالية المنتظر تحقيقها الي المساهمين الرئيسيين.
وكانت الدولة قد رفضت في منتصف 2007 بيع حصة المال العام في »باكين« البالغة %35.5 لعدم قناعتها بالسعر المعروض الذي بلغ 58 جنيها للسهم، واعلنت عن امكانية بيع تلك الحصة في حال توافر عرض مناسب. ومما سيعيد باكين هدفا للاستحواذ علي المديين المتوسط والطويل الاستقرار المنتظر لاسواق المال علي مستوي العالم.