فريد عبداللطيف
تمكن سهم الشركة المصرية للصناعات الدوائية – ايبيكو – من تسجيل أعلي مستوياته علي الاطلاق مطلع العام الحالي ليكون الوحيد بين الأسهم الدفاعية الذي تمكن من تحقيق ذلك بتداوله حول 5.37 جنيه، ليبلغ مضاعف ربحية السهم علي متوسط سعره في الجلسات الأخيرة 9 مرات، ويقترب بذلك من الأسهم الهجومية التي من المفترض أن يفوق مضاعف ربحيتها نظيرتها الدفاعية لاعتماد حملتها علي النمو في سعر السهم والاكتفاء بتوزيعات نقدية ضعيفة إن وجدت علي خلاف الأسهم الدفاعية التي تتسم حركتها بارتفاعات سعرية غير مغرية في أغلب الأحيان، وتقوم بتعويض حملتها عن طريق توزيعات أرباح مجزية، ونجح سهم ايبيكو في الجمع بين مزايا الشريحتين الدفاعية والهجومية حيث شهد ارتفاعات سعرية فاقت البورصة في الاثني عشر شهراً الأخيرة بلغت %33 مقابل %16 للمؤشر الرئيسي، مع استمرار الشركة في القيام بتوزيعات أرباح سخية.
وجاء الأداء القوي للسهم نتيجة تصاعد التوقعات بشأن أداء الشركة التشغيلي علي خلفية تمكنها من الحفاظ علي الاتجاه الصعودي لأرباحها علي الرغم من تثبيت أسعار الدواء، بالإضافة إلي التكلفة الاستثمارية لمصنعها الجديد ايبيكو للأدوية، المقرر أن يبدأ إنتاجه العام الحالي، وسيتم توجيه إنتاجه بالكامل للتصدير، وكانت ايبيكو قد قامت في سبيل تمويل التكلفة الاستثمارية الضخمة للمصنع الجديد التي تتراوح حول 250 مليون جنيه بزيادة رأس المال من الاحتياطات لتفادي التوجه للبنوك وتكبد مصروفات تمويلية تحد من وصول الإيرادات إلي خانة الأرباح، وبالفعل أظهرت نتائج أعمالها للأشهر التسعة الأولي من عام 2010 عدم تحملها مصروفات فوائد تذكر، وصاحب ذلك تصاعد الفوائد المحصلة من الودائع والحسابات الجارية وتضاعف الفوائد المحصلة من وثائق الاستثمار، مما أدي لارتفاع الأرباح في الأشهر التسعة الأولي بنسبة %14 مسجلة 258 مليون جنيه مقابل 226 مليون جنيه في فترة المقارنة.
ودفعت المستجدات الإيجابية التي تشهدها الشركة سهمها للارتفاع منذ مطلع عام 2010 وحتي أكتوبر الماضي من مستوي 30 جنيهاً ليلامس 40 جنيهاً، وتبع ذلك قيام الشركة باستغلال تراكم الاحتياطات من الأرباح المرحلة من سنوات سابقة في زيادة رأس المال عن طريق توزيع سهم مجاني أمام كل عشرة أسهم قائمة، وجاءت الزيادة من نصيب السهم من أرباح عام 2009 الذي بلغ 1.2 جنيه، ووافق المساهمون علي الاكتفاء بحق كوبون نقدي بقيمة 1.1 جنيه، علي أن تتم زيادة رأس المال بالقيمة المتبقية البالغة جنيهاً واحداً، ليرتفع رأس المال المدفوع من 721 مليون جنيه إلي 793 مليون جنيه.
وتبع دخول الزيادة في أرصدة العملاء تراجع السهم بنسبة مماثلة للتوزيع ليصل إلي 36 جنيهاً ليشهد بعد ذلك صعوداً تدريجياً ليتداول في الجلسات الأخيرة حول 38 جنيهاً نظرا لقيام صناديق الاستثمار في بداية العام ببناء مراكز جديدة في الأسهم الواعدة بعد دراسة أدائها التشغيلي في عام 2010 واستمرارية توزيعها كوبونات أرباح سخية.
وكانت ثقة حملة السهم في أداء »ايبيكو« وتضحيتهم بجانب من الأرباح النقدية عن عام 2009 قد جاءت بعد أن نجحت في الصعود بأرباحها في عام 2009 بنسبة %15 مسجلة 285 مليون جنيه مقابل 247 مليون جنيه في فترة المقارنة، وحافظت الشركة علي الاتجاه الصعودي لأرباحها في النصف الأول من العام الحالي لتنمو بنسبة %18 مسجلة 178 مليون جنيه مقابل 9.151 مليون جنيه في فترة المقارنة. وفي الأشهر التسعة الأولي بنسبة %14.
وجاء نجاح الشركة في الحفاظ علي الاتجاه الصعودي لأرباحها علي الرغم من الضغط الواقع علي هامش الربح الذي جاء نتيجة زيادة تكلفة المواد الخام الداخلة في الإنتاج والتي يتم استيراد قرابة ثلثيها من الخارج، علماً بأن هذا الارتفاع نتيجة عاملين، الأول ارتفاع الأسعار عالمياً والآخر تراجع الجنيه أمام العملات الأجنبية، وفي مواجهة ذلك قامت »ايبيكو« بالتحرك بديناميكية لتخفيض التكاليف التشغيلية بخلاف المواد الخام، وكان ذلك وراء ارتفاع هامش ربح المبيعات في الأشهر التسعة الأولي مسجلاً %41 مقابل %39 في فترة المقارنة.
ومما أعطي دفعة لأرباح الشركة تنوع سلة منتجاتها ومخاطبتها لشريحة عريضة من السوق لترتفع المبيعات في الأشهر التسعة الأولي بنسبة %13 مسجلة 857 مليون جنيه مقابل 760 مليون جنيه في فترة المقارنة، وارتفعت تكلفة المبيعات بنسبة أقل بلغت %10 مسجلة 507 ملايين جنيه مقابل 461 مليون جنيه، وهو ما أعطي دفعة لمجمل الربح ليرتفع بنسبة %17 مسجلاً 350 مليون جنيه مقابل 299 مليون جنيه في فترة المقارنة.
ولجأت الشركة إلي استغلال نجاحها في توليد تدفقات نقدية قوية في تعزيز المخصصات الموجهة للتقلبات في أسعار الصرف خاصة في ظل التكلفة الدولارية لمصنعها الجديد حيث يتم استيراد الجانب الأكبر من المعدات وخطوط الإنتاج من الخارج، وبلغت المخصصات الموجهة لهذا البند 20 مليون جنيه مقابل 12 مليون جنيه في فترة المقارنة.
وهو ماحد في صعود صافي إيرادات النشاط لتبلغ نسبته %16 مسجلاً 294 مليون جنيه مقابل 253 مليون جنيه في الأشهر التسعة الأولي من عام 2009.
ومن جهة أخري تلقت أرباح النشاط دفعة من تراجع المصروفات التمويلية إلي أقصي درجة لتبلغ في الأشهر التسعة الأولي من عام 2010 ما قيمته 1.1 مليون جنيه مقابل 4.1 مليون جنيه في فترة المقارنة.
وصاحب ذلك تلقي الأرباح دفعة إضافية من خارج النشاط التشغيلي عبر الفوائد المحصلة التي بلغت 8.12 مليون جنيه مقابل 6.12 مليون جنيه في فترة المقارنة. ويعتبر ذلك عائدا ضعيفاً أخذا في الاعتبار أن الودائع والحسابات الجارية بلغت في سبتمبر الماضي 497 مليون جنيه وبالنسبة لأرباح الشركة الأخري من خارج التشغيل فقد حققت مكاسب من رصيدها من وثائق صناديق الاستثمار النقدية التي بلغت 46 مليون جنيه مقابل 6.1 مليون جنيه في فترة المقارنة. وبلغ رصيد الشركة من وثائق صناديق الاستثمار النقدية 31 مليون جنيه في نهاية سبتمبر الماضي.
ليرتفع بذلك صافي الربح قبل الضرائب بنسبة %16 مسجلاً 320 مليون جنيه مقابل 277 مليون جنيه في فترة المقارنة. وبخصم الضرائب يبلغ نصيب السهم من الأرباح 2.3 جنيه ليصل مضاعف ربحية السهم علي متوسط سعره في الجلسات الأخيرة 9 مرات.
وتواجه الشركة عدة تحديات في المرحلة الحالية تتمثل في عدم قدرتها علي تمرير الزيادة في التكلفة إلي المستهلكين في السوق المحلية نتيجة سياسة تثبيت الأسعار التي تتبعها الدولة في هذا النطاق. وفي مواجهة ذلك أعطت »ايبيكو« أهمية إضافية للتصدير مع دخولها شريكاً في شركة أدوية بالسعودية بقيمة دفترية طرفها تقدر بـ31 مليون جنيه، تمثل ثلث رأسمال الشركة، ومن المقرر أن يبدأ تشغيل الشركة في النصف الثاني من العام الحالي علي أن يتم توجيه إنتاجها للأسواق الخليجية المتعطشة لمنتجات تنتج في أسواقها نظراً للارتفاع القياسي في أسعار الأدوية المستوردة من أوروبا والولايات المتحدة والشرق الأقصي، وسيعوض هامش الربح المرتفع لمنتجات المصنع الجديد الضغط الواقع علي مبيعات »ايبيكو« المحلية التي عكست الارتفاعات المتلاحقة في أسعار المواد الأولية الداخلة في الإنتاج مع تثبيت الأسعار.
وتشكل المواد الأولية أكثر من ثلثي تكلفة إنتاج شركات الأدوية، وهو ما شكل ضغطاً علي مؤشرات ربحية شركات الأدوية المصرية، ودفع بعض الشركات للتوقف عن إنتاج عدد من الأصناف وفي مقدمتها المضادات الحيوية.
وتتحرك »إيبيكو« لمواجهة زيادة تكلفة الإنتاج علي محورين، الأول فتح أسواق جديدة لمنتجاتها في الأسواق العربية والأفريقية، وانعكس ذلك بالفعل علي حجم وقيمة صادراتها بدءاً من عام 2008، لتتصاعد مساهمتها في إجمالي المبيعات لتقارب %20. ومن المنتظر أن تشهد المبيعات الخارجية دفعة قوية علي المدي المتوسط من خلال المحور الثاني الذي تخطط »إيبيكو« للتوسع فيه وهو الخروج بأصولها للأسواق الإقليمية التي استهلتها بدخول السوق السعودية، وكان ذلك من ضمن أسباب زيادة رأس المال.
وتتمتع »إيبيكو« بميزة اقتصادية تتمثل في أن لديها مستويات سيولة مرتفعة مع عملها بتمويل ذاتي كامل يتيح لها مجالاً واسعاً للتوسع في الإنفاق علي البحوث والتطوير، بالإضافة إلي إمكانية استخدام فائض السيولة في التوسع إقليمياً خاصة بعد زيادة رأس المال، ويظهر ضعف العائد من الفوائد أهمية أن يتم توجيه فائض السيولة لقنوات أكثر ربحية من الودائع والحسابات الجارية، وفي مقدمة القنوات المجدية اقتصادياً علي المدي المتوسط البحوث والتطوير.
وكانت »إيبيكو« قد وجهت في السنوات الأخيرة شرائح متزايدة من الإيرادات إلي البحوث والتطوير، لتصل الميزانية المخصصة لها إلي حوالي %6 من صافي المبيعات، وعلي الرغم من أن المعدل الأخير يعد ضمن الأعلي بين الشركات المصرية لكنه لا يزال بعيداً عن مثيلاته العالمية التي تتراوح ما بين %12 و%20.
واستمرت »إيبيكو« في جني أرباح الإنفاق علي البحوث التي أعطتها مزايا اقتصادية مكنتها من النزول بتكاليف الإنتاج لمستويات غير متاحة لشركات الأدوية المحلية الأخري، ومكن ذلك هامش الربح من الصمود أمام ارتفاع تكاليف الإنتاج لتتراجع نسبة تكلفة الإنتاج إلي المبيعات إلي %59 في الأشهر التسعة الأولي من عام 2009 مقابل %61 في فترة المقارنة، وكانت جهود الشركة في مجال البحوث قد أسفرت عن بدء ضخ إنتاج مصنع الأمبولات الزجاجية في أكتوبر 2006. وهو ما حد من استيراد الشركة لاحتياجاتها من هذا البند في عام 2008، وغطي احتياجها منه في عام 2010، مما أعطي دفعة لهامش الربح، ويبلغ عدد خطوط إنتاج المصنع 12 خطاً، بطاقة إجمالية 72 مليون أمبولة سنوياً، ومن المقرر أن تصل طاقته الإنتاجية إلي 216 مليون أمبولة العام الحالي، وسيعطي ذلك المزيد من الدعم لهامش ربح التشغيل علي المدي المتوسط حيث سيتم تصدير الفائض علي احتياج الشركة منه إلي الأسواق الإقليمية.
وسيصاحب النمو المتوقع لهامش ربح المبيعات استمرار الشركة في التمتع بعملها بتمويل ذاتي شبه كامل مما سيعزز من الأرباح في عام 2011. وكانت »إيبيكو« قد انتهت من سداد القروض الطويلة والقصيرة الأجل التي وجه الجانب الأكبر منها لإنشاء مركز بحوث التكنولوجيا الحيوية الذي تتركز أبحاثه حول تطوير أدوية معالجة الانيميا لدي مرضي الفشل الكلوي، وتعد منتجات الشركة في هذا النطاق الوحيدة المنتجة محليا في حين أن البديل مستورد وبسعر أعلي، ومن شأن ذلك أن يعطي دفعة للمبيعات المحلية والصادرات، وجاء انتهاء الشركة من سداد المستحق عليها ليعطي دفعة لمركزها المالي.
وكانت »إيبيكو« قد تنبهت لأهمية التصدير منذ مطلع العقد الحالي، وهو ما دفع صادراتها للتصاعد بمعدل تدريجي ساهم فيه استئناف الصادرات إلي العراق، وفتح أسواق جديدة في أوروبا الشرقية والخليج العربي بالإضافة إلي عدد من الدول الأفريقية.
وتخطط »إيبيكو« للقيام بتخصيص شرائح أكبر من إيراداتها للأبحاث مستغلة زيادة رأس المال، وسيمكنها ذلك من إعطاء منتجاتها مزايا تنافسية في الأسواق الإقليمية حيث تتمتع مصر بظروف مشابهة لتلك الدول من ناحية الطقس، والمياه، والغذاء، ونمط الحياة.
وكانت »إيبيكو« في السنوات السابقة ممتنعة عن القيام بتلك الخطوة لتخوفها من قيام الشركات المنافسة بسرقة التركيبات التي يتم التوصل إليها وتصنيعها وترويجها في السوق بأسعار أقل لعدم تحميلها بتكلفة البحوث، وبتطبيق اتفاقية التربس انتهت المخاوف وأصبح الطريق مفتوحا أمام التوسع في البحوث، وهو من شأنه إعطاء دفعة للمبيعات والأرباح علي المديين المتوسط والطويل. وحافظت »إيبيكو« علي سياستها المتمثلة في بناء مخزون استراتيجي من المواد الأولية المستوردة تحسبا للتذبذبات التي تشهدها أسعارها، وتقوم الشركة دورياً ببناء مخصصات لاستيعاب الهزات في سعر صرف العملة والتغيرات في أسعار المواد الأولية، وبلغ ما تم بناؤه منها في الأشهر التسعة الأولي 20 مليون جنيه مقابل 12 مليون جنيه. وبلغ رصيد المخزون في نهاية سبتمبر الماضي 326 مليون جنيه.
وستعتمد قدرة الشركة في الحفاظ علي الاتجاه الصعودي لأرباحها من خلال ديناميكيتها في التعامل مع الفرص والتحديات التي تواجه القطاع، ومن ضمنها التنفيذ الكامل لاتفاقية الجات، وكان ذلك قد فتح السوق المصرية أمام الأدوية الأجنبية، وصاحبه تزايد عدد الشركات والوكلاء المستوردين في السوق. وتواجه الشركة تحدياً آخر متمثلاً في الاندماجات المحتملة بين عدد من الشركات في الفترة المقبلة مع تزايد اهتمام الشركات الأجنبية بالأسواق الناشئة، وهو الأمر الذي سيحد من الحصص السوقية، ويشكل ضغطاً علي هامش الربح.
وتعتبر اتفاقية التربس هي التحدي الأكبر أمام شركات الأدوية المصرية في الفترة الحالية، فعلي الرغم من أن أغلب الأدوية المتداولة حالياً في السوق المصرية. انتهت فترة الحماية المفروضة عليها لكن صناعة الدواء تعتمد علي الديناميكية لتوفير أدوية أكثر فاعلية وذات أعراض جانبية أقل وأخري تتعامل مع الأمراض المستجدة، ولن تستطيع الشركات المصرية شراء حقوق تصنيع تلك الأدوية دون أن تتكبد مصروفات ضخمة هي غير قادرة عليها علي المدي المنظور، وكانت »إيبيكو« قد تنبهت لذلك في الفترة الأخيرة وهو ما دفعها في السنوات الأخيرة لزيادة نسبة مساهمة منتجاتها الخالصة إلي الإنتاج الكلي لتتراوح حول %90 مع تراجع الأدوية المصنعة بتراخيص إلي %10.
وسوف يكون نهوض الصادرات هو المحك خلال الفترة المقبلة وسيعطي »إيبيكو« دفعة في هذا النطاق في ظل أنها حاصلة علي شهادة الأيزو التي يشترطها العديد من الدول للسماح للأدوية المستوردة بالتداول في أسواقها، وعلي الصعيد المحلي ستستفيد الشركة من اتساع مظلة التأمين الصحي والإنفاق الحكومي المتزايد في هذا المجال، ويساعد »إيبيكو« علي تحقيق الاستفادة القصوي من ذلك تنوع سلة منتجاتها وتكاملها، بالإضافة إلي حداثة خطوط إنتاجها وقدرتها علي النزول بتكلفة الإنتاج لمستويات غير متاحة للشركات الحكومية المثقلة بحجم عمالة كثيف وخطوط إنتاج قديمة مع التدخل المباشر لقطاع الأعمال في توجهاتها.
تمكن سهم الشركة المصرية للصناعات الدوائية – ايبيكو – من تسجيل أعلي مستوياته علي الاطلاق مطلع العام الحالي ليكون الوحيد بين الأسهم الدفاعية الذي تمكن من تحقيق ذلك بتداوله حول 5.37 جنيه، ليبلغ مضاعف ربحية السهم علي متوسط سعره في الجلسات الأخيرة 9 مرات، ويقترب بذلك من الأسهم الهجومية التي من المفترض أن يفوق مضاعف ربحيتها نظيرتها الدفاعية لاعتماد حملتها علي النمو في سعر السهم والاكتفاء بتوزيعات نقدية ضعيفة إن وجدت علي خلاف الأسهم الدفاعية التي تتسم حركتها بارتفاعات سعرية غير مغرية في أغلب الأحيان، وتقوم بتعويض حملتها عن طريق توزيعات أرباح مجزية، ونجح سهم ايبيكو في الجمع بين مزايا الشريحتين الدفاعية والهجومية حيث شهد ارتفاعات سعرية فاقت البورصة في الاثني عشر شهراً الأخيرة بلغت %33 مقابل %16 للمؤشر الرئيسي، مع استمرار الشركة في القيام بتوزيعات أرباح سخية.
وجاء الأداء القوي للسهم نتيجة تصاعد التوقعات بشأن أداء الشركة التشغيلي علي خلفية تمكنها من الحفاظ علي الاتجاه الصعودي لأرباحها علي الرغم من تثبيت أسعار الدواء، بالإضافة إلي التكلفة الاستثمارية لمصنعها الجديد ايبيكو للأدوية، المقرر أن يبدأ إنتاجه العام الحالي، وسيتم توجيه إنتاجه بالكامل للتصدير، وكانت ايبيكو قد قامت في سبيل تمويل التكلفة الاستثمارية الضخمة للمصنع الجديد التي تتراوح حول 250 مليون جنيه بزيادة رأس المال من الاحتياطات لتفادي التوجه للبنوك وتكبد مصروفات تمويلية تحد من وصول الإيرادات إلي خانة الأرباح، وبالفعل أظهرت نتائج أعمالها للأشهر التسعة الأولي من عام 2010 عدم تحملها مصروفات فوائد تذكر، وصاحب ذلك تصاعد الفوائد المحصلة من الودائع والحسابات الجارية وتضاعف الفوائد المحصلة من وثائق الاستثمار، مما أدي لارتفاع الأرباح في الأشهر التسعة الأولي بنسبة %14 مسجلة 258 مليون جنيه مقابل 226 مليون جنيه في فترة المقارنة.
ودفعت المستجدات الإيجابية التي تشهدها الشركة سهمها للارتفاع منذ مطلع عام 2010 وحتي أكتوبر الماضي من مستوي 30 جنيهاً ليلامس 40 جنيهاً، وتبع ذلك قيام الشركة باستغلال تراكم الاحتياطات من الأرباح المرحلة من سنوات سابقة في زيادة رأس المال عن طريق توزيع سهم مجاني أمام كل عشرة أسهم قائمة، وجاءت الزيادة من نصيب السهم من أرباح عام 2009 الذي بلغ 1.2 جنيه، ووافق المساهمون علي الاكتفاء بحق كوبون نقدي بقيمة 1.1 جنيه، علي أن تتم زيادة رأس المال بالقيمة المتبقية البالغة جنيهاً واحداً، ليرتفع رأس المال المدفوع من 721 مليون جنيه إلي 793 مليون جنيه.
وتبع دخول الزيادة في أرصدة العملاء تراجع السهم بنسبة مماثلة للتوزيع ليصل إلي 36 جنيهاً ليشهد بعد ذلك صعوداً تدريجياً ليتداول في الجلسات الأخيرة حول 38 جنيهاً نظرا لقيام صناديق الاستثمار في بداية العام ببناء مراكز جديدة في الأسهم الواعدة بعد دراسة أدائها التشغيلي في عام 2010 واستمرارية توزيعها كوبونات أرباح سخية.
وكانت ثقة حملة السهم في أداء »ايبيكو« وتضحيتهم بجانب من الأرباح النقدية عن عام 2009 قد جاءت بعد أن نجحت في الصعود بأرباحها في عام 2009 بنسبة %15 مسجلة 285 مليون جنيه مقابل 247 مليون جنيه في فترة المقارنة، وحافظت الشركة علي الاتجاه الصعودي لأرباحها في النصف الأول من العام الحالي لتنمو بنسبة %18 مسجلة 178 مليون جنيه مقابل 9.151 مليون جنيه في فترة المقارنة. وفي الأشهر التسعة الأولي بنسبة %14.
وجاء نجاح الشركة في الحفاظ علي الاتجاه الصعودي لأرباحها علي الرغم من الضغط الواقع علي هامش الربح الذي جاء نتيجة زيادة تكلفة المواد الخام الداخلة في الإنتاج والتي يتم استيراد قرابة ثلثيها من الخارج، علماً بأن هذا الارتفاع نتيجة عاملين، الأول ارتفاع الأسعار عالمياً والآخر تراجع الجنيه أمام العملات الأجنبية، وفي مواجهة ذلك قامت »ايبيكو« بالتحرك بديناميكية لتخفيض التكاليف التشغيلية بخلاف المواد الخام، وكان ذلك وراء ارتفاع هامش ربح المبيعات في الأشهر التسعة الأولي مسجلاً %41 مقابل %39 في فترة المقارنة.
ومما أعطي دفعة لأرباح الشركة تنوع سلة منتجاتها ومخاطبتها لشريحة عريضة من السوق لترتفع المبيعات في الأشهر التسعة الأولي بنسبة %13 مسجلة 857 مليون جنيه مقابل 760 مليون جنيه في فترة المقارنة، وارتفعت تكلفة المبيعات بنسبة أقل بلغت %10 مسجلة 507 ملايين جنيه مقابل 461 مليون جنيه، وهو ما أعطي دفعة لمجمل الربح ليرتفع بنسبة %17 مسجلاً 350 مليون جنيه مقابل 299 مليون جنيه في فترة المقارنة.
ولجأت الشركة إلي استغلال نجاحها في توليد تدفقات نقدية قوية في تعزيز المخصصات الموجهة للتقلبات في أسعار الصرف خاصة في ظل التكلفة الدولارية لمصنعها الجديد حيث يتم استيراد الجانب الأكبر من المعدات وخطوط الإنتاج من الخارج، وبلغت المخصصات الموجهة لهذا البند 20 مليون جنيه مقابل 12 مليون جنيه في فترة المقارنة.
وهو ماحد في صعود صافي إيرادات النشاط لتبلغ نسبته %16 مسجلاً 294 مليون جنيه مقابل 253 مليون جنيه في الأشهر التسعة الأولي من عام 2009.
ومن جهة أخري تلقت أرباح النشاط دفعة من تراجع المصروفات التمويلية إلي أقصي درجة لتبلغ في الأشهر التسعة الأولي من عام 2010 ما قيمته 1.1 مليون جنيه مقابل 4.1 مليون جنيه في فترة المقارنة.
وصاحب ذلك تلقي الأرباح دفعة إضافية من خارج النشاط التشغيلي عبر الفوائد المحصلة التي بلغت 8.12 مليون جنيه مقابل 6.12 مليون جنيه في فترة المقارنة. ويعتبر ذلك عائدا ضعيفاً أخذا في الاعتبار أن الودائع والحسابات الجارية بلغت في سبتمبر الماضي 497 مليون جنيه وبالنسبة لأرباح الشركة الأخري من خارج التشغيل فقد حققت مكاسب من رصيدها من وثائق صناديق الاستثمار النقدية التي بلغت 46 مليون جنيه مقابل 6.1 مليون جنيه في فترة المقارنة. وبلغ رصيد الشركة من وثائق صناديق الاستثمار النقدية 31 مليون جنيه في نهاية سبتمبر الماضي.
ليرتفع بذلك صافي الربح قبل الضرائب بنسبة %16 مسجلاً 320 مليون جنيه مقابل 277 مليون جنيه في فترة المقارنة. وبخصم الضرائب يبلغ نصيب السهم من الأرباح 2.3 جنيه ليصل مضاعف ربحية السهم علي متوسط سعره في الجلسات الأخيرة 9 مرات.
وتواجه الشركة عدة تحديات في المرحلة الحالية تتمثل في عدم قدرتها علي تمرير الزيادة في التكلفة إلي المستهلكين في السوق المحلية نتيجة سياسة تثبيت الأسعار التي تتبعها الدولة في هذا النطاق. وفي مواجهة ذلك أعطت »ايبيكو« أهمية إضافية للتصدير مع دخولها شريكاً في شركة أدوية بالسعودية بقيمة دفترية طرفها تقدر بـ31 مليون جنيه، تمثل ثلث رأسمال الشركة، ومن المقرر أن يبدأ تشغيل الشركة في النصف الثاني من العام الحالي علي أن يتم توجيه إنتاجها للأسواق الخليجية المتعطشة لمنتجات تنتج في أسواقها نظراً للارتفاع القياسي في أسعار الأدوية المستوردة من أوروبا والولايات المتحدة والشرق الأقصي، وسيعوض هامش الربح المرتفع لمنتجات المصنع الجديد الضغط الواقع علي مبيعات »ايبيكو« المحلية التي عكست الارتفاعات المتلاحقة في أسعار المواد الأولية الداخلة في الإنتاج مع تثبيت الأسعار.
وتشكل المواد الأولية أكثر من ثلثي تكلفة إنتاج شركات الأدوية، وهو ما شكل ضغطاً علي مؤشرات ربحية شركات الأدوية المصرية، ودفع بعض الشركات للتوقف عن إنتاج عدد من الأصناف وفي مقدمتها المضادات الحيوية.
وتتحرك »إيبيكو« لمواجهة زيادة تكلفة الإنتاج علي محورين، الأول فتح أسواق جديدة لمنتجاتها في الأسواق العربية والأفريقية، وانعكس ذلك بالفعل علي حجم وقيمة صادراتها بدءاً من عام 2008، لتتصاعد مساهمتها في إجمالي المبيعات لتقارب %20. ومن المنتظر أن تشهد المبيعات الخارجية دفعة قوية علي المدي المتوسط من خلال المحور الثاني الذي تخطط »إيبيكو« للتوسع فيه وهو الخروج بأصولها للأسواق الإقليمية التي استهلتها بدخول السوق السعودية، وكان ذلك من ضمن أسباب زيادة رأس المال.
وتتمتع »إيبيكو« بميزة اقتصادية تتمثل في أن لديها مستويات سيولة مرتفعة مع عملها بتمويل ذاتي كامل يتيح لها مجالاً واسعاً للتوسع في الإنفاق علي البحوث والتطوير، بالإضافة إلي إمكانية استخدام فائض السيولة في التوسع إقليمياً خاصة بعد زيادة رأس المال، ويظهر ضعف العائد من الفوائد أهمية أن يتم توجيه فائض السيولة لقنوات أكثر ربحية من الودائع والحسابات الجارية، وفي مقدمة القنوات المجدية اقتصادياً علي المدي المتوسط البحوث والتطوير.
وكانت »إيبيكو« قد وجهت في السنوات الأخيرة شرائح متزايدة من الإيرادات إلي البحوث والتطوير، لتصل الميزانية المخصصة لها إلي حوالي %6 من صافي المبيعات، وعلي الرغم من أن المعدل الأخير يعد ضمن الأعلي بين الشركات المصرية لكنه لا يزال بعيداً عن مثيلاته العالمية التي تتراوح ما بين %12 و%20.
واستمرت »إيبيكو« في جني أرباح الإنفاق علي البحوث التي أعطتها مزايا اقتصادية مكنتها من النزول بتكاليف الإنتاج لمستويات غير متاحة لشركات الأدوية المحلية الأخري، ومكن ذلك هامش الربح من الصمود أمام ارتفاع تكاليف الإنتاج لتتراجع نسبة تكلفة الإنتاج إلي المبيعات إلي %59 في الأشهر التسعة الأولي من عام 2009 مقابل %61 في فترة المقارنة، وكانت جهود الشركة في مجال البحوث قد أسفرت عن بدء ضخ إنتاج مصنع الأمبولات الزجاجية في أكتوبر 2006. وهو ما حد من استيراد الشركة لاحتياجاتها من هذا البند في عام 2008، وغطي احتياجها منه في عام 2010، مما أعطي دفعة لهامش الربح، ويبلغ عدد خطوط إنتاج المصنع 12 خطاً، بطاقة إجمالية 72 مليون أمبولة سنوياً، ومن المقرر أن تصل طاقته الإنتاجية إلي 216 مليون أمبولة العام الحالي، وسيعطي ذلك المزيد من الدعم لهامش ربح التشغيل علي المدي المتوسط حيث سيتم تصدير الفائض علي احتياج الشركة منه إلي الأسواق الإقليمية.
وسيصاحب النمو المتوقع لهامش ربح المبيعات استمرار الشركة في التمتع بعملها بتمويل ذاتي شبه كامل مما سيعزز من الأرباح في عام 2011. وكانت »إيبيكو« قد انتهت من سداد القروض الطويلة والقصيرة الأجل التي وجه الجانب الأكبر منها لإنشاء مركز بحوث التكنولوجيا الحيوية الذي تتركز أبحاثه حول تطوير أدوية معالجة الانيميا لدي مرضي الفشل الكلوي، وتعد منتجات الشركة في هذا النطاق الوحيدة المنتجة محليا في حين أن البديل مستورد وبسعر أعلي، ومن شأن ذلك أن يعطي دفعة للمبيعات المحلية والصادرات، وجاء انتهاء الشركة من سداد المستحق عليها ليعطي دفعة لمركزها المالي.
وكانت »إيبيكو« قد تنبهت لأهمية التصدير منذ مطلع العقد الحالي، وهو ما دفع صادراتها للتصاعد بمعدل تدريجي ساهم فيه استئناف الصادرات إلي العراق، وفتح أسواق جديدة في أوروبا الشرقية والخليج العربي بالإضافة إلي عدد من الدول الأفريقية.
وتخطط »إيبيكو« للقيام بتخصيص شرائح أكبر من إيراداتها للأبحاث مستغلة زيادة رأس المال، وسيمكنها ذلك من إعطاء منتجاتها مزايا تنافسية في الأسواق الإقليمية حيث تتمتع مصر بظروف مشابهة لتلك الدول من ناحية الطقس، والمياه، والغذاء، ونمط الحياة.
وكانت »إيبيكو« في السنوات السابقة ممتنعة عن القيام بتلك الخطوة لتخوفها من قيام الشركات المنافسة بسرقة التركيبات التي يتم التوصل إليها وتصنيعها وترويجها في السوق بأسعار أقل لعدم تحميلها بتكلفة البحوث، وبتطبيق اتفاقية التربس انتهت المخاوف وأصبح الطريق مفتوحا أمام التوسع في البحوث، وهو من شأنه إعطاء دفعة للمبيعات والأرباح علي المديين المتوسط والطويل. وحافظت »إيبيكو« علي سياستها المتمثلة في بناء مخزون استراتيجي من المواد الأولية المستوردة تحسبا للتذبذبات التي تشهدها أسعارها، وتقوم الشركة دورياً ببناء مخصصات لاستيعاب الهزات في سعر صرف العملة والتغيرات في أسعار المواد الأولية، وبلغ ما تم بناؤه منها في الأشهر التسعة الأولي 20 مليون جنيه مقابل 12 مليون جنيه. وبلغ رصيد المخزون في نهاية سبتمبر الماضي 326 مليون جنيه.
وستعتمد قدرة الشركة في الحفاظ علي الاتجاه الصعودي لأرباحها من خلال ديناميكيتها في التعامل مع الفرص والتحديات التي تواجه القطاع، ومن ضمنها التنفيذ الكامل لاتفاقية الجات، وكان ذلك قد فتح السوق المصرية أمام الأدوية الأجنبية، وصاحبه تزايد عدد الشركات والوكلاء المستوردين في السوق. وتواجه الشركة تحدياً آخر متمثلاً في الاندماجات المحتملة بين عدد من الشركات في الفترة المقبلة مع تزايد اهتمام الشركات الأجنبية بالأسواق الناشئة، وهو الأمر الذي سيحد من الحصص السوقية، ويشكل ضغطاً علي هامش الربح.
وتعتبر اتفاقية التربس هي التحدي الأكبر أمام شركات الأدوية المصرية في الفترة الحالية، فعلي الرغم من أن أغلب الأدوية المتداولة حالياً في السوق المصرية. انتهت فترة الحماية المفروضة عليها لكن صناعة الدواء تعتمد علي الديناميكية لتوفير أدوية أكثر فاعلية وذات أعراض جانبية أقل وأخري تتعامل مع الأمراض المستجدة، ولن تستطيع الشركات المصرية شراء حقوق تصنيع تلك الأدوية دون أن تتكبد مصروفات ضخمة هي غير قادرة عليها علي المدي المنظور، وكانت »إيبيكو« قد تنبهت لذلك في الفترة الأخيرة وهو ما دفعها في السنوات الأخيرة لزيادة نسبة مساهمة منتجاتها الخالصة إلي الإنتاج الكلي لتتراوح حول %90 مع تراجع الأدوية المصنعة بتراخيص إلي %10.
وسوف يكون نهوض الصادرات هو المحك خلال الفترة المقبلة وسيعطي »إيبيكو« دفعة في هذا النطاق في ظل أنها حاصلة علي شهادة الأيزو التي يشترطها العديد من الدول للسماح للأدوية المستوردة بالتداول في أسواقها، وعلي الصعيد المحلي ستستفيد الشركة من اتساع مظلة التأمين الصحي والإنفاق الحكومي المتزايد في هذا المجال، ويساعد »إيبيكو« علي تحقيق الاستفادة القصوي من ذلك تنوع سلة منتجاتها وتكاملها، بالإضافة إلي حداثة خطوط إنتاجها وقدرتها علي النزول بتكلفة الإنتاج لمستويات غير متاحة للشركات الحكومية المثقلة بحجم عمالة كثيف وخطوط إنتاج قديمة مع التدخل المباشر لقطاع الأعمال في توجهاتها.