مها يونس
لايزال يعترض مشروع تطوير قصر السلاملك، الكائن بحدائق المنتزه السياحية المزيد من العقبات، منذ ترسية تطوير القصر على تحالف شركتى «ستانلي» للاستثمار العقارى، و»سان جيوفاني» للاستثمار السياحى والتنمية، فى مزايدة علنية بأكتوبر 2014، وأثيرت أزمة اختفاء المدافع الآثرية من أمام القصر، وذلك أثناء البدء فى أعمال التطوير بالمنطقة المحيطة بالقصر.
وترتب عليها إدراج القصر تحت قائمة المبانى الأثرية التابعة لإشراف وزارة الآثار فى ديسمبر 2015، بعد توقف زمنى قارب العام، ومن ثم توقف جديد لعدة أشهر أخرى فى إجراءات إدارية تابعة لوزارة الآثار لفحص اللجنة الآثرية جميع الأوراق المقدمة من الشركة، والخاصة بالمشروع ومناقشتها فى كيفية الحفاظ على المكان الأثرى والتراثى، وما يحوى من قطع أثرية ذات قيمة تاريخية كبيرة.
ولم ينته الأمر، فقد توقف المشروع للمرة الثالثة، رغم حصول المستثمر على موافقة الآثار فى سبتمبر 2017 لبدء العمل فى المشروع، إلا أنه لم تُبرم أى عقود رسمية بمقتضاها يتم البدء الفعلى على أرض الواقع لترميم القصر وتطويره، ليصبح الأمر مُعلقاً منذ عام 2014.
و قال وسيم محيى الدين، رئيس مجلس إدارة شركة «سان جيوفاني» للاستثمار السياحى والتنمية، والمسئولة عن إدارة فندق السلاملك «الكائن بمنطقة المنتزه السياحية «، إن العقود الرسمية التى يحق من خلالها البدء فى أعمال مشروع تطوير قصر السلاملك، لم يتم إبرامها حتى الآن، موضحاً أن تلك الخطوة من المُقرر أن تتم بين شركة المنتزه للسياحة والاستثمار وشركة «ستانلى للاستثمار العقاري» وهى الشركة المالكة للمشروع، بعيداً عن وزارة السياحة أو وزارة الآثار.
وأضاف – فى تصريحات لـ«المال» – أن وزارة الآثار انتهت من الإجراءات الإدارية التى أوقفت المشروع لعدة شهور، وأصدرت موافقاتها بشأن البدء فى تطوير السلاملك، إلا أن الإجراءات القانونية بين شركتى «المنتزه» و»ستانلي» عطلت البدء فى المشروع الذى كان مُقررا منذ أكتوبر الماضى، موضحاً أن الوضع القائم «مُعلق».
ولفت إلى أنه من المتوقع أن تُبرم العقوم بين الشركتين فى الشهور الأولى من 2018، لبدء الأعمال داخل القصر، واستكمال الأعمال التى تتم خارج قصر السلاملك، مؤكداً أن شركة «ستانلى» لم تُسدد أى قيمة إيجارية حتى الآن، والبالغة 12.5مليون جنيه بزيادة 10% سنوياً.
وأشار إلى أنه بالتزامن مع تغيير تكلفة الخامات، فمن المُقرر تغيير العقود من الناحية المالية مع مقاولى التشييد، وذلك بعد أن ارتفعت تكلفة مواد البناء والمواد المُستخدمة فى التشطيبات، لافتاً إلى أن «ستانلي» المالكة للمشروع تعمل فى ذلك القطاع وبالتالى ستتدارك تلك الأزمة فى عقودها مع المقاولين، لافتاً إلى أن ارتفاع الأسعار لم يعمل على تغيير شروط شركة المنتزه تجاه المزايدة التى بمقتضاها استلمت «ستانلى» القصر، مؤكداً ثبات القيمية الإيجارية أيضاً.
ولفت إلى أن «ستانلي» هى الجهة المالكة لفندق السلاملك التاريخى، فى حين أن «سان جيوفاني» لها حق إدارته، لافتا إلى أن الفندق أثرى ويُمنع المساس به سواء فى إصلاحاته أو فى صيانته أو تطويره وتحديثه، إلا من خلال إشراف وزارة الآثار، والتى تحدد طبيعة الأعمال بالقصر والمبانى المُلحقة به وكذلك فى المنطقة المحيطة.
وأضاف أنه وفقاً لقانون المزايدات، فلا يُحق لـ«ستانلى» التنازل عن التعاقد المُبرم لاستئجاره، ولا يُحق لـ «سان جيوفانى» التملص من حق إدارته، كنتائج طبيعية للمزايدة التى جرت للانتفاع بالقصر الآثرى، مؤكداً أن «ستانلى» تسعى إلى عمل تراث ذا قيمة، ولم تتطرق للناحية المادية بقدر قيمة المشروع التراثية، لافتا إلى أنها لن تتنازل تحت أى ظرف عن المشروع.
وعلى صعيد آخر كانت قد حسمت اللجنة الآثرية المركزية بالمجلس الأعلى للآثار، فى فبراير من العام الماضى، مصير مشروع قصر السلاملك بشرق الإسكندرية، بعد موافقتها على بدء أعمال تطوير وتحديث القصر بعد إعدادها للتقرير النهائى حول المشروع المُستهدف، لإقامة فندق سياحى.
وحسب وزارة الآثار، فمن المُقرر تطوير وترميم القصر وفقاً لضوابط معينة للحفاظ على المكان التراثى، فى حين أن اللجنة اشترطت على أن يكون الترميم والتطوير والتجديد تحت الإشراف الكامل لقطاع الآثار الإسلامية وقطاع المشروعات بوزارة الآثار.
وبحسب محيى الدين فمن أبرز التعديلات والتجديدات والتطوير المُقرر أن يُصاحب استغلال قصر السلاملك بحق انتفاع لمدة عشر سنوات، إنشاء قاعة مؤتمرات وحفلات جديدة، فضلاً عن عمل تعديلات بعدد من أجنحة الفندق، وكذلك عمل تجديدات بحديقة «قطر الندى»، وذلك بتكلفة إجمالية 30 مليون جنيه، بينما أعلنت «ستنالي» أنها ستتولى التنفيذ بتكلفة تصل لـ 120 مليون جنيه، فى ظل تطوير البنية التحتية التى مر عليها أكثر من 50 عاما.
يُذكر أن «قصر السلاملك» أحد القصور المسجلة كأثر إسلامى، وتم ضمه لسجل التراث الإسلامى منذ عام تقريباً، ويرجع تاريخيه إلى الخديوى عباس حلمى الثانى، عام 1892، وبنى على التراث الفرنسى والنمساوى.
ويقع القصر على ساحل البحر الأبيض المتوسط بحى المنتزه بالإسكندرية، و يعد من أهم المبانى المشيدة فى حدائق المنتزه، وقد كان المقر الصيفى الملكى للملك والملكة قبل تشييد قصر الحرملك عام 1928، وعن تسمية القصر فكلمة السلاملك تعنى المكان المخصص لاستقبال واجتماع الرجال على العكس من الحرملك وفى عهد الملك فاروق خصص القصر ليكون مكتبا خاصا للملك ومقرا للضيافة الخاصة بإيواء ضيوف الملك.
ويحتوى القصر على أربعة عشر جناح وستة غرف فاخرة وأهم هذه الأجنحة الجناح الملكى الخاص بالملك، والذى يطل مباشرة على حدائق المنتزه، وشرفته يمكنها استيعاب حوالى مائة فرد، فيما يحتوى القصر أيضا على الحجرة البلورية التى خصصت للملكة، و سميت بهذا الاسم نظرا لكون كل ما تحويه قد صنع من البلور والكريستال الأزرق النقى.
وفى حديقة القصر يوجد العديد من المدافع الحربية الإيطالية الصنع، و أحضرها الملك أحمد فؤاد من إيطاليا، وذلك بهدف تحصين وتأمين القصر ضد أى هجوم طارئ من جهة البحر على القصر.
وبعد نشوب ثورة 23 يوليو 1952 تم تحويل القصر إلى فندق، و تولت إدارته شركة «سفنكس» السياحية ثم أعقبتها فى الثمانينيات «سان جيوفاني» والتى قامت بترميمه وتجديده.
جدير بالذكر أن القصر يحوى سرير الملكة نازلى وبعض مقتنيات الملك فاروق الخاصة.