– الصناديق المتوافقة مع الشريعة تستثمر بأدوات «الدخل الثابت» .. بناء على فتوى
– مصدران: غير جائز شرعاً.. ومصر قد تكون الدولة الوحيدة التى تبيح ذلك
– خليفة: اللجنة الشرعية بأحد صناديقنا سمحت بالدخول فى أذون وسندات منذ 3 أشهر
– البلتاجى: الأمر مؤقت.. و3 شروط أقرَّها الفقهاء يجب أن تتوافر أولًا
نيرمين عباس
كشف عدد من مديرى الأصول وخبراء التمويل الإسلامى، أن صناديق استثمار متوافقة مع الشريعة الإسلامية بدأت منذ شهور الاتجاه للاستثمار بأدوات دخل ثابت، مثل السندات وأذون الخزانة الحكومية، وذلك بناءً على فتوى صدرت من دار الإفتاء المصرية منذ فترة تقترب من عامين إلى ثلاثة أعوام، إلا أن استجابة الصناديق لتلك الفتوى اختلفت، حيث بدأ البعض تطبيقها منذ أشهر قليلة.
وأوضحت مصادر أن ذلك الأمر جاء بالأساس بسبب غياب الأدوات الإسلامية عن السوق المحلية، مثل الصكوك، وأشار البعض إلى أن تلك الخطوة مؤقتة ولها شروط، بينما أكد آخرون أن الاستثمار بأدوات الدخل الثابت غير مباح شرعًا.
كان مفتى الجمهورية شوقى علام قد أفتى منذ عامين بأن شراء المصريين شهادات استثمار قناة السويس جائز شرعًا، لافتًا إلى أن هذا الرأى استقرت عليه دار الإفتاء منذ عقود، وجمعت الحكومة 64 مليار جنيه من خلال بيع شهادات استثمار لتمويل توسعات قناة السويس، وتصل فائدتها لـ%12 وتُصرَف بشكل ربع سنوى على 5 سنوات.
كما سبق ذلك بفترة فتوى أخرى أباحت شراء سندات وأذون الخزانة الحكومية التى تعطى لحاملها عائدًا ثابت.
وردًّا على أحد الأسئلة بشأن حكم الشرع فى الاستثمار بأذون الخزانة، ردَّت أمانة الفتوى بدار الإفتاء على موقعها الإلكترونى بتاريخ 1 فبراير 2012، بأن أذون الخزانة هى عقود تمويل تحقق مصالح أطرافها وليست قروضًا، ومن ثم فهى جائزة ولا مانع من الاستثمار بها ولا يجب تسميتها قروضًا، مضيفة أن الاعتراض عليها بدعوى أن فيها غررًا أو ضررًا أو ربا، ليس بصحيح، ويُجاب عليه بأن الواقع قد تغيَّر بمجموعة من العلوم الضابطة كدراسات الجدوى وبحوث العمليات والإحصاء والمحاسبة، مؤكدة أن الحكم عليها بأنها ربا ليس وجيهًا، بل إنها على عكس الربا تمامًا.
ووفقًا للبيانات التى تصدرها الجمعية المصرية لإدارة الاستثمار «إيما» أسبوعيًّا، يوجد بالسوق المحلية نحو 14 صندوقًا متوافقًا مع الشريعة، تضم صندوق بنك فيصل الإسلامى، وصندوق بنك البركة– مصر، وصندوق بنك فيصل وCIB الإسلامى– (عمان)، وبنك مصر السادس، وسنابل، والبشائر، وصندوق حياة، وصندوق بنك الاستثمار العربى الثانى (هلال)، وصندوق نعيم مصر، وصندوق بنك البركة مصر المتوازن، وصندوق بنك عوده (ازدهار)، وصندوق البنك المتحد، وصندوق أبوظبى الإسلامى، وصندوق بنك القاهرة والبنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى (الوفاق).
إلى ذلك قال عصام خليفة، العضو المنتدب بشركة الأهلى لصناديق الاستثمار، إن الصناديق الإسلامية تستثمر فى أسهم متوافقة مع الشريعة، ويمنع عليها الدخول بشركات يتعارض نشاطها مع أحكام الشريعة الإسلامية، مثل الفنادق التى تضم أندية قمار، والشركات التى تبيع خمورًا وسجائر.
وأضاف أنه كان يمنع على تلك الصناديق الاستثمار بالسندات وأذون الخزانة؛ لأنها ذات دخل ثابت، لكن بدأ التراجع عن ذلك الأمر مؤخرًا عقب صدور فتوى من مفتى الجمهورية أكدت أنها «حلال»، واستشهد بالفتوى التى صدرت فى أعقاب إصدار شهادات قناة السويس، وتابع: معدلات التضخم ترتفع، وقيمة الأموال المودَعة بالصناديق تتقلص، لذا تم فتح ذلك الباب أمام المستثمرين.
وكشف أن لجنة الرقابة الشرعية لأحد الصناديق التى تديرها «الأهلى» سمحت منذ 3 أشهر بالاستثمار فى أذون الخزانة والسندات، وهى عقبة كانت تواجه الصناديق خلال الفترات الماضية بسبب عدم وجود أدوات كافية تتوافق مع الشريعة الإسلامية بالسوق المحلية.
وقال العضو المنتدب بشركة الأهلى لصناديق الاستثمار، إن عدد الصناديق الإسلامية محدود محليًّا، مضيفًا أن السوق لم تستقبل المزيد منها منذ اندلاع ثورة يناير، والتى أعقبتها اضطرابات قلّصت من حجم صناديق الاستثمار بالسوق بشكل عام.
من جهته قال شريف سامى، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، إن الهيئة لا دخل لها بالخطط الاستثمارية للصناديق، مضيفًا أنه لا يوجد بالقانون ذكر لكلمة «صناديق إسلامية»، فقانون سوق المال يتضمن أنواع صناديق، مثل الدخل الثابت والعقارية وغيرها، ولكل مدير استثمار الحق فى اختيار الأدوات التى تتناسب مع استراتيجيته.
وأشار إلى أن الهيئة العامة للرقابة المالية أصدرت ضوابط ألزمت من خلالها الصناديق بوجود لجنة رقابة شرعية، وسجلت نحو 34 شخصًا، يختار كل صندوق 3 منهم، وهذه اللجنة هى المنوطة بتحديد المصارف المباحة، والأخرى غير الشرعية.
وتابع: عندما وضعنا مواد لإصدار الصكوك بقانون سوق المال، لم نسمِّها «صكوكًا إسلامية»، وإنما هى «صكوك تمويل»، مضيفًا أن وجهات النظر بشأن توافق أدوات معينة مع الشريعة تختلف من كيان لآخر، فمثلًا بنك فيصل الإسلامى يستثمر جزءًا كبيرًا من ودائعه بأذون خزانة وسندات، بينما هناك فروع معاملات إسلامية فى بنوك مثل «مصر» لا تدخل فى تلك الأدوات، فالأمر مرهون فى النهاية بقرار لجنة الرقابة الشرعية.
ونوّه رئيس هيئة الرقابة المالية بأن الهيئة أتاحت منذ فترة منتجًا جديدًا يمكن اللجوء إليه لأغراض العمل الخيرى، وهى «صناديق الاستثمار الخيرية».
ويُعرَّف صندوق الاستثمار الخيرى بأنه يتخذ شكل صندوق ملكية خاصة أو صندوق استثمار عقارى، يقتصر توزيع الأرباح والعوائد الناتجة عن استثماراته على الإنفاق على الأغراض الاجتماعية أو الخيرية، من خلال الجمعيات أو المؤسسات الأهلية المشهرة أو الجهات الحكومية أو الجهات التابعة لها ذات الصلة بالأنشطة الخيرية، وقد استحدثت تلك الصناديق بموجب القرار رقم 6 لسنة 2016.
وعلى الجانب الآخر قال مصدر، فضَّل عدم نشر اسمه، إن مصر قد تكون الدولة الوحيدة التى تبيح للصناديق الإسلامية الاستثمار فى أدوات تدرُّ عوائد ثابتة، مضيفًا أن مهمة تلك الصناديق بالأساس الدخول بأدوات متوافقة مع الشريعة، وهى التى تتيح للمستثمر تحمُّل الربح أو الخسارة، وذلك مثل الأسهم والصكوك التى لم يتم تفعيلها حتى الآن بمصر.
وأوضح: كل صندوق له لجنة شرعية تحدد الأوعية الاستثمارية المتاح له شراؤها، مؤكدًا أنه لا يوجد على سبيل المثال سهم إسلامى بنسبة كاملة، لذلك اتفق العلماء على وضع معايير يتم الاحتكام لها، مثل نشاط الشركة فى المقام الأول، فلا يمكن الدخول بأسهم شركات تعمل بمجالات غير شرعية، مثل الخمور والسياحة والبنوك التجارية على سبيل المثال، كما أن القروض لا بد ألا تتخطى نسبة معينة من الأصول، وألا يكون هناك شراكة مع شركة تعمل بمجال محرَّم شرعًا، وما إلى ذلك من معايير أخرى.
وأكد أن الاستثمار فى أذون الخزانة والسندات الحكومية غير متوافق مع الشريعة الإسلامية، وفقًا لما تنص عليه مبادئ الاقتصاد الإسلامى فى كل دول العالم، مثل لندن التى تلقَّب بعاصمة التمويل الإسلامى، مستكملًا أن مصر أباحت ذلك منذ نحو عامين أو ثلاثة أعوام، وفقًا لفتوى صادرة من دار الإفتاء.
فى السياق نفسه اكتفى مصدر رفيع المستوى بأحد البنوك الإسلامية بالقول إن فتح الباب أمام استثمار الصناديق الإسلامية فى أدوات دخل ثابت، هو أمر سياسى وليس اقتصاديًّا، مؤكدًا: ذلك الأمر غير مباح شرعًا نهائيًّا.
وقال محمد البلتاجى، رئيس الجمعية المصرية للتمويل الإسلامى، إن هناك فتوى صدرت منذ فترة ليست بعيدة سمحت بالدخول فى سندات وأذون خزانة للصناديق المتوافقة مع الشريعة، لكن تلك الفتوى ليست مُجازة من قِبل كل الفقهاء.
وأوضح: تم السماح بالاستثمار فى أدوات دخل ثابت بشروطٍ أقرَّها بعض الفقهاء، أولها أن تكون الأدوات خاصة بتمويل سلع غذائية وليس ديونًا للدولة، كما يشترط أن تكون إصدارًا أول من الحكومة، وكذلك ألا يتم تداولها؛ لأن ذلك الأمر غير جائز من الناحية الشرعية.
وأرجع البلتاجى إجازة الاستثمار بأدوات الدخل الثابت، إلى عدم وجود آليات أو مصادر تمويل تستطيع الصناديق الاستثمار بها، وتكون سريعة التحول لسيولة، مضيفًا أن الأمر مؤقت لحين صدور قانون الصكوك الذى سيوفر أدوات تمويل إسلامية.
وأشار إلى أن حجم الصناديق الإسلامية بمصر صغير، مرجعًا ذلك إلى قلة الوعى بذلك النوع من الأوعية الاستثمارية.