الاحتفال الذي نظمه الاسبوع الماضي اتحاد منتجي برامج الكمبيوتر باليوم العالمي للملكية الفكرية أعاد إلي ذهني أسئلة كثيرة كان عقلي يتداولها حول منظمات الاعمال ودورها في اكتساب الانصار والمؤيدين للاهداف التي أسست من أجلها، وأعتقد أن الامر يحتاج في البداية للتأكيد أننا في «المال» لانري مشكلة في تكوين أي مجموعة اجتماعية أو اقتصادية لجماعة ضغط أو «لوبي» لنشر أفكارها وكسب التأييد لها لدي باقي الجماعات ولا نحمل موقفا رافضا لذلك.. ورغم ارتباط مصطلح «اللوبي» بمفاهيم سياسية غير محببة في المنطقة العربية إلا أن مختلف الجماعات والمؤسسات ـخاصة في مجتمع الاعمال ـ تمارسه بصورة أو بأخري ومن بين هذه الصور محاولة كسب الاعلام لتأييد أفكارها وأهدافها ونشر هذه الافكار – من وجهة نظر مؤيدة لها ومدافعة عنها ـ وذلك بهدف كسب التأييد لها في مختلف قطاعات المجتمع أو من أجل استخدامه «الاعلام» لخلق صورة زائفة عن مدي التأييد الذي تحظي به هذه الافكار .
نعود إلي الاحتفال، ففي نهاية الاسبوع قبل الماضي تمت دعوتي مع غيري من الصحفيين إلي فعاليات تقام في مكتبة الاسكندرية لمدة يومين برعاية كل من أمين المكتبة د. إسماعيل سراج الدين ومحافظ الاسكندرية عبد السلام المحجوب واتحاد منتجي برامج الكمبيوتر، واكدت الجهة الداعية أنها لا تملك أي معلومات عن هذه الفعاليات سوي أنها ستستمر ليومين وأن الرعاة سيتحملون تكاليف الاقامة والانتقالات .
توجهت صباح السبت 26 أبريل إلي مكان التجمع حيث بدأ توافد المدعوين للاحتفال من الثامنة والنصف صباحاً مرتدين الملابس «الكاجوال» حاملين حقائب سفرهم، وبعد أن اكتمل وصول أغلب المدعوين ـ والذين اتضح أن كلهم من الاعلاميين ـ بدأ الاتوبيس في التحرك، وتوقعت أن يبدأ المنظمون في الاعلان عن فعاليات الاحتفال وهو الأمر الذي لم يحدث، نسيت أن أوضح أنني وقتها فقط علمت أن من قام بدعوتي هي شركة لتنظيم المؤتمرات قام اتحاد منتجي الكمبيوتر بالتعاقد معها للمساعدة في إدارة الاحتفال .
لم يبد علي زملائي الاعلاميين المشاركين في «الرحلة» أي إصرار علي توجيه أسئلة للمنظمين، لذلك كانت الفرصة سانحة لي لكي أحصل علي وقت كاف لتوجيه أسئلتي إلي «غادة خليفة» رئيس مشارك الشرق الاوسط بالاتحاد والتي تشغل أيضاً وظيفة مدير العلاقات العامة بشركة مايكروسوفت مصر، ولكن غادة لم تفصح عن «معظم» الفعاليات مشيرة إلي أنها لم تتلق بعد تأكيدات من بعض المتحدثين لذلك ستنتظر حتي اللحظة الاخيرة لإعلان باقي الفعاليات مكتفية بالاشارة إلي أن الاحتفال سيشهد الاعلان عن نتائج دراسة اجرتها «IDC» العالمية للابحاث بالتعاون مع الاتحاد .
وصلنا إلي مكتبة الاسكندرية بعد ظهر يوم السبت لنشهد الجلسة الافتتاحية للاحتفال بعد «استراحة شاي»، وتحدث في الجلسة الفنان محمد نوح وغني فنان شاب أغنية حول حقوق الملكية الفكرية ألفها خصيصاً للاتحاد «عنتر هلال» صاحب أغنية «بابا أوبح»، ثم بدأت الفعاليات بندوة حول حماية حقوق الملكية الفكرية في مجال الكتاب والنشر.. وانتهت الفعاليات .
انتهت الفعاليات «الفكرية» للاحتفال لكن الاحتفال لم ينته حيث توجهنا إلي فندق يطل علي البحر المتوسط وتناولنا الغداء، وعلي الموائد أخبرنا مستضيفنا بقية برنامج الاحتفال، وهو كالتالي: استراحة بعد الغداء، ثم عشاء جماعي، ثم حفلة سمر، وفي اليوم التالي ـ الاحتفال مستمر لمدة يومين ـ إفطار ثم استراحة ثم غداء علي البحر ثم العودة إلي القاهرة، وعلي عشاء اليوم الاول تم توزيع شهادات تقدير علي كل الحاضرين تقريباً لجهودهم في الدفاع عن حقوق الملكية الفكرية وتم توزيع هدايا تذاكرية علي غالبيتهم كما تم تقطيع تورتة ـ أعدها اتحاد منتجي البرامج التجارية ـ ليس لأي مناسبة تتعلق بالاتحاد ولكن بمناسبة عيد ميلاد عدد من الصحفيين والذين تصادف أن يكون في شهر أبريل، نسيت أن أوضح أن بعض المدعوين اصطحب زوجته وأولاده إلي المؤتمر ـ الرحلة .
بقدر سعادتي في البداية لاهتمام منظمي الاحتفال بدعوتي بقدر صدمتي للاسلوب الذي يحاول به الاتحاد تأسيس «لوبي» إعلامي للدفاع عن حقوق الملكية الفكرية في مصر، ربما دفعه إلي ذلك سلوك بعض الصحفيين والاعلاميين وربما دفعته مفاهيم العلاقات العامة التي يبدو أنها تسيطر علي أذهان إدارته ـ ومعروف أن مفاهيم العلاقات العامة في مصر غريبة وأميل إلي اساليب الرشوة المباشرة ـ ولكن في النهاية لا يمكن اعتبار طريقة تأسيس «لوبي» الدفاع عن الملكية الفكرية في مصر طريقة مقبولة وإن كانت أهدافها مشروعة تماماً .