قال حسين أركان، الرئيس التنفيذى للاتحاد العالمى للبورصات، إن أسواق المال الأفريقية لم تشهد الطفرة المتوقعة لها بعد انقضاء فترة الأزمة المالية العالمية، والتى نصحت فيها كل بيوت الاستثمار على مستوى العالم باقتناص الفرص الاستثمارية فى القارة السمراء، وأرجع ذلك إلى عدد من العناصر التى تزامنت مع بعضها على الصعيدين: الطلب والعرض.
وأضاف أنه على صعيد الطلب، فإن صناديق الاستثمار العالمية تضررت بشدة جراء الأزمة المالية العالمية وأزمة الديون الأوروبية، فضلاً عن تحول سياساتها الاستثمارية للبحث عن فرص الاستثمار الأكثر أماناً بدلاً من العائد المرتفع.
ودلل أركان على وجهة نظره بتضاؤل أحجام التنفيذات اليومية فى كل البورصات العالمية فى فترة ما بعد اندلاع الأزمة المالية العالمية ومروراً بأزمة الديون السيادية حتى الآن، على الرغم من الارتفاع النسبى فى رأس المال السوقى للبورصات على مستوى العالم، وهو ما يكشف عن اتجاه رؤوس الأموال إلى آليات استثمارية بديلة، فضلاً عن ارتفاع مستويات الاقتراض من المؤسسات التمويلية على مستوى العالم.
وعلى صعيد العرض، قال إن معظم دول أفريقيا تعانى بشدة خلال الفترة الراهنة عدم الاستقرار السياسى سواء بسبب ثورات الربيع العربى أو الصراعات السياسية والعرقية، وهو ما يعتبر على رأس التهديدات والمخاطر التى تواجه الاستثمار فى القارة السمراء.
وكشف أركان أن عدد الشركات المقيدة بالبورصات الأفريقية قليل للغاية، وهو ما يقلل من فرص الاستثمار المتوقعة، خاصة فى ظل ضخامة رؤوس أموال صناديق الاستثمار العالمية مقارنة بأحجام تلك الشركات، فضلاً عن ضعف الالتزام بمعايير الحوكمة والشفافية فى اقتصادات تلك الدول، علاوة على حاجة معظم تلك البورصات لتغيير طريقة تعاملها مع ملف التشريعات الاقتصادية والاستثمارية وتعديل البنية الرقابية لتلك الأسواق.
وتوقع رئيس اتحاد البورصات العالمية استمرار ضعف الاستثمارات فى القارة الأفريقية لحين استقرار الأوضاع السياسية فى تلك البلدان، بجانب التحسن النسبى لاقتصادات الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما قد يعيد للصناديق شهيتها المعتادة للاستثمار.
ونصح القائمين علي شئون أسواق المال بضرورة العمل علي التوازي لرفع مستويات الطلب والعرض في الوقت نفسه علي البورصات.
وفيما يخص أسواق شمال أفريقيا، والتى تضررت بقوة بسبب التداعيات السلبية المرتبطة بثورات الربيع العربى مثل مصر وتونس وليبيا، لفت أركان إلى الهبوط العنيف فى رؤوس الأموال الأجنبية الموجهة لتلك الدول بعد تصاعد المخاوف السياسية، موضحاً أنه رغم المقومات الجيدة التى تتمتع بها العديد من الشركات بتلك الأسواق، خاصة مصر فإن رأس المال الأجنبى فضل الخروج من تلك السوق على صعيد الاستثمار متوسط أو طويل الأجل بسبب المخاوف السياسية والتى تصاعدت حدتها فى الفترة الأخيرة.
وأشار إلى خروج كبير لرؤوس الأموال الأجنبية من البورصة المصرية، لافتاً إلى اندثار التعاملات فى السوق بشكل عام، سواء على صعيد الأجانب أو المحللين، وهو ما انعكس بشكل مباشر على أحجام التعامل اليومية.
وقال رئيس اتحاد البورصات العالمية، إن رؤوس الأموال الأجنبية الموجودة فى أسواق شمال أفريقيا التى تعانى اضطرابات سياسية فى الفترة الراهنة هى مجرد محاولات مضاربة من قبل بعض المتعاملين الأجانب على الأوضاع الراهنة ولا تحمل طابع الاستثمار متوسط أو طويل الأجل الذى اعتادت عليه تلك الأسواق.
وطالب القائمين على الجهات الرقابية فى بورصات أفريقيا بضرورة استغلال الفترة الراهنة فى تقديم حوافز للشركات على القيد فى أسواق المال، خاصة من خلال الحوافز الضريبية، والتى أثبتت قدرة عالية على جذب المزيد من الشركات للقيد فى أسواق المال.
وأكد أركان أنه جار حالياً دراسة كيفية تعزيز التعاون بين اتحاد البورصات العالمية مع باقى اتحادات البورصات الإقليمية على مستوى العالم، وأن لا تقتصر على مجرد عقد مؤتمرات وحضور ندوات مشتركة لتبادل الخبرات، متوقعاً أن يبدأ اتحاد البورصات العالمية منح عضوية للاتحادات الأخرى كأعضاء مراقبين لتعزيز التعاون وفتح الأسواق مع بعضها البعض.