يسعي الإقراض المشترك للعب دور قوي في نمو المحافظ الائتمانية للبنوك، خاصة الصغيرة، خلال الفترة المقبلة بدفع من قدرته علي خفض اعباء ترتيب وإدارة القروض التي باتت البنوك الكبري في السوق تستحوذ عليها.
ونمت القروض المشتركة لدي بعض البنوك بنسبة بين 13.5 و %98 كرد فعل طبيعي لنشاط هذا النوع من التمويل في العامين الماضيين منذ نشوب الأزمة المالية العالمية.
وقال مصرفيون إن صعود نجم القروض المشتركة يأتي بسبب الظروف التي مر بها الاقتصاد المصري جراء الأزمة المالية والمشروعات الضخمة التي أقامتها الحكومة لتحقيق معدلات نمو مرتفعة، والتي ألزمت البنوك علي الدخول في تحالفات لتقديم التمويل اللازم لهذه المشروعات التي تدر أرباحاً هائلة.
وأشاروا إلي أن المخاطر المنخفضة التي تتمتع بها القروض المشتركة خاصة في ظل تواجد بنوك ضخمة قادرة علي إدارتها، شجعت عدداً كبيراً من البنوك الصغيرة علي المنافسة بقوة لاقتناص حصص من القروض التي تم تسويقها خلال الفترة الماضية، الأمر الذي أدي إلي تباطؤ معدلات نمو القروض المباشرة.
وتوقعوا أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من القروض المشتركة خاصة في ظل الثقافة التي أصبحت تتمتع بها معظم البنوك في التعامل مع مثل هذه القروض، علاوة علي أن المشروعات الضخمة التي تنوي الحكومة تدشينها لم تنته بعد.
في حين أشار آخرون إلي أن الظروف السياسية التي تمر بها الدولة حالياً ستدفع عدداً من البنوك إلي تغيير وجهتها إلي التمويل المباشر بعيداً عن التمويل المشترك.
وقال محمد أبوالفضل، مساعد المدير العام لقطاع مخاطر الائتمان ببنك »مصر- إيران للتنمية«، إن المشروعات الضخمة التي ظهرت علي الساحة خلال الفترة الماضية مثل مشروعات »الكهرباء، الصرف الصحي، البتروكيماويات«، أجبرت البنوك علي تكوين تحالفات قوية لتقديم التمويل المناسب لها، ومن ثم كان لنمو معدلات القروض المشتركة أثر عكسي علي التمويل المباشر أدي إلي تباطؤ معدلات نموه.
وأضاف »أبوالفضل« أن أغلب البنوك الصغيرة فضلت الدخول في التمويل المشترك عن ضخ قروض للتمويل المباشر لعدة أسباب رئيسية، أبرزها قلة المخاطرة التي تتمتع بها القروض المشتركة، نظراً لتحمل البنوك صاحبة الإدارة والترتيب أعباء المخاطرة التي من الممكن أن يتعرض لها المشروع، علاوة علي تحقيق أرباح كبيرة للبنوك المشاركة التي لا تتحمل أي أعباء سوي تقديم التمويل اللازم.
وتوقع مساعد المدير العام لقطاع مخاطر الائتمان ببنك »مصر- إيران للتنمية«، أن تشهد السنوات المقبلة نمواً كبيراً للقروض المشتركة خاصة في ظل استهداف الحكومة المصرية تحقيق معدلات نمو مرتفعة، لافتاً إلي أن هذه القروض المشتركة تساعد بشكل كبير في تحقيق معدلات نمو مرتفعة للاقتصاد ككل نظراً لتمويلها مشروعات اقتصادية تنموية.
وكان القطاع المصرفي قد رتب خلال الفترة الماضية أكبر قرض في تاريخه لصالح شركة »اتصالات- مصر« بقيمة 7.2 مليار جنيه بمشاركة 28 بنكاً محلياً وعالمياً.
ويجري حالياً ترتيب قرض لصالح شركة »بل انترناشيونال« العاملة في مجال تصدير منتجات البترول بقيمة 2 مليار دولار بهدف استخدامه في عقود تصدير النفط والزيت الخام لصالح الهيئة ضامنة التمويل.
وفي السياق، أضاف أحمد نجم، مدير عام تمويل الشركات بأحد البنوك الخاصة، أن الأزمة المالية العالمية أجبرت عدداً كبيراً من البنوك إلي التراجع عن التوسع في تقديم التمويل المباشر خوفاً من التعرض للخسارة، خاصة في ظل المخاطرة التي كان يتمتع بها القطاعان المصرفي العالمي بصفة عامة، والمصري بصفة خاصة.
وأشار »نجم« إلي أن التوسع في المشاركة في تمويل القروض المشتركة كان أحد المنافذ المتاحة لأغلب البنوك لتوظيف السيولة المتوافرة لديها، علاوة علي تلاشي جميع المخاطر التي من الممكن أن تتعرض لها المشروعات خاصة في ظل تحمل البنوك المديرة والمرتبة لهذه القروض الضخمة التي تقدر بالمليارات، أعباء هذه المخاطر مقابل الحصول علي عمولات مما أوجد طمأنينة كبيرة لدي البنوك الصغيرة علي المشاركة بحصص كبيرة في هذه القروض.
وأضاف مدير عام تمويل الشركات أنه علي مدار العامين الماضيين استطاعت بنوك صغيرة بمساندة بنوك كبيرة علي اقتناص حصص كبيرة من القروض الضخمة التي تم ترتيبها وإدارتها، الأمر الذي أدي إلي إحداث طفرة كبيرة في ميزانيتها، متوقعاً أن تشهد الفترة المقبلة تراجعاً في معدلات نمو القروض المشتركة لصالح القروض المباشرة خاصة في ظل الظروف السياسية التي تمر بها الدولة في الوقت الراهن، ملقياً الضوء علي أن أغلب البنوك الخاصة ستتجه الفترة المقبلة إلي التوسع بقوة في ضخ تمويل مباشر عن الدخول في قروض مشتركة.
وكان أكرم تيناوي، الرئيس التنفيذي، العضو المنتدب لبنك »ABC – مصر« قد قال في تصريحات صحفية سابقة، إن مصرفه سيتجه خلال الفترة المقبلة إلي الدخول في تمويل العميل مباشرة وليس الدخول في قروض مشتركة إلا إذا كانت مجزية بالنسبة لمصرفة، مرجعاً أسباب ذلك إلي رغبة مصرفه في تقوية علاقته بعملائه، بالإضافة إلي الحصول علي العمولات التي لا يحصل عليها البنك التابع لأي قرض مشترك.
وعلي صعيد آخر، أرجع حساح راجح، مدير مخاطر الائتمان بأحد البنوك الأجنبية تركيز أغلب البنوك العاملة في السوق علي الدخول في قروض مشتركة ضخمة خلال الفترة القليلة الماضية إلي عدة أسباب رئيسية أبرزها تحقيق المستهدف للميزانية في أوقات قصيرة، علاوة علي تحمل أعباء مخاطرة منخفضة، وتحقيق أرباح كبيرة نظراً لأن البنك المشارك في القرض المشترك لا يتحمل سوي تقديم المبلغ المطلوب فقط، ويتم إعفاؤه عن العميل، بالإضافة إلي التأكد من دراسات جدوي المشروع.
وأوضح أن السوق اقتصرت خلال العامين الماضيين علي بنوك كبيرة بذاتها كانت اللاعب الرئيسي في ترتيب وإدارة القروض المشتركة علي رأسها »الأهلي، مصر، العربي الأفريقي«، مرجعاً أسباب ذلك إلي الإمكانيات الكبيرة التي تتمتع بها هذه البنوك من امتلاكها قواعد رأسمالية ضخمة، مقارنة بباقي البنوك العاملة في السوق، فضلاً عن الخبرات الوفيرة التي تمتلكها في كيفية إدارة وترتيب هذه القروض.
وأضاف أن هذه القروض المشتركة التي ظهرت بقوة علي الساحة المصرفية الفترة الماضية تعد نوعاً جديداً من أنواع التمويل قليل المخاطر، لافتاً إلي أن الأفضل للبنوك التركيز علي التمويل المباشر، بالإضافة إلي التمويل المشترك، وليس التركيز علي جانب واحد فقط، نظراً لأن التمويل المباشر يساعد بقوة علي تقوية علاقة العميل بالبنك، علاوة علي حصول البنك المقدم للتمويل المباشر علي عمولات ومزايا كبيرة يفقدها البنك في حالة التمويل المشترك.
وتوقع مدير مخاطر الائتمان أن تشهد الفترة المقبلة نوعاً من أنواع التوازن النسبي بين التمويل المباشر، والتمويل المشترك، خاصة أن الأزمة المالية في طريقها للانتهاء، علاوة علي أن السوق المصرفية أصبحت تستوعب عدداً كبيراً من الشركات التي تحتاج إلي تمويل.
من ناحية أخري أكد مدير عام الائتمان بأحد البنوك العامة، أن الفترة الماضية شهدت طفرة كبيرة في تأسيس مشروعات تنموية تابعة للدولة في قطاعات بعينها أبرزها »الأسمنت، الحديد، البتروكيماويات«، الأمر الذي فرض علي البنوك الدخول في تحالفات لترتيب القروض المشتركة لتمويل هذه القروض التي تدر عائداً مناسباً للبنوك المرتبة والمشاركة ولكن بنسب مختلفة.
وأضاف أن المقومات والإمكانيات الكبيرة وإعادة الهيكلة التي مر بها بنكا »الأهلي، ومصر« ساهمت بقوة خلال الفترة المقبلة علي ترتيب عدد من هذه القروض، فضلاً عن تشجيع عدد من البنوك الصغيرة علي المنافسة بقوة لاقتناص حصص من القروض التي تم ترتيبها في السوق مؤخراً.
ولفت إلي أن العمولات التي تحصل عليها البنوك المرتبة والمديرة والضامنة للتغطية هي مقابل للمخاطرة والأعباء الكبيرة التي تتحملها هذه البنوك، منوهاً بأن معدلات نمو القروض المشتركة سترتفع بقوة خلال السنوات المقبلة خاصة في ظل إعلان الحكومة احتياجها لتمويل ضخم للمشروع النووي المصري، ومحطات الكهرباء.
بدوره أكد نائب مدير عام الائتمان بأحد البنوك الأجنبية أنه كان لزاماً خلال الفترة الماضية تمويل المشروعات الضخمة، خاصة في ظل الظروف التي مر بها الاقتصاد المصري جراء الأزمة المالية العالمية التي عصفت بعدد من اقتصادات العالم، وأجبرت عدداً من البنوك العالمية علي إشهار إفلاسها، لافتاً إلي أن هذه المشروعات تهدف بقوة إلي النهوض والنمو بالاقتصاد المصري.
وأشار إلي أن الشراكة التي تم توقيعها خلال الفترة الماضية بين القطاعين العام والخاص دفعت عدداً كبيراً من البنوك إلي المساهمة بقوة في تمويل قروض مشتركة ضخمة للمشروعات التي أعلنتها الدولة، لافتاً إلي أن هذه المشروعات أتت بثمارها ووضعت مصر علي رأس دول المنطقة جذباً للاستثمارات الأجنبية.
وألقي الضوء علي أن الإمكانيات الضخمة وشبكة الفروع القوية التي تتملكها بنوك »NSGB ، CIB، العربي الأفريقي« بجانب بنكي »الأهلي ومصر« ساهمت بقوة علي ترتيب معظم القروض في السوق المصرفية الفترة الماضية، متوقعاً التوسع بقوة في مجال القروض المشتركة نظراً لأن المشروعات الضخمة لم تنته بعد.
