مازال قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في أسواق شمال افريقيا يفتقر الي الاستثمارات المحلية او الاجنبية التي تساهم في زيادة الاهمية النسبية لصناعة التكنولوجيا بين القطاعات الداعمة للتنمية الاقتصادية بتلك الدول، وقد استطاعت بعض الدول منها مصر والمغرب وتونس ان تزيد من حجم صادراتها التكنولوجية بما يدعم ميزانها التجاري ويرفع من الناتج المحلي الاجمالي.
|
امين خير الدين |
ويمثل حجم الصادرات التكنولوجية في مصر نحو مليار دولار حتي الآن من 6 مليارات دولار إجمالي الصادرات الكلية ومن المنتظر أن يصل حجم الصادرات التكنولوجية إلي مليار ومائة مليون دولار بنهاية 2010، بما يدفع السوق المحلية إلي النمو لمواكبة التطور التكنولوجي العالمي.
وتوقع الدكتور طارق كامل، وزير الاتصالات، وصولها إلي 2 مليار دولار، بنهاية2013 و10 مليارات بنهاية2020 في ضوء تحقيق معدلات النمو العالمية البالغة %30 سنويا، كما وضعت تونس والمغرب خططها لتنمية قطاع التكنولوجيا والمعلومات بما يدعم دورها في تنمية الناتج الاجمالي لتلك الدول.
وعلي الجانب الاخر تفتقر باقي أسواق شمال أفريقيا ليبيا، موريتانيا والجزائر- لهذه الخطط التكنولوجية والرؤية المستقبلية لاعتبارها ادوات تنموية بجوار الصناعات الاخري.
وفي هذا السياق أكد عدد من خبراء صناعة تكنولوجيا المعلومات أهمية الدور الحيوي للصادرات التكنولوجية في نمو الاقتصاد المحلي لأسواق شمال أفريقيا من حيث العائد التكنولوجي وتنمية القدرات الابداعية وخلق فرص عمل متنوعة بهذة الأسواق.
وتوقع الخبراء معدلات نمو مرتفعة لهذه الأسواق خلال الفترة المقبلة بمعدل نمو يصل إلي %20. لافتين إلي أن الصادرات التكنولوجية في أسواق شمال أفريقيا تتعاون وتتنافس فيما بينها، خاصة بين مصر وتونس والمغرب ويساعدهم في ذلك وجود اللغة الفرنسية بما يفتح اسواقهم معا ويدعم انفتاحهم علي دول غرب افريقيا التي تتحدث اللغة الفرنسية ايضا، كما يساهم في نقل الخبرات التكنولوجية من دول متقدمة مثل فرنسا.
ويري الخبراء ان ارتباط سوق الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات علي مستوي العالم بالمجالات الصناعية الاخري، ينعكس علي زيادة الطلب علي الخدمات التكنولوجية محليا وخارجيا وهو ما يدعم اهداف دول شمال افريقيا لزيادة حجم صادراتها التكنولوجية بما يدعم ميزانها التجاري اقتصاديا بواسطة الارباح التي يحققها القطاع والتطور مدعوما بخطط تنمية الابداع التكنولوجي كما هو الحال في مصر.
وأكد أمين خير الدين، مستشار وعضو مجلس إدارة هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات،»ايتيدا« أن مصر احتلت المركز السادس علي مستوي العالم في مجال التعهيد كأحد منافذ الصادرات التكنولوجية خلال عام واحد من المجهود في هذا المجال لتنتقل من المركز الثالث عشر إلي المركز الخامس أو السادس علي مستوي العالم بعد الفلبين، الهند، ووسط رومانيا، ووسط تايلاند.
وتعد المغرب وتونس هما الأكثر تشابها لمصر بأسواق شمال أفريقيا في تقديم خدمات التعهيد بالرغم من ارتفاع أسعار هذه الخدمات لديها. لافتا إلي كون مصر الأولي في مجال الصادرات التكنولوجية علي مستوي أسواق شمال أفريقيا دون وجه مقارنة مع أي سوق منها علي مستوي العالم.
وأوضح مستشار »ايتيدا« أن ذلك النجاح جاء تنفيذا للبرامج الاستراتيجية التي أعلنتها الحكومة في عام 2002، علاوة علي ذلك يتم الآن إعداد الخطة الاستراتيجية لعام 2020 والتي سيتم إعلانها بنهاية العام الحالي، مع العلم بأن هذه الخطة ستركز بشكل أكبر علي الابتكار والتطوير التكنولوجي.
وأشار إلي أنه فيما لا يقل عن 20 أو25 شركة عالمية تستخدمها مصر في مجال الصادرات التكنولوجية بين شركات أوروبية وأمريكية وهندية، بينما تعتمد باقي دول شمال أفريقيا في صادراتها التكنولوجية علي الشركات الفرنسية وهو ما يدعم دولاً مثل المغرب وتونس.
وشدد علي أهمية تكنولوجيا المعلومات في تنمية الاقتصاد المحلي وخلق عدد كبير من الوظائف المباشرة لخريجي الجامعات، بجانب خلق وظائف للعمالة الحرفية والمهنية بصورة غير مباشرة. موضحا أن هناك 33 ألف شاب وفتاة عاملون بخدمات التعهيد وتكنولوجيا المعلومات في مصروحوالي28 ألف شاب وفتاة يعملون في السوق المحلية لهذا القطاع أي حوالي 61 ألف شاب وفتاة إجمالي العاملين بالمجال التكنولوجي. مضيفا أن كل وظيفة تكنولوجية بهذا المجال تخلق في المقابل ثلاث وظائف فنية ومهنية.
وأرجع الدور القوي للصادرات التكنولوجية إلي دخول مجالات متنوعة لتقديم خدمات الصادرات التكنولوجية بالاضافة الي مشاركة الاستثمارات الاجنبية والشركات متعددة الجنسيات كأبرز اليات العمل في قطاع تكنولوجيا المعلومات.
وقسم خير الدين المجالات التي تعتمد علي تطوير صادرات قطاع تكنولوجيا المعلومات في اسواق شمال افريقيا إلي 3 محاور اولها تواجد الوظائف المباشرة التي تتمثل في محاسبين لخدمات الكول سنتر ومحامين لخدمات التأمين علي الشركات العالمية وخريجي اللغات للتعاملات الالكترونية مع المستخدمين والشركات المتنوعه بالخارج، والمحور الثاني يعتمد علي دور الشركات العاملة في صناعة المحتوي مثلما تفعل شركة »Yahoo « العالمية في الوقت الحالي وتواجدها بالسوق المحلية حيث استطاعت عبر موقع »مكتوب« تطوير المحتوي العربي في صناعة التكنولوجيا.
اما المحور الثالث فهو شق البرمجيات حيث أكد خير الدين الحاجة لخريجي الهندسة والطب في صناعة البرمجيات، منوها بأن كل هذه المهن السابق ذكرها تعد أكثر حرفية في المجال التكنولوجي.
ويري وائل أمين، رئيس شركة »IT WORX « لخدمات البرمجيات، أن أسواق شمال أفريقيا ناجحة جدا في مجال الصادرات التكنولوجية وأسوق متعطشة لمجال الاتصالات والتكنولوجيا ونسبة النمو فيها عالية تتراوح بين %7 و%15 وهي نسبة نمو جيدة. وبناء علي تصريحات سابقة لوزير الاتصالات المصري طارق كامل أكد فيها وصول حجم الصادرات التكنولوجية إلي 1.1مليار دولار بنهاية 2010.
و اشار أمين إلي أن اللغتين العربية والفرنسية في مصر خلقا مناخا جيدا لنمو مجال الصادرات التكنولوجية في السوق المصرية بما ساعدها علي تقديم خدمات جيدة. موضحا أن مصر تتعاون وتتنافس في آن واحد مع كل من فرنسا، تونس، والمغرب التي تناظرها في خدمات الصادرات التكنولوجية.
وأوضح أن الشركات الفرنسية من أكثر الشركات المؤثرة في مجال الصادرات التكنولوجية، بحيث تنقسم خدمات الصادرات إلي صادرات رأسية وأخري أفقية متمثلة في قواعد البيانات، والأخيرة تسيطر عليها الشركات الأمريكية. أما الخدمات الرأسية بمجال الصادرات التكنولوجية فتسيطر عليها شركات فرنسية وبلجيكية.
ولفت إلي أن الصادرات التكنولوجية في مصر بحاجة للاهتمام باللغة الفرنسية باعتبارها الأكثر انتشارا في أسواق شمال أفريقيا، بجانب زيادة التواجد الفعلي لمصر في دول شمال أفريقيا بمجال صادرات التكنولوجية، عن طريق كل شركة بذاتها أو من خلال المنظمات غير الحكومية، وهو ما يعطي الميزة التنافسية لدولتي المغرب وتونس مقارنة بمصر.
ويري سيد إسماعيل، عضو لجنة التجارة الالكترونية بغرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات، أنه بالرغم من أن الشركات المصرية لا تستهدف السوق الأفريقية- وسط وجنوب القارة- للصادرات التكنولوجية فإنها تتمتع بقدرة علي التواجد بهذه الأسواق الناشئة في مجال الصادرات التكنولوجية، بما يدعم السوق المصرية في التواجد علي المستوي الافريقي بتنافسية امام باقي دول شمال أفريقيا.
وتوقع إسماعيل نمو السوق في مجال الصادرات التكنولوجية المصرية بنسبة تصل إلي %20 تدفع للتواجد أكبر بهذا المجال، خاصة أن مجال الصادرات التكنولوجية يتركز بصورة كبيرة في خدمات التعهيد والتي تنمو بصورة كبيرة بالوقت الحالي بسبب موقع مصر المتميز والتعدد اللغوي والتوقيت المحلي. وكل هذه المؤشرات تلعب دورا مهماً في التوجه نحو تنفيذ خطط تسويقية أكبر لهذه الخدمات بما يدفع عجلة الصادرات التكنولوجية للأمام.
ونوه عضو لجنة التجارة الالكترونية بأن مصر لها الحصة الاكبر من تطبيقات وحلول التكنولوجيا في دول شمال أفريقيا، مؤكدا أن أغلب الصادرات التكنولوجية في مصر تعتمد بصورة كبيرة علي خدمات التعهيد، بما شهدته من نجاح في السوق المصرية والمفترض للفترة المقبلة التوسع في مجالات أخري مثل الصحة والتعليم والصناعة والسياحة والحكومة الالكترونية.
ويري ان مشروع المركز المصري للإبداع التكنولوجي عملية تطورية للصادرات التكنولوجية، خاصة في ظل وجود العقول التي تستطيع الابداع والابتكار التكنولوجي. بالشكل الذي يساعدنا علي الانتقال من مستخدمي التكنولوجيا إلي منتجيها، وهو الاتجاه الذي يجب ان تنتهجه دول شمال افريقيا لوضع خطة لتنمية صادراتها التكنولوجية.
وأكد حازم عبدالعظيم، الرئيس التنفيذي لهيئة صناعة تكنولوجيا المعلومات »إيتيدا«، أن الدور القوي لتكنولوجيا المعلومات، يعتمد علي تنمية الموارد البشرية للدولة بدءا بالتوغل داخل الجامعات والمؤسسات التعليمية، وهو احد اهم الادوار التي تلعبها ايتيدا بواسطة معهد التدريب التكنولوجي »ITI «.
واوضح ان صناعة التكنولوجيا في سوق شمال افريقيا تتركز علي مصر والمغرب وتونس في حين هناك فجوة بين استخدام التكنولوجيا وصناعتها بدول مثل موريتانيا والجزائر والتي تعتمد علي تكنولوجيا المعلومات كخدمات في صناعتها تقوم باستيرادها من دول اوربا او دول مجاورة في المنطقة.
وأكد أن مجال الصادرات التكنولوجية في مصر يعمل في ثلاثة اتجاهات تتقدمها الشركات العالمية العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات، بحيث تقوم بإنشاء مراكز لها في مصر للقيام بعمليات التصدير التكنولوجي للخدمات والبرمجيات في مجالات متعددة مثل التعهيد، والكول سنتر، وهو ما يساهم في خلق فرص عمل كبيرة للشباب المصري في المجال التكنولوجي.
ويليها القيام بدعم الشركات المصرية العاملة بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لزيادة الصادرات التكنولوجية التي تستهدف كلا من الأسواق الخليجية والأمريكية خلال برامج معينة مثل برنامج بناء القدرات المؤسسية للشركات العاملة بالقطاع وتعمل فيه حتي الآن 100 شركة مصرية.
وقال إن برنامج EXPORT IT يقدم الدعم المادي للشركات العاملة بالتكنولوجيا بنسبة %10 من إجمالي المجهود العقلي والابداع الذي تضيفه الشركات علي المنتج التكنولوجي. وأما عن الاتجاه الأخير في مجال الصادرات التكنولوجية فإنه يتمثل في تسليح طلاب الجامعات بالمهارات اللازمة من مهارات لغوية واتصالية وأساليب العرض والتفكير المطلوبة للعمل بالقطاع، ويتم ذلك من خلال برنامج شراكة مع الوزارة ومعهد تكنولوجيا المعلومات والجامعات المصرية. لافتا إلي قيام 10 جامعات و35 كلية بتدريب 10 آلاف طالب للعمل بمجال تكنولوجيا المعلومات.