محمد طه
تشهد سوق المال حالة من المضاربات العنيفة علي مختلف الاسهم خاصة التي تتمتع بانخفاض نسبة الأسهم حرة التداول، مما يسمح للمضاربين بالتلاعب عليها والارتفاع بها الي مستويات سعرية غير مسبوقة، علي الرغم من تنبيهات التحليل الأساسي بتراجع نتائج أعمال هذه الشركات وتحقيق بعضها لخسائر بما يجعل الارتفاع غير مبرر بأي حال من الأحوال، ويؤكد ذلك أن الارتفاعات التي تشهدها هذه الأسهم لا يزيد علي تلاعب ومضاربات في ظل تكرار نفي المسئولين عدم وجود أي أحداث جوهرية تتسبب في ارتفاع هذه الاسهم.
وتتضح عمليات التلاعب جليا في ظل تراجع مؤشر البورصة خاصة أسعار الأسهم القيادية وسيادة حالة من المخاوف الاستثمارية داخل السوق في حين ترتفع بعض الاسهم بعينها دون أي مبرر، مما دفع بالخبراء والمستثمرين للمطالبة بتطبيق نص المادتين رقم 21 و 22 من قانون سوق المال ، حيث تجيز الأولي بقرار من رئيس البورصة وقف عروض وطلبات التداول التي ترمي الي التلاعب في الأسعار علي أن يكون له الغاء العمليات التي تعقد بالمخالفة لاحكام القوانين واللوائح والقرارات الصادرة تنفيذا لها او التي تتم بسعر لا مبرر له.
كما تجيز المادة لرئيس البورصة وقف التعامل علي ورقة مالية اذا كان من شأن استمرار التعامل بها الإضرار بالسوق أو المتعاملين فيها، كما أن لرئيس الهيئة اتخاذ الاجراءات السابقة.
أما المادة 22 من القانون فتجيز لرئيس هيئة سوق المال اذا طرأت ظروف خطيرة أن يقرر تعيين حد أعلي وحد أدني لأسعار الاوراق المالية بأسعار القفل في اليوم السابق علي القرار وتفرض هذه الأسعار علي المتعاقدين في جميع بورصات الاوراق المالية، وأن يتم إبلاغ القرار فور اتخاذه الي الوزير المختص، وللوزير ان يوقف تنفيذه كما أن له أن يصدر قرارا من تلقاء نفسه بما يتخذ من إجراءات في الظروف المشار اليها.
ويتضح من نص المادتين السابقتين ان من صلاحيات رئيس البورصة ورئيس الهيئة الغاء جميع العمليات التي توجد بها شبهة تلاعب وكذلك إلغاء آثار العمليات في أسعار الإغلاق ، الأمر الذي دفع عددا من الخبراء والمستثمرين للتساؤل حول السبب في عدم تفعيل هاتين المادتين، خاصة أن المضاربات القوية التي تشهدها السوق حاليا قد تؤثر في جاذبية السوق للاستثمارات الأجنبية.
يقول عيسي فتحي رئيس مجلس ادارة المجموعة الاستراتيجية: إن انتشار المضاربات بالشكل الحالي يشكل خطورة كبيرة علي طبيعة الاستثمار داخل البورصة وعلي وضع البورصة المصرية مقارنة بمختلف البورصات العربية والعالمية خاصة في ظل الزيادة الكبيرة في حجم عمليات المضاربة.
واضاف انه في اطار مطالبة البورصة المصرية وهيئة سوق المال للالتزام بمعايير الافصاح والشفافية من الشركات المدرجة فمن الاحري ان تطبق الجهات الرقابية معايير الشفافية علي المستثمرين أيضا، خاصة أن إدارة مراقبة السوق تتابع حركة العملاء شراء وبيعا وفي حالة وجود حركات شراء عنيفة علي احد الاسهم خاصة التي يشير تحليلها الاساسي الي عدم مواءمتها للارتفاعات السعرية التي تشهدها، فيجب في هذه الحالات التحقيق مع المستثمرين حول أسباب هذا الشراء المكثف والتأكد من وجود معلومات داخلية من عدمه وفي حالة وجود شبهة تسريب معلومات او تلاعب بسعر السهم علي ادارة البورصة إيقاف التداول علي السهم وكذلك الغاء العمليات عليه طبقا لما يشير اليه قانون سوق المال وذلك لعدم الاضرار بالمستثمرين والحد من انتشار المزيد من عمليات المضاربة والتلاعب.
وطالب فتحي بضرورة تعديل نص الافصاح من الشركات والذي يقتصر حاليا علي إعلان الشركات عن عدم وجود احداث جوهرية من عدمه، لافتا الي ان هناك بعض الشركات تفتقر الي مفهوم الحدث الجوهري وهو ما حدث بالفعل في الشركة المصرية للدواجن والتي اعتبر رئيس مجلس اداراتها ان دراسة زيادة رأسمال الشركة حدث غير جوهري موضحا ان بيان الافصاح لابد ان يحتوي علي اخر ثلاث نتائج اعمال وكذلك اخر مشروعات اقامتها الشركة لمدة لا تقل عن 6 أشهر وتوضيح ما إذا كانت هناك مفاوضات حول مشروعات جديدة تعتزم الشركة الاستثمار فيها ام لا حتي يشمل بيان الافصاح جميع الامور التي قد تتسبب في ارتفاع او انخفاض سعر السهم.
من جانبه أشار احمد الزيات الخبير القانوني باسواق المال الي ان هناك قصورا قانونيا بالغا داخل البورصة وهيئة سوق المال وعدم التزام بتطبيق نص مواد القانون التي وضعها المشرع، وأكد ان هناك اتجاها من بعض الخبراء القانونيين لمطالبة البورصة وهيئة سوق المال بشرح الاسباب الحقيقية لعدم تطبيق العديد من نصوص القانون والتي تعمل علي خلق بيئة استثمارية صحية داخل سوق المال دون تلاعب او مضاربات، موضحا ان هناك العديد من الامور التي تحتاج الي تفسير واضح حول تجاهل بعض هذه النصوص ومن بينها المادتان 21 و22 من قانون سوق رأس المال.
من جانبه اشار د. هشام ابراهيم الخبير الاقتصادي الي ان الجهات الرقابية لا تركز علي عمليات التلاعب سوي في الحالات الواضحة للجميع، مؤكدا ان الفترة الماضية شهدت حالات مضاربات عنيفة، وبلغ الأمر مداه الي حد انتشار نقاط البداية والنهاية لعمليات المضاربة لدي صغار المستثمرين، وورغم ذلك لايتم اتخاذ اي اجراء قانوني او حتي المساءلة حول أسباب الارتفاع.
ولفت الخبير الاقتصادي الي ان الهيئة والبورصة اصبح شاغلهما الشاغل هو ارتفاع حجم التداول اليومي رغم أنه ليس من مسئوليتهما، فمسئوليتهما الأساسية هي الحفاظ علي بيئة استثمارية صحية دون تلاعب تكون جاذبة للاستثمار.
وطالب ابراهيم بضرورة اعادة النظر في مواد قانون سوق المال ومراجعة الدور الرئيسي لكل جهة معنية ومحاسبة مسئولي مراقبة السوق عن انتشار المضاربات والارتفاعات غير المبررة، خاصة أن دور الرقابة اقتصر في الفترة الماضية علي الاهتمام فقط بحجم التداول اليومي وارتفاع نقاط المؤشر علي اعتبار ان المؤشر هو المقياس الحقيقي لأداء الاقتصاد المصري.
علي الجانب الآخر، أشار الدكتور اسلام عزام استاذ المالية بالجامعة الامريكية الي ان تطبيق المادتين 21 و22 من قانون سوق المال لابد ان يتم بحذر شديد وفي الحالات التي تتأكد فيها البورصة والهيئة من وجود تلاعب، وذلك حتي لا تسود حالة من عدم الاستقرار داخل السوق والذي قد ينعكس بالتبعية علي حجم تعاملات الأجانب، وأوضح أن قرار الغاء التداول علي بعض الأسهم يحمل معه الاضرار لبعض المستثمرين سواء كانوا بائعين او مشترين.
وأشار مصدر بالبورصة رفض ذكر اسمه إلي أن المواد سالفة الذكر يتم تطبيقها بالفعل حسبما يتراءي للجهات المسئولة دون الاعلان عن اسباب تطبيقها من عدمه، لافتا الي أن حالات التطبيق غالبا ما تتم علي الاسهم التي تثبت فيها حالات تلاعب من قبل أعضاء مجلس الادارة او وجود تسريب معلومات تؤثر في علي سعر السهم.