دعا خبراء سوق المال إلي التحرك سريعاً نحو استقطاب شرائح من السيولة المتوافرة بالأسواق الخليجية التي بلغت نحو 2 تريليون دولار خلال العام الماضي نتيجة الارتفاعات القياسية في أسعار البترول، وهو ما دفع هذه الدول من تلقاء نفسها للبحث عن منافذ لتوظيف هذه السيولة الضخمة لتفادي التضخم الذي قد يضرب بنيتها الاقتصادية في مقتل، خاصة أن حجم الإنتاج لا يتناسب مع القوة الشرائية الجديدة والتي سيترتب عليها نقص المعروض بصورة شديدة وارتفاع أسعار السلع والمنتجات.
وقال الخبراء: إن حجم المتعاملين العرب في السوق المصرية ونسبة تعاملاتهم لا تعكس هذه الطفرة الشديدة في السيولة، لافتين إلي أن تعاملات العرب اليومية لا تتجاوز 150 مليون جنيه بنسبة %10 فقط، في المتوسط من إجمالي تعاملات البورصة، بينما يستحوذ الأجانب علي أكثر من %18 يومياً.
واشترط الخبراء لنجاح العمليات التسويقية أمام المحافظ والصناديق الخليجية أن تكون الشركات المدرجة والتي يتم التسويق علي أساسها جيدة، مشيرين إلي أن هناك بعض الشركات بالفعل تتمتع ببنية هيكلية قوية قادرة، مؤكدين أن توجه بعض الشركات الخليجية التي فتحت لها فروعاً في مصر مؤخراً إلي طرح شرائح منها في البورصة المصرية سيساعد بقدر كبير في عمليات الجذب لافتين إلي شركة أملاك التي فتحت لها فرعاً بالقاهرة، والتي تنوي طرح شريحة من أسهمها، وكذلك شركة إعمارمصر.
وأشاروا إلي أن هذه الشركات تتمتع بسمعة جيدة في أسواق الخليج، خاصة في الإمارات والسعودية وهما أكثر الأسواق سيولة في المنطقة.
وعول هولاء كثيراً علي الأسهم الجديدة المزمع طرحها في عام 2008 والتابعة لقطاعات من أكثر القطاعات ثقلاً وأهمية بالسوق المصرية، خاصة أسهم بنكي القاهرة والإسكندرية والمقرر طرح شرائح من أسهمهما بالسوق، لافتين إلي أنه إضافة إلي الثقل النسبي لهذين البنكين واعتبارهما من أكبر البنوك المصرية علي الإطلاق، خاصة بعد الاستحواذ علي بنك الإسكندرية من قبل سان باولو الإيطالي فإنهما في الوقت ذاته تابعين لقطاع من أقوي القطاعات القائدة داخل البورصة المصرية، وهو ما يمثل دعماً للجان الترويجية والتسويقية سواء مشكلة من قبل الحكومة أو من قبل شركات الأوراق المالية التي لها أفرع بالخارج.
وأشار الخبراء إلي أن الدول العربية غير المصدرة للنفط سوف تستفيد بشكل غير مباشر من الفورة الاقتصادية في منطقة الخليج، حيث سترتفع تحويلات مواطنيها العاملين في دول الخليج، وزيادة رؤوس الأموال الخليجية التي تبحث عن فرص استثمارية مربحة في دول المنطقة الأخري، بالإضافة إلي الزيادة المتوقعة في حجم الصادرات إلي دول الخليج وازدهار السياحة الإقليمية بين الدول العربية.
وللسنة الثالثة علي التوالي يتوقع لمعدلات النمو الاقتصادي بدول المنطقة أن تصل إلي أعلي من المستويات العالمية، وأن تحقق الشركات المدرجة معدلات ربحية كبيرة، الأمر الذي سيضع أسواق أسهم دول المنطقة في موقع تنافسي أفضل مقارنة مع أسواق الأسهم الناشئة الأخري.
وتشير التوقعات إلي أن إجمالي فائض الحساب الجاري لدول الخليج الست سيصل إلي حوالي 250 مليار دولار هذا العام ليضيف إلي إجمالي الموجودات الخارجية والتي تقدر قيمتها بحوالي 1500 مليار دولار أمريكي، كما أن فائض السيولة لدي الأفراد سيرتفع هو الآخر مع بقاء جزء أكبر من هذا الفائض مستثمراً في أسواق دول المنطة مع التوجه نحو الاستثمار في أسواق الأسهم بعد أن بلغت استثمارات سوق العقارات ذروتها.
وقال أحمد مصطفي عضو مجلس إدارة شركة »بايونيرز«: إن البورصة تستطيع جذب رؤوس الأموال العربية عن طريق زيادة طرح مزايا وتفعيل الشراء بالهامش والتسويات التي أصبحت تتم بصورة بسيطة، كما أن رفع الحدود السعرية كان له دور إيجابي مؤثر.
وقال:إن تطور أداء الشركات المعتمدة بالبورصة أصبح من العوامل المهمة لجذب السيولة، فالشركات التي تعدت حاجز المليار جنيه مثل »O.T « دفعت بالأموال الأجنبية للاستثمار في مصر.
وأضاف أن الدور الذي يجب أن تلعبه شركات الأوراق المالية ينحصر في توفير إدارات علي درجة عالية من الخبرة لإمداد المستثمر بالمعلومات ورفع رؤوس الأموال حتي تجذب السيولة من دول الخليج، خاصة الدول العربية بشكل عام.
وقال كمال محجوب رئيس شعبة الأوراق المالية في بنك مصر- إيران: إنه من الأفضل إعداد خطة للاستثمارات المباشرة بعرضها علي المستثمرين الخليجيين لجذب رؤوس الأموال العربية، علي أن تتضمن الفرص الاقتصادية وقوانين الضرائب وحجم الاستثمارات، وتوسعات الشركات المصرية في الخارج مثل »بايونيرز وبرايم وهيرميس« والتي أدت إلي لفت الانتباه لمزيد من الاستثمارات العربية خارج حدود المنطقة العربية.
وقال: يجب أن تكون هناك أشكال متعددة من الاتصال بالمستثمرين ومديري المحافظ عند الدعاية للمشروعات التي سوف تطرح، مشيراً إلي أن السلع الجيدة هي التي ستعبر عن نفسها ولابد من تفعيل أدوات الاستثمار، ويري خالد الطويل العضو المنتدب بشركة »Counsil « أننا لا نحتاج لاستقطاب رؤوس الأموال العربية فهي تستحوذ بالفعل علي %30 من سوق البورصة والمستثمرون العرب يوسعون نشاطهم واستثمار أموالهم في مصر سواء بشكل مباشر، خاصة مجال العقارات أو غير مباشر، ويري أن المطلوب ليس أكثر من إثبات نجاحاتنا بشكل مستمر عن طريق نقل خلفية عن تطور أداء الشركات وتفعيل الشراء بالهامش.
وقال: إن كل التوقعات تشير إلي أن أنشطة العقارات التي ستطفو علي الساحة الاقتصادية، خاصة أنشطة التطوير العقاري والتي أخذت شكلاً غير عادي في الفترة الأخيرة في الاستثمارات المباشرة للدول العربية.
ونري أن الفوائض المالية والسيولة العالمية بدأت تتركز في كبري الدول المصدرة للبترول منذ عام 2004 نظراً لوصول أسعاره لمستويات قياسية.
وأوضح أنه لابد من استثمار فائض السيولة الخليجية وتوظيفها في قنوات تتناسب مع السوق المصرية مع تفعيل الوسائل المناسبة كالشراء بالهامش ، والتسويات التي أصبحت عملية سهلة الآن في إتمامها.