شهدت احتياطيات البنوك تراجعًا ملحوظًا بمقدار 4.91 مليار جنيه، منذ نهاية أبريل 2014، وحتى نهاية أكتوبر من العام نفسه،
لتسجل 42.339 مليار جنيه مقابل 47.249 مليار، بنسبة تراجع %10.4 خلال 6 شهور فقط.
وطبقًا لأحدث تقرير صادر من البنك المركزى، فقد شهد بند رؤوس الأموال بالبنوك ارتفاعًا خلال الفترة نفسها بمقدار 1.51 مليار جنيه، بنسبة نمو %2، مسجلاً 78.686 مليار جنيه، مقابل 77.176 مليار، وأمام تلك التحركات تظهر بعض التساؤلات حول أسباب الانخفاض، والتوقعات بشأن مدى إقبال البنوك على زيادة رؤوس أموالها خلال الفترة المقبلة، خاصة مع توجه الدولة نحو طرح عدد من المشروعات الكبرى والعمل على جذب الاستثمارات الأجنبية.
أكد مصرفيون أن تراجع بند الاحتياطيات أمر يعود لعدة أسباب، منها اتجاه بعض البنوك لاستخدام احتياطياتها فى زيادة رأس المال، ودعم المخصصات، بالإضافة إلى عامل الاضمحلال فى استثماراتها بالأوراق المالية المتاحة للبيع، وتلك لها تأثير مباشر على الاحتياطيات.
ورجحوا الاتجاه نحو زيادة رؤوس الأموال خلال الفترة المقبلة، لتدعيم القواعد الرأسمالية والحفاظ على معدلات كفاية رأس المال، والتوافق مع الضوابط التى حددها «المركزى»، بشأن فتح الفروع البنكية الصغيرة، بالإضافة إلى تمويل التوسع المتوقع فى الأصول الخطرة، وزيادة التمويلات الممنوحة للمشروعات والقروض المشتركة.
من جانبه قال حسين الرفاعى، المدير المالى بالبنك الأهلى المصرى، إن تراجع بند الاحتياطيات خلال الفترة من أبريل وحتى أكتوبر من العام الماضى، أمر يمكن تفسيره من خلال عدة عوامل، أهمها لجوء بعض البنوك إلى استخدام احتياطياتها فى رفع رأس المال، وبالتالى يظل إجمالى حقوق الملكية على المستوى نفسه دون تغيير أو تأثير عليها.
وأضاف أن معظم البنوك لديها استثمارات فى أوراق مالية وسندات يتم تصنيفها إلى مجموعات، ومن بينها الاستثمارات فى الأوراق المالية المتاحة للبيع «Avilable for sale»، موضحًا أنه فى حال انخفاض قيمتها السوقية يحدث تراجع فى بند الاحتياطيات.
وتابع: هناك استثمارات أخرى تدخل ضمن مجموعة الاستثمارات بغرض المتاجرة والتى تؤثر أى حركة فيها بشكل مباشر على حساب الأرباح والخسائر، وليس الاحتياطيات، مضيفًا أنه من الضرورى النظر إلى حركة البورصة خلال فترة الدراسة لمعرفة التأثير على الأوراق المالية المتاحة للبيع.
وأكد أن الاتجاه الحالى بالقطاع المصرفى يشير إلى التحرك نحو تدعيم المراكز المالية والقواعد الرأسمالية مع تطبيق بازل 3، من أجل الحفاظ على معدلات كفاية رأس المال.
يذكر أن الجمعية العمومية للبنك الأهلى، وافقت فى نهاية العام الماضى على زيادة رأس المال المرخص إلى 30 مليار جنيه، بدلاً من 20 مليارًا بجانب زيادة رأس المال المدفوع إلى 15 مليار جنيه بدلاً من 9.2 مليار فقط.
من جانبه رجح محمد بدرة، الخبير المصرفى، أن سبب تراجع بند الاحتياطيات خلال الفترة المذكورة، هو اتجاه عدد من البنوك نحو دعم مخصصاتها، لمواجهة بعض المخاطر المتوقعة فى ظل تعثر بعض القطاعات الاقتصادية وتراجع نشاطها، ومن أبرزها
القطاع السياحى، وهو ما دفع البنك المركزى، مؤخرًا إلى تمديد فترة المبادرة الخاصة بالقطاع.
وأضاف أن تدعيم المخصصات بالاعتماد على الاحتياطيات أمر إيجابى، ولا يعتبر مؤشرًا سلبيًا، موضحًا أن تكوين المخصصات فى حال عدم وجود احتياطيات يدفع البنك إلى الاعتماد على الملاك، وزيادة رأس المال وهو إجراء أقل مرونة.
وتابع: بند الاحتياطيات عبارة عن إجراء احترازى للاحتياط والتحوط من أى مخاطر مستقبلية متوقعة، لافتًا إلى أن معايير بازل 3، تفرض القيام باختبارات الضغط Stress Test من خلال افتراض المصارف عدة سيناريوهات بشأن المخاطر المتوقعة، ومدى القدرة على اجتيازها، ضاربًا مثالاً بمخاطر ارتفاع أسعار صرف الدولار، أو انخفاض عدد المتعاملين مع البنك، والتعثر وغيرها من الأخطار.
وأوضح أن إدارة المخاطر تسلم دراسة حول المخاطر المستقبلية المتوقعة إلى مجلس الإدارة بجانب البنك المركزى وحدوث تلك المخاطر يعنى أن هناك جزءًا من المخصصات تم استقطاعه من الاحتياطيات للتغلب على تلك المخاطر، فى حال عدم وقوعها فيمكن تحويل الاحتياطيات إلى حساب أرباح البنك.
وأشار إلى أنه ليس من الضرورى أن تعتمد البنوك على احتياطياتها لتكوين المخصصات واحتياجاتها التمويلية، فمن الممكن أن يتم الاعتماد على الملاك وزيادة رأس المال، لافتًا إلى أنه من المتوقع أن تتضاعف محافظ القروض والتمويلات خلال الفترة المقبلة، وهو ما يحتاج إلى مصادر تمويلية طويلة الأجل يتمثل أبرزها فى زيادة رأس المال.
وتوقع محمد عبد المنعم رئيس قسم الائتمان المركزى ببنك البركة مصر، أن تشهد رؤوس الأموال ارتفاعًا خلال النصف الثانى من عام 2015 عقب ظهور ملامح الخطة الاستثمارية للدولة فى موازنة العام المالى الجديد، إلى جانب الانتهاء من انعقاد المؤتمر الاقتصادى فى مارس المقبل وتدشين عدد من المشروعات الجديدة.
وأرجع عبد المنعم الأمر لسببين أولهما يتمثل فى الاتجاه نحو توظيف الموارد المالية بالقروض والتسهيلات الائتمانية، مما يرفع من مخاطر الائتمان ويدفع معدلات كفاية رأس المال للانكماش بشكل يستلزم استمرار دعم البنوك لقواعدها الرأسمالية، من خلال مواصلة رفع رؤوس الأموال المدفوعة.
وأضاف أن هناك عاملاً آخر، يزيد من احتمالات اتجاه البنوك نحو زيادة رؤوس أموالها، يتمثل فى مقابلة خطط التوسع والانتشار الجغرافى بما يتوافق مع الضوابط الجديدة، التى حددها البنك المركزى.
وأوضح أن القواعد الجديدة تضمنت إلزام البنوك بتخصيص 5 ملايين جنيه من رأس المال الأساسى لكل وكالة، أو فرع صغير داخل القاهرة الكبرى، و2 مليون جنيه خارج القاهرة الكبرى، ومليون جنيه لمحافظات الوجه القبلى.
وأشار إلى أنه لا يوجد اتجاه متوقع بالنسبة للاحتياطيات، لكن البنوك تقوم بشكل عام بزيادتها لتدعيم هيكل رأس المال، خاصة عند رغبتها فى التوسع فى منح الائتمان وحتى لا تتراجع معدلات كفاية رأس المال عن النسب المقررة من جانب «المركزى»، وفقًا لاتفاقيات بازل.
وأوضح أن الاحتياطيات هى مبالغ تقتطع من الأرباح السنوية، ويحتفظ بها فى حسابات خاصة وتشمل عدة أنواع، منها الاحتياطى القانونى، الذى هو نسبة معينة يتم استقطاعها من إجمالى الودائع ويتم الاحتفاظ بها بالبنك المركزى بجانب الاحتياطى العام أو الرأسمالى، لتدعيم هيكل رأس المال، ويتم استخدامه فى زيادة رأس المال، دون اللجوء للمساهمين أو طرح اكتتابات، علاوة على الاحتياطيات الخاصة، وهو أى احتياطى تُعالج فيه التسويات الموجبة الناتجة عن الزيادة فى القيمة العادلة للأصول المملوكة للبنك.