وأرجعت الدراسة هذا الاختلال إلي عدد من المؤثرات اهمها تباطؤ النمو، ونمط الاستثمار بما تنعكس مظاهره في ارتفاع معدل البطالة وتراجع الأجور الحقيقية وتدهور مستوي المعيشة للعمالة وصعوبة تواجه المشروعات في اشباع جانب الطلب علي العمالة المؤهلة المدربة رغم ارتفاع معدلات البطالة، وأكدت الدراسة التي أعدتها الدكتورة سمية عبدالمولي بكلية تجارة حلوان علي انه لا يمكن علاج الخلل في سوق العمل من خلال حفز الاستثمار والنمو فقط لأن ذلك يمثل حلاً جزئياً يركز علي جانب واحد للمشكلة ويغفل جانب العرض من العمالة غير القادرة علي التواؤم مع متطلبات المشروعات الباحثة عن الفنيين والقدرات البشرية الماهرة .
وأشارت إلي ان مخرجات النظام التعليمي في مصر لا تتناسب واحتياجات سوق العمل في ضوء ارتفاع معدلات الامية بين البالغين والشباب وانخفاض متوسط سنوات الدراسة مع ارتفاع مؤشرات عدم الرضا عن نوعية التعليم الذي تكشف عنه الدراسات الميدانية وارتباط ذلك بانخفاض مؤشرات رأس المال الفكري Intellectual Capital من حيث القدرة علي البحث العلمي والابتكار والتطوير مقارنة بالدولة الأخري وضعف القدرة علي استخدام التقنيات الحديثة في الاعمال الانتاجية والإدارية وبشكل يهدد فرص العمالة المتاحة أمام القدرات البشرية الوطنية في الداخل في ظل انخفاض تكلفتها ـ في الاجور ـ مقارنة بكثير من الدول الاخري، بل وتشدد الدراسة علي ان نقص الموارد البشرية الكافية والمناسبة أصبح من أهم معوقات تنمية القطاع الخاص في مصر فأصحاب الأعمال يجدون صعوبة شديدة في العثور علي ما يلزمهم من العمالة الماهرة والكفاءات المناسبة وهو ما تظهره الدراسات المسحية المختلفة عن القيود المعوقة لعمل القطاع الخاص في مصر فوفقاً للتقديرات الرسمية لإجمالي عدد العاطلين في مصر اظهرت ارتفاع معدلات البطالة بين الحاصلين علي تعليم متوسط وتعليم جامعي وهم الشريحة المفترض انها مؤهلة فنيا للعمل وهم يمثلون النسبة الأكبر من المتعطلين %64,4 و %79,6 وفقاً لتقديرات 2002/2001 علي الترتيب .
وهو رصيد ضخم مقارنة بدول كثيرة والمعايير الدولية في تصنيف حجم البطالة وبشكل تري الدراسة انه يهدد فرص العمالة المتاحة أمام القدرات البشرية الوطنية في الخارج ايضا في دول الخليج العربي حيث انخفض عدد العمالة العربية الوافدة وعلي رأسها المصرية بحوالي الثلث، بينما ارتفعت العمالة الآسيوية بحوالي %50 لتفضيلها من جانب أصحاب المشروعات الخاصة .
لانها تتقاضي أجوراً أقل وتعمل ساعات أطول وتتمتع بمهارات تقنية صناعية عالية، خاصة وان التقنيات المستخدمة في عدد من هذه المشروعات تكون مستوردة من دول آسيوية مصدرة للعمالة الأكثر خبرة وهو ما أكدت الدراسة انه يهدد فرص العمالة المصرية المتاحة في دول الخليج بل وفي الداخل في ظل تزايد الاندماج في التجارة الدولية مع انخفاض مهارات العمالة المحلية بشكل لا يتواكب مع اتجاهات الشركات العالمية إلي الاستثمار في القيمة المضافة والمتطورة تكنولوجياً مثل الإلكترونيات التي أصبحت تستأثر بنصيب متزايد من السوق الدولية .
ونبهت الدراسة إلي ان الالتزام بتحرير التجارة وخفض الرسوم الجمركية وفقاً لمتطلبات برامج الإصلاح أو نتيجة الانضمام لمنظمة التجارة العالمية أو اتفاقيات المشاركة مع الاتحاد الأوروبي يؤدي إلي تعريض الصناعة المحلية لمنافسة غير متكافئة في الأسواق المحلية مع المنتجات المتطورة منخفضة السعر للدول الصناعية المتقدمة في مجال التصنيع والتصدير في دول جنوب شرق آسيا مما ينتج عند تزايد نسبة إفلاس واغلاق الكثير من الوحدات الصناعية مع الاستغناء عن العمالة الموجودة بها وذلك بعكس المنتجات الزراعية التي تتمتع فيها الدول النامية ومنها مصر بميزة نسبية وتستوعب نسبة كبيرة من العمالة، فإن اتفاقيات الجات لا تحررها بنفس سرعة تحرير التجارة في المنتجات الصناعية وأكدت الدراسة علي ان الشركات متعددة الجنسيات تنتقل إلي الدول التي تتوفر فيها المهارات التي تحتاجها أو علي الأقل التي لها القدرة علي اكتسابها بسرعة مشيرة إلي ان قدرة الاقتصاد علي جذب الاستثمارات الأجنبية واستيعابها والاستفادة منها ومن نقل التكنولوجيا الذي يرافقها بنجاح وتتوقف إلي حد بعيد علي مقدرة الاقتصاد التكنولوجية التي تشكل مهارات ومعارف العمالة فيها عناصر أساسية مما انعكس اثره كما توضح الدراسة في سلبيات عديدة في سوق العمل في مصر من سماتها التراجع الواضح في معدلات الأجر الحقيقي والتأثير سلبياً علي مستوي معيشة العمالة وقدرته علي تحسين أوضاعها وتطوير قدراتها لتتفق مع تحديث القطاعات الاقتصادية .