يحتدم الجدل داخل الولايات المتحدة بين الديمقراطيين المؤيدين لفرض المزيد من الضرائب على أصحاب الدخول المرتفعة من ناحية وبين الجمهوريين الذين يعارضون أى محاولات تستهدف فرض ضريبة تصاعدية على الأغنياء، ويستند كل فريق الى البحوث والدراسات الجديدة المؤيدة لوجهة نظره، وعلى الرغم من أن هذا الجدل يثور حاليا فى الولايات المتحدة لكنه يكتسب أبعادا عالمية وتحظى نتائجه باهتمام يتعدى الحدود الأمريكية .
فقد أكدت دراسة اقتصادية أمريكية أجراها معهد غير حزبى مختص بشئون الضرائب والسياسة الاقتصادية أن اللجوء لإلغاء الضرائب المفروضة على الدخول ليس الطريقة المثلى لتحفيز النمو الاقتصادى فى الولايات الأمريكية .
وقالت الدراسة التى تطرقت الى المخرجات الاقتصادية والتوظيف والدخول إن سجلات الأداء الاقتصادى فى الولايات المتحدة تخلو من حالات تحسن النمو الاقتصادى جراء اتخاذ قرار من قبل حكام الولايات بإلغاء ضرائب الدخول، وأن الولايات التسع التى تفرض أعلى ضرائب على مواطنيها لم تتقلص معدلات نموها الاقتصادى مقارنة بالولايات التسع الأخرى التى لا تفرض ضرائب على دخول مواطنيها .
وأكد كارل ديفيدز، المحلل الاقتصادى لدى شركة «ITEP» البحثية وصاحب الدراسة، أن نتائج الدراسة تدحض نظرية روجها الاقتصادى آرثر لافر الذى أكد أن تقليص الضرائب المفروضة على الدخل يسهم فى تحفيز النمو الاقتصادى، وقد دأب جمهوريون مثل سان برونباك حاكم ولاية كنساس ومارى فالين من ولاية أوكولاهاما على استخدام نظرية لافر كمبرر لتقليص الضرائب المفروضة على الدخول تحت ذريعة تحفيز النمو فى الوظائف واجتذاب الأعمال .
وقال رالف مارتاير، المدير التنفيذى لدى مركز الضرائب والميزانية فى شيكاغو، إن تقليص الضرائب لا يضمن فى حد ذاته تعزيز التنافسية الاقتصادية أو انعاش النمو الاقتصادى على المدى الطويل، مشيرا الى أن عوامل أخرى تلعب أدوارا أكثر أهمية فى تحسين النمو الاقتصادى، الجدير بالذكر أن العبء الضريبى الذى يتم فرضه على مستوى الولايات يقل كثيرا عن ذلك الذى يتم فرضه على المستوى الفيدرالى .
ولا يتم فرض ضرائب على الدخل الشخصى فى تسع ولايات هي : ألاسكا وفلوريدا ونيفادا ونيوهامبشير وسوث داكوتا وتنيسى وتكساس وواشنطن وويمنج، أما الولايات التسع التى يتم فيها فرض ضرائب مرتفعة على الدخول وفقا لتصنيف شركة «ITEP» فهى كاليفورنيا وهاواى ومين وميريلاند ونيوجيرسى ونيويورك وأوهايو وإريجون وفيرمونت .
وكشفت الدراسة عن زيادة الناتج الاقتصادى للفرط بمتوسط تقدر نسبته بنحو %10.1 فى الولايات التسع التى تفرض ضرائب مرتفعة على الدخول مثل إريجون التى سجلت نموا نسبته %26 خلال الفترة من 2001 حتى 2010 ، أما ولاية نيويورك وميريلاند وفيرمونت وهاواى وكاليفورنيا فقد ارتفع نموها الاقتصادى متجاوزا متوسط نمو يقدر بنحو %8.1 يشمل خمسين ولاية أمريكية .
أما الولايات التى لا تفرض ضريبة على الدخول مثل نيوهامبشير وواشنطن وتكساس وفلوريدا وتينسى ونيفادا فقد سجلت معدلات نمو اقتصادى تقل عن متوسط النمو السائد فى الولايات الأمريكية الخمسين، كما تبين انزلاق ولاية نيفادا فى هوة الانكماش بنسبة %2.7 خلال الفترة نفسها، وبلغ متوسط النمو فى الولايات التسع التى لا تفرض ضريبة على الدخول نحو %8.7 ، بينما نجحت ثلاث ولايات لا تفرض ضريبة على الدخول مثل ولاية ساوث داكوتا وويمنج فى رفع معدلات نموها الاقتصادى لتصل الى %22.
وتراجع متوسط دخول الأسر لدى الولايات التسع التى تفرض ضرائب مرتفعة على الدخول بمتوسط نسبته %0.7 مقارنة بتراجع نسبته %3.5 فى الولايات التسع التى لا تفرض مثل هذه الضريبة، وقد توصلت الدراسة الى عدم وجود اختلاف فى متوسط معدلات البطالة فيما بين مجموعة الولايات التى تفرض وتلك التى لا تفرض مثل هذه الضريبة، وتم ادراج فترة الركود التى استغرقت 18 شهرا، والتى انتهت فى يونيو 2009 ضمن الفترة الزمنية التى تغطيها .
وقال مارتاير إن الولايات التى تفرض ضرائب مرتفعة تصبح أكثر قدرة على التغلب على المصاعب الاقتصادية، وذلك نظرا لأنها تحتفظ بقدرة أكبر على زيادة رواتب العاملين مما يجعل انفاقهم متجها لانعاش الطلب فى الاقتصاد المحلى .
وكانت ولاية كنساس قد مررت تشريعا خلال العام الحالى يقضى بتقليص الضرائب بنحو 760 مليون دولار سنويا، لكن تطبيق القانون سيطال وفقا لتقرير منفصل صدر عن شركة ITEP البحثية %20 من فقراء الولاية ممن يصل متوسط دخولهم لنحو 11 ألف دولار سنويا .
وقال ديفيدز المحلل فى «ITEP» إن الدراسة لا تثبت إسهام الضرائب المرتفعة على الدخول فى تحفيز النمو الاقتصادى، لكنها تشير الى انعدام الدليل على أن تقليص الضرائب المفروضة على الدخول يسهم فى تحفيز النمو .