خطط «الشمول المالي» تصطدم بزيادة تداول «الكاش»

خطط «الشمول المالي» تصطدم بزيادة تداول «الكاش»

خطط «الشمول المالي» تصطدم بزيادة تداول «الكاش»
جريدة المال

المال - خاص

1:58 م, الثلاثاء, 7 يوليو 15

■ علاء فاروق: رصدنا إستراتيجية لطرح منتجات مصرفية مبتكرة

■ محمد بدرة: الأرقام تعكس حجم الاقتصاد غير الرسمى
■ تامر يوسف: القاعدة العريضة للشباب تدعم توقعات زيادة المتعاملين خلال السنوات العشر المقبلة

نشوى عبدالوهاب

يعكف عدد من المؤسسات المالية بقيادة البنك المركزى واتحاد البنوك على إطلاق خطط شاملة لنشر ثقافة «الشمول المالى» داخل المجتمع المصرى وتفعيل جميع الأدوات والآليات لتنمية الوعى المصرفى لدى الافراد سواء المتعاملون مع الجهاز المصرفى بالخدمات المالية التى يمكنهم الاستفادة بها الى جانب جذب شرائح جديدة من المتعاملين خارج الجهاز.

وعلى الرغم من الجهود المبذولة فى مجال التثقيف والشمول المالى الذى يعنى الوصول بالخدمات المصرفية إلى أغلب شرائح المجمع، فإنها تصطدم بضخامة احجام النقد المتداول خارج الجهاز المصرفى والتى تضاعفت فى السنوات الاخيرة، وارتفعت بأكثر من 150 مليار جنيه على مدار السنوات الخمس الماضية لتسجل 278.439 مليار جنيه بنهاية مارس الماضى مقابل 128.433 مليار جنيه فى مارس 2010 وفقاً لأحدث بيانات البنك المركزى المصرى، فيما لا يتجاوز عدد المتعاملين مع البنوك المحلية نسبة %10 من اجمالى القاعدة السكانية لمصر.

وتتبارز المؤسسات البنكية بإطلاق مبادرات حملت شعارات عدة منها «لازم يكون لك بنك» برعاية اتحاد بنوك مصر، ومبادرتا  «عشان بكره» و«التثقيف والخدمات المالية للشباب» برعاية المعهد المصرفى المصرى والذى دشن خطة لنشر الوعى المالى بين الشباب، الى جانب مبادرة «حط فلوسك فى البنوك»،  واطلاق اول نموذج لمحاكاة النظام المصرفى داخل الجامعات المصرية.

وبخلاف مباردات التثقيف المالى، يسعى عدد من البنوك المحلية الى التوسع فى استخدام الخدمات المصرفية المتطورة للحد من تداول الكاش مقابل زيادة التعامل بالآليات المصرفية الحديثة كبطاقات الائتمان، وخدمات الانترنت البنكية، والادوات الاكثر تطوراً مثل تحويل الاموال عبر المحمول والشراء ودفع الفواتير ايضا ً عبر الموبايل والانترنت وغيرها من الخدمات المصرفية الالكترونية التى تدعم خطط الشمول المالى.

وأجمع عدد من المصرفين على أن تزايد أحجام النقد المتداول خارج الجهاز المصرفى المصرى يكشف عن واحدة من أكبر التحديات التى تواجه خطط تحقيق الشمول المالى التى يتبناها الجهاز المصرفى، لافتين الى الصعوبة الشديدة التى تواجهها البنوك فى تغيير الموروث الثقافى حتى الوقت الحالى وغياب الوعى لدى المواطنين بالثقة فى التعامل عبر البنوك وتفضيل شريحة كبيرة للتعامل بالكاش بدلا من المعاملات البنكية.

وطالبوا بضرورة أن تركز البنوك والمؤسسات المالية على جهود التوعية والتواصل مع العملاء فى مختلف المحافظات والقرى البعيدة لجذبهم للتعامل مع البنوك وتقليل حجم الكاش المتداول خارج الجهاز المصرفى على غرار الدول المتقدمة فى المعاملات البنكية.

وكان جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزى، قد اشار فى السابق الى ان الشريحة غير الموجودة بالقطاع المالى تمثل نحو 50 % من عدد السكان فى مصر وهى الفئة التى تحاول ان تستهدفها خطط الشمول المالى للقطاع المصرفى المصرى.

أكد علاء فاروق رئيس التسويق والمنتجات والمبيعات المصرفية للأفراد بالبنك الأهلى المصرى، ان ثقافة تداول الكاش فى مصر امر واقع مقارنة بانخفاض حجم المتعاملين مع الجهاز المصرفى، مشيراً الى ان جميع البنوك والمؤسسات المالية تسعى للتغلب عليها عبر طرح المنتجات المصرفية الالكترونية واستحداث منتجات مصرفية جديدة ومتنوعة مع التركيز على تنشيط البطاقات الائتمانية ووسائل الدفع الإلكترونى.

وأوضح «فاروق» أن مصرفه رصد خطة تستهدف التوصل الى اكبر قاعدة من العملاء وجذب شريحة كبيرة من الافراد غير المتعاملين مع البنوك الى داخل الجهاز المصرفى عبر طرح المنتجات البنكية التى توسع من مفهوم التداول الالكترونى بدلاً من الكاش وتستند محاورها فى العمل إلى نشر عدد كبير من ماكينات الصراف الآلى ونقاط البيع المباشر B.O.S مع تحديث الماكينات بخدمات متطورة بخلاف السحب النقدى والإيداع، منها دفع الفواتير وتحويل الاموال الى جانب خدمات المدفوعات والمشتريات وسداد فواتير، وشحن ارصدة الموبايلات، سداد اقساط بطاقات الائتمان والحجز الالكترونى لخدمات متعددة.

وأضاف ان خدمات التحصيل الإلكترونى للمدفوعات السيادية للدولة تمثل تحولاً مهمًا فى عمليات التحويل من الكاش الى المدفوعات الإلكترونية خاصة فى مشروع منظومة السداد الالكترونى لمستحقات الضرائب والجمارك والتى كان يتم فيها تداول الكاش بكميات ضخمة خارج الجهاز المصرفى، مشيراً الى أن مشروع ميكنة رواتب موظفى الحكومة ستساهم بشكل كبير فى الحد من تداول الكاش بين موظفى الحكومة والبالغ عددهم 7 ملايين موظف.

وتسعى الحكومة ممثلة فى وزارة المالية الى ميكنة رواتب موظفيها بعدد 7 ملايين موظف قبل يوليو الجارى وذلك من خلال مرحلتين، أولاهما تركز على اعادة تفعيل البطاقات المصدرة غير المفعلة للموظفين ويتجاوز عددها 1.3 مليون بطاقة تمثل %43 من البطاقات المصدرة خلال السنوات الماضية والبالغ اجمالى عددها 3 ملايين بطاقة، الى جانب اصدار بطاقات جديدة لباقى الموظفين.

وشدد رئيس التسويق والمنتجات والمبيعات المصرفية للأفراد بالبنك الأهلى المصرى على أن نشر ثقافة الوعى المالى بين المواطنين يتطلب بذل المزيد من الجهود للبنوك العاملة فى السوق المحلية لتكثيف الجهود حول تقليل الكاش المتداول والتوعية بالمنتجات المصرفية المتطورة وطرق استخدامها خاصة فى خدمات الدفع المقدمة، مع اهمية الوصول الى شرائح من الفئات الموجودة فى المحافظات والمناطق البعيدة من الصعيد والقرى.

واتفق معه فى الرآى محمد بدرة، الخبير المصرفى الذى أكد أن تغيير ثقافة التعامل بالكاش النقدى والتحول الى المدفوعات الالكترونية لأغلب التعاملات والمدفوعات ستتطلب فترة زمنية حتى يعتاد المواطنون استخدام السبل الاكثر تطوراً عن الكاش، مشيراً الى ان اغلب الدول والاقتصادات المتطورة تنخفض فيها ارقام النقد المتداول خارج البنوك بل ترفض بعض الجهات والمؤسسات التعامل بالكاش.

وأضاف أن ضخامة احجام النقد المتداول خارج الجهاز المصرفى لمستويات تقترب من 300 مليار جنيه فى الوقت الحالى مبررة فى ظل ضخامة حجم الاقتصاد غير الرسمى والذى يعادل حجمه الاقتصاد الرسمى والمعلن من قبل وزارة المالية، مشيراً الى ان اغلب الاموال خارج الجهاز المصرفى تتعامل بالكاش وتأبى التعامل من خلال البنوك رغم كبر حجم العمليات التى يديرها القطاع.

وأكد أن التوعية تعتبر عاملا حيويا لنشر الوعى المالى بين المواطنين فى المجتمع مع ضرورة تكثيف الجهود لجذب الشرائح خارج الجهاز المصرفى، وضم الاقتصاد غير الرسمى الى المنظومة الرسمية والتى ستساهم فى الحد من تداول الكاش والسيولة داخل الاقتصاد بشكل كبير والتوجه الى المنتجات الاكثر تطوراً للاستفادة من مزاياها المتعددة. 

ومن جانبه قال تامر يوسف مدير ادارة الخزانة فى احد البنوك الخاصة ان الزيادة الكبيرة فى حجم تداول الكاش خارج الجهاز المصرفى تعتبر زيادة منطقية بالنسبة للمجتمع المصرى والذى يسيطر عليه  ثقافة تداول الكاش بدرجة اكبر من  التعاملات البنكية وهى بمثابة الموروث الثقافى الذى يصعب تغيره فى ايام ، مشيراً الى ان تضاعف احجام الودائع البنكية خلال تلك الفترة يؤكد زيادة احجام السيولة المتاحة لدى الافراد وحجم الكاش المتداول.

وأضاف أن هناك شريحة عريضة من العملاء تخشى التعامل مع البنوك مقابل تفضيل وضع الأموال فى المنازل وبعيداً عن المنظومة البنكية لمفاهيم خاطئة مرتبطة بتخوفهم من الخضوع للمراقبة من قبل جهات معنية، أو طبقاً لمعتقدات دينية خاطئة تمنع التعامل مع البنوك لعدم التحقق من شرعيتها. 

وأكد مدير إدارة الخزانة أن البنوك العاملة فى السوق المحلية تلمس اشكالية تزايد الكاش المتداول خارج الجهاز المصرفى عندما تتجه الى عمل التحاليل المالية والاساسية للنشاط و«Swap analysis» والتى توضح نقاط  الضعف والقوة فى السوق المصرية، مشيراً الى ان نقاط الضعف التى ترصدها البنوك تدور حول غياب الوعى المصرفى وتخوف شريحة كبيرة من المواطنين فى التعامل مع البنوك.

فيما أشار إلى أن دراسات السوق اوضحت أن تمتع السوق المصرية، ببعض من نقاط القوى  متمثلة فى كبر حجم شريحة الشباب فى الأجيال الجديدة القادمة والتى تمثل ما بين 40 و%50 من الكثافة السكانية للمجتمع المصرى بما تمثل قاعدة كبيرة من الاجيال التى تتمتع بمستوى ثقافى اعلى يؤهلهم بالتعامل مع البنوك ويزيد من الطلب على الخدمات المصرفية الأكثر تطوراً والاكثر ارتباطاً بالتكنولوجيا الجديدة لتعطى نظرة ايجابية واكثر تفاؤلاً عن مستقبل القطاع البنكى فى مصر متوقعاً تضاعف اعداد المتعاملين مع البنوك خلال السنوات العشر المقبلة.

وأضاف أن الأجيال الجديدة السابقة تفضل التعامل بكروت الائتمان وبطاقات الدفع الالكرتونى مقارنة بتداول الكاش خاصة فى شراء احتياجاتهم الاساسية والتسوق أن كما هناك شريحة تطلب الخدمات المصرفية الاكثر تطوراً مثل تحويل الاموال عبر المحمول والدفع الالكترونى.

جريدة المال

المال - خاص

1:58 م, الثلاثاء, 7 يوليو 15