أدي الاتفاق الأوروبي الأخير لدعم اليونان إلي تهدئة التوتر في الأسواق، لكن أثره لن يستمر طويلاً حيث إن جذور مشاكل اليونان الحقيقية لم يتم حلها في القمة الأوروبية. لذلك فإن عواقب إهمال الحل الجذري لها ستكون وخيمة علي أوروبا خلال الفترة طويلة الأجل.
ويري المحللون أن زعماء أوروبا اشتروا بعض الوقت من خلال محاولتهم الأخيرة لانقاذ اليونان ولكن حتي إذا قدموا الدعم المالي المتفق عليه كملاذ أخير في حال وجدت اليونان نفسها غير قادرة علي تجميع المزيد من الأموال في الأسواق. فإن ذلك لن يكون ذا جدوي كبيرة لليونان أو لدول اليورو.
وأرجعوا السبب إلي أن مشاكل دول اليورو ليست مرتبطة فقط باليونان، أو بالديون الحكومية وعجز الموازنات، ففي الوقت الراهن فإن ديون اليونان لا يمكن تحملها حيث أصبح الدين الحكومي يساوي أكثر من الإنتاج السنوي للدولة وإن دينها لا ينمو فحسب وإنما يتسارع بشكل خطير.
ويري الخبراء أن أفضل خطة إنقاذ هي شراء الوقت لتقليل أسعارالفائدة من أجل إعطاء الحكومة اليونانية الوقت لخفض عجزها وتقليل ديونها.
من جهة أخري، فإن توصل الدول الأوروبية لحزمة دعم لليونان سيضمن قروضاً منسقة من دول اليورو، بالإضافة إلي أموال من صندوق النقد الدولي كانت خطوة متوقعة رحبت بها الأسواق بشكل عام. حيث إن اليوانان ليست الدولة الأوروبية الوحيدة التي تعاني من وضع مالي أليم وإنما هي بالتأكيد الأسوأ معاناة.
وتعثر اليونان سيؤثر سلباً علي الاقتصادات الأوروبية الأخري المثقلة بالديون مثل البرتغال، وأيرلندا، وإسبانيا، وسيضع مستقبل منطقة اليورو علي المحك.
وتمت إثارة العديد من الأسئلة التي لم يتم الإجابة عنها حتي الآن، وتتعلق بكيفية تنفيذ خطة إنقاذ اليونان، وطالما أكد البنك المركزي الأوروبي رفضه لأي تدخل من جانب صندوق النقد الدولي في شئون دول اليورو. لذلك فهناك غموض حول كيفية تأثير البنك علي صندوق النقد عندما يضع الأخيرشروطه لخطة الإنقاذ المحتملة.
ومن جانب آخر، يري الخبراء أن هذا الحل »خطة الإنقاذ« قد ينفع في حالة مثل حالة اليونان ذات الاقتصاد الذي يمثل نحو %2.5 من إجمالي الناتج المحلي لمنطقة اليورو، لكن هناك شكوكاً إذا كان نفس الحل قد يلاقي جدوي في حال شعور دولة أخري أكبر حجماً في اقتصادها بأزمة.
ويمكن القول بأن إسبانيا تمثل الدولة الأكثر تهديداً بالخطر الكبير علي منطقة اليورو خلال الفترة طويلة الأجل، حيث يمثل اقتصاد إسبانيا نحو %11.5 من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لدول اليورو. ورغم أن الأوضاع المالية لإسبانيا ليست سيئة مثل اليونان فإن هناك مخاوف كبيرة من سوء أوضاعها خلال الفترة طويلة الأجل في ظل مواجهة البلاد لمعدلات بطالة مرتفعة تقترب من %20، وارتفاع دين المستهلكين، وحاجة إسبانيا إلي الابتعدا عن الاعتماد علي قطاع الإنشاء الذي ظل يعاني خلال الفترة الأخيرة من المشاكل.
وذكرت مؤسسة »جلوبل انسايت« للبحوث الاقتصادية أنه علي الرغم من أن الاتفاق الأوروبي الأخير كل أزمة اليونان خطوة إيجابية ومن شأنها المساعدة في تخفيف الضغوط علي عاتقها خلال فترة قصيرة الأجل فإن مشاكل اليونان الرئيسية ستظهر بقوة علي المدي الطويل. وأوضحت المؤسسة أن اقتصاد اليونان في حالة انهيار كامل ومن المتوقع انكماش إجمالي الناتج المحلي بأكثر من %2 في العام الحالي.
وأضافت المؤسسة أن هذا الوضع من المحتمل ألا يتغير علي المدي المتوسط وأن ارتفاع معدلات البطالة في اليونان سيستمر في الوقت الذي توجد فيه ظروف ائتمانية صعبة بالإضافة إلي معدل ادخار منخفض وضعف شديد في تنافسية صادراتها مما يعني أن عملية إعادة الهيكلة لاقتصادها ستكون مؤلمة للغاية.