تسبب استمرار انقطاع التيار الكهربائي وتذبذبه طوال الفترة الماضية، وبالتحديد منذ مايو 2010، بالمنطقة الصناعية الجديدة الواقعة بمدينة »بدر« شرق منطقة الروبيكي والتي تحمل اسم منطقة الـ 100 فدان، في إلحاق خسائر طائلة بالمصانع القائمة في هذه المنطقة، والتي تنحصر في مصانع مواد البناء.
ورصدت »المال« في جولة قامت بها بمدينة بدر خسائر المصانع بالمنطقة والتي تنوعت ما بين تلف وحدات التحكم الخاصة بخطوط الانتاج، وتلف اجزاء من خطوط الانتاج بسبب تصلب المادة الخام بداخلها، علاوة علي انخفاض انتاجية المصانع، وهدر المواد الخام، فضلا عن الاعباء المالية الناتجة عن طول فترة التوقف والتي تتحملها المصانع عند تغيير الاجزاء التالفة، وعدم التزام المصانع بتعاقداتها مع العملاء نظرًا لعدم تشغيل خطوط الانتاج بشكل مستمر، وهروب العمالة المدربة من هذه المصانع الي مصانع اخري.
وأرجع مديرو المصانع هذه الخسائر الي انقطاع التيار الكهربائي لنحو 6 مرات في اليوم الواحد، منذ شهر مايو الماضي، وانخفاض جهد التيار وتذبذبه بشكل مستمر.
وتقع المدينة الصناعية الجديدة بمدينة بدر شرق منطقة الروبيكي التي تفصل بين المنطقتين الصناعيتين القديمة والجديدة والتي تنقسم بدورها الي منطقة الـ 100 فدان ومنطقة الـ 250 فدانًا.
أكد الدكتور وليد جمال الدين، رئيس مجلس ادارة مجموعة مودرن للمواد العازلة، التي تضم مصنعي سبونتكس واللدائن الحديثة التابعين للمجموعة، ان المنطقة الصناعية الجديدة بمدينة بدر تتعرض لانقطاع مزمن في التيار الكهربائي ما بين 5 و6 مرات يوميا، اعتبارا من شهر مايو الماضي، في حين يؤدي الانقطاع مرة واحدة الي خسارة نحو 4 ساعات من العمل، لحين اعادة ضبط المؤشرات بالمصنع خاصة الحرارة ويؤدي الي اهدار الخامات، خاصة اذا زادت فترة الانقطاع عن 5 او 10 دقائق.
وقال إن مشكلة تذبذب التيار الكهربائي دفعت الشركة للبحث عن خطوط الانتاج التي تتيح امكانية التعامل معها يدويا، خاصة ان محطة معالجة الصرف الواقعة بجوار مصنع سبونتكس اثرت بشكل كبير علي المعدات بالمصنع، حيث يؤدي تشغيل مضخات المحطة الي التأثير سلبا علي التيار الكهربائي بالمصنع ويدفعه للتذبذب، مما ادي لاحتراق أجهزة التحكم بسبب تكرار ارتفاع وانخفاض التيار الكهربائي، واسفر ذلك عن توقف العمل بالمصنع لمدة شهرين كاملين في الصيف الماضي، لحين انتهاء شركة سيمينس من توريد اجهزة تحكم جديدة.
وذكر رئيس شركة »مودرن« للمواد العازلة ان المجموعة عندما اشتكت إلي وزارة الكهرباء من التأثيرات السلبية لتذبذب التيار الكهربائي نصحها المسئولون بشراء اجهزة منع التذبذب، رغم حصول الوزارة علي نحو 3 ملايين جنيه رسوما لمقايسة الكهرباء قبل تشغيل المصنع، في حين ان الشركة تحملت تكلفة توصيل الطاقة الكهربائية الي مصانعها، بشراء محولات خاصة والكابلات ولوحات الكهرباء.
وتابع قائلا: ورغم ان مصانع الشركة توقفت عن العمل بسبب انقطاع التيار واحتراق اجهزة التحكم، لكن الوزارة طالبت الشركة بسداد الفارق بين الطاقة التي استهلكتها والتي تعاقدت عليها، بدعوي ان الشركة حرمت مستثمرين اخرين من الحصول علي الطاقة اللازمة لهم بتعاقدها علي استهلاك كمية معينة من الطاقة الكهربائية اكبر من احتياجاتها، رغم ان الشركة لم تستهلك الطاقة الكهربائية المتاحة لاسباب خارجة عن ارادتها، مما اثر علي انتاج مصانعها وايراداتها بالسلب، حيث تبلغ قيمة انتاج الشهرين في مصنع سبونتكس الي 14 مليون جنيه خسرتها الشركة.
من جانبه، اوضح المهندس خالد عبدالعظيم، مدير مصنع سبونتكس للمنسوجات الهندسية، أن معدل انقطاع التيار الكهربائي عن المصانع تراوح في بعض الاحيان ما بين 12 و14 مرة في اليوم، فضلاً عن تذبذب التيار وانخفاض الجهد بشكل كبير مما تسبب في تلف المواتير ولوحات التحكم الخاصة بخطوط انتاج المصنع.
وحصر عبدالعظيم تلفيات المصنع في كروت الاتصال الخاصة باتصال الوحدات بخطوط الانتاج، ووحدات التحكم الالكترونية للمحركات، وفقدان برامج تشغيل المعدات واماكن تغذية الطاقة لوحدات التحكم والمحركات الكهربائية، فضلاً عن اتلاف موتورين الاول بقدرة 850 كيلو وات، والثاني بقدرة 480 كيلو وات، وتلف معدات مساعدة تشمل كومبريسور »كباس هواء« حديث.
وارجع مدير مصنع سبونتكس هذه الخسائر الي تعرض المعدات لانقطاع التيار الكهربائي عنها 67 مرة خلال مدة زمنية تقدر بشهر واحد، وتذبذب الجهد الكهربائي بالارتفاع والانخفاض اعلي واقل من قيمة الحمايات القياسية في المصنع والتي تكون 240 فولت كحد ادني و380 فولت الحد العادي والاقصي الذي لا يمكن تجاوزه منخفضاً، فضلا عن تأثر المصنع بأي من الاعطال الكهربائية التي تطرأ في المنطقة المحيطة به.
ولفت الي ان اجمالي فترات توقف المصنع زادت عن 5 اسابيع لتوفير قطع الغيار اللازمة والتي يتم استيرادها من الخارج لتركيبها بدلا من التالفة، مشيرا الي ان التعاقد علي قطع غيار جديدة يستغرق شهراً ونصف الشهر من بداية التعاقد وحتي وصولها الي المصنع.
من جهته، اكد المهندس مصطفي فؤاد، نائب المدير العام لمصنع اللدائن الحديثة، أن انقطاع التيار اثناء تشغيل المصنع يؤدي الي فقدان كميات كبيرة من المادة الخام كهوالك داخل خطوط الانتاج، بينما تستغرق عملية اعادة تشغيل الماكينات فترة لا تقل عن 4 ساعات اذا زادت فترة انقطاع التيار الكهربائي عن خطوط الانتاج لفترة 15 دقيقة فقط، نظرا لطبيعة انتاج المصنع الذي يعتمد علي الياف البوليستر بأقطار صغيرة عن طريق بثق خامات البلاستيك والتي يؤدي انقطاع التيار الكهربائي عنها الي تصلبها داخل خطوط الانتاج، مما يستدعي احلال وحدات البثق وتنظيفها، مشيرا الي انه في غالبية حالات انقطاع التيار الكهربائي ادت الي تلف اجزاء من خطوط الانتاج بسبب التوقف مرة واحدة لحدوث انقطاع في التيار الكهربائي، فضلا عن تفحم المادة الخام داخل دورة الانتاج بسبب عدم اخراجها بشكل سريع.
واوضح فؤاد ان الخسائر الفعلية في الانتاج بسبب انقطاع التيار الكهربائي وتذبذبه تمثلت في انخفاض كفاءة التشغيل بنسبة %30 كمعدل شهري بسبب الانقطاع، وانخفاض اجمالي الانتاج للمصنع نتيجة طول فترة التوقفات وتعددها، وعدم قدرة المصنع علي الوفاء بتعاقداته مع العملاء، نتيجة تأثر العملية الانتاجية خاصة في الحالات التي تستلزم استيراد قطع غيار، فضلا عن ارتفاع نسبة هوالك الانتاج بما يعادل اربعة اضعاف المستوي القياسي لهذه الصناعة.
واشار الي تأثر معدات الشركة وانخفاض معدل تشغيلها نظرا لتحملها انخفاض جودة التيار الكهربائي المار بها، فضلا عن تأثر الشركة ماديا بصورة مباشرة لتحملها اعباء مالية ناتجة عن التكلفة العالية لمشتريات قطع الغيار بدلا من التالفة، كما يؤثر تذبذب التيار وانقطاعه علي امكانية اخراج منتج مطابق للقياسات من اللدائن او الفوم.
ومن ناحية اخري، قال فؤاد إن تعدد مرات التوقف عن التشغيل يؤثر علي استقرار العمالة في المصنع والتي تفقد الثقة في استمرارية المصنع للعمل ويدفهم للاتجاه للعمل في مصانع اخري، بعدما تم الانفاق عليهم لتدريبهم علي اساليب العمل الحديث وعلي المعدات الموجودة في المصنع.
واضاف المهندس هشام سالم، مدير مصنع »جروب بيراميد ايجيبت« لصناعة الالواح المعدنية ان تذبذب التيار الكهربائي يحدث باستمرار في المنطقة الصناعية الجديدة نظرا لتحميل كهرباء المصانع علي عدد من المحولات وليس محولا كهربائيا واحد.
واشار الي حدوث انسداد مستمر في خطوط الانتاج الخاصة بمصنعه نظرا لاستخدامه مواد كيميائية سائلة في الصناعة، تحدث لها عملية تبريد داخل دورة الانتاج، بالاضافة الي تلف بعض كروت التحكم الخاصة بخطوط الانتاج والتي يتم استيرادها من الخارج بـ 4 الاف يورو للقطعة الواحدة، فضلا عن فقد العديد من البرامج والسوفت وير الخاصة بالتشغيل.
وارجع سالم هذه الخسائر الي التذبذب المتواصل في التيار الكهربائي المتصل بالمصنع، مشيرا الي انه تمت مخاطبة مسئولي الكهرباء في مدينة بدر كتابيا وشفهيا لاحتواء الازمة، الا انه لم يتم التوصل الي حل جذري لها حتي الآن.