خسائر الأرض.. 1200 محبوس وأحكام ما بين عامين لخمسة

خسائر الأرض.. 1200 محبوس وأحكام ما بين عامين لخمسة

خسائر الأرض.. 1200 محبوس وأحكام ما بين عامين لخمسة
جريدة المال

المال - خاص

10:02 ص, الأربعاء, 1 يونيو 16

اقتحام نقابة الصحفيين
فصل نهائى لطالبة وتحويل العشرات للتحقيق
5 ملايين جنيه غرامات وكفالات

إيمان عوف

يبدو أن الأرض المصرية لم تتشبع بعد من دماء أبنائها وحرياتهم، فوفقا لحملة الحرية للجدعان وصل عدد معتقلى الأرض ( متظاهرى الدفاع عن تيران وصنافير ) إلى ما يزيد على 1200 معتقل فى أقل من شهر ونصف الشهر، لم يتوقف الأمر على الاعتقالات العشوائية التى طالت من قرر أن جزيرتى تيران وصنافير مصريتان بل طالت أيضا من لم يهتم بالأمر برمته، حيث تم اعتقال العشرات من الشوارع دون المشاركة فى أى فاعلية رافضة لاتفاقية إعادة ترسيم الحدود.

آلاف فى الشوارع لرفض اتفاقية ترسيم الحدود

اعتراضا على اتفاقية إعادة ترسيم الحدود أعلن العديد من القوى السياسية، ومن بينها 6 أبريل، عن نيتها النزول إلى الشارع للاعتراض على تنازل مصر عن جزيرتى تيران وصنافير، واستجابة لتلك الدعوة شارك آلاف فى مظاهرات حاشدة أمام نقابة الصحفيين، التى اتخذت قرارا بفتح أبوابها أمام أعضائها خشية الملاحقة الامنية، وانتهى المشهد الذى كان بمثابة الشرارة الأولى لبدء معركة أمنية ضد كل من رفض تنازل مصر عن جزيرتى تيران وصنافير.

وأعلن المتظاهرون عن العودة يوم 25 أبريل للتأكيد على رفض اتفاقية إعادة ترسيم الحدود، وبعدها شهدت مصر حالة من الاعتقالات العشوائية التى طالت الجميع، والتى بدأت من مقاهى وسط القاهرة، والإسكندرية، وجميع المحافظات دون أن تميز بين ناشط سياسى أو مواطن مر مصادفة بشارع كانت به قوات الأمن، أو حتى فنان شارك فى أوبريت” تسلم الأيادى” !!

ووصلت تلك الاعتقالات التى طالت صحفيين ومحامين وطلابا لما يقرب من 1200 حالة كان أغلبها من وسط القاهرة، والبعض منها من المنازل فى عودة واضحة لزوار الفجر.

محاولات للتظاهر دون جدوى

تحولت القاهرة والجيزة وكل المناطق التى أعلنت القوى السياسية نزولها فيها إلى ثكنة لقوات الشرطة التى أغلقت شارع عبدالخالق ثروت ومنعت دخول الصحفيين، بينما سمحت بدخول من يطلق عليهم “المواطنون الشرفاء”، بالإضافة لعشرات الملاحقات بمناطق شعبية بالدقى والعجوزة وناهيا والبحوث وغيرها..العديد من المناطق التى لجأ إليها المتظاهرون الرافضون لتنازل مصر عن جزيرتى تيران وصنافير.

ووصل عدد حالات الاعتقال، وفقا للجنة الحريات بنقابة الصحفيين إلى ما يزيد على 16 صحفيا، خرجوا جميعا من الأقسام باستثناء المصور الصحفى على بيكا.

ولم يتوقف المشهد عند حد إغلاق الطرق المؤدية للنقابة واعتقال المئات بل صل الأمر لمحاصرة حزب الكرامة واحتجاز العشرات داخله، كان بينهم المحامى الحقوقى المعتقل حاليا مالك عدلى.

أوامر ضبط وإحضار

يبدو أن الـ1200 معتقل لم يكونوا كافين لسد رغبة الدولة فى معاقبة الرافضين للتنازل عن جزيرتى تيران وصنافير، حيث أصدرت النيابة بناء على تحريات المباحث والأمن الوطنى العديد من قرارات الضبط والإحضار، كان من أبرزها: رئيس تحرير بوابة يناير عمرو بدر والصحفى بها محمود السقا، ثم المحامى الحقوقى مالك عدلى وزيزو عبدو.. وغيرهم من المتهمين بـ”التحريض على قلب نظام الحكم، وتعطيل رئيس الجمهورية عن القيام بمهامه” وفقا لتحقيقات النيابة.

كانت المفاجأة الكبرى فى إصدار أحكام بالسجن ما بين عامين وخمسة اعوام على ما يقرب من 300 من المشاركين فى تظاهرات 25 أبريل، بينما ينتظر العديد من الصحفيين والمحامين قرارات الاستئناف على حبسهم أو تجديده.

ســجناء تيران وصنافير

خلف القضبان هم قابعون حاليا.. وربما سيظلون كذلك لشهور وسنوات.. رجال ونساء.. شباب وشيوخ.. صحفيون ومحامون ونشطاء بل مواطنون عاديون لم يشغلوا بالهم قط بالسياسة.. لكن حظهم العاثر ساهم فى أن يكونوا متواجدين فى الوقت الخطأ والمكان الخطأ..هذه ملامح لبعض وجوه سجناء الأرض

عمرو بدر.. صحفى بدرجة مناضل

نجلاء أحمد.. تنتظر رحمة القاضى.. وأبناؤها يترقبون عودتها

على بيكا.. المهنة مصور صحفى.. والتهمة قلب نظام الحكم والتظاهر

مالك عدلى.. محام وأخ وسند لكل مقهور خلف القضبان

كان سببًا فى أن تفعل الداخلية ما لم تفعله على مدار تاريخ نقابة الصحفيين التى احتفلت بيوبيلها الماسى برعاية الرئيس منذ أسابيع قليلة، حيث اقتحمت قوات من الداخلية نقابة الصحفيين وألقت القبض عليه وزميله محمود السقا، وتمت إحالتهما على الفور لنيابة شبرا الخيمة التى وجهت لهما العديد من الاتهامات من بينها: الانضمام إلى إحدى الجمعيات والهيئات والمنظمات التى تسعى لتعطيل أحكام الدستور والقوانين، ومنع مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة من ممارسة عملها، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى والترويج بالقول والكتابة للأغراض محل الاتهام الأول، وذلك بأحد الطرق المُعدة للتوزيع والطباعة وإذاعة أخبار وبيانات وشائعات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام.

كل تلك الاتهامات وجهت لبدر الذى كان لاعبا أساسيا فى إسقاط حكم الإخوان من خلال مشاركته فى تأسيس حملة تمرد، فكتب الغالبية العظمى من البيانات التى صدرت عن الحركة التى تصدرها ابن شقيقه النائب الحالى محمود بدر، لم يرغب عمرو فى أن يحصل على مقابل لرفضه للإخوان مثلما فعل آخرون، بل ظل محافظا على نزاهته وإصراره على جلب الحقوق للفقراء، فاختلف اختلافا جوهريا مع ابن شقيقه حول الأوضاع السياسية بعد 30 يونيو، فكانت النتيجة هى اتهامه بمحاولة تعطيل رئيس الجمهورية عن القيام بمهامه، والترويج لأكاذيب بأن جزيرتى تيران وصنافير مصريتان، وهى التهمة التى استقبلها عمرو بترحاب، مؤكدا فى تحقيقات النيابة وفى رسائلة المتقطعة للجماعة الصحفية أن الجزيرتين مصريتان وإن منعت أسرته من رؤيته فهو يراهن على جيل من شباب الصحفيين يعرفون جيدا قيمة الأرض والدم.

كتبت نجلاء أحمد «أم سندس» على صفحتها الشخصية منذ أيام «فضفضة معلش بقى استحملونى شويه.. كنت دايما لما انزل وقفة ولا مظاهرة كان اول حاجة بكتبها أن لو فى اى يوم حصلى حاجة خلى بالكم من ولادى.. لحد ما اتحكم عليا بخمس سنين اضطريت اسيب بيتى وولادى وشغلى وحياتى وسبت كل حاجة ورايا ومشيت.. حسيت ان كل حاجة اتدمرت لان محكوم عليا غيابى 5 سنين و100 الف جنيه غرامة، لما الاستئناف بتاع الجدعان اتقبل واتلغى من عليهم حكم الخمس سنين فرحت بس فرحة منقوصة علشان هيدفعوا منين الـ 100 الف جنيه!! اكيد فيه ناس زى حالتى ولازم يكملوا مدة 3 شهور فى الحبس طبعا.. سيبكم من الابتسامة اللى لما بيتقبض علينا بنرسمها اليوم فى الحبس بـ100 يوم.. بره بتخرج ناسى وفاقد كل شئ.. برضه سيبكم من حمد الله ع السلامة وكل واحد يجرى يسلم عليك وعايز يتصور معاك وابتسامات لما حصل بقى ومشيت وبعدت وطبعا نصايح المحامين انى افضل بعيد لحد ما اشوف الوضع ايه اللى هيتم فيه ويتم كتابة حكم الاستئناف ويطمنى لحكم المعارضة اللى هيتقدم، وطبعا الله اعلم هيخلص امتى طبعا فيه ناس عطتنى ضهرها وقليل قوى اللى وقفوا او واقفين جنبى مش مكملين صوابع الايد، وفيه اللى جرحنى، وفيه اللى طنش، وفيه اللى كأنه ميعرفنيش، ابنى 15 سنة هيبدأ شغل فى محل بقالة علشان يقدر يصرف على البيت، بنتى هتخلص امتحان وبرضه هتشتغل علشان تقدر تساعد اخوها، اللى اقصده مبقتش قادرة احب البلد اللى كسرتنى، من الآخر اللى بيكون جنبك فى الوجع اوعى تتخلى عنه ومتزودش عليه.

شكرا للى خذلنى لما احتجت له..شكرا للى وقف جنبى..شكرا للى بيتصل بولادى يطمن عليهم.. شكرا للأقنعة اللى وقعت وعرفت وشكم الحقيقى.. شكرا للشدة اللى عرفتنى مين الجدع ومين لا.

البلد دى مش لينا البلد دى بتاعتهم..بتاعت مبارك ونظامه.. بتاعت اللى معاه فلوس..لكن الغلابه ينداس عليهم..

وكان قد ألقى القبض على نجلاء يوم 25 ابريل وتم إخلاء سبيلها على ذمة القضية، لكن القاضى أصدر عليها حكما غيابيا بالسجن خمس سنوات وغرامة 100 الف جنيه، ثم أصدرت محكمة الاستئناف الأسبوع الماضى حكما ببراءة المتهمين فى القضية واستمرار دفع الغرامة التى تصل قيمتها إلى 100ألف جنيه.

بكت والدته فور رؤيتها له للمرة الأولى بقاعة المحكمة، فقد خسر الكثير من وزنه وظهر عليه الإعياء، خاصة أنه أعلن إضرابه عن الطعام بسبب تردى الأوضاع داخل زنزانته بسجن طرة الذى استقبله وآخرين بعدما حكم عليه بعامين.

وبفطرة المصريات وبإحساس الأم، قالت السيدة ملخصة الموقف: هو صور ايه عشان تعملوا فيه كده”؟! موجهة تساؤلات عديدة حول الذنب الذى ارتكبه ابنها على عابدين، الشهير ببيكا، لكى يسرق من عمره عامان دون أن يخالف القانون.

لكن بكاء الأم المكلومة لم يصل إلى مسامع أحد، فلم يهتم بحديثها سوى أصدقاء على بيكا الذين توجهوا للمحكمة مصطحبين كاميراتهم وحزنا وخوفا أعمق من أن تكون أمهاتهم فى ذات المكان غدا أو بعد غد.. ولما لا وقد مضى عليهما يقرب من شهر داخل زنزانة مظلمة لا ترى النور!

بالطبع لم يكن بيكا يعلم أن عمله كمصور صحفى قرر المغامرة والنزول يوم 25 أبريل الماضى ليغطى تظاهرات الأرض تهمة فى حد ذاتها، وبالطبع لا يستوعب الآن لماذا قرر القاضى سلبه عامين من أحلامه وطموحاته.

ليس مجرد محام وحقوقى تتلمذ على يد أستاذ المحاماة سيف الإسلام حمد، بل هو أخ وسند لكل معتقل، تعرفه جيدا أسر الشهداء، وكيف لا وهو الذى كان على استعداد أن يبيع عفش بيته ليسدد ديون إحدى هذه الأسر التى تعثرت ماديا، لا تخلو قاعة من قاعات الدفاع عن المعتقلين من وجوده، وكلما ظهر فى أحد البرامج كان مستعدا لخوض مبارزة محتومة الفوز لصالحه.

كل ما فعله هو أنه أصر على أن جزيرتى تيران وصنافير مصريتان، أقام دعوى قضائية أمام مجلس الدولة، وكان على استعداد أن يدفع عمره ثمنا للدفاع عن أرضه فدفع حريته فى اتهامات عديدة من بينها: السعى لقلب نظام الحكم، تعطيل رئيس الجمهورية عن القيام بمهامه الدستورية، الدعوة للتظاهر والمشاركة به.

خلف القضبان الحديدية يظهر مالك وكل علامات الإعياء على وجهه، على أثر الحبس الانفرادى، ومصيره بيد القاضى الذى سينظر قرار استئناف حبسه 15 يوما على ذمة التحقيق، لم يمنعه من أن يسأل كل من اقترب منه عن دعواه أمام القضاء الإدارى لوقف اتفاقية إعادة ترسيم الحدود، وتنازل مصر عن جزيرتى تيران وصنافير.

الكفالات والغرامات عقوبات تربك الجميع

وصلت قيمة كفالات وغرامات الإفراج عن معتقلى جمعة الأرض وما تلاها من فاعليات سياسية يوم 25 أبريل، إلى ما يقرب من 6 ملايين جنيه، تكفل بها أسر المعتقلين، وعشرات بل المئات من النشطاء السياسيين.

حيث أصدرت الأسبوع الماضى محكمة استئناف القاهرة، حكما بالإفراج عن 46 معتقلا فى قضية الدقى مع تغريم كل منهم 100 ألف جنيه، بإجمالى أربعة ملايين و600 ألف، وسبق هذا الحكم الإفراج عما يقرب من 25 معتقلا فى أحداث 25أبريل بكفالة 1000 جنيه لكل متهم أى ما يقرب من 25 ألفا قيمة كفالات.

ويقول حامد جبر القيادى فى التيار الشعبى والخبير القانونى، إن نص المادة 541 الفقرة الأخيرة إجراءات جنائية هى التى تنطبق على حكم غرامة المائة الف جنيه، وأنه إذا لم يتم الدفع فإن تلك المادة وضعت الحبس بديلا عن الدفع لمدة أقصاها ستة أشهر.

طارق العوضى، مدير مركز «دولة القانون»، قال إن تقدير الضمان المالى سلطة مطلقة لوكيل النيابة أو المحكمة، ومن المعمول به فى النيابة أن تكون الكفالة المالية آخر ما يمكن اللجوء إليه فى حال عدم توافر محل إقامة أوعمل يمكن إخلاء سبيل المتهم على ضمانتهما.

وعن مصير هذه الكفالات، أشار العوضى إلى أنها تذهب لخزانة وزارة العدل وأنه وفقا للقانون يمكن للمتهم استردادها فى حال الإفراج عنه أو إصدار حكم نهائى بات فى القضية التى حبس على ذمتها، إلا أن هناك الكثير من الإجراءات الروتينية التى تضع عراقيل أمام المتهمين، ومنها: أنه ينبغى أن يتقدم بطلب الى وزارة العدل باسترداد الغرامات المالية التى دفعها على ذمة القضية، فتطلب منه العدل شهادة من الضرائب والتأمينات بأن هذا الشخص غير مطلوب منه أى أموال للضرائب ثم يعرض الشخص على كل النيابات التى تتبع محافظته للتأكد من عدم وجود أى أحكام أو غرامات أو مخالفات حتى يحصل على ما دفعه، الأمر الذى يتطلب محاميا وإجراءات باهظة التكاليف، ما يدفع المواطنين الى عدم السعى للحصول عليها مرة أخرى حتى لا يقع تحت طائلة بيروقراطية الدولة.

ياسمين حسام الدين، محامية وناشطة حقوقية، أكدت أن إجمالى ما تم دفعه من كفالات خلال الأيام القليلة الماضية يتجاوز نصف مليون جنيه، دفعها أهالى لا يملكون قوت يومهم، ودللت على ذلك بسيدة تدعى أم أميرة تقف أمام قسم قصر النيل، وتتسول لتجمع لابنتها ثمن وجبة أو غطاء يحميها من برد الزنزانة، وآباء باعوا عفش منازلهم ليدفعوا ثمن حرية أبنائهم.
وأضافت ياسمين، أن هذه القضايا السياسية تظل معلقة لا يتم حفظها أو إصدار أحكام قضائية بها، ما يجعل الأموال التى يتم دفعها غير جائز استردادها، خاصة أن الحالات التى يمكن بها استرداد أموال الكفالة هى البراءة أو إصدار حكم نهائى بات فى القضايا.

واعتبرت ياسمين أن الأزمة تتجسد فى أن الغالبية العظمى من الأهالى لا يستطيعون دفع الكفالات، ما يضع أبناءهم فى مأزق حقيقى، حيث يتعرضون للسجن إلى أن يتم الاستئناف فى القضايا المقامة أمام المحاكم، ولعل الأحكام التى حصل عليها طلاب الأزهر بـ17 سنة سجنا أو دفع غرامة لا تقل عن 67 ألف جنيه مثال صارخ على ذلك، حيث استطاع بعض الأهالى جمع أموال الكفالة بينما لم تستطع الغالبية العظمى ذلك، وما زال أبناؤهم فى الحبس لحين البت فى القضايا، وهى التى وصلت لحد أن يكون إجمالى الغرامات التى يدفعها 46 شابا ما يقرب من أربعة ملايين وستمائة ألف جنيه، وإلا السجن.

جريدة المال

المال - خاص

10:02 ص, الأربعاء, 1 يونيو 16