تسعي الهيئة العامة للرقابة المالية إلي تقنين طرح شركات الاوراق المالية في البورصة المصرية عبر وضع ضوابط جديدة تستهدف الوقوف علي تقييمات تستند الي الاصول الملموسة، وعدم ترك الاصول غير الملموسة الممثلة في الكوادر في لعب الدور الرئيسي في التقييم منفردا، وذلك عبر اشتراطها استحواذ الاصول الملموسة علي %50 من حقوق الملكية، تفاديا لمخاطر رحيل الكوادر وتعرض اسهم شركات السمسرة المطروحة لاهتزازات، بالاضافة الي اشتراطها تقديم ميزانيات ثلاثة اعوام سابقة لتاريخ القيد ومساهمة النشاط الرئيسي بالحصة الاكبر من ايرادات شركات الاوراق المالية.
وتباينت اراء خبراء سوق المال حول ملاءمة استحواذ الاصول الملموسة علي %50 من حقوق الملكية بشركات السمسرة الراغبة في القيد والتداول بسوق المال، حيث اشار فريق الي ان هذه الضوابط ستضمن حماية صغار المتعاملين غير المدركين لطرق التقييم والعناصر المستندة إليها وتوضيح المخاطر الناجمة عن رحيل الكوادر وفي الوقت نفسه الحد من هذه المخاطر.
ويري الخبراء انه علي الرغم من ذلك لايمكن الوقوف علي مدي ملاءمة هذا الشرط مع شركات السمسرة لان الاصول الملموسة تختلف وفقا لحجم الأصول المرتفعة القيمة، في حين تعتمد شريحة كبيرة علي ايجار الفروع، فضلا عن الاصول غير الملموسة التي تختلف حصتها من حقوق الملكية من شركة الي اخري، بناء علي انتشارها الجغرافي وقيمة العمليات المنفذة بدعم من الكوادر التي تضمها الشركات، بالاضافة الي شريحة المستثمرين المستهدفة وهو ما يعرف بـ»Market Position «.
واشار الفريق الآخر الي ان انتماء شركات السمسرة الي القطاع الخدمي يجعل من الصعب استحواذ الاصول الملموسة علي %50 من حقوق الملكية لان رأسمال هذه الشركات هو الكوادر، واقترحوا اشتراط الهيئة امتلاك مجلس الادارة والمديرين التنفيذيين حصصاً في هذه الشركات وعدم بيعها إلا بعد مرور فترة زمنية تتراوح بين2 و5 اعوام.
واعترض البعض الاخر علي تدخل »العامة للرقابة المالية« في التقييم طالما استوفت شركة السمسرة الرغبة في القيد شرط استحواذ الاصول الملموسة علي %50 من حقوق الملكية.
واجمع خبراء سوق المال علي اهمية الضوابط الاخري الممثلة في تقديم ميزانيات ثلاثة اعوام سابقة لتاريخ طلب القيد ومساهمة النشاط الرئيسي بالحصة الاكبر من ايرادات شركات السمسرة لضمان صفة الاستمرارية للشركة.
في هذا السياق رحب كريم هلال، الرئيس التنفيذي ببنك الاستثمار سي اي كابيتال بالقواعد المطروحة لتنظيم قيد الشركات العاملة في مجال الأوراق المالية بالبورصة، وفي مقدمتها رفع نسبة الاصول الملموسة الي %50 كحد ادني من حقوق الملكية بشركات الأوراق المالية حتي يتم الوقوف علي التقييم الحقيقي لها لحماية المتعاملين في البورصة بصورة رئيسية.
وتابع »هلال«: ان استحواذ الاصول غير الملموسة علي الحصة الاكبر من حقوق الملكية والتي تعتبر العنصر الاساسي في تحديد القيمة العادلة للشركات يعني زيادة معدل المخاطرة التي سيتعرض لها المستثمرون عند طرح الشركة للتداول في سوق المال، حيث انه علي الرغم من الاعتداد بأن الكوادر هي العامل الرئيسي في توليد الايرادات بشركات الأوراق المالية وبنوك الاستثمار، لكن يجب ألا يطغي هذا العنصر علي حقوق الملكية، لان رحيل هذه الكوادر يعني اهتزاز القيمة السوقية لاسهم شركات الأوراق المالية.
واكد ان استحواذ الاصول غير الملموسة علي %50 من التقييم يعتبر حصة جيدة جدا، ويعبر عن دور الكوادر في المساهمة في الحفاظ علي الوضع المالي للشركة، وفي الوقت نفسه يكون هناك نوع من الاتزان في القيمة الحقيقية لشركات الاوراق المالية.
وراي الرئيس التنفيذي لبنك الاستثمار سي اي كابيتال، ان هيئة الرقابة المالية تستهدف رفع الملاءة المالية لشركات الاوراق المالية الراغبة في القيد بالبورصة، لانه لا يوجد نص قانوني يمنع تداول أي شركة من القيد طالما تستوفي الشروط.
واعترف بأن شركات الوساطة في الاوراق المالية تعتمد علي الكوادر بصورة رئيسية عند التقييم، وعدم توافق الشريحة الكبري من الشركات مع هذه القواعد، ولكن لابد من دعم الملاءة المالية لها، متوقعا ان تدفع هذه الوضعية بعض الشركات الراغبة في القيد بسوق المال الي الاندماج وتقوية مركزها المالي.
واستبعد ان تتأثر الشركات القابضة كبنوك الاستثمار بهذه القواعد، المرتقب اعتمادها خلال الايام القليلة المقبلة لانها تتخذ طابعاً مؤسسياً وتعمل من خلال عدة اذرع تتمثل في السمسرة في الاوراق المالية وادارة الاصول والاستثمار المباشر والاستشارات المالية والترويج للطروحات الجديدة وادارة صفقات بما يضمن توليد ايرادات بصفة منتظمة وهو ما تسعي الهيئة الي ضمانه في شركات السمسرة عبر تمسكها بمساهمة نشاط السمسرة في الحصة الاكبر من الايرادات.
ونفي الرئيس التنفيذي لبنك الاستثمار سي اي كابيتال، خلو البورصات العالمية من شركات الاوراق المالية، حيث تضم بورصة لندن شركة »ICAP « المتخصصة في السمسرة في العملات.
وفي سياق متصل اعتبر هشام توفيق، رئيس مجلس ادارة شركة عربية اون لاين لتداول الاوراق المالية، انه من الطبيعي ان تستحوذ الاصول الملموسة علي %50 علي الاقل من حقوق الملكية بشركات الاوراق المالية، بل يجب ان ترتفع هذه النسبة.
وأوضح ان هذا الامر ستتمكن الهيئة من تطبيقه علي شركات السمسرة بسهولة طالما لم تقم بالاستحواذ علي شركة اخري، بل ستبذل هيئة الرقابة المالية مجهوداً اكبر لتحقيق هذا الامر بالشركات القابضة الراغبة في القيد بالبورصة.
واضاف ان الشركات القابضة تقوم بدورها بالاستحواذ علي شركات اخري، ويكون هناك فارق بين حقوق الملكية وسعر الشراء النهائي والذي يتمثل في اسم الشهرة، وهو ما يمكن ان يشهد حالات تلاعب عند تقييم الشركة المستحوذ عليها، مما ينعكس في النهاية علي ارتفاع قيمة الشركة القابضة بفضل ارتفاع قيمة اسم الشهرة.
واكد ان الشركة القابضة تقوم بشرح العناصر والاسباب المستند إليها في تقييم اسم الشهرة، وفي حال عدم تحقيق اهداف الاستحواذ، خاصة علي صعيد الربحية المستهدفة يتم وضع مخصص اضمحلال لاعدام اسم الشهرة الخاص بالشركة محل الاستحواذ، وقال ان نفس الامر يتم اتباعه عند طرح الشركة القابضة شركة الاوراق المالية التابعة لها.
ويري رئيس مجلس ادارة شركة عربية اون لاين، ان الزام الهيئة شركات الاوراق المالية الراغبة في القيد بالبورصة بعدم تجاوز حصة الاصول غير الملموسة حاجز الـ%50 من الاصول يصب في مصلحة المتعاملين بالسوق، رافضا في الوقت ذاته تدخل الهيئة في التقييم النهائي للشركة المطروحة ما دامت قد استوفت حصة الاصول الملموسة، لان التقييم يتعلق بالعديد من العوامل منها التدفقات النقدية المستقبلية ومعدل نمو الشركة والقطاع ومضاعف الربحية، بالاضافة الي قدرتها علي التوسع.
من جانبه اوضح ايمن حامد، العضو المنتدب لقطاع السمسرة ببنك الاستثمار النعيم، ان هيئة الرقابة المالية تدرك عدم المام صغار المتعاملين بالسوق بطرق التقييم والعناصر التي يستند إليها في تحديد القيمة العادلة للسهم، بالاضافة الي رغبتها في توعيتهم بأن حصة كبيرة من التقييم تصل الي %50 تتعلق بعناصر متغيرة مثل الكوادر لتحديد قرارهم الاستثماري منذ البداية من جانب، والزام شركات السمسرة الراغبة في القيد بالبورصة بتدعيم ملاءتها المالية من جانب آخر.
واشار الي انه علي الرغم من تأييده استحواذ الاصول الملموسة لشركات الاوراق المالية علي حصة تصل الي %50 بحد ادني من حقوق الملكية، تفاديا للمبالغة في التقييمات، الا انه يصعب الوقوف علي مدي ملاءمة هذه الشروط مع طبيعة شركات السمسرة، حيث يتم تحديدها وفقا لمجموعة من العناصر منها امتلاك بعضها اصولاً ذات قيمة مرتفعة علي غرار الشركات التي تمتلك فروعاً لها في القرية الذكية، في حين تعتمد شريحة كبيرة علي ايجار الفروع، خاصة في ظل انخفاض رأسمال شركات السمسرة في الاوراق المالية لانها خدمية ولا تعمل في قطاعات صناعية أو عقارية.
وقال ان الاختلاف في هذه العناصر سيجعل من الصعب توافق استحواذ الاصول الملموسة علي%50 من حقوق الملكية علي الاقل من الشركات، علاوة علي وجود فروق كبيرة بين قوة الاصول غير الملموسة من شركة الي اخري، بناء علي انتشارها الجغرافي وقيمة العمليات المنفذة بدعم من الكوادر التي تضمها الشركات، بالاضافة الي شريحة المستثمرين المستهدفة وهو مايعرف بـ »Market Position «.
واعتبر أيمن حامد، العضو المنتدب لقطاع السمسرة ببنك الاستثمار »النعيم« ان هذه العناصر غير كافية لحماية المتعاملين في السوق من سلبيات استحواذ الكوادر علي حصة كبيرة من التقييم حيث لابد من وضع قواعد تنظيمية تشترط امتلاك مجلس الادارة التنفيذي وكبار المديرين حصصاً بالشركات المطروحة للتداول بسوق المال وعدم بيع هذه الحصص إلا بعد مرور فترة زمنية تتراوح بين عامين و3 اعوام، ووضع ضوابط بعدم فسخ التعاقد مع الشركة الا بعد فترة زمنية معينة وفقا لشروط جزائية.
ورحب حامد باستحواذ نشاط السمسرة علي الحصة الاكبر من ايرادات شركات تداول الاوراق المالية وفقا لظروف سوق المال لان الهيئة تستهدف التأكد من قدرة الشركة علي توليد ارباح عبر نشاطها الاساسي وليس عن طريق بيع أي اصول وتحقيق ارباح رأسمالية وهو ما يتزامن مع شرط تقديم ميزانيات ثلاثة اعوام سابقة لطلب القيد للتأكد من استمرارية الشركة، وقدرتها علي توليد ارباح بصفة منتظمة.
وألمح الي ان استحواذ نشاط السمسرة علي الحصة الاكبر من الايرادات يستهدف ايضا ضمان ضم شركة السمسرة الراغبة في القيد بالبورصة كوادر ناجحة، وبهذه الصورة تحاول هيئة الرقابة المالية الموازنة بين الاصول الملموسة وغير الملموسة، واعتبر ان هذه القواعد ضوابط مبدئية لحماية صغار المتعاملين ولكن لابد ايضا من تشديد الرقابة علي العمليات المنفذة علي اسهم شركات السمسرة تجنبا لعمليات المضاربة العنيفة.
واكد العضو المنتدب لقطاع السمسرة ببنك الاستثمار النعيم ان الامر سيختلف مع الشركات القابضة علي صعيد حجم مساهمة نشاط السمسرة في اجمالي الايرادات خاصة انها تعتمد في توليد الحصة الاكبر من الايرادات عن طريق نشاط الاستشارات المالية والترويج للطروحات بالاضافة الي الاستثمار المباشر وادارة الاصول.
وعلي جانب اخر اعتبر هاني حلمي رئيس مجلس ادارة شركة الشروق لتداول الاوراق المالية ان استحواذ الاصول الملموسة علي %50 من شركات السمسرة غير ملائم للشريحة الكبري من الشركات العاملة في قطاع السمسرة في الاوراق المالية لان الكوادر هي رأسمال هذه الشركات وفقا لطبيعة القطاع الخدمي واتجاه هذه الشركات الي ايجار مقار العمل وهو ما ينعكس علي انخفاض رأسمال هذه الشركات رغم تجاوز قيمة العمليات المنفذة عبر العديد من هذه الشركات حاجز المليار جنيه سنويا.
وشدد علي اهمية ترك مهمة التقييم لشركات الاستشارات المالية وبنوك الاستثمار، علي ان تبدي الهيئة ملاحظتها علي أي بنود مخالفة، خاصة ان اغلب شركات السمسرة تقوم بتقديم ميزانيتها وملاءتها المالية للهيئة العامة للرقابة المالية والبورصة بصفة مستمرة بما يمكنها من الوقوف علي مدي قوة هذه الشركات وقدرتها علي الحفاظ علي ارباحها.
واشار الي انه يمكن استبدال هذه القواعد المقترحة بضوابط اخري تؤدي نفس الغرض من خلال تحديد الحد الاقصي للحصة المطروحة بنحو %30، علي ان يحتفظ المؤسسون أو المساهمون الرئيسيون بالحصة المتبقية لفترة لا تقل عن 5 سنوات لضمان استقرار الشركة.
واعرب عن تأييده لتقديم شركات السمسرة الراغبة في القيد بسوق المال، ثلاث ميزانيات سابقة لتاريخ طلب القيد بل من الممكن زيادة هذه المدة للاطمئنان علي استقرار الشركة وقدرتها علي الاستمرار، كما طالب بأن تستحوذ الايرادات الناتجة عن نشاط السمسرة علي %70 علي الاقل من ايرادات الشركة بما يتوافق مع نسبة التشغيل الطبيعية في شركات السمسرة.
واشار الي انه عند طرح شركات السمسرة التي تم الاستحواذ عليها من قبل إحدي المؤسسات الاخري ألا يتم الاعتداد بالقيمة المستحوذ عليها بل ستتم اعادة تقييمها تجنبا لاي تجاوزات تعتري اسلوب التقييم حتي لا يتحمل المتعاملون في البورصة نتائج هذه التلاعبات عند الكشف عن انخفاض القيمة الحقيقية للشركة عن سعر الطرح.