جذب القطاع الخاص لتمويل مشروعات البنية الأساسية

جذب القطاع الخاص لتمويل مشروعات البنية الأساسية
جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأحد, 30 يوليو 06

مني كمال:
 
فرض تزايد الفجوة بين الموارد والالتزامات داخل الموازنة العامة للدولة.. البحث عن بدائل كانت الحكومة قد اهملتها منذ فترة في علاج هذه الفجوة ومحاولة سدها حيث شرعت وزارة المالية في حث القطاع الخاص علي زيادة مساهماته الاستثمارية في تمويل مشروعات خطة الموازنة الجديدة لعام 2007-2006.

 
وهو ما فرض نفسه كخيار ملح بصفة خاصة في مجال تنفيذ المشروعات الحيوية كمشروعات البنية الاساسية التي تثقل كاهل الحكومة ولا يكون ايجاد التمويل المناسب لها بالأمر اليسير وهو اعادة التفكير مرة اخري في امكانية رد الاعتبار لصيغ تمويلية منها نظام الـBOT   والـBOOT الذي مازال يتم الاعتماد عليهما في بعض مشروعات انتاج الكهرباء حتي الآن.. فهل تنجح الحكومة في حث القطاع الخاص علي التوسع في هذا النوع من التمويل؟
 
حول هذا النمط أوضح د. فخري الفقي – الخبير الاقتصادي – ان نظام مشاركة القطاع الخاص للحكومة في تمويل وانشاء مشروعات البنية التحتية موجود منذ ما يقرب من 10 سنوات والذي يعرف بنظام الـBOT والذي بدء استخدامه منذ اوائل عام 1995 إلا أن هذا النظام واجه مشاكل عديدة مما جعل تلك المشروعات لا تتعدي اصابع اليد الواحدة.
 
إلا أن مبادرة وزارة المالية تنطوي علي تنظيم شامل لهذه المشاركة من النواحي الشريعية والاطر الائتمانية كما انها تشمل مشروعات البنية التحتية والخدمات ايضا.
 
وهو ما لم يكن موجوداً بنظام الـBOT   حيث لم يكن لدي الحكومة تصور شامل للقطاعات التي من الممكن ان يشارك بها القطاع الخاص كما كان هناك غياب للكوادر المهنية لدي الحكومة داخل الوزارات المعنية والخبرات التفاوضية المؤهلة للتفاوض مع القطاع الخاص.
 
لذلك يبدو أن الحكومة ادركت اخطاءها في السابق والدليل علي ذلك تشكيل لجنة داخل وزارة المالية لتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص وهي بذلك يمكنها ان تعطي القطاع الخاص صوراً مرنة للتعاون وتحديد القطاعات المستهدفة وتذليل العوائق التي قد تظهر في المستقبل.
 
واوضح الفقي انه في السابق كان القطاع الخاص هو من يأخذ بزمام المبادرة ويجري الاتصالات بالحكومة لاقناعها بصيغ التعاون الممكنة الا انه نظرا للاعباء التي اصبحت تثقل الموازنة العامة للدولة وتوجهات المرحلة القادمة التي تتسم باحتياجها الي تنفيذ حجم اكبر من المشروعات وبصورة سريعة في ظل عدم توافر المخصصات المطلوبة اصبحت الحكومة تبحث عن بدائل خاصة فيما يتعلق بالباب الثالث بالموازنة والذي يتعلق بالاستثمار والباب الرابع الخاص بالصيانة والدعم الخاص بالمشروعات وهي بذلك تحقق اهدافا مباشرة بحيث تستفيد مما يتميز به القطاع الخاص من مرونة الحركة وسرعة التنفيذ للمشروعات لما لديه من فوائض مالية ورغبته في تحقيق عائد سريع وبالتالي تكون الحكومة حققت هدفين من هذه المشاركة الاول يتمثل في انجاز الخطط في ميعادها المحدد وهو ما يعطي مصداقية للسياسة الاقتصادية المتبعة في تنفيذ الخطط الخمسية وهو ما يؤدي بدوره الي تحقيق الهدف الثاني وهو اضفاء المصداقية علي السياسة العامة للدولة مما يساهم في جذب الاستثمارات سواء محلياً او دولياً أو علي مستوي القطاع الخاص او مشاركة مع قطاع الاعمال العام.
 
اما فيما يتعلق بالمزايا غير المباشرة التي يحققها هذا النوع من الشراكة فيتمثل في رفع معدلات نمو الناتج الاجمالي للاقتصاد المصري مع خلق فرص عمل وخفض معدلات البطالة التي اصبحت مصر تعاني منها منذ ما يقرب من عقدين بالاضافة الي قدرة القطاع الخاص علي ادخال التكنولوجيا والتقنية عالية الجودة والتي تعاني قطاعات البنية الاساسية حرماناً شديداً منها خاصة فيما يتعلق بقطاعي الصحة والتعليم.
 
واشار الفقي الي ان القطاع الخاص سيجني مزايا عديدة عند دخوله لتنفيذ وتمويل تلك المشروعات حيث سيحصل علي عائد مباشر خلال الفترة التأجيرية لتلك المشروعات ولذلك تنطوي (المدة التأجيرية) علي اهتمام خاص من جانب القطاع الخاص حيث يتحدد بناء عليها جني ثمار تلك الاستثمارات التي يفضل ان تكون طويلة الاجل وهو ما يتطلب ان تكون الحكومة اكثر مرونة في تحديدها.
 
وفي نفس السياق لا تتمتع مشروعات البنية الاساسية في مصر بقدر كبير من التنافسية مما يضمن للقطاع الخاص تحقيق عوائد مباشرة ممتازة.
 
ولفت الفقي إلي ان تلك الشراكة تدفع القطاع الخاص للدخول في مجالات ومشروعات جديدة قد تحثها علي عقد شراكة مع القطاع الخاص الاجنبي الذي لديه خبرة في تلك النوعية من المشروعات مما يكسبها خبرات دولية وهو ما يعد بمثابة مد جسور للتعاون مع الشركات متعددة الجنسيات وابلغ دليل علي ذلك «المقاولون العرب» وما لديها من خبرات دولية بالرغم من انها تنتمي للقطاع العام.
 
وحول مدي ملاءمة البنية التشريعية والقانونية لملاءمة هذا الاتجاه ذكر الخبير الاقتصادي انه بالرغم من القوانين التي صدرت مؤخرا كقانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية والقوانين الجاري تفعيلها كقانون حماية المستهلك والمحاكم الاقتصادية والتي ستساهم في تحسين المناخ الاقتصادي الا ان قانون الاستثمار رقم 8 لسنة 1997 والقانون المنظم للاستثمار الذي ادخلت به بعض التعديلات عام 2003 يحتاج الي اعادة النظر خاصة فيما يتعلق بتوضيح دور القطاع الخاص وصور التعاون التي لا تزال غير واضحة.
 
لذلك يجب وضع مواد او بنود بقانون الاستثمار الحالي تنظم العمل بين القطاعين العام والخاص حيث ان البنية التشريعية الحالية لا تحدد صور التعاون كما يجب تحديد القطاعات التي يحذر علي القطاع الخاص دخولها او المستثمر سواء المصري  او الاجنبي دخولها حتي لا يصطدم ببعض مواد الدستور.
 
واشار الفقي إلي ان القوانين الحالية والتي يجري تفعيلها تخدم الاقتصاد بصفة عامة الا انه من الضروري اصدار تشريع خاص «قانون استثمار شامل جامع» تصوغه اللجنة المخولة بتلك المهمة في المقام الاول بحيث تضع تصورا للبنية التشريعية وتضع الضوابط اللازمة للقطاع الخاص وتضع مصلحة الحكومة في المرتبة الثانية حتي لا يكون هذا الاتجاه الجديد الذي تطرحه الحكومة «بمثابة مصيدة للقطاع الخاص».
 
وحول الاطر الائتمانية والمصرفية التي تضمن مشاركة فعالة وآمنة للبنوك والقطاع الخاص والحكومة يري د. أشرف شمس الدين – الخبير الاقتصادي بالبنك الدولي – ان ما يضمن نجاح هذه التجربة هو استخدام اساليب تمويل صحيحة والبعد عن الحصول علي الائتمان من البنوك نظراً لكون  الائتمان ذا اجل قصير.
 
اما تلك المشروعات فهي تحتاج الي تمويل طويل الاجل وهو ما لا تقدمه البنوك المصرية لذلك يري شمس الدين ضرورة حصول تلك المشروعات علي الائتمان من داخل سوق الاوراق المالية.
 
وطرح الفقي بديلا اخر لخلق اطار تمويلي فعال حيث يري ان الجهاز المصرفي لا تزال قدراته ضعيفة بالرغم من عراقيل التمويل لذلك فهو يقترح خلق نوع من الشراكة بين البنوك المصرية والبنوك الدولية من اجل تمويل مشروعات البنية الاساسية بحيث تتلاءم الاطر الائمانية مع قدرة المصارف لتغطية هذه الاحتياجات التي تتطلبها تلك النوعية من الشراكة.
جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأحد, 30 يوليو 06