جدل حول أسبقية المسارات التجارية بين الشريكين الأوروبي والأمريكي

جدل حول أسبقية المسارات التجارية بين الشريكين الأوروبي والأمريكي
جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأحد, 25 ديسمبر 05

مــني كـــمال:
 
اثارت رغبة الحكومة في استباق تحقيق مكسب حاسم علي صعيد المفاوضات التجارية التي تديرها علي مدار نحو 18 شهراً ـ هي عمرها الفعلي حتي الآن ـ جدل محتدم حول جدوي مسارات الشراكة التجارية ـ ثنائية ومتعددة الأطراف كما تظهر في صيغتي منطقة التجارة الحرة مع أمريكا، واتفاق المشاركة مع الاتحاد الاوروبي.

 
ولم يكن الجدل بطبيعة الحال يهدف إلي تعويض مسار بآخر بقدر ما عكس رغبة في إعادة ترتيب «أجندة» الأولويات وما اذا كان من الأفضل التحرك علي مسار قبل آخر أو التحرك بالتوازي علي مختلف المسارات.. ومع ذلك فإن الجدل بدأ وكأنه ترف داخل مجتمع الأعمال والمختصين علي حين بدت الحكومة في شخص وزيريها الدكتور محمود محيي الدين والمهندس رشيد محمد رشيد قد حسمت موقفها في اتجاه التحرك بالتوازي علي كلا المسارين مع اعطاء وزن نسبي أكثر ثقلاً للاتفاق مع الجانب الأمريكي.
 
ومع ذلك لا أحد يستطيع اغفال هذا الجدل، في الوقت الذي سيحسم فيه مجتمع الأعمال نتائجه بمقدار تأثيره في دعم الموقف الحكومي أو تعديله!
 
لهذا احتلت اتفاقية التجارة الحرة المصرية ـ الامريكية FTA حيزاً كبيراً من المناقشات التي دارت خلال اللقائين اللذين قامت الغرفة التجارية الامريكية  بتنظيمهما خلال الاسبوع الماضي، ففي الندوة الأولي التي حملت عنوان «هل يمكن لمصر ان تواكب المناطق التجارية العالمية في أوروبا وآسيا وامريكا؟» أبدي نوربرت والتر كبير الخبراء الاقتصاديين لـ«الدوتش بنك» شكه حول النوايا الامريكية لتوقيع اتفاق بشأن منطقة تجارة حرة مع مصر ونوه إلي انه من الصعب ان تصبح مصر جزءاً من النظام التجاري الامريكي وان كانت فسوف تكون الجزء الأقل منفعة ورأي ان دول الاتحاد الاوروبي التوجه الأفصل لمصر من حيث التنسيق التجاري وكافة التفاعلات الأخري واشار إلي انه في إطار النتائج الصعبة التي توصلت إليها حوله مفاوضات منظمة التجارة العالمية في هونج كونج فان الحل البديل للاتفاقية التجارية الدولية لمصر هو التوسع في ابرام المزيد من الاتفاقيات الثنائية وخاصة علي المستوي الاقليمي لما لها من مردود أسرع ونسب مجازفة أقل، وابعاد محسوبة.
 
وفي كلمته اختلف د. محمود محيي الدين وزير الاستثمار مع الرأي السابق مؤكداً ان مصر علي مدار الأعوام السابقة وقعت ضحية لمصالح الدول المجاورة إلا ان تلك الصورة تغيرت تماماً واصبحت دولة تتوسع تجارياً لتلبية مصالحها داخلياً وخارجياً.
 
واضاف ان مصر اصبحت دولة تتاجر جيداً وتستثمر جيداً بل ان ما قامت به من إعادة هيكلة لكافة القطاعات قد تخطي التزاماتها تجاه منظمة التجارة العالمية واصبحت مصر شريكاً في عدد من الاتفاقيات التجارية والتي علي حد وصفه «ستتوج» باتفاقية التجارة الحرة بين مصر وامريكا قريباً.
 
فيما التزم الدكتور طاهر حلمي رئيس الغرفة التجارية الامريكية جانب الحياد خلال اللقاء فلم يبد موافقته أو اعتراضه علي أي من الرأيين وعلي الجانب الآخر فقد توقع المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة الخارجية والصناعة خلال اللقاء الثاني بدء المفاوضات بشأن اقامة منطقة تجارة مصرية امريكية خلال الشهرين القادمين علي أبعد تقدير وذلك خلال الندوة الثانية التي كانت حول نتائج مفاوضات المؤتمر الوزاري السادس لمنطقة التجارة العالمية لهونج كونج والتي تطرق الحديث فيها إلي كافة الاتفاقيات الموقعة بين مصرو افريقيا والاتحاد الاوروبي.
 
واوضح رشيد ان مصر قد نجحت في دخول السوق الامريكية من خلال اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة QIZ وقد ترتب علي ذلك جلب أكثر من 400 شركة أجنبية لمصر واعتبر وزير التجارة والصناعة اتفاق الكويز بمثابة «حجر الزاوية» لاتفاقية التجارة الحرة مع امريكيا إلا انه أكد علي ضرورة الفصل بين طبيعة الاتفاقيتين وخاصة فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية واضاف ان طبيعية اتفاقية الكويز اهلتها لتكون أسرع من حيث التطبيق ولا يجب توقع ذلك المعدل من السرعة في اتفاقية التجارة الحرة مع امريكيا بسبب التدرج في الاعفاءات علي المنتجات.
 
وأكد رشيد علي ان FTA ليست بمثابة هدية امريكية لمصر بل هي اتفاقية قائمة علي منفعة متبادلة وانتقال بالعلاقات المصرية الامريكية سواء اقتصادياً أو سياسياً إلي مستوي آخر أعلي نسبياً، موضحاً ان توقيع هذا الاتفاق يزيد الجدارة الائتمانية لمصر وتصنيفها دولياً مما يزيد من جاذبية الاقتصاد المصري للاستثمار كما تتلاءم مبادرات تحديد التجارة مع الولايات المتحدة مع خطط إصلاح الاقتصاد المصري وتعطي حوافز أكثر لاتمام الإصلاح .
 
وعلي صعيد آخر ورداً علي تساؤل طرحه أحد أعضاء الغرفة التجارية الامريكية حول تقييم وزير التجارة الخارجية والصناعة عن أداء الوزارة الحالية ومنذ توليه المسئولية وتوصياته بشأن المرحلة القادمة أكد انه ليس هناك ما يدعو للقلق بشأن التراجع فيما تم من اصلاحات خاصة في ظل اجندة الرئيس الخاصة بالتجارة الخارجية واستمرار توجه الحكومة.
 
وأشار إلي قضية تنافسية المنتج المصري في السوق الخارجية واهمية تقليل سعر التكلفة الاساسي للمنتج الذي اصبح يمثل عبئاً علي المنتج وضرورة نظر الحكومة للشركات والمصانع المنتجة باعتبارها شريكاً تجارياً نظراً لما تحصله من ضريبة كلما زاد الإنتاج زاد دخل الحكومة كذلك وأشار إلي اهمية الاستثمار وتوفير مناخ مناسب ومراعاة التنوع في الاستثمار بالقطاعات المختلفة دون التركيز علي بعضها دون الآخر مشيراً إلي ان بعض الاستثمارات التي اتت إلي مصر وخرجت منها نظراً لعدم توافر التوعية المناسبة لها.
 
ولفت إلي الحرص علي توافر الشفافية والمصداقية مع ضرورة تطوير وادخال التكنولوجيا والإدارة علي كافة المستويات والقطاعات بالدولة وأكد رشيد علي الالتزام ببعض القيم التي يجب ان تؤخذ في الاعتبار عند مواصلة الإصلاح وهي القضاء علي الفساد والمحسوبية في التعاملات وخاصة في الوظائف الحكومية كذلك ترتيب قيمة المراجعة الدائنة للاخطار خاصة الحكومية منها فمع ايقاع الإصلاح السريع قد يحدث بعض الاخطار في اتخاذ القرار ثم تعديله بعد فترة وجيزة لا يعد عبئاً وذلك اذا ثبت خطئه وكان قابلاً للإصلاح الا ان هذا لا يعني عدم دراسة القرارات بشكل سليم قبل اتخاذها.
 
.. وتحذير أوروبي من تباطؤ الإصلاحات السياسية وآثارها علي الأداء الاقتصادي
 
حذرت المفوضية الاوروبية ـ في تقرير صدر عنها مؤخراً ـ مصر والبلدان الاورومتوسطية من تباطؤ المؤشرات الإصلاحية نظراً لعدد من العوامل التي تتعلق بالتكاليف العالية للصفقات التجارية.
 
كذلك الصعوبات التي تتعلق بسريان وتأمين التعاقدات التجارية والاستثمارات مع وجود صنف في كل من القطاع المالي وسوق العمل، كما ان هناك قصوراً فيما يتعلق بالإطار القانوني والتشريعات مع غياب الشفافية وتفشي البيروقراطية والفساد في القطاع العام.
 
واضاف التقرير ان كل تلك العوامل من شأنها ان تحقق الأنشطة الاقتصادية بالمنطقة مما يحد من فرص الاستفادة التي يتيحها الاتحاد الاوروبي لجيرانه، ولذلك فانه يتعين علي بلدان المنطقة ومن بينهم مصر تحقيق استدامة الإصلاح الاقتصادي ورفع الإصلاحات السياسية تجاه حقوق الإنسان والديمقراطية ورفع كفاءة الإدارة والقطاع التعليمي.
 
وحدد التقرير بعض الخطوات التي تقود لاسراع المؤشرات الإصلاحية تتمثل في المران من تحرير التجارة والخدمات وتعزيز الاستثمار من خلال خلق المناخ الجاذب له وإزالة ما يعتري القوانين والتشريعات من تناقصات حيث ان العوامل السابقة تمثل عقبات أمام الاستثمار وما يوفره من فرص عمل تحد من البطالة مما يساعد علي بناء قاعدة سليمة للاقتصاد الكلي.
 
وذكرت المفوضية الاوروبية ان تحديث مصر والشركاء الاورومتوسطين لاقتصادياتهم أمر ضروري لتعميق أواصر التكامل الاقتصادي بينها وبين كافة دول الاتحاد الاوروبي حذرت المفوضية الاوروبية في تقرير صدر عنها مؤخراً مصر والبلدان الاورومتوسطية من تباطؤ المؤشرات الإصلاحية نظراً لعدد من العوامل التي تتعلق بالتكاليف العالية للصفقات التجارية.
 
كذلك الصعوبات التي تتعلق بسريان وتأمين التعاقدات التجارية والاستثمارات مع وجود صف في كل من القطاع المالي وسوق العمل كما ان هناك قصوراً فيما يتعلق بالإطار القانوني والتشريعات مع غياب الشفافية وتفشي البيروقراطية والفساد في القطاع العام.
 
واضاف التقرير ان كل تلك العوامل من شأنها ان تحقق الانشطة الاقتصادية بالمنطقة مما يحد من فرص الاستفادة التي يتيحها الاتحاد الاوروبي لجيرانه. وأشار التقرير إلي ان الاتحاد الاوروبي هو الشريك الرئيسي لمصر وللدول المتوسطية في تجارة السلع والخدمات حيث ان أكثر من %50 من تجارة تلك المنطقة تتم مع الاتحاد الاوروبي وتتوجه اليه أكثر من %70 من صادراتها، كما يعد أكبر مورد للمساعدات المالية المتمثلة في شكل منح وقروض حيث يقدم نحو 3 مليارات يورو سنوياً.
جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأحد, 25 ديسمبر 05