أكد عدد من المصرفيين أن التجزئة المصرفية ترتكز بشكل رئيسى على القروض الشخصية التى تمكن البنك من الوصول إلى أكبر عدد من العملاء، لأنه غير مقيد بقواعد محددة للمنح عكس منتجات التجزئة الأخرى التى تصممها البنوك للوصول الى شريحة تطلب خدمة معينة، إلا أن ذلك المنتج يتوافر فقط فى البنوك التجارية ويندر فى نظيرتها الإسلامية، وذلك بسبب اقتصار تقديمه على آلية واحدة وهى التورق، التى يثار بشأنها جدل كبير بشأن شرعية استخدامها.
![]() |
وقالوا إنه فى حال قيام بعض البنوك بطرح ذلك المنتج يجب أن يكون فى أضيق الحدود لأن كثيرا من الشركات استغلت الاستعانة بصيغة التورق فى حصولها على الأموال بشكل نقدى، مما أدى إلى حصولها على الأموال دون ربطها بشراء سلع أو خدمات.
وتوقعوا عدم توسع البنوك الإسلامية بشكل كبير فى تقديم التمويل الشخصى خلال الفترة المقبلة فى محاولة منها لكسب ثقة العميل بشرعية المعاملات التى تجريها، مفضلين اعتماد البنوك على تصميم وإعداد منتجات محددة للعميل تلبى احتياجاته بدلاً من توفير تمويل نقدى بما يتنافى مع طبيعة عمل البنوك الإسلامية التى ترتبط بشراء وتبادل السلع.
ورفض علاء بندوق، نائب مدير فرع المعاملات الإسلامية فى بنك الشركة المصرفية العربية الدولية، أن تقوم البنوك الإسلامية بطرح منتج التمويل الشخصى الإسلامى خلال الفترة الحالية، لأن آلية عمل البنوك الإسلامية تعتمد على منتج حقيقى يقدم للعميل وليس على توفير سيولة نقدية كما تفعل البنوك التجارية.
وقال إنه حتى مع تفعيل آلية التورق محلياً والتى تعتمد عليها بعض المصارف الإسلامية سواء المحلية أو العربية فى توفير التمويل الشخصى، فإنه من الأفضل لتلك البنوك ألا تتيح ذلك المنتج لأن صيغة التورق غير جائزة شرعاً لما فيها من تحايل للحصول على أموال نقدية وهو ما يتنافى مع طبيعة عمل البنوك الإسلامية.
ولفت إلى أن البديل لتنشيط التجزئة فى المصارف الإسلامية يتمثل فى تصميم منتجات متنوعة تلائم جميع فئات العملاء.
وعن ارتفاع مصروفات البنوك الإسلامية المرتبط بطرح مزيد من المنتجات مما يترتب عليه تكثيف التدريبات للعاملين على دراسة السوق واحتياجات العملاء، قال بندق إن ذلك لن يؤثر على أرباح تلك البنوك لأن طبيعة عملها يختلف عن التجارية، حيث إنها تتفهم متطلبات العملاء، كما أنها تهدف لخدمة وتنمية البيئة المحيطة بها، بالإضافة إلى أن ذلك يميز الإسلامية عن غيرها ويربط العميل بشكل كبير بالبنك.
ولفت إلى أن الإسلامية تختلف من حيث دورة العمل المستندى، موضحاً أن البنك التجارى يحتاج فقط الى تقديم طلب للحصول على القرض ويتم بعدها الموافقة على المنح من عدمه، فى حين تتطلب العملية التمويلية فى نظيرتها الإسلامية نحو عقدين أو ثلاثة، ففى البداية يقوم العميل بتقديم طلب الحصول على التمويل والعقد الآخر يتمثل فى وعد بالشراء لضمان تلقيه للسلعة.
وربط بين تنوع منتجات العملاء الخاصة بالتجزئة المصرفية وتطبيق قانون البنوك الإسلامية الذى يهدف إلى تنظيم عملها، مشيراً إلى أن البرامج والمنتجات ذات الطابع الإسلامى تتميز بتعددها، إلا أن البنوك لم تكن تتوسع فيها بشكل كبير فى المرحلة الماضية.
وأكد محمد الدقدوقى، المدير السابق لفرع المعاملات الاسلامية ببنك الوطنى المصرى، أنه من الأفضل أن تنوع البنوك الإسلامية من منتجاتها خاصةً فى قطاع التجزئة المصرفية لأنه يجذب شرائح كبيرة من العملاء ويقلل من معدلات المخاطر، مشيراً إلى أن أفضل الآليات التى تناسب تقديم التمويل الشخصى يتمثل فى صيغة التورق.
وتعتمد صيغة التورق على قيام البنك بشراء السلعة من البائع الأصلى بناء على وعد العميل بالشراء أو أن يقوم البنك بشراء كميات من السلع دون وجود وعد مسبق بالشراء، ثم يبيع المصرف تلك السلعة أو كميات محددة منها للعميل بالأجل بثمن محدد باستخدام صيغة المساومة أو المرابحة، وفى مرحلة تالية يقوم المصرف ببيع تلك السلعة إلى من يرغب فى شرائها نقداً بناء على توكيل العميل بذلك، وقد يكون المشترى النهائى للسلعة هو البائع الأصلى الذى اشتريت منه السلعة فيتم التورق حينئذ عبر ثلاثة أطراف أو يكون المشترى غير البائع الأصلى فيتم التورق عبر أربعة أطراف.
وأكد الدقدوقى ضرورة أن يتم إدخال تلك الآلية ضمن منتجات البنوك الإسلامية حتى يتم تفعيل التمويل الشخصى حيث إنها ضرورية لبعض الشركات والتى قد لا يستطيع البنك الإسلامى تقديم منتج حقيقى لها، مشدداً على ضرورة أن تستخدم البنوك الإسلامية تلك الآلية فى أضيق الحدود وبشروط قاسية لأن بعض الشركات استغلت تلك الصيغة للتحايل على البنوك والحصول على سيولة نقدية.
وأضاف أن تلك الصيغة يدور بشأنها جدل واسع فيما يتعلق بمدى شرعيتها، مما قد يجعل البنوك تبتعد عن تطبيقها مستقبلاً حتى تزيد ثقة عملائها فيها، خاصةً عقب توسعها فى أذون وسندات الخزانة.
واستبعد أن يمثل عدم التوسع فى التمويل الشخصى وطرح منتجات متنوعة عبئاً مالياً إضافياً على البنوك، لافتاً إلى أنه على البنك أن يدرس احتياجات العملاء وتقديم أفضل خدمة لهم حتى يتمكن من ان يحتل مكانة متميزة ومنافسة بين البنوك الأخرى، بالإضافة إلى أن البنك لا يطرح منتجاً إلا إذا تأكد من قيام عدد كبير من عملائه بطلب ذلك المنتج، الأمر الذى يضمن تسويقه وحصول البنك على مقابل الخدمة.
وفضل مدير إدارة المعاملات الإسلامية بأحد البنوك عدم طرح البنوك الإسلامية منتج التمويل الشخصى لأن الآلية الوحيدة التى تمكن البنوك من طرحه تتمثل فى التورق، لافتاً إلى أن الفقهاء اختلفوا فى مدى جواز شرعيتها لذا فمن الأفضل للبنوك الإسلامية الابتعاد عنها منعاً للوقوع فى الشبهات.
وأشار إلى أنه لا يمكن الاستعانة بدول الخليج فى طرح ذلك المنتج حيث إن مستوى الصيرفة الإسلامية فى مصر لا يعتبر متقدماً بشكل كبير كما فى الخليج، لافتاً إلى أنه فى حال الانتهاء من جميع التشريعات الخاصة بالصيرفة الإسلامية وانتشار الوعى بها فإنه من الممكن طرح التمويل الشخصى مع الأخذ فى الاعتبار عدم التوسع فيه بشكل كبير.
وأضاف أن البنوك الإسلامية توفر عددا كبيرا من المنتجات والبرامج فى قطاع التجزئة المصرفية، مما يتيح عددا وفيرا من البدائل أمام العميل ويجعله لا يحتاج الى التمويل الشخصى، مشيراً إلى أن هناك عملاء محدودين يتم الموافقة على منحهم تمويلا شخصيا كما هى الحال عند تمويل أصحاب المحاجر أو شراء الأغنام وغيرها، حيث لا يتمكن البنك من التواصل مع العميل داخل هذه الأماكن، إلا أنه يتأكد بشكل كاف من قيام العميل بدفع الأموال لشراء سلع وليس لقضاء ديون من خلال المستندات أو المتابعة مع العميل.
ولفت إلى أن ذلك يساهم فى خفض الديون المتعثرة داخل البنوك الإسلامية، لأنها لا تمول ديونا وإنما سلعاً حقيقية تنمى جميع نواحى الأنشطة الاقتصادية، متوقعاً إقبال البنوك الإسلامية المحلية خلال الفترة المقبلة على طرح مزيد من المنتجات كبديل عن التمويل الشخصى.
