تراجعت نسبة المخصصات للقروض إلي أقل مستوياتها خلال عامين ونصف العام بدعم من نجاح المرحلة الأولي من برنامج الإصلاح المصرفي، والتي تركزت بشكل أساسي في القضاء علي المديونيات الرديئة داخل المحافظ الائتمانية للبنوك.
وبحسب تقرير البنك المركزي الصادر نهاية ديسمبر الماضي، فقد سجلت نسبة المخصصات للقروض نحو %13.9 بنهاية يونيو 2010، وهي تعد الأقل منذ سبتمبر 2007 والتي بلغت فيه %15.5. لكنها ما زالت مرتفعة عن المعدل الطبيعي الذي يتراوح بين 5 و%8 وفق تأكيد مصرفيين لـ»المال«.
وقالت قيادات بنكية إن تراجع المخصصات بنهاية العام المالي الماضي يشير إلي النجاح القوي لبرنامج الإصلاح الذي أطلقه البنك المركزي قبل 6 سنوات تقريبا وركز علي أهمية التخلص من ملفات التعثر التي عانت منها البنوك طوال العقود الماضية، وهو ما دفع وحدات الجهاز المصرفي لبذل مساع للتوصل إلي حلول مع أصحاب هذه الملفات سواء عبر إعادة الجدولة أو الاتفاق علي ضخ تمويل جديد لمساعدة العميل علي تحقيق التدفقات النقدية التي تمكنه من سداد التزاماته السابقة تجاه البنوك.
وأشاروا إلي أن تحسن المؤشرات الاقتصادية ومناخ الأعمال ساهم في دعم خطوات البنوك للقضاء علي ملفات التعثر وخفض المخصصات، لافتين إلي أن الانتعاش الاقتصادي بشكل عام ساعد العملاء في التخلص من عبء الركود، وهو أحد اسباب تعثرهم في الماضي.
ونجحت البنوك الفترة الماضية في إغلاق ملفات لمديونيات ضخمة ابرزها بلا شك مديونية رجل الأعمال رامي لكح والتي تم توقيع اتفاق التسوية بشأنها العام قبل الماضي في السفارة المصرية بلندن، كما استطاع بنك مصر لأول مرة إغلاق فجوة مخصصات مديونياته الرديئة بالكامل نهاية يونيو الماضي، ووصلت تسويات البنك الحكومي إلي 39 مليار جنيه بنهاية العام المالي 2009-2010 بعد نجاحه في تسوية %70 من مديونيات قيمتها 10 مليارات جنيه، آلت إليه من بنك القاهرة اثناء تهيئة الأخير للبيع بنهاية عام 2006، فيما يعمل حاليا علي تنفيذ خطة للانتهاء من تسوية نسبة الـ%30 المتبقية قبل نهاية العام المالي الحالي.
ورجح مصرفيون انخفاض النسبة إلي مابين 5و%8 خلال الفترة المقبلة مع تحرير مخصصات مديونيات قطاع الأعمال العام والتي تمت تسويتها العام الماضي لصالح بنكي الأهلي ومصر بقيمة 12 مليار جنيه
وأغلق البنك الأهلي العام المالي الماضي علي مديونيات رديئة بقيمة 19.2 مليار جنيه بعد نجاحه خلال العامين الماضيين في تسوية نحو 6 مليارات جنيه حققت عائدا ايجابيا علي المخصصات بنحو مليار جنيه، وفق تأكيد هشام عكاشة، نائب رئيس البنك، في حوار سابق مع »المال«.
وأعلنت بنوك: المصري الخليجي والمصرف المتحد وبيريوس، قبل أيام، عن تسوية مديونيات بقيمة 250 مليون جنيه مستحقة علي رجل الاعمال جورج باسيلي وشركتيه »الفاكيم« و»أكابي«.
من جانبه قال هشام حسن، رئيس بنك تنمية الصادرات، إن تسجيل مخصصات القروض لأدني مستوياتها في العامين والنصف الماضيين يرجع إلي برنامج الإصلاح المصرفي والمالي الذي أطلقه البنك المركزي قبل 6 سنوات وركز بشكل أساسي علي ضرورة الانتهاء من ملفات التعثر داخل البنوك والتحرك للوصول إلي صيغة اتفاق تتيح للعميل سداد مديونياته السابقة سواء عبر إعادة الجدولة والاتفاق علي مدي زمني للسداد بما يتوافق مع التدفقات النقدية للعميل أو من خلال ضخ البنك تمويلاً جديداً يعتمد عليه العميل في استعادة نشاطه وتحسين قدرته علي سداد التزاماته السابقة.
ويخوض بنك تنمية الصادرات، إلي جانب اكثر من 10 بنوك أخري خلال الفترة الحالية مفاوضات لتسوية مديونيات بقيمة تصل إلي 700 مليون جنيه مستحقة علي رجل الأعمال اسماعيل أبو السباع، الرئيس السابق للمجلس التصديري للمفروشات.
ووفق تأكيد مجدي المشنب، رئيس القطاع المالي للبنك في تصريحات سابقة، فإن مصرفه يستهدف الابقاء علي المخصصات التي سيتم ضخها بنهاية يونيو المقبل عند حدود 78 مليون جنيه بعد نجاحه في سداد جميع الالتزامات المستحقة عليه للجهات المختلفة وكفاية المخصصات الحالية.
وتوقع »حسن« تراجع نسبة المخصصات للقروض خلال الفترة المقبلة بدعم من رغبة البنوك في انهاء هذا الملف تماما، لكنه قال إن التعثر سيستمر طالما هناك ائتمان جديد، لافتا إلي أن النسبة الطبيعية للمديونيات الرديئة من المفترض أن تتراوح بين 5 و%8.
وقال أحمد إسماعيل حسن، رئيس بنك أبو ظبي الوطني، إن تحسن الأوضاع الاقتصادية العام الماضي وقيام الشركات المتعثرة بتسوية ديونها وقيام البنوك بجدولة الديون والاستحواذ علي أصول الشركات المتعثرة ساهمت في انخفاض نسبة مخصصات القروض، فيما توقع حسن استمرار انخفاض النسبة وأن يحقق القطاع البنكي معدل نمو من 10 إلي %15 هذا العام.
وأكد محمد مختار، مدير عام الإدارة المالية ببنك كريدي أجريكول، أن تحسن الأوضاع الاقتصادية وانتظام عملية البيع والشراء مع عدم وجود مشكلة في السيولة أدت إلي انخفاض عدد العملاء المتعثرين.
وأضاف أن قوانين البنك المركزي ألزمت البنوك بزيادة الرقابة علي العملاء والتحقق جيدا من قدرتهم علي السداد مما ساهم في انخفاض النسبة، لافتا إلي أن قيام البنوك بجدولة الديون تستغرق وقتاً طويلاً للتأكد من مدي جدية العميل موضحاً أنها upgrading Process يتم فيها تصنيف العميل وفقا لجديته في السداد، وانه كلما سدد العميل ديونه وانتقل لتصنيف أعلي بدأت البنوك في تقليل المخصصات، فيما ربط استمرار انخفاض النسبة بحالة الاقتصاد المصري في 2011.
وقال محمد حامد إبراهيم، مدير عام مخاطر الائتمان ببنك مصر، إن سبب تراجع نسبة المخصصات يعود إلي قرارات »المركزي« التي ألزمت البنوك بجدولة المديونيات غير المنتظمة.
وأضاف أن جهود محمود محيي الدين، وزير الاستثمار السابق، مدير البنك الدولي الحالي، مع شركات القطاع العام، كان لها الأثر في تسوية هذه القروض باستحواذ البنوك علي الأصول المملوكة للقطاع العام، مستبعداً أثر الأزمة المالية العالمية علي تراجع النسبة.
وأشار إلي أن النسبة مقبولة طبقا لما قامت به البنوك من انجاز في تكوين مخصصات باقتطاع جزء من الأرباح وسعيها لتحصيل الديون المتعثرة، إلا أن النسبة مازالت مرتفعة مقارنة بالمعدل العالمي للمخصصات الذي لا يتجاوز %7، فيما توقع استمرار التراجع في ظل ضوابط »المركزي«.