وكشفت الجلسة الثانية بمؤتمر «الصكوك السيادية والتنمية فى مصر » عن الاطر القانونية التى تنظم عمل الصكوك السيادية بالاضافة الى المؤشرات العالمية عن تلك السوق، فضمت الجلسة صاماد سيرهوى، العضو المنتدب لـ «citiislamic investment bank» ، ديباشز داى، شريك مكتب كليفورد تشانس القانونى .
وقد استعرض صاماد سيرهوى عددا من المؤشرات الخاصة بالصكوك على مستوى العالم، وفى مقدمتها وصول قيمة الصكوك القابلة للتداول فى العالم الى 2 تريليون دولار، وأن %15 من العملاء لديهم القابلة للتداول بسوق الصكوك .
وأشار الى نمو تدريجى فى عدد الدول التى تسعى لأن تكون مركزا ماليا للصكوك بدءًا من ماليزيا فى عام 2002 ، ثم البحرين فى العام التالى، وتلاحقها اندونيسيا، فتركيا مؤخراً، معتبراً ان رغبة المستثمرين فى تنويع المخاطر بين الادوات المالية المحك الرئيسى فى نجاح الصكوك، وان مصر تضم بالفعل هذه الشريحة من المستثمرين الذين يسعون نحو التعامل على الصكوك .
وأوضح أن سوق الصكوك شهدت نموا فى هذه الدول حيث استحوذت على نسبة تتراوح بين %30 و %40 من المعاملات المالية فى ماليزيا و %60 فى دبى و %65 فى البحرين، وهو ما يعكس أن السيولة تتحول الى سوق الصكوك بمنطقة الشرق الاوسط، واضاف انه على مستوى القارات فيصل عدد الدول التى تتعامل على الصكوك الى نحو %30 بقارة آسيا .
والقى سيرهوى الضوء على جذب الصكوك لشرائح متعددة من المتعاملين بحيث تمتد الى مؤسسات أجنبية لا تعمل وفقاً لاحكام الشريعة الاسلامية، فوصلت نسبة هذه المؤسسات التى استثمرت فى الصكوك التركية الى %60 من عدد المستثمرين بما يعكس رغبة الغير فى الأدوات المالية الإسلامية، بالتزامن مع نمو عدد المؤسسات التى تتعامل على الصكوك فوصلت الى %50 فى ماليزيا، بعد ان كانت تقتصر على نسبة %30 فقط .
وتلقى صاماد عددا من التساؤلات من الحضور التى ضمت مؤسسات مالية مصرية وعربية وأجنبية، ودارت حول معايير تسعير الصكوك، والذى رد عليه بتوضيح وأن عوامل حجم المخاطر المرتبطة بالصكوك والتكلفة ومعدل العائد المتوقع تحدد سعر الصك وكذلك معدل الاقبال عليه، حيث يرجح الاخير انخفاض تكلفة الصكوك مقارنة بالسندات نظراً لارتفاع حجم الطلب عليها، مما يوفر السيولة التى تدعم فرص نجاح التمويل وتوظيفه .
ورداً على سؤال عن كيفية توعية المستثمرين بالسوق المصرية بالصكوك، أشار الى أنه بمجرد طرح أداة جديدة تحظى بقبول السوق ستحظى برغبة ملحة من جانب المتعاملين للتعرف على أطرها الاستثمارية والقانونية والتنظيمية، فضلاً عن وجود كيانات تتيح فرص التعامل على الصكوك، مؤكداً ان الامر يحتاج الى تواصل دائم مع المتخصصين فى الشريعة الاسلامية لرفع الوعى وتشجيع المتعاملين على الاقبال على الصكوك .
وحول مدى مناسبة الصكوك للسوق المصرية قال صاماد إن الاقتصاد الحر الذى يخضع لجهاز رقابى يستطيع استقطاب السيولة العابرة للقارات بما يناسب الصكوك الدولية، معتبراً أن معدلات العائد على الصكوك فى منطقة الشرق الاوسط تجعل السوق المصرية على استعداد للاستثمار بالصكوك خاصة أنها سوق مفتوحة وتجذب استثمارات أجنبية مباشرة وغير مباشرة .
وفيما يتعلق بالمفاضلة بين السندات والصكوك، رأى العضو المنتدب «citiislamic investment bank» أن الأمر يتعلق بأن السيولة المتدفقة من الادوات المالية توجه نحو مشروعات اقتصادية منتجة، بالاضافة الى ان الصكوك ترتبط بأصل، ويتم تحديد آلية التعامل معه وفقاً للبنود التعاقدية بالإضافة الى إمكانية التوريق .
وعلى الجانب القانونى، قال ديباشز داى، شريك مكتب كليفورد تشانس القانونى، إن هناك أمرين أساسيين يحكمان عملية هيكلة الصكوك، فى مقدمتهما توافقها مع الشريعة الاسلامية، والآخر أنها تتمشى مع القانون الوطنى للبلد الذى يشهد اصدار الصكوك .
وأوضح أن أبرز القواعد المنظمة للصكوك يتمثل فى ان الصكوك عبارة عن حق ملكية،ولكن فى المقابل يتم بيع هذه الأصول لشركة ذات نشاط خاص «SPV» لتتملك الأصول نيابة عن المستثمرين، مع عدم امكانية بيع الصكوك فى حال عدم قدرة المصدر على سداد العوائد لحملة الصكوك، ليكون الحل امام المستثمرين اللجوء للقضاء .
وحدد أهمية الشركة ذات النشاط الخاص فى فصل الأصل عن المصدر لضمان عدم تصرفه فى الاصل واستمرار سداد القيمة الايجارية، وأضاف أن المستثمر لايرغب فى الاستحواذ على الاصل بل تكون مصدر دخل، على ان تتوافر البنود القانونية التى تحمى هذه المعاملات التجارية .
واشترط ديباشز تمكين القانون للحكومة بالتصرف فى الأصول حتى تصدر السندات لان قوانين بعض الدول تحظر ذلك، مشيراً الى ان قيمة اصدارات الصكوك السيادية يجب ألا تتجاوز قيمة الأصول التى تملكها الدولة، ضارباً مثالا بأنه فى حال تقييم أصول الدولة بمليار دولار، فلا يمكن قبول طلبات اكتتاب من المستثمرين بقيمة 2 مليار دولار، بل يجب ألا تزيد على مليار دولار .
وحدد أحد شروط اصدار الصكوك فى أن يكون الأصل المقابل للصك يتوافق نشاطه أو عائداته مع الشريعة، فعلى سبيل المثال عند توجه تركيا نحو اصدار سندات وقع اختيارها على مبان تابعة لوزارة الزراعة لضمان توافق النشاط مع الشريعة، ولكن فى المقابل تظل أصول الانشطة الفندقية محل جدال بسبب مصادر الدخل التى تتنوع بين متوافق وغير متوافق مع الشريعة .
ولفت شريك مكتب «كليفورد تشانس » الى أن تأسيس الشركة ذات النشاط الخاص لابد أن تتوافق مع القانون المحلى حيث إن بعض القوانين مثل التركية تحظر بيع الأصول لشركة اجنبية لذا تم تأسيس شركة وطنية، بدلاً من اللجوء الى أماكن معفاة من الضرائب مثل جزر الكايمن، مؤكداً اهمية تسجيل الاراضى والأصول المقابلة للصك حتى تدخل ضمن المنظومة القانونية المنظمة لعمل الصكوك .
وأوضح أن تحديد العائد المالى على صكوك الاجارة التى تقابلها أصول، والتى تعد اكثر انتشاراً تستند الى أن الشركة ذات النشاط الخاص «SPV» تقوم بتأجير الأصل للجهة المصدرة للصكوك خلال الفترة الزمنية لعمر الصك، على أن تغطى القيمة الايجارية تكاليف المعاملات وعوائد الصك، مع أهمية التفرقة عن الايجار التجارى، نظراً لان الأول يقابل العائد المتوقع .
وتطرق ديباشز داى الى اهلاك الأصول حيث أشار الى ضرورة تضمن العقد الجهة المسئولة عن صيانة الأصول سواء من خلال المصدر او الشركة ذات النشاط الخاص، فعلى مستوى الصكوك التركية تتولى الحكومة صيانة الأصول نيابة عن شركة الـ «SPV» ، موضحاً انه مع اهلاك الأصول وفقدان جزء من قيمتها فيمكن ان يعوض المستثمر ذلك عن طريق اقتطاع جزء من القيمة الايجارية دورياً لتأسيس صندوق استثمار يدر عائدا بجانب الايجار .
وأكد شرطية أن يقابل الصكوك السيادية أصل محدد، لذا لا يمكن ان يتم استبداله بوديعة بنكية بالقيمة نفسها لأن ذلك يخالف الشريعة باعتبارها أصلا غير ملموس، ولفت الى عدم امكانية اصدار صكوك من خلال افراد، بل لابد أن يتم ذلك من خلال الشركات .
وتساءل أحد ممثلى الازهر الشريف عن كيفية ثبات القيمة الايجارية للصكوك لتكون بمثابة عائد ثابت على غرار السندات، فأوضح صاماد سيرهوى، العضو المنتدب لـ «citiislamic investment bank» ، أن ذلك يتوقف على احكام الشريعة والسوق ويتحدد بناء على رغبة المستثمر فى قبوله المشاركة فى المخاطرة والاهلاك من عدمه .