تلاحق الاضطرابات السياسية يهدد الجاذبية الاستثمارية للأسواق العربية

تلاحق الاضطرابات السياسية يهدد الجاذبية الاستثمارية للأسواق العربية
جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الثلاثاء, 18 يناير 11

إيمان القاضي- أحمد الشاذلي
 
شهدت المنطقة العربية أحداثاً ساخنة علي الصعيدين الأمني والسياسي خلال الفترة الماضية، بدأت بحادثة كنيسة القديسين الإرهابي في الإسكندرية بمصر، وانتهت بالثورة الشعبية التونسية التي تزامنت مع اندلاع مظاهرات مكثفة في الأردن والجزائر، مما ساهم في سيطرة حالة من القلق والتوتر حول الجاذبية الاستثمارية للمنطقة العربية في ظل تشكيل المخاطر السياسية عنصراً جوهرياً في تحديد الجدوي الاستثمارية لأي سوق.

 

وسيطرت حالة من التباين علي آراء عدد من خبراء سوق المال، حيث قلل البعض من آثار أحداث تونس علي الأسواق العربية عامة وعلي السوق المصرية بصفة خاصة فيما يري آخرون أن المستثمرين الأجانب يعتبرون الأسواق العربية كلها منطقة واحدة تتأثر بمخاطر سياسية واحدة، مما سيترتب عليه تأثر البورصة المحلية بمصر والبورصات العربية بأحداث تونس، مستشهدين علي ذلك بالتقارب الجغرافي بين البلاد العربية، والذي سيساهم في تأثر الدول بكل الأحداث الجارية بنظيرتها المجاورة.

وأكد محمد ماهر، نائب رئيس مجلس إدارة شركة »برايم« القابضة للاستثمارات المالية، أن التوترات السياسية بالسوق التونسية والمظاهرات ضد ارتفاع الأسعار في كل من الجزائر والأردن، سيكون لها تأثير واضح علي الوزن النسبي للمنطقة العربية في المحافظ الاستثمارية للأجانب، مشيراً إلي أن الدول المشار إليها سيكون لها النصيب الأوفر من الانخفاض المرتقب بحجم الاستثمارات الأجنبية خاصة أن كلا من الجزائر وتونس والأردن ينظر إليها باعتبارها غير مستقرة سياسياً.

ولفت إلي أن أحداث تفجير كنيسة القديسين في مصر لم يكن لها تأثير واضح علي المستثمرين الأجانب بالسوق المحلية خلال الفترة الماضية، غير أن تتابع الاضطرابات السياسية بالمنطقة قد يؤثر سلباً علي السوق المحلية خلال المرحلة المقبلة.

وقال إن الدول التي شهدت الاضطرابات لا تعتبر ضمن أهم الأسواق الجاذبة للاستثمارات الأجنبية في المنطقة العربية، مدللاً علي ذلك بتضاؤل حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة بدولة مثل الجزائر مما سيترتب عليها عدم ظهور اثر سلبي واضح عليها من تقلص الاستثمارات الأجنبية في المنطقة العربية.

وأشار إلي أن تأثير التوترات السياسية التونسية يتوقف علي ما ستؤول إليه الأمور خلال الفترة المقبلة، حيث من الممكن أن يكون تأثيرها إيجابياً، إذا تم النظر إليها كنوع من إحلال الديمقراطية، خاصة بعد أن تولي رئيس البرلمان الجزائري السلطة لحين إجراء انتخابات مبكرة خلال 60 يوماً وفقاً للدستور التونسي.

وتوقع ماهر أن تجتذب السوق المصرية، جزءاً كبيراً من هذه الاستثمارات الموجهة للدول التي شهدت الاضطرابات السياسية الأخيرة، والتي سيتم توجيهها لدول أخري في المنطقة نفسها  نظراً لاعتماد السياسة الاستثمارية للأجانب علي توزيع استثماراتهم بنسبة معينة لكل دولة.

ويري هاني سعد، رئيس قطاع الوساطة في شركة رسملة مصر لتداول الأوراق المالية، أن المظاهرات التي شهدتها بعض دول المنطقة مثل الجزائر والأردن بالتزامن مع التوترات الأمنية والسياسية في تونس سيكون لها تأثير واضح علي الوزن النسبي للمنطقة بالمحافظ الاستثمارية للأجانب، وبالرغم من استبعاده أن تحدث مثل هذه الاضطرابات في مصر نظراً لاختلاف سيكولوجية المواطن المصري عن نظيره التونسي أو الجزائري فإن المستثمر الأجنبي يجهل مثل هذه السيكولوجية وينظر للمنطقة ككتلة واحدة.

وقال إن هذه التوترات القائمة في المنطقة ستخلق نوعاً من الرهبة والتخوف لدي المستثمرين الأجانب علي أموالهم الموجهة للمنطقة، نظراً لأثرها علي زيادة المخاطرة الاستثمارية للأسواق العربية، وهو ما يتطلب مزيداً من العوائد والتي من الصعب تحقيقها في الظروف الراهنة، مما سيخلق حالة من الترقب لدي المستثمرين الأجانب، لما سيؤول إليه الوضع خلال الفترة المقبلة.

وأشار إلي أن السلوك الاستثماري  للمؤسسات المحلية والمستثمرين المحللين بالسوق سيكون له تأثير كبير علي السلوك الاستثماري للأجانب، لافتاً إلي أنه إذا تعاملت هذه المؤسسات المحلية دون تخوف سيعطي هذا مؤشراً مهماً للأجانب علي أن السوق مستقرة وأن المخاطر محدودة، والعكس في حال تخفيض هذه المؤسسات المحلية استثماراتها بالسوق المالية.

ورجح سعد أن تجذب السوق المصرية مزيداً من استثمارات المحافظ الاستثمارية للمستثمرين الأجانب الموجهة للمنطقة خلال الفترة المقبلة، خاصة أن السياسة الاستثمارية للأجانب تعتمد علي توزيع استثماراتهم بنسب مختلفة في العديد من المناطق، وبالتالي إذا ما تخارج من سوق في المنطقة سيقوم بتوجيه هذا الجزء إلي دول تنتمي لنفس المنطقة.

ومن جهته، أكد عمر رضوان، الرئيس التنفيذي لشركة »اتش سي« لإدارة الأصول، أنه بوجه عام تؤثر الاضطرابات السياسية سلباً علي الجاذبية الاستثمارية لأي منطقة، إلا أنه اعتبر في الوقت نفسه أن درجة تأثر المنطقة العربية بتدهور الأوضاع السياسية التونسية مرهون بسرعة تدارك الأوضاع من قبل الجهات الحكومية التونسية، فضلاً عن عدم ظهور توابع للاضطرابات السياسية التونسية بأي دولة عربية أخري.

وقال إن سرعة تدارك الأوضاع في السوق التونسية ستساهم في تهدئة حالة التخوف من المخاطر السياسية للمنطقة العربية التي باتت تلوح في الأفق مؤخراً، مشيراً إلي أن الأسواق العربية أثبتت خلال الفترة الماضية قدرتها علي سرعة تدارك الاضطرابات السياسية.

ولفت الرئيس التنفيذي لشركة اتش سي لإدارة الأصول إلي عامل آخر من شأنه إضعاف الآثار السلبية الناتجة عن تدهور الوضع السياسي التونسي علي الجاذبية الاستثمارية للمنطقة العربية، يكمن في محدودية الاستثمارات الأجنبية الموجهة للسوق التونسية، والتي لا تمثل واحدة ضمن أهم الأسواق العربية الجاذبة للاستثمارات الأجنبية في المنطقة.

واستشهد رضوان علي وجهة النظر السابقة بأن أغلب صناديق الاستثمار أو المؤسسات الأجنبية التي تستثمر جزءاً من أموالها في السوق التونسية تختار سهماً أو اثنين أو ثلاثة علي أقصي تقدير من التي يتوافر لديها فرص استثمارية جيدة بها، ولا تقوم بتوجيه جزء كبير من محافظها المالية لقطاعات معينة أو لعدد كبير من الأسهم المدرجة بالسوق التونسية.

واستبعد رضوان انخفاض حجم الاستثمارات الأجنبية في المنطقة العربية علي خلفية أحداث تونس، ورجح أن تتم اعادة توظيف تلك الاستثمارات في الدول العربية الأخري التي تتوافر بها فرص استثمارية جيدة والتي تتميز باستقرار أوضاعها السياسية.

وأشار إلي تفضيل بعض المستثمرين الأجانب تعزيز استثماراتهم في بعض المناطق التي يحدث بها اضطرابات سياسية، نظراً لثقتهم بسرعة بتدارك تلك الأوضاع، مما يدفعهم للاستفادة من تدني التقييمات السعرية للأسهم في أوقات الاضطرابات.

وأكد أن السوق المحلية تعتبر في صدارة الأسواق العربية المرشحة ليتم تحويل الاستثمارات الأجنبية الخارجة من السوق التونسية إليها خاصة في ظل قوة الوضع الاقتصادي للسوق المحلية، كما رأي أنه لا يمكن الحكم بوجود اضطرابات سياسية مؤثرة سلباً علي الاقتصاد في السوق المحلية نظراً لسرعة تدارك الأوضاع محلياً بعد حادثة كنيسة القديسين.

وأشار الرئيس التنفيذي لشركة اتش سي لإدارة الأصول إلي عدم امكانية اعتبار الانتخابات الرئاسية المنتظر انعقادها خلال العام الحالي بالسوق المحلية أحد العناصر السياسية المؤثرة سلباً علي الأوضاع الاقتصادية، نظراً لكونها إجراءً عادياً يجب أن يحدث في أي دولة بصفة دورية، لافتاً إلي أنه في بعض الأحيان تتزامن سنوات الانتخابات الرئاسية مع ازدهار الأوضاع الاقتصادية ببعض الدول.

وأضاف أنه لا يمكن أيضاً اعتبار المظاهرات في الجزائر والأردن ترتقي لمرحلة تصنيفها كتوترات سياسية، نظراً لأن المظاهرات هي ظاهرة عادية تحدث في جميع الدول كنوع من الحرية.

ويري يوسف كمال، مسئول تعاملات الأجانب وشهادات الإيداع الدولية بشركة بلتون المالية القابضة للاستثمارات المالية، أن توالي الاضطرابات السياسية في المنطقة العربية مؤخراً سيؤثر سلباً علي حجم الاستثمارات الأجنبية في المنطقة العربية خلال الفترة المقبلة، خاصة في ظل سرعة ملاحقة الأحداث السياسية لبعضها، فضلاً عن قرب المسافة بين البلاد العربية وبعضها مما يترتب عليه توحد المخاطر السياسية لكل الدول العربية، حيث تتأثر الدول المجاورة بكل الأحداث التي تمر بها أي دولة عربية أخري.

وأكد أنه حتي لو لم يظهر الأثر السلبي علي حجم الاستثمارات الأجنبية خلال الأيام الحالية، فمن المتوقع أن يظهر خلال الفترة المقبلة، خاصة أن المستثمرين الأجانب يعتبرون الأسواق العربية منطقة واحدة يتم توجيه جزء معين من محافظهم المالية إليها، وتتأثر تلك النسبة سلباً في حال حدوث أي اضطرابات سياسية أو اقتصادية في أي من الدول العربية.

ولفت إلي أن طول فترة استمرار أحداث الشغب والانفلات الأمني في تونس سيلعب دوراً مهماً في تحديد حجم الأثر علي البورصة المصرية، وعلي كل البورصات العربية حيث كلما طالت فترة اضطراب الأوضاع بتونس زادت مخاوف الأجانب من الاستثمار بالمنطقة العربية.

من جانبه استبعد شريف سامي، العضو المنتدب لشركة مصر المالية للاستثمارات، أن تؤثر التوترات السياسية التي تشهدها المنطقة في الوقت الحالي علي الوزن النسبي للمنطقة في المحافظ الاستثمارية للأجانب، نظراً لعدم وضوح الأمور خلال الفترة الحالية، مشيراً إلي أن هناك حالة من الترقب إزاء ما يحدث وكيفية معالجة الأمور في هذه الدول.

واستبعد أن يتم النظر للسوق المصرية بنفس النظرة للسوق التونسية، والدول التي شهدت هذه الاضطرابات السياسية حيث إن كل دولة من دول المنطقة لها ظروفها الخاصة، بالإضافة إلي أن السوق المصرية تتمتع بالاستقرار، لافتاً إلي أن السوق المصرية لن تستفيد من تخارج بعض الاستثمارات الأجنبية من تونس نظراً لأن السوق التونسية ليست جاذبة للاستثمار الأجنبي ولا تمتلك حجماً كبيراً منها.

جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الثلاثاء, 18 يناير 11