Loading...

تكنولوجيا المعلومات تقاوم الحواجز الإسرائيلية وتفرض وجودها في الأراضي المحتلة

Loading...

تكنولوجيا المعلومات تقاوم الحواجز الإسرائيلية وتفرض وجودها في الأراضي المحتلة
جريدة المال

المال - خاص

10:55 ص, الأثنين, 17 مارس 03

أمير نبيل:
 
 قد يكون من المنطقي الحكم بصعوبة تحقق مجتمع معلوماتي فلسطيني في ظل الاوضاع القاسية التي يحياها كل مواطن في مدن الضفة الغربية من الحصار الاقتصادي والحواجز العسكرية والجدار العازل إلا أن زيارتي مؤخرا للضفة أكدت لي أن هذه الظروف الصعبة جعلت امكانية تحقيق مثل هذا المجتمع المتطور ضرورة يشعر بها الفلسطينيون في كل يوم ودخلت في مفردات حياتهم.

 
ففي إحدي جلسات المجلس التشريعي مثلاً اكتشفت أن تقنية الفيديو كونفرانس كانت أساسية يستخدمها المجلس للربط بين مقره في رام الله ومقره في غزة بحيث يشارك الاعضاء هنا وهناك بفاعلية في جميع أعمال المجلس من طرح الآراء والتصويت وغير ذلك، وقد علمت أن هذه التقنية شائعة سواء في مجال التعلم عن بعد حين لا يتمكن الطالب في جامعة بيرزيت علي سبيل المثال من التوجه إلي جامعته بسبب الحواجز العسكرية الاسرائيلية لذلك يلجأ إلي هذه الوسيلة للتحاور مع اساتذته.
 
وكان من اللافت أيضاًَ شيوع استخدام التليفون المحمول خلال الاعلان عن نتيجة الثانوية العامة لتعذر الذهاب أحياناً إلي المدرسة لمعرفتها وهو ما أكده لي حكم كنفاني الرئيس التنفيذي لشركة «جوال» الشركة الفلسطينية الوحيدة في مجال المحمول حيث أضاف أن الشركة كانت تقوم بتهنئة الطلبة الفلسطينين علي قبولهم في الجامعات.
 
وأضاف كنفاني أن المفهوم التجاري ليس المسيطر علي شركات التكنولوجيا الفلسطينية فهي تمارس دورا من أدوار المقاومة من خلال التواصل بين المواطنين الفلسطينيين بالرغم من العقبات التي تفرضها اسرائيل موضحاً أن سلطات الاحتلال تبذل قصاري جهدها ضد الشركات الفلسطينية لمنع وصول هذه التكنولوجيا الي الفلسطينيين وعلي سبيل المثال بالنسبة للمحمول فإنها تحجز المعدات الخاصة بشركة «جوال» في الموانئ الاسرائيلية منذ نحو عام وتسعة أشهر مما أدي إلي عدم قدرة الشركة علي التوسع وتعزيز خدماتها واصبح من غير الممكن بيع خطوط أكثر مما بيع حتي الآن بسبب عدم تحمل الشبكة التي وصل حجم مشتركيها إلي 265 ألف مشترك وبالرغم من ذلك فإن معظم الفلسطينيين يفضلونها علي الشركات الاسرائلية التي تنافس منافسة غير عادلة ولا شريفة مع «جوال» وتقوم ببناء أبراج الالتقاط في المدن الفلسطينية بما يتعارض مع أي اتفاق ومنها اتفاق أوسلو الذي نص علي أن تدفع الشركات الاسرائيلية للسلطة الفلسطينية ضرائب عن نشاطها الاقتصادي في المدن الفلسطينية وهو ما لا يحدث إلا فيما ندر.
 
التليفون المحمول كثيرا ما يكون من الـ «ممنوعات» في السجون الاسرائيلية إلا أنه في بعض الاحيان وحسب المزاج الاسرائيلي يسمح باستخدامه لبعض السجناء ممن لا يعدون من «الخطرين» وبالتالي كثيرا ما يحقق التواصل مع أهالي الاسري ومع الصحفيين وعلي سبيل المثال أمكن التحدث مع أحد السجناء خلال اقتحام القوات الاسرائيلية لسجن عسقلان وإلقاء القنابل المسيلة للدموع علي السجناء وضربهم.
 
أما مقاهي الانترنت فهي تعج بالزوار سواء من الكبار أو من الصغار في رام الله وعلي سبيل المثال ففي أحد المقاهي التي زرتها كان هناك زحام من الاطفال يعشقون لعبتين هما «حزب الله» و «الطريق إلي القدس» وفي كليهما كان الطفل يتدرب علي نسف البؤر الاستيطانية وعلي تعقب الجنود الاسرائيليين وعلي التصويب علي رأس اريل شارون وهي بالمناسبة العاب كان يرد بها المبرمجون الفلسطينيون علي العاب اسرائيلية شهيرة يقوم الطفل الاسرائيلي بقتل الفلسطينيين وتدمير منازلهم.
 
في مقاهي الانترنت ـ التي تكون ساعة الاتصال بالشبكة جيده نظراً لأنها تكون عن طريق شركات اسرائيلية ـ أيضاً تجد الكثير من الشباب الفلسطينيين شركاء في غرف للدردشة أحياناً تضم افرادا كثيرين من سكان المخيمات ويقومون بالتحاور في مجالات سياسية تصل أحيانا إلي اعادة رسم خريطة الشرق الاوسط حسب وجهات نظرهم بالاضافة إلي التنفيس عما يعانونه من كبت تسببت فيه الاجراءات الاسرائيلية لذلك فهم يسعون إلي التواصل باستخدام الـ «شات» لتجاوز الحواجز الاسرائيلية.
 
ولا يقتصر الأمر علي استخدامات مقاهي الانترنت فهناك اقبال من الشباب الفلسطيني سواء من سكان المدن أو من سكان المخيمات علي دراسة الدورات في مجال تكنولوجيا المعلومات مهما تكن الدراسة السابقة كما تخصص دورات لجرحي الانتفاضة وللمعاقين،  وبالمناسبة فإن مصر تساعد في مجال التدريب هذا بصورة فعالة، وهو ما أكده لي عزام الأحمد وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الفلسطيني.
 
الطريف أن الأحمد ـ الذي تولي منصبه منذ نحو ثلاثة أشهر في حكومة «ابو مازن» ـ اعترف في حواري معه أنه ليس خبيرا في مجال الاتصالات ولا تكنولوجيا المعلومات وهو سياسي مخضرم عمل سفيرا لبلاده في العراق، ورغم أن اسرائيل اقتحمت مقر وزارته مرتين منذ توليه المنصب ودمرت العديد من أجهزة الكمبيوتر التي ملأت بقاياها مخازن الوزارة فإنه يسعي إلي بناء وزارة قوية تواكب العصر وأكد علي أن هناك تعاونا كبيرا مع وزارة الاتصالات والمعلومات المصرية في هذا المجال ولا سيما في تدريب الكوادر الفلسطينية المتخصصة في هذا المجال.
 
أما من أبرز النماذج علي طبيعة المجتمع المعلوماتي الفلسطيني فهو انتشار قرصنة البرمجيات علي نحو هائل وبدون أدني تخوف من قانون أو  غير ذلك فالبرامج يتم نسخها في محلات البيع وتوضع عليها الاغلفة المقلدة وكأنها اصبحت جديدة ومع ذلك فالسعر «يابلاش بعشرة شواكل» أي بحوالي  14 جنيها في حين أن سعر البرنامج الاصلي يكون مثلا بألف دولار، الخبراء أكدوا لي أن السبب في انتشار هذه الظاهرة هو غياب القانون الذي يردع والذي يحمي في نفس الوقت شركات البرمجيات الفلسطينية من التعرض لخسائر كبيرة إلا أن الاوضاع الاقتصادية السيئة بصورة عامة للفلسطينيين تجعل هذا النشاط مجالا للعمل في وقت وصل معدل الفقر فيه بالمدن الفلسطينية إلي أكثر من 60 في المائة وهم يحسبون خط الفقر بأقل من دولارين في اليوم حسب ما صرح لي الدكتور حسن أبو لبدة رئيس الجهاز المركزي الاحصائي الفلسطيني.
جريدة المال

المال - خاص

10:55 ص, الأثنين, 17 مارس 03