فوجئ الجهاز المصرفي بقرار وزارة المالية اليابانية بتخصيص خمسة مليارات دولار من احتياطيات النقد الاجنبي لإقراض الشركات الخاسرة، بهدف تخفيف مشاكل تمويل الشركات في اليابان مع تفاقم المصاعب الاقتصادية، وتهديد فرص بقاء الشركات المعرضة لمزيد من الخسائر الهائلة، بعد انهيار اسثماراتها واسهمها في البورصات العالمية.
|
حافظ الغندور |
وتزامن ذلك مع عزوف البنوك عن تقديم القروض اللازمة للشركات خوفاً من مشاكل الانهيار وازمة السيولة العالمية، رغم توجه الحكومات إلي تشجيع الائتمان، الأمر الذي يفتح باب التساؤلات مرة اخري حول إمكانية إقدام البنك المركزي المصري علي توظيف جزء من أرصدة الاحتياطي الأجنبي في تمويل الشركات والمشروعات وهو المطلب الذي طرحه اعضاء مجلس الشعب للمناقشة منذ شهرين.
واكد حافظ الغندور – مدير عام البنك الاهلي المصري – انه من الجائز ان تلجأ الدولة الي استخدام استثنائي لرصيد الاحتياطي من النقد الاجنبي، وذلك في حال توافر الاحتياطي الاجنبي بكميات فائضة وزائدة علي الحد المطلوب اللازم لأداء وظائفه الرئيسية.
ووصف قرار وزارة المالية اليابانية استخدام جزء من الاحتياطي بأنه إجراء طارئ اختلف كثيرا عن آليات الاستفادة المعتادة من أرصدة الاحتياطي، والتي تنحصر في استثمارات سداد الالتزامات الخارجية للدولة من اقساط وفوائد القروض وتغطيه الالتزامات الخارجية عن السلع الاستيراتيجية المستوردة في فترة لا تقل عن 6 شهور، كما وصفه بأنه قرار استثنائي وليس قاعدة عامة يمكن تعميمها.
ويرجع قرار المالية اليابانية الي عدة اسباب منها توافر الموارد حيث ان الاحتياطي الياباني يصل الي معدلات ضخمة وهائلة وما يفيض لدي الاقتصاد الياباني من الموارد يمكن استخدامه لإقراض الشركات التي تجد صعوبة في الحصول علي التمويل من البنوك.
واكد الغندور صعوبة اتخاذ مثل هذه القرارات الاستثنائية خاصة في مصر لانها تتطلب توافر بيانات دقيقة عن اجمالي موارد النقد الاجنبي المتاح ومدي تغطيته الحد الادني المطلوب لمواجهة اجمالي الواردات من السلع الاستيراتيجية الضرورية حتي 6 اشهر.
وعلي الجانب الاخر يري الرئيس السابق لمجلس ادارة احد البنوك الاجنبية العاملة في مصر انه من الصعب ان تلجأ مصر والدول النامية إلي استخدام والتفريط في جزء من احتياطيها من النقد الاجنبي والذي كونته من تراكمات سنوية للفوائض التجارية بالعملة الاجنبية، مؤكداً انه لا يوجد وجه مقارنة ما بين دول تمتلك احتياطيا ضخما مثل اليابان تستطيع ان تنمي احتياطيها الجاري بصفة دورية، وقامت بضخ مليارات الدولارات لإنقاذ شركاتها ولتدعيم اقتصاداتها وزيادة قدرتها علي تخطي الازمة ، ودول أخري كونت فائضا محدودا من الاحتياطي النقدي علي مدار سنوات بالاضافة الي انها لا تستطيع ان تتبع سياسات الانقاذ ولا يمكنها ان تواجه الازمة باحتياطي ضعيف.
واستبعد رئيس مجلس الادارة السابق ان يفكر البنك المركزي المصري في التفريط في الاحتياطي الاجنبي لاستخدامه في استثمارات ذات درجة عالية من المخاطر ، مؤكداً ان الحكومة المصرية تستند علي الاحتياطي الاجنبي كموجود استيراتيجي لمواجهة الازمات الطارئة، وكمصدر رئيسي لتوفير الموارد من النقد الاجنبي، وتشتد الحاجة اليه في الوقت الحالي.
واوضح ان الاحتياطي الاجنبي المصري يمر بمرحلة عصيبة جداً في الفترة الحالية في ظل الازمة المالية الحالية ، متوقعاً ان يواصل تراجعه طوال الفترة المقبلة، مع تراجع موارد النقد الاجنبي نتيجة انخفاض عوائد السياحة وقناة السويس وتحويلات العاملين من الخارج.
ومن جانبه اوضح جلال الجوادي مدير الرقابة علي النقد بالبنك المركزي سابقا ان الاحتياطي من النقد الاجنبي يتم استثماره في ادوات مالية قليلة المخاطر مثل اذون خزانة مضمونة من قبل الحكومات او ايداعه لدي مؤسسات بنكية وتنويعه في سلة من العملات المختلفة، بالاضافة الي استثماره في ادوات بنكية آمنة، مشيراً الي ان استخدامه في استثمارات اخري يختلف وفقاً للاسلوب المتبع من قبل البنوك المركزية.
واوضح الجوادي ان استخدام الاحتياطي من النقد الأجنبي في استثمارات مثل تقديم قروض للشركات المعرضة للخسائر بهدف تعويم الشركة ينطوي علي درجة عالية من المخاطر، خاصة ان الدولة تعرف تماماً ان الشركة لن تستطيع سداد القرض بكامل قيمته وتتوقع ان تخسر جزء اًمن قيمة القرض، رغم انه يتم منحه بناء علي دراسات ائتمانية عن المركز المالي للشركة، واستنادا الي ضمانات قوية الي حد ما، لذلك لا تجازف الدولة بمبالغ كبيرة من الاحتياطي الاجنبي.
واستبعد المدير السابق للرقابة علي النقد بالبنك المركزي ان يلجأ البنك لاستخدام الاحتياطي الاجنبي في اغراض اخري غير وظيفته الاساسية، والمنحصرة في الحفاظ علي استقرار سوق صرف الجنيه امام العملات الاجنبية، ولموازنة حركة العرض والطلب علي العملة الاجنبية واستخدامها لمواجهة اي طلبات عارضة ، بالاضافة الي تأمين غطاء نقدي لتلبية الواردات من السلع الرئيسية ومن ثم يعتبر مؤشراً لمتانة الاقتصاد المصري.
واضاف ان مثل هذه القرارات لا يمكن اتخاذها في مصر من اي جهة نظراً لان الاحتياطي النقدي الاجنبي خاضع لتوجيه مباشر من رئيس الدولة مهما كانت التعثرات او الحاجة الي موازنة السوق.
وأشار الي ان تراجع الاحتياطي الاجنبي في مصر خلال الفترة الاخيرة سواء لتوازن المعروض الدولاري الموجود في السوق او لسداد اقساط وفوائد القروض الدولية المستحقة في يناير يؤكد عدم توافر معروض نقدي اجنبي، بالاضافة الي تدهور مركز الاحتياطي الاجنبي ومن ثم صعوبة التفريط فيه او الاقتراب منه نهائياً.