■ مصرفيون: يصب فى صالح الـ« SME’s».. ولا يؤثر على ربحية القطاع
■ علاء فاروق: يخدم مؤشرات نمو الاقتصاد.. ومنتجات جديدة لتمويل الصغيرة والمتوسطة
■ صبرى البنداري: يتمشى مع توجه القيادة السياسية لتشجيع مشروعات الشباب
■ بدرة: أعاد توجيه أموال المصارف لمكانها الصحيح .. وضخ القروض لصناعات منتجة
■ مصادر: مخاطبة طارق عامر لاستيضاح التطبيق فى بعض الحالات
أمنية إبراهيم ـ هبة محمد:
تستعد البنوك المحلية لمراجعة خططها الإستراتيجية، ومستهدفات نمو مؤشرات محافظ التجزئة المصرفية فى ضوء قرار البنك المركزى الأخير، بشأن الحد من التمويل الاستهلاكى، الذى ينص على ألا يتجاوز إجمالى أقساط القروض لأغراض استهلاكية %35 من مجموع صافى الدخل الشهرى للعميل، و%40 للقروض العقارية للإسكان الشخصى، لاسيما أن القرار الجديد قد يقيد حركة البنوك فى التوسع فى منح تمويلات الأفراد.
وقد يقلص القرار قيمة محفظة التجزئة المصرفية وقروض الأفراد بالقطاع المصرفى، إذ وصلت نسبة أقساط القروض لحوالى 50 و%60 من إجمالى دخل الفرد لدى عدد من البنوك خلال الفترة الماضية، وهو ما انعكس على نمو محفظة القطاع بشكل ملحوظ، إلا أن قرار البنك المركزى الأخير يصب فى صالح قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة « SME’s” ، بما يشير إلى عدم تأثر المحفظة الائتمانية الإجمالية أو معدلات ربحية البنوك.
وأشار مصرفيون إلى أن القرارات الجديدة لـ “المركزى” من شأنها تغيير إستراتيجيات البنوك لتركز على ضخ التمويل والقروض للمشروعات الإنتاجية المتوسطة وصغيرة الحجم، بدلًا من التجزئة المصرفية وتمويل الشركات الكبرى، لتسهم فى تنشيط الاقتصاد المحلى وحفز معدلات النمو الاقتصادى للبلاد.
وأكدوا أن القرارات التى من شأنها الحد من التمويل الاستهلاكى لحساب زيادة معدلات تدفق الائتمان والقروض للصناعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، تأخرت كثيرًا خاصة فى ظل الوضع الصعب الذى يمر به الاقتصاد القومى لمصر فى السنوات الأخيرة.
وأشاروا إلى أنه على مستوى الأسواق العالمية تضع البنوك المركزية، ضوابط مشددة للتمويل الاستهلاكى بنسب تصل 20 و%30 من إجمالى دخل الفرد تخصص لأقساط قروض وتمويلات الأفراد.
من جانبه، قال علاء فاروق، رئيس قطاع المنتجات والمبيعات المصرفية للأفراد بالبنك الأهلى، إن قرار “المركزي” الخاص بتحديد الأقساط الشهرية من مجموع الدخل سيدفع البنوك لهيكلة المحفظة الائتمانية، وإعادة تخطيط مستهدفات نمو مؤشرات قطاع التجزئة المصرفية، بما يعكس تراجع قيمة قروض الأفراد بالبنوك.
واستبعد التأثير السلبى للقرار على أداء البنوك، لاسيما الانخفاض فى تمويل السلع الاستهلاكية، سيعزز نمو محافظ قروض المشروعات الصغيرة والمتوسطة بصورة أكبر ويخدم مؤشرات نمو الاقتصاد المحلى الفعلية، نظرًا لدوره فى تطبيق آليات الشمول المالى وإدماج غير المتعاملين مع البنوك فى المنظومة الرسمية.
ولفت إلى أن مصرفه سيلتزم بقرار “المركزى» فى التمويلات الجديدة، لاسيما أن نسبة الاستقطاع الشهرى من الراتب حاليًا يتراوح بين %50 و%55، لافتًا إلى أن مصرفه بدأ يستعد للتغييرات الجديدة بعقد اجتماعات مكثفة لتدشين منتجات جديدة للشباب معنية بتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، على أن يتم إطلاقها خلال الفترة القليلة المقبلة، الأمر الذى يعكس استباق البنك السوق بهذه المنتجات.
ومؤخرًا، قرر مجلس إدارة البنك المركزى إلزام البنوك بألا يتجاوز إجمالى أقساط القروض لأغراض استهلاكية التى تتضمن البطاقات الائتمانية، قروضا شخصية، وقروض بغرض شراء سيارات للاستخدام الشخصى للعميل وكذلك القروض العقارية للإسكان الشخصى خارج إطار قانون رقم 148 لسنة 2001 بإصدار قانون التمويل العقارى ولائحته التنفيذية، نسبة %35 من مجموع صافى دخله الشهرى وذلك بعد استقطاع المستحق من الضرائب والتأمينات الاجتماعية ، ويتم زيادة هذه النسبة لتصل إلى %40 فى حالة منح قروض عقارية للإسكان الشخصى، وفقًا للقانون 148.
وأشار «المركزى» إلى أنه لوحظ اتجاه البنوك نحو النمو فى محفظة القروض، لأغراض استهلاكية لتشكل نسبة مرتفعة لدى بعض محافظ قروض البنوك، بما يعكس عدم تناسب نسبة أقساط القروض لأغراض استهلاكية إلى الدخل مع قيمة القروض الممنوحة وتراوحت تلك النسبة فى بعض البنوك بين 50 إلى %60 وهو ما يرفع معدلات المخاطر، ويؤثر على المدى المتوسط فى جودة المحفظة وزيادة معدلات التعثر.
وأكد صبرى البندارى، رئيس قطاع الاستثمار المحلى فى بنك فيصل الإسلامى، أهمية القرار الذى يدفع البنوك لإعادة تبويب محفظتها نحو تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بدلًا من التركيز على تمويل السلع الاستهلاكية الخاصة بالأفراد، موضحًا أن بعض البنوك تجاوزت نسبة محفظة التجزئة المصرفية بها نحو الـ % 70 من إجمالى أعمالها الأمر الذى يتطلب تقليص تلك المعدلات للتوافق مع القرار الجديد.
وأضاف أن بعض البنوك التى توسعت فى تمويل الأفراد فى السنوات الأخيرة، ستقوم بتعديل سياستها الائتمانية للتوافق مع القرار فيما قد لا يبذل البعض الآخر جهدًا أكبر للتطبيق، وهى تلك البنوك التى كانت تراعى نسبة القسط الشهرى من مجموع دخول العملاء.
ولفت إلى أن مصرفه على رأس البنوك التى تعتبر متوافقة إلى حد كبير مع قرار المركزى، لاسيما أن قطاع المخاطر فرض استقطاع نسبة %25 من دخل موظفى الحكومة، و%40 من دخول موظفى القطاع الخاص، بما يشير إلى أنه سيطبق القرار على موظفى القطاع الخاص فقط.
وقال إن قرار «المركزى» يتوافق مع توجه القيادة السياسية لتشجيع الصناعات المنتجة صغيرة ومتوسطة الحجم، وكذا متناهية الصغر لخفض معدلات البطالة وتشجيع مشروعات الشباب دون تمويل شراء السلع الاستهلاكية المستوردة التى تضغط على موارد العملة الأجنبية بالسوق، مؤكدًا أهمية أن يصاحب القرار مرحلة تالية تتعلق بتيسير منح التراخيص لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة ليكتمل الإطار المؤسسى لنمو مؤشرات أدائها.
وعن تأثير القرار على ربحية البنوك خاصةً أن التجزئة المصرفية تساهم بنسب مرتفعة من صافى الأرباح، استبعد تراجع عوائد البنوك بعد تطبيق القرار، نظرًا لتركيزها على قروض المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بجانب تمويل أدوات الدين الحكومية.
وقال رئيس قطاع التجزئة المصرفية بأحد البنوك، إن قرار «المركزى» يقلل من القروض الاستهلاكية الموجهة للأفراد، بما يؤدى إلى إعادة النظر فى خطط البنوك لنمو محافظ التجزئة المصرفية الموضوعة للعام الجارى والأعوام المقبلة.
وأوضح أن ما يقرب من 10 بنوك فقط ستعانى من تراجع محافظ التجزئة المصرفية بها، خاصةً أن تلك البنوك لديها محفظة ائتمانية مرتفعة بهذا القطاع والتى يتراوح نسبة القسط الشهرى لكثير من عملائها بين %50 و %65، وأن متوسط نسبة الاستقطاع الشهرى تصل إلى %40 من الدخول.
وأشار إلى أن القرار يقلل من استيراد السلع الاستهلاكية وتخفيف الضغط على الدولار، بجانب تشجيع المنتجات المحلية والصناعات الصغيرة والمتوسطة، وأنه قد يؤثر بصورة طفيفة على ربحية البنوك نظرًا لتوظيف فائض سيولتها فى أدوات الدين.
وأضاف أن بعض البنوك خاطبت «المركزى» لاستيضاح بعض النقاط المهمة لتطبيق القرار على رأسها قيام بعض البنوك بمنح تمويلات للأفراد استنادًا إلى بعض المؤشرات منها فاتورة الهاتف المحمول للعميل، أو حظر بيع للسيارة التى يتم تمويلها لأنها تعتبر ضمان البنك فى حال تعثر العميل عن السداد، بحيث يشترط حظر بيع السيارة لحين اكتمال مدة القرض.
من جانبه، قال محمد بدرة الخبير المصرفى، إن القرارات والإجراءات الأخيرة التى اتخذها «المركزى» بشأن تنظيم العملية الائتمانية، مترابطة وتصب فى صالح زيادة تدفق الائتمان والتمويل للصناعات المنتجة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وستعمل على تغيير خطط وإستراتيجيات وحدات الجهاز المصرفى للسنوات المقبلة، وتغيير واجهة ضخ القروض والتسهيلات الائتمانية.
وأوضح أن توفيق الأوضاع وتقليص حجم التمويل الاستهلاكى (القروض الشخصية وتمويل الأفراد)الذى أقره «المركزى» فى تعليماته الأخيرة بنحو %35 من إجمالى الدخل الشهرى، علاوة على تنظيم التمويل الموجه للمشروعات الكبرى عبر خفض حد الائتمان إلى %15 للعميل الواحد، و%20 مع الأطراف المرتبطة من القاعدة الرأسمالية للبنك، يسهم فى تحفيز وتشجيع البنوك على بذل المزيد من الجهد لضخ التمويل لأصحاب الصناعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر، والتى تعتبر العمود الفقرى للاقتصاد واللاعب الرئيسى فى عمليات التنمية للنهوض بالاقتصاد القومى للبلاد.
وأشار إلى أن تنظيم التمويل الاستهلاكى والحد منه تأخر كثيرًا، لافتًا إلى أنه على المستوى الدولى والعالمى هناك بلاد تفوق مصر فى معدل الاستهلاك، ومع ذلك تفرض نسب تتراوح بين %20 و%30 كحد أقصى من الدخل الشهرى للعميل لسداد أقساط القروض من البنوك.
وتابع: «تلك الإجراءات التنظيمية للتسهيلات الائتمانية ترمى إلى توجيه النسبة الأكبر من السيولة المتاحة لدى البنوك فى مكانها الصحيح عبر تمويل الإنتاج، وتقليص حجم القروض الموجهة لأغراض استهلاكية لدفع وتحريك عجلة الإنتاج والاقتصاد القومى وزيادة معدلات نمو الناتج المحلى».
وأضاف أن توجيه النسبة الأكبر من قروض وتسهيلات البنوك للمشروعات المنتجة تسهم بشكل فعلى فى حل الأزمة الاقتصادية التى تمر بها مصر، وسيقوم بدور حيوى وفعال فى الحد من الاستيراد عبر إحلال المنتج المحلى للمنتج المستورد، ووقف نزيف أرصدة العملة الأجنبية فى ظل تراجع موارد الدولة من النقد الأجنبى والأزمة التى تعانى منها سوق الصرف.
وأضاف أن البنوك ستركز خلال الفترة المقبلة على تحقيق توازن فى محافظها الائتمانية فى ضوء القرارات الأخيرة، إذ ستعمل بجدية أكبر وبشكل حقيقى لتوصيل التمويل لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، لتصل للنسبة المقررة الجديدة التى حددها «المركزى» على حساب تقليص التمويل لأغراض استهلاكية.
وأكد أن مجموعة القرارات التى تم اتخاذها فى الآونة الأخيرة من الحكومة ممثلة فى وزارة التجارة والصناعة والبنك المركزى، تشير إلى أن هناك خطة ورؤية مكتملة الأركان للخروج من الأزمة الطاحنة التى يعانى منها الاقتصاد المحلى، عبر الحد من الاستيراد العشوائى لتخفيف الضغط على سوق الصرف الأجنبى، وكذا تشجيع البنوك على تمويل الأنشطة الإنتاجية لدعم المنتج المحلى، ومساندة المشروعات الصغيرة والمتوسطة أهم قطاع اقتصاد حيوى فاعل فى تحقيق عمليات التنمية الاقتصادية الشاملة.