حدث تحول واضح في استراتيجية إدارة البورصة لملف الشركات التي لم توفق أوضاعها مع قوعد القيد حتي الآن والبالغ عددها 11 شركة من حيث اتاحة إمكانية مد أكثر من مهلة تصل كل منها إلي 15 يوماً، بما يمكنها من التعامل مع كل شركة علي حدة أو بشكل فردي وفقاً لظروفها وأوضاعها، وهو ما دفع إلي التساؤل عن أسباب عدم إعلان البورصة عن تاريخ عام محدد لكل الشركات علي غرار تحديد 31 ديسمبر 2009 كموعد نهائي لإعلان موقف الشركات في توفيق أوضاعها.
وتلاقي هذا التغيير في إدارة ملف توفيق أوضاع الشركات مع مخاوف حاملي الأسهم من مماطلة إدارة الشركات في تلبية مطالب البورصة، في ظل عدم تحديد تاريخ فاصل كأداة ضغط علي الشركات خاصة بعد إعلان شركتي الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع والمقاولات المصرية »مختار إبراهيم« عن احتياج الأولي لمدة 6 أشهر لتوفيق أوضاعها مع قواعد القيد الجديدة بطرح %0.7 فقط، في حين لم تحدد الأخيرة حتي الآن موقفها من التوفيق رغم احتياجها طرح %1.88 فقط لرفع نسبة أسهم التداول الحر إلي %5، وكذلك إعلان الشركة القابضة للتشييد مؤخراً، عن دراسة تشكيل لجنة لطرح النسبة المتبقية من أسهمها في المقاولات المصرية لتوفيق أوضاعها.
من جانبه أكد مصدر مسئول بالبورصة، أن تغيير الاستراتيجية الإدارية للبورصة في التعامل مع ملف الشركات التي لم توفق أوضاعها حتي الآن بات ضرورة ملحة، وذلك في ضوء تغيير طبيعة الشركات وقوة ملاءتها المالية، علاوة علي عدم وجود معوقات تعرقل سير الشركات غير المتوافقة مع متطلبات قواعد القيد والشطب الجديدة، حيث تحتاج إلي رفع التداول الحر إلي %5 باستثناء الشركة العامة لاستصلاح الأراضي التي تحتاج إلي تخطي عقبة تجاوز الخسائر قيمة رأس المال.
وأضاف أن رهن بقاء الإحدي عشرة شركة غير المتوافقة مع قواعد القيد بتاريخ محدد، علي غرار تحديد 31 ديسمبر 2009 كموعد نهائي للسير في إجراءات التوفيق، سيؤدي إلي فقدان السوق هذه البضائع القوية، نافياً ما يتردد عن عدم إعادة إدارة البورصة الاهتمام بتعدد الشركات المتداولة لأنها تسعي إلي تنقية السوق من الشركات ذات الآداء المالي الضعيف وغير الملتزمة.
ولفت المصدر المسئول بالبورصة إلي أن إبداء هذه الشركات رغبتها في توفيق أوضاعها دفع إدارة البورصة إلي الانتقال للتعامل بنظام المراحل ومتابعة سير الشركات في إجراءات توفيق الأوضاع وعدم تحديد تاريخ معين قد لا يتناسب مع بعضها، في ظل إعراب هذه المجموعة من جديتها في التوفيق وعدم المماطلة.
واستبعد أن يكون هناك تمييز في التعامل بين شركة وأخري لأن هذه الشركات ستعرض علي لجنة القيد كل أسبوعين لمتابعة الخطوات التي اتخذتها وستواصل البورصة مخاطبتها للضغط عليها، لتنفيذ إجراءات التوفيق.
وشدد علي أن الشركات التي تتسم بالمماطلة وعدم الحرص علي الاستفادة من المرونة الحالية ستواجهها البورصة بحزم ولن تتهاون في تحويلها إلي سوق خارج المقصورة، وذلك في ضوء إعلان شركة المقاولات المصرية، مختار إبراهيم، أنها مازالت في مرحلة دراسة توفيق الأوضاع، ومطالبة شركة الإسكندرية لتداول الحاويات بالحصول علي مهلة طويلة تصل إلي 6 أشهر لتوفيق أوضاعها.
وفي سياق متصل أعرب عادل عبد الفتاح، رئيس مجلس إدارة شركة المصرية العربية – ثمار – لتداول الأوراق المالية عن تأييده لاستراتيجية منح مهلات قصيرة متعددة، مبرراً ذلك بأن المرحلة الحالية تتطلب مرونة أكثر والتعامل مع الشركات التي لم تتمكن من اتخاذ إجراءات توفيق أوضاعها وفقاً لأوضاع كل شركة بما يتيح التوجه لكل منها بشكل منفصل والتعامل معه علي حدة دون وضع حد فاصل موحد لكل الشركات حالياً، لافتاً إلي ضرورة أن نضع في الاعتبار قوة هذه الشركات وأهمية الحفاظ علي تواجدها بالسوق.
وأشار إلي أن منح مهلة 15 يوماً للشركات علي أن يتم مدها وفقاً لموقف كل شركة ستنتج عنه ميزتان، أولاهما ممارسة نوع من الضغط المتواصل علي الشركات بمراقبة سيرها في إجراءات التوفيق عن كثب، فضلاً عن إعلان لجنة القيد موقفها بصفة دورية بعد انتهاء كل مهلة بما يضمن تجنب تباطؤ الشركات وتوضيح الموقف لحاملي الأسهم بصورة كاملة تجنباً لمفاجآت شطب أي شركة.
واستطرد رئيس شركة ثمار قائلاً، إن مرونة التعامل مع كل شركة علي حدة بات أمراً ضرورياً حالياً لضمان توفيق أوضاعها بما يضمن استمرار التداول علي أسهم شركات ذات أداء قوي مثل جلاكسو للأدوية وعدم انتقالها إلي سوق الأوامر بما يفقد السوق شركات قوية، علاوة علي أن تكرار تجربة تداول الأسهم بأسعار متدنية تفقد المساهمين أموالهم.
واتفق مع الرأي الاسبق معتصم الشهيدي، العضو المنتدب بشركة هورايزون لتداول الأوراق المالية، مشيراً إلي وجود اختلاف واضح بين المرحلة السابقة التي ارتبطت بالسوق بأكملها وما تضمه من شركات متفاوتة في قوة أدائها المالي ورغبتها في التوفيق أيضاً بما يتطلب تحديد تاريخ حازم للبت في هذا الأمر، خاصة أن مطالبة الشركات بتوفيق أوضاعها استمرت نحو 18 شهراً بل امتدت إلي انتظار البورصة صدور قرارات من مجالس إدارات الشركات بالموافقة علي توفيق الأوضاع علي أن يتم السير في الإجراءات بدءاً من عام 2010.
وأضاف الشهيدي أن المرحلة الحالية هي نتاج تصفية الشركات غير المتوافقة مع قواعد القيد وتم حصرها في 11 شركة فقط تتسم بقوة أدائها، لذا أصبح من الضروري التعامل وفقاً لطبيعة وظروف كل شركة والوصول إلي مرحلة التفاهم المشترك مع البورصة، خاصة أن استراتيجية المراحل سوف تظهر الموقف النهائي لوضعية الشركات، فضلاً عن تأني البورصة في اتخاذ أي قرار حتي لا تكون عرضة لاتهام المتعاملين بالسوق بأنها لا تلقي بالاً بمصالحهم.
وفيما يتعلق بالمخاوف التي تساور حاملي الأسهم من مماطلة هذه الشركات في توفيق أوضاعها مما يجمد أموالهم فترة طويلة، أوضح العضو المنتدب بشركة هوريزون، أن مد لجنة القيد مهلة قصيرة لا تزيد علي أسبوعين قابلة للتجديد للنظر في إجراءات التي اتخذتها هذه الشركات سيكشف أي محاولة للتلاعب بمصالح المساهمين سريعاً، أما في حال اتاحة مهلة محددة عامة فيمكن أن تستهلكها الشركات دون اتخاذ أي خطوة نحو التوفيق بما يهدر الوقت هباء.
من جانبه أكد مصطفي بدرة، عضو مجلس إدارة أصول لتداول الأوراق المالية، أن الهيئة العامة للرقابة المالية وإدارة البورصة جانبهما التوفيق حين وضعا موعداً محدداً بشكل عام لتوفيق أوضاع الشركات وفقاً للقواعد الأخيرة، لذلك اتجهت البورصة مؤخراً نحو سياسة مد المهلات بصفة دورية وفقاً لحالة ووضعية كل شركة لأن طبيعة الاستثمار لا تتناسب معها استراتيجية الأمر الواقع.
وتابع: إن الشريحة الأكبر من الشركات لا يمثلها أفراد بل جهات تحتاج إلي الوقت لاتخاذ القرار بما يتناسب مع وضعها سواء بزيادة رأس المال أو طرح حصة للتداول الحر، بالإضافة إلي الوضع في الاعتبار البيئة الاستثمارية التي تعمل من خلالها الشركات وهياكل ملكيتها، خاصة أن هناك شركات أجنبية مثل جلاكسو للأدوية، وهو ما يستلزم منها الرجوع إلي الإدارة الرئيسية للشركة ودراسة مدي ملاءمة طرح حصة للتداول الحر، وهو ما يؤكد اختلاف ظروف كل شركة عن الأخري، وكذلك مناسبة هذه الإجراءات لخططها الاستثمارية بما يلزم بتعامل المسئولين بالهيئة والبورصة مع كل شركة علي حدة.
وأكد بدرة أن الاستراتيجية الحالية المتبعة في إدارة ملف توفيق الأوضاع ستحسن بعض الشيء من ثقة المستثمر التي اهتزت بقوة بسبب شطب الشركات وضعف الرؤية حتي اللحظات الأخيرة لموقفها من القيد، إلا أن تدرج الأمور وفقاً لمراحل متتابعة سيوجد رؤية واضحة لموقف الشركات، لافتاً إلي أنه طالما اتسمت البورصة بالمرونة الكاملة في التعامل مع هذه الشركات فيجب الزامها في حالة رفضها توفيق أوضاعها بشراء أسهم المتضررين في الشطب علي غرار الشطب الاختياري حفاظاً علي أموال وثقة المستثمرين.
ومن جانب حاملي أسهم الشركات الموقوفة عن التداول، يري أحمد الظيظي، أن إدارة البورصة تحرص علي تواجد هذه الشركات بقوة تفوق حرصها علي الشركات التي تم شطبها، مبدياً تخوفه من أن استمرارية مد أكثر من مهلة إضافية سينتج عنها تجميد أمواله لفترة طويلة، علاوة علي احتمالية تغيير ظروف السوق حينها مما يعرض المستثمرين للخسائر.
فيما أوضحت المستثمرة ليلي حسن، أن تحديد تاريخ محدد أو مد أكثر من مهلة تتوقف علي طبيعة كل شركة حيث إن شركات قطاع الأعمال التابعة لوزارة الاستثمار ملزمة بتاريخ محدد مرتبط بفترة قصيرة لأن قواعد القيد التي أصدرتها الهيئة العامة للرقابة المالية كانت بالتنسيق مع وزارة الاستثمار، متسائلة كيف لا تتمكن شركات قطاع الأعمال من توفيق أوضاعها سريعاً، في حين أن الوزارة التابعة لها الشركات أشرفت علي إصدار هذه القواعد.