تغيرات جوهرية بخريطة الاستثمار المباشر عقب أزمة أبراج

خبراء: القطاعات الدفاعية لا تزال تخطف الأنظار مينوش: أبراج كائن فريد من نوعه لا يشبهه أحد العرابي: الأزمة ستستمر على المدى القصير وتتلاشى مصدر بأحد بنوك الاستثمار: الصناعة تراجعت 10 سنوات للخلف أسماء السيد عمر الشنيطى: ارتفاع الفائدة بأمريكا سيجذب أموال المستثمرين باﻷسواق الناشئة ومن الأمور اللاف

تغيرات جوهرية بخريطة الاستثمار المباشر عقب أزمة أبراج
جريدة المال

المال - خاص

10:12 ص, السبت, 8 سبتمبر 18

خبراء: القطاعات الدفاعية لا تزال تخطف الأنظار
مينوش: أبراج كائن فريد من نوعه لا يشبهه أحد
العرابي: الأزمة ستستمر على المدى القصير وتتلاشى
مصدر بأحد بنوك الاستثمار: الصناعة تراجعت 10 سنوات للخلف

أسماء السيد

عمر الشنيطى: ارتفاع الفائدة بأمريكا سيجذب أموال المستثمرين باﻷسواق الناشئة

ومن الأمور اللافتة للنظر أيضا بالقطاع، أن بعض الكيانات الضخمة أجلت خطط إنشاء صناديق استثمارية جديدة، وعلى سبيل المثال لم يظهر للنور بعد صندوق الاستثمار فى قطاع الرعاية الصحية، الذى أعلنت عنه المجموعة المالية هيرميس منذ عامين تقريباً .

كما اختفت خطط إنشاء صناديق الاستثمار المباشر من استراتيجيات البنوك الاستثمارية، التى باتت تفضل تركيز أعمالها على التوسع بمجالات بديلة، كالأنشطة المالية غير المصرفية الأحدث، مثل التأجير التمويلى، والتمويل متناهى الصغر، ليقتصر الجديد فى القطاع على الشركات المستقلة التى لا تنتمى لبنوك استثمارية .

وبدأت أزمة أبراج التى كانت تدير أصولًا بنحو 14 مليار دولار لصالح مؤسسات وهيئات من الولايات المتحدة وبريطانيا، ودولاً أخرى منذ شهر فبراير الماضى، بتعرضها لضغوط عبر قيام مؤسستى بيل وميليندا جيتس – التابعة لرجل الأعمال الأمريكى الأشهر بيل جيتس، والتمويل الدولية التابعة للبنك الدولى، ومجموعتى سى دى سى البريطانية، وبروباركو الفرنسية، بتكليف شركة أنكورا للاستشارات المتخصصة فى المحاسبة القضائية، للتحقق من سوء استخدام التمويلات فى صندوق أبراج للرعاية الصحية، البالغ قيمته مليار دولار .

واتُهمت «أبراج« باستخدام جزء من موارد صندوق الرعاية الصحية فى تمويل أعمالها الخاصة، وقد تأخرت الأخيرة فى استثمار نحو 545 مليون دولار، تم تحويلها للصندوق فى شهر أبريل 2016 من أجل بناء مستشفيات فى عدة دول .

ووفقًا لـ «رويترز» فإن شركة «ديلويت» التى عينتها «أبراج» لفحص أعمالها قد كشفت عن وجود عجز نقدى أدى إلى قيام «أبراج» بخلط أموال المستثمرين بأموالها الخاصة .

واجتمعت «أبراج» مع دائنيها سالفى الذكر مطلع يونيو المنقضى، من أجل الاتفاق على تجميد ديون الشركة، وذلك لتسهيل عملية بيع ذراعها لإدارة الاستثمار، إلا أن صندوق التأمينات الكويتى رفض الانضمام إلى الدائنين فى تجميد الديون المقترح .

بدايةً قالت مينوش عبد المجيد، العضو المنتدب بشركة يونيون كابيتال ﻹدارة صناديق الاستثمار، إن أزمة أبراج الإماراتية ستلقى بظلالها على صناعة صناديق الاستثمار المباشر بالمنطقة العربية، لتتراجع خلال الفترات المقبلة .

وأوضحت أنه على الرغم من التأكد بالتأثر والتراجع، إلا أنه يمكن تحديد مدى الاستمرار بشكل دقيق، فقد يستمر وقد يتلاشى حسب الظروف والأوضاع والعوامل المتحكمة، مشيرةً إلى أن شركة أبراج كانت شركة أقليمية وصلت لمستويات الشركات العالمية، بوجود شريحة من المتعاملين .

ولفتت إلى أن صناعة الاستثمار المباشر، تواجه تحديات عدة على رأسها أزمة أبراج، إضافة إلى الإجراءات القانونية المنظمة لإنشاء صناديق جديدة، ومجموعة العوامل اﻵخرى المتعلقة بمتطلبات جديدة قد تصدرها الهيئة العامة للرقابة المالية .

وأوضحت أن التأثر سيكون له جوانب عدة على صعيد مديرى الاستثمار من خلال هزة ثقة سيتلقونها من قبل المتعاملين، بل وستمتد للتأثير على المنطقة كلها، وقد تستمر الهزة على المدى القصير حتى فى حال ضخ أموال، فسيكون التحكم والتدقيق أكبر لمحاولة الحفاظ على الأموال .

وتابعت: العامل الأخر يتمثل فى النظر لحجم السوق، الذى كانت أبراج تمثل الجزء اﻷكبر منه، وانهيار الكيان يعنى أن قيمة كبيرة من اﻷموال التى تمكنت الشركة من جذبها من مناطق مختلفة، اندثرت وتراجع ضخها .

وفسرت قائلة إن تلك التخوفات لا تعنى أن السوق سوف يتوقف، ولكن سيعيد المستثمرين حساباتهم، ما يضفى نوعًا من التباطؤ ».

وأوضحت أن هناك آمال تلوح فى اﻵفق بانتهاء الأزمات، ووجود فرص نمو خلفًا لها، مشيرة إلى أن جميع التجارب التى حدثت سابقًا تُشير بذلك .

ولفتت إلى أن الأمال تتمثل فى ظهور كيانات آخرى، ونمو الكيانات الموجودة حاليًا للاستفادة واستغلال الفرص المتاحة التى كانت تهمين عليها أبراج، موضحةً أن تلك الكيانات قد لا تحل محل أبراج، لكنها حتمًا ستستفيد .

وأوضحت أن شركات كثيرة فى المنطقة إجمالاً كانت ترغب فى التخارج، أو بيع حصص، وكانت تضع أبراج على رأس القائمة، لكنها فى الفترة الحالية ستكون مجبرة للبحث عن بدائل .

وفيما يتعلق بمن يحل محل أبراج، قالت «مينوش« إن أبراج شئ فريد من نوعه فى المنطقة العربية، ولا يوجد حاليًا شبيه لها بنفس القدرة ونفس حجم الأموال، وأن يحل محلها مؤسسة واحدة ليس بالضرورة، لكن قد تظهر عدة مؤسسات، وتتحد مع بعضها البعض لتكوين كيان أكبر .

ونشرت «المال» مؤخرًا نقلاً عن رويترز، تقدم شركة «أكتيس« إحدى أكبر شركات الاستثمار فى الأسواق الناشئة، بعرض شراء الجزء الأكبر من صناديق الأسهم الخاصة فى مجموعة أبراج، التى تتخذ من إمارة دبى مقرا لها، ومن المتوقع أن تبرم «أبراج» الصفقة مع أحد المشترين بنهاية العام الحالي .

وذكرت وكالة رويترز أن شركة أكتيس تنضم بذلك إلى عدد من المشترين المحتملين الآخرين، مثل شركة «أجيلتي» الكويتية التى تحالفت مع «سينتربريدج بارتنرز» التى تتخذ من نيويورك مقرا لها، وشركة «يورك كابيتال»، ومجموعة أبو ظبى المالية .

وفسرت أن الأزمة لا تتمثل فى عدم المقدرة على اجتذاب أموال من السوق الأمريكية، بل هزة ثقة ستغطى على مناطق عدة ومتعاملين عدة، موضحة أن أكبر شركات الاستثمار الخليجية لديها استثمارات بالولايات المتحدة وبعض دول العالم، والعكس فإن العلاقة بين الإثنين تبادلية بشكل كبير، وأزمة أبراج لا تعنى توقفها .

وتابعت: كما ذكر فيما سبق أن أبراج لا يشبهها أحد، لكن المستثمر الخارجى إن وجد كيان آخر حتى وإن كان صغيراً، سيحقق له نفس العائد فسوف يعود للاستثمار، بعد مرور حالة الهدوء الحالية، حتى تتلاشى آثار الأزمة على المدى القصير .

وأضافت أن أنظار صناديق الاستثمار لا تزال تركز على القطاعات الدفاعية، وعلى رأسها القطاع الصحى المحتفظ ببريقه، إضافة إلى القطاعات القادرة على المنافسة والصمود فى ظل الإصلاحات التى شهدها الوضع الاقتصادى، ولا يزال يشهدها .

وتوقعت أن يحظى قطاع السياحة بمكانة جيدة خلال الفترة المقبلة، بدعم من بدء تعافى الوضع السياحى وعودة السياحة مرة آخرى، موضحة أن القطاع يحتاج إعادة هيكلة كاملة من ناحية الاستثمار والتمويل، إضافة إلى القطاعات التى لها علاقة بالخدمات المالية .

فى السياق ذاته قال مصدر فضل عدم ذكر اسمه، إن صناعة الاستثمار المباشر تسير منذ فترة بخُطى حثيثة متأثرة بقلة الأموال المتدفقة، وستضيف أزمة أبراج مزيداً من التأثر والتراجع خلال الفترات المقبلة .

وأضاف أن ما يوضح مدى تراجع الصناعة هو كيان أبراج ذاته، لأن هيكل ملكيته قائم بشكل أكبر على المؤسسات التنموية، موضحًا أنه على الصعيد المحلى فإن الوضع لم يشهد تحسنًا كبيرًا منذ عام 2011، بسبب الوضع السياسى والإصلاحات التى شرعت بها الحكومة ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادى .

وأوضح أنه منذ عام على اﻷقلن بدأ وضع الصناعة يتحسن قليلاً، لتأتى أزمة أبراج لتبخر كل تلك التحركات الجيدة، موضحًا أن التحدى الرئيسى يتمثل حاليًا فى كيفية إعادة ثقة المتعاملين، ومحاولة جذب أموال مرة آخرى .

وأوضح أن خطط مديرى الاستثمار لا تزال تركز على القطاعات التقليدية الاستهلاكية، كقطاع التعليم والأغذية .

يذكر أن شركة أبراج أسسها عارف نقفى، المولود فى كراتشى برأسمال 60 مليون دولار فقط عام 2002، لكنه استطاع أن يجعلها شركة رائدة فى الأسواق الناشئة لترتفع أصولها إلى أكثر من 13.6 مليار دولار .

وقال عمر الشنيطى، المدير التنفيذى بشركة مالتيبلز للاستثمار، إن صناعة الاستثمار المباشر كانت تسير بخُطى جيدة خلال أخر 3 سنوات، لكن التطورات الجديدة التى تشهدتها المنطقة، وأهمها وأضخمها أزمة شركة أبراج الإماراتية ستدفعها إلى الهدوء .

وأضاف أن السوق المحلية شهدت تأسيس عددًا من الصناديق الواعدة خلال السنوات القليلة الماضية، إلا أنهُ لا يمكن تحديد مدى التأثر والتراجع على صعيد الاستمرار من عدمه، فهل ستسمر على المدى القصير، أم ستحدث تطورات آخرى .

وأضاف أن شركة أبراج كانت أحد عمالقة الصناعة، وانهيار كيان مثل هذا سيجعل خطط التحوط والضوابط المفروضة صارمة بشكل أكبر، لضمان عدم تكرار ما حدث مرة ثانية، إضافة إلى الرغبة فى الإطلاع بشكل مستمر على ما تم إنجازه، وتحديد آليات اتخاذ القرار .

وأشار إلى أن الإجمالى المُستثمر على الصعيد الإقليمى والمحلى سيتأثر سلبًا، لكن ما تم ضخه من خلال أبراج سيكون تأثيره السلبى محدود، لوجود مجالس إدارات منفصلة، لكن التحركات التوسعية غامضة حتى الأن .

وعلى صعيد مدى القدرة على اجتذاب صناديق الاستثمار المباشر أموال مره آخرى من السوق اﻷمريكى، قال «الشنيطي» إن التخوف اﻷكبر يكمن فى ارتفاع سعر الفائدة بالسوق اﻷمريكية، ما يلوح بخطورة تقلص قيمة الأموال التى سيتم ضخها فى الأسواق الناشئة، واستثمارها فى أدوات الدخل الثابت ببلادهم، مع الخوف من تأثر الأسواق الناشئة بتلك التغيرات .

وفى تعليق مقتضب قال رئيس أحد أكبر بنوك الاستثمار فى المنطقة – فضل عدم ذكر اسمه -، إن أزمة أبراج ستدفع صناعة صناديق الاستثمار المباشر 10 سنوات للخلف، مع استحالة القدرة على جذب أموال من السوق الأمريكية مرة ثانية .

وقال أحمد العرابى، مدير الاستثمار بشركة ازدهار للاستثمار المباشر، إنه لايمكن استبعاد حدوث أزمة بالنسبة للاستثمار المباشر، تأثرًا بأزمة شركة أبراج كابيتال، لكن التأثير سوف يكون على المدى القصير فقط، وذلك نظرا لتطورات الاقتصاد المصرى منذ بداية برنامج الإصلاح الاقتصادى وحتى الوقت الراهن، وزيادة ثقة المؤسسات والمستثمرين الأجانب فى السوق المصرية .

ورجح استقرار وضع الاستثمارات بالسوق المحلية، بسبب عدد من الشركات المؤهلة للنمو السريع، وتطوير حجم أعمالها، موضحًا أن بعض المستثمرين اﻷجانب يفضلون التعاون مع شركات الاستثمار المباشر، وبناء على ما حدث بشركة أبراج سيكون التركيز أكبر على اختيار مدير استثمار الصندوق، والتأكد من مبادئ الحوكمة والإدارة المالية بشكل جيد .

وعلى صعيد مدى القدرة على اجتذاب أموال من السوق اﻷمريكية مجددًا، لفت إلى أن التخوف اﻷكبر ليس ما حدث بأبراج، لكن من ارتفاع أسعار الفائدة بالسوق اﻷمريكية واﻷوروبية، وهو ما يدفع للرغبة فى الاستثمار بأذون الخزانة، عن الاستثمار بأحد اﻷسواق الناشئة .

ولفت إلى أنه على الرغم من تلك التخوفات، إلا أن السوق المحلية بدأت تسير بخطى ثابتة، ما أهلها لتنال ثقة المتعاملين الخارجين، موضحًا أن النظرة تتركز بشكل أكبر فى القطاعات التى تحاكى الوضع المحلى، كون مصر من أكثر البلاد زيادة فى السكان، وهو ما يجعل من القطاعات الاستهلاكية والأغذية والصحة فرصة جيدة للاستثمار .

وأشار إلى أن القطاعات التى استفادت من تحرير سعر الصرف، ستكون أيضًا ضمن الفطاعات الجاذبة، إضافة إلى قطاع الخدمات المالية المصرفية، خاصة فى ظل الاتجاه العالمى نحوه، وعمل الحكومة المصرية لتوسيع القطاع وتطويره وزيادة الشمول المالى والمعاملات الإلكترونية .

ورداً على سؤال لـ «المال» حول من سيحل محل أبراج، قال إن المجال مفتوح لمديرين استثمار جدد بشرط توافر فكر متطور وتكامل خبرة الاستثمار مع خبرات الإدارة والحوكمة .

وقال مصدر رفيع المستوى بأحد شركات الاستثمار المباشر، فضل عدم ذكر اسمه، إن الصناعة ستتعرض للانحسار قليلاً، وذلك على صعيد الشركات القائمة فعليًا، بسبب عدم قدرة مديرى الاستثمار على اجتذاب أموال جديدة .

وأوضح، أن الأزمة ستتجسد بشكل كبير فى صعوبة الحصول على تدبيرات مالية وباﻷخص من السوق اﻷمريكية، إلا أن ذلك التأثر سيستمر لفترة قصيرة ويتلاشى .

وفيما يتعلق بإعلان بعض الشركات محليًا عن تأسيس صناديق جديدة، أوضح أن التأخر قد يكون بسبب بسبب التخوفات، أو أسباب أخرى تتعلق بالشركة نفسها .

كانت تسير بخطى حثيثة ولكن.. جاءت تلك الجملة ملخصًا لرؤى الخبراء حول صناعة الاستثمار المباشر خلال الفترة الراهنة، مؤكدين أن الصناعة كانت على وشك التعافى تزامنًا مع تحسن الوضع الاقتصادى، لتأتى أزمة أبراج بمثابة العاصفة التى هزت أرجائها مجددًا .

وأوضحوا أن الصناعة تواجه تحديات عدة، يتمثل أهمها فى أزمة شركة أبراج التى كانت تمثل أحد عمالقة الاستثمار، وانهيار الكيان حتمًا سيؤثر بالتبعية على الصناعة فى المنطقة إجمالاً، من خلال اهتزاز الثقة ومواجة المتعاملين صعوبات جمع أموال مرة أخرى، سواء من خلال السوق اﻷمريكى، أو أى أسواق أخرى . 

جريدة المال

المال - خاص

10:12 ص, السبت, 8 سبتمبر 18