تعديل اتفاقيات التعدين شرط جذب الشركات العملاقة

تعديل اتفاقيات التعدين شرط جذب الشركات العملاقة

تعديل اتفاقيات التعدين شرط جذب الشركات العملاقة
جريدة المال

المال - خاص

10:36 ص, الأثنين, 12 أكتوبر 15

نسمة بيومى:

فى نفس الوقت الذى تؤكد فيه الحكومة وجود خطة ورؤية واضحة لتطوير قطاع التعدين وزيادة استثمارته، ما زالت تعانى الشركات الأجنبية العاملة بالقطاع من عدة صعوبات وتحديات تحجم بعضها عن التوسع فى استثمارتها أو تمنع البعض الآخر من بدء أداء عمله الفعلى.
وتطالب الشركات الحكومة المصرية بالخروج من عباءة الفكر التقليدى فيما يخص التعامل مع شركات التعدين الاجنبية، والاقتداء بالنماذج والاتفاقيات العالمية فيما يخص البحث والتنقيب عن المعادن وعلى رأسها «الذهب»، منتقدين تطبيق نفس نماذج اتفاقيات التنقيب عن البترول على مشروعات التعدين.
وتؤيد غالبية الشركات نموذج “الضرائب والإتاوة” للعمل به فى اتفاقيات التنقيب عن المعادن وخاصة الذهب فى مصر، على غرار كل دول العالم، مؤكدين أن نظام اقتسام الأرباح المتبع حاليا لن يجذب أى استثمارات جديدة بل إنه سيعمل على تحجيم الاستثمارات القائمة.
وتعمل مصر وفقا لنموذج اقتسام الأرباح فى اتفاقيات التعدين السارية والذى يضمن للشريك استرداده كامل تكاليفه المنفقة على المشروع، ليتم بعدها اقتسام الأرباح السنوية بينه وبين الحكومة المصربة بنسبة %50 لكل منهما، فضلا عن أنه يشتمل على تحصيل الحكومة “رسومًا سنوية” من إجمالى الإنتاج يتم توريدها لخزانة الدولة تحت اسم “الإتاوة”.
وتؤكد الشركات أن استمرار عمل الحكومة بنفس المنظومة والسياسة هو السبب الرئيسى خلف عزوف الشركات الكبرى عن الاستثمار بالقطاع، فضلا عن عدم بطء نشاط بعض الشركات الاخرى حتى الآن.
وأكد مستثمرون أن السياسة التى تتبعها الحكومة فى التعامل مع قطاع التعدين، سواء الخاصة بالتشريعات والاتفاقيات أو الاخرى الخاصة ببطء وطول إجراءات التعاقد وبيروقراطية التعامل مع المستثمرين أدت إلى عدم احتلال مصر أى مركز أو موقع فى قائمة اكبر الدول العالمية إنتاجا للمعادن او امتلاكا للاحتياطيات أو حتى جذبا للاستثمارات.
ومن نتاج تلك السياسات محدودية عدد الشركات المنتجة لخام الذهب فى مصر، والذى يعد الامل فى إنطلاق مصر للعالمية، لتقتصر على شركتين فقط أولها شركة “سانتامين” العاملة فى منجم السكرى والتى تعتبر الوحيدة المنتجة للذهب فى مصر، تليها شركة حمش المتوقفة حاليا عن العمل لأسباب فنية.
ومن هذا المنطلق يلزم على الحكومة حاليا ضرورة إعادة النظر فى رؤيتها للقطاع والتنسيق مع الشركات للقضاء على مشكلاتهم بهدف وضع قطاع التعدين فى مكانته الفعلية والاستفادة من عوائده التى لم يتحصل الاقتصاد على اى نصيب منها حتى الآن.
ويرى العديد من المحللين والمستثمرين أن الثروة التعدينية من الممكن أن تدر دخلا لمصر يفوق عوائد قناة السويس وقطاعى السياحة والاتصالات، بشرط تطبيق آليات حقيقية لاستغلالها، فضلا عن تدعيم المستثمر وتيسير إجراءات الحصول على تراخيص البحث والتنقيب وتعديل نموذج اتفاقيات البحث والاستغلال.
ورغم أن مصر تمتلك ثروات تعدينية ضخمة موزعة على العديد من المناطق ومن أبرزها الصحراء الشرقية وسيناء، لكنه حتى الآن لم يتم استغلال تلك الثروات بالشكل الامثل للعديد من الاسباب، ومن ابرزها عدم ملائمة مناخ التشريعات الحاكمة للاستثمار التعدينى فى مصر، فضلا عن العمل باتفاقيات غير مناسبة، تطالب كل الشركات بتعديلها حاليا والعمل بنماذج أكثر تطورا.
بداية قال المهندس يوسف الراجحى المدير العام لشركة سانتامين مصر المسئولة عن مشروع منجم ذهب السكرى، إن تحقيق النمو المفترض بقطاع التعدين وجذب الشركات العالمية الجادة يلزمه تعديل نموذج الاتفاقيات المعمول به حاليا.
وذكر أن اتفاقية التنقيب فى منجم السكرى معتمدة فى الاساس على نظام اقتسام الأرباح، مضيفا أن مؤسسى الشركة الاصليين تحملوا ذلك النموذج باعتبارهم مصريين، ولكن الاجانب لا يحبذون العمل فى ظل ذلك النظام.
ولفت إلى أن الحكومة لديها ثقة فى جدوى العمل بنظام اقتسام الأرباح ولكن ذلك النظام لم ولن يجذب الشركات العالمية الكبرى، موضحا أنه إذا كان نظام اقتسام الأرباح مجديًا لزيادة استثمارات التعدين فى مصر فلماذا تعزف الشركات الكبرى مثل “إنجلو أمريكان” و”باراك” وغيرها عن القدوم إلى مصر وتنفيذ مشروعات جديدة رغم أن مصر تمتلك من 20 إلى 30 منجم ذهب على غرار السكرى لم يتم اكتشافها حتى الآن؟
وأضاف الراجحى أن كل الدول الاجنبية والعربية ألغت العمل بنظام اقتسام الأرباح فى التعدين وتعمل حاليا وفقا لنظام الضرائب والإتاوات “الرسوم” السنوية، والذى يمكن الدولة من تحديد أى نسبة ترغب بها من الضرائب والإتاوات دون التدخل فى الإنتاج أو المشاركة فى الأرباح، مضيفا أن تطور أنظمة الاستثمار هو السبب الرئيسى فى تحول غالبية الشركات للعمل فى تلك الدول على خلاف مصر.
ومن أبرز الدول التى قامت بتطوير نظام اتفاقيات التنقيب عن الذهب أمريكا وأستراليا وكندا والسعودية وتونس وإفريقيا.
ونوه بأن الشركات تطالب الحكومة منذ فترة بتعديل نموذج اتفاقية التنقيب عن الذهب، موضحا أن الاسراع فى تنفيذ ذلك الاجراء هو الامل الوحيد لجذب استثمارات كبرى فى مجال إنتاج واستغلال المعادن بشكل عام والذهب بشكل خاص.
وقال إن نشاط التنقيب عن المعادن واستكشافه يتطلب مخاطرة أعلى واستثمارات طويلة المدى على عكس أنشطة التنقيب عن الغاز والبترول، مضيفا أن مشروعات التعدين يلزمها زيادة الاستثمارات والتوسعات لانشاء مصنع متخصص فى تجهيز وإنتاج المعادن.
وذكر أنه حتى قانون التعدين الجديد لن يساهم فى جذب شركات أجنبية عملاقة للعمل بالقطاع نظرا لثبات الاتفاقيات والنماذج المعمول بها لتنفيذ مشروعات البحث والتنقيب.
وقال إن القانون الجديد خرج على صورته الراهنة دون مراعاة أراء ومطالب كل الشركات والمستثمرين بقطاع التعدين فى مصر، مطالبا الحكومة بتعديل نظرتها لقطاع التعدين المصرى ومراعاة المستثمرين وتحقيق الصالح العام.
وطالب بالمرونة فى التعامل مع الشركات الاجنبية وتشجيعهم على العمل ومواصلة العمل والتوسع فى ضخ استثمارات جديدة، لا سيما أن قطاع التعدين يعد من القطاعات الواعدة والتى لم يتم استغلالها بالشكل الأمثل حتى الآن رغم أن الشركاء ينفقون ما يتجاوز %80 من إنتاج أى مشروع تعدينى داخل البلد.
وأكد الدكتور محمد زاهر رئيس شركة زد جولد الكندية، ضرورة تعديل التشريعات المعمول بها التى يتم تطبيقها على المستثمرين، موضحا أن تلك النماذج لا تصلح حاليا لتحفيز الشركات القائمة على التوسع فى ضخ الاستثمارات أو جذب شركات أخرى جديدة.
وعلى صعيد آخر أكد جدوى الاسراع فى إنهاء اللائحة التنفيذية الخاصة بقانون المناجم والمحاجر الجديد لتحقيق الاستفادة القصوى من تشغيل المناجم والملاحات.
ولفت إلى أن تنفيذ ذلك سيتبعه انطلاقة قوية نحو الاستغلال الأمثل لثروات مصر التعدينية بطاقة وعوائد غير متوقعة، حيث إن توحيد جهة الاشراف وتغيير الايجارات المنصوص عليها فى القانون القديم سترفع من عوائد القطاع بشكل يفوق قطاعات البترول وقناة السويس.
وعلى جانب آخر، أكد الدكتور رشدى محمد، دكتور اقتصاديات التعدين، أن الصحراء هى كنز مصر الخالص والمجهول، حيث تحوى داخلها الخامات والمعادن التى تعد الامل الوحيد للتنمية عبر استغلال المعادن والاحجار والاملاح والصخور.
وطالب الحكومة بتقديم الحوافز والتيسيرات للمستثمرين والشركات حتى يساهموا فى تنمية صحراء مصر ويتمكنوا من إظهار ثرواتها الحقيقية، موضحا أن التنقيب عن البترول يختلف بشكل كلى عن التعدين، لذلك من غير المنطقى تطبيق نفس نموذج اتفاقيات البحث عن البترول على مشروعات التعدين.
وأكد ضرورة تنفيذ عدد من الاجراءات لإنعاش الاستثمارات بالقطاع، ومنها تخلى الحكومة عن المشاركة فى إدارة المشروعات التعدينية على أن يتم الاكتفاء بحصولها على نسبة من الإنتاج تحددها هى فضلا عن الضرائب والإتاوات، موضحا أن مشاركة الحكومة فى إدارة منجم السكرى على سبيل المثال يؤدى إلى ترسيخ تطبيق مبادئ البيروقراطية والروتين وتأخر العمل وبالتالى إمكانية تكبد خسائر كبيرة.

جريدة المال

المال - خاص

10:36 ص, الأثنين, 12 أكتوبر 15