مني كمال
كشفت أزمة مشروع »أجر يوم« برأس البر، ومن قبلها أزمة أراضي »الضبعة«، و»مركز القاهرة المالي« عن فشل المسكنات الحكومية في علاج مشكلة تضارب القرارات وتشابك الاختصاصات، المتأصلة في الجهاز الإداري للدولة، والتي طالت مشروعات استثمارية كبري بشكل بات يهدد مناخ الاستثمار ككل.
مصطفي السلاب رئيس جمعية مستثمري العبور ووكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب، يؤكدان الجهاز الإداري للدولة لا يزال يعاني من تضارب الاختصاص واختلاف الأداء مما ينعكس سلباً علي مناخ الاستثمار بوجه عام وأكبر دليل علي ذلك ما حدث مؤخراً في قضية مشروع »أجر يوم« والانتهاء بنقل المشروع وذلك بعد أن أخذ المشروع 4 موافقات من 4 وزارات مختلفة هي الري والزراعة والبيئة والبترول.
وأشار السلاب إلي أن قضية أجر يوم ما هي إلا حلقة في سلسلة المشروعات التي تمت عرقلتها بسبب تضارب القرارات بين الوزارات حيث شهد العام الماضي جدلاً واسعاً حول مشروعين استثماريين هما »مركز القاهرة المالي« الذي ضخ فيه رجل الأعمال محمد نصير ملايين الدولارات وقام بالفعل بقطع شوط كبير في الإنشاءات في منطقة المقطم إلا أنه وبغض النظر عن مدي ملاءمة وجود المشروع بالمنطقة فإنه كان قد حصل أيضاً علي كافة الموافقات من قبل الوزارات والهيئات المختلفة وتم إيقاف المشروع لحين حل النزاع والأخذ بالرأي النهائي لمنظمة اليونسكو.
وأضاف السلاب أنه في نفس العام برزت خلافات حادة بين وزارة الكهرباء وهيئة الآثار حول إقامة محطة الطاقة النووية بأرض الضبعة حيث رفضت الهيئة إقامة أي مشروعات بأرض المنطقة باعتبارها تحتوي علي أثار في حين أن دراسات الوزارة اثبتت أن أرض الضبعة تعد الأمثل لإقامة هذه النوعية من المشروعات وإلي الآن لم يتم حسم القضية.
وأشار السلاب إلي أن هذه الخلافات ستجعل المستثمرين سواء الأجانب أو المصريين يفكرون ألف مرة قبل الإقدام علي الدخول في تمويل إقامة أي مشروع ناهيك عن البنوك التي تمول بحذر أي مشروعات فمثل هذه الأمور ستجعلها تحجم تماماً عن التمويل خوفاً من تعثر المشروع في بدايته من جا نبه يري عادل العزبي نائب رئيس شعبة المستثمرين أن المشكلة أكبر من أن يتم تلخيصها في كلمة »تضارب« الاختصاصات أو القرارات، طالما أنها امتدت للعبث بمشروعات استثمارية كبري أصبح يتم إهدارها وإهدار آلاف من فرص العمل معها إلي جانب مليارات الجنيهات كان من المفروض أن تضاف إلي الأرقام الخاصة بالاستثمارات المباشرة بناتج الإجمالي القومي.
مؤكداً أنه يمكن تلخيص المشكلة في عدد من النقاط، هي تشعب القوانين المعمول بها في المنظومة التشريعية بوجه عام والمنظومة الاقتصادية بوجه خاص مع الأخذ في الاعتبار أنه ليس هناك محكمة اقتصادية قائمة من شأنها فض هذه النزاعات مما يجعل اللجوء إلي المحاكم الدولية وآليات فض النزاع التابعة لمنظمة التجارة العالمية الحل الأمثل للمستثمر.
النقطة الثانية كما يحددها العزبي هي غياب التخطيط الاستراتيجي للمشروعات التي تنفذها الدولة، ويمكن القاء اللوم في هذا الأمر علي وزارة التنمية الاقتصادية والتخطيط سابقاً فهذه هي مهمتها الأساسية، يليها دورها في التنسيق بين الوزارات المختلفة لتوحيد وجهات النظر والسياسات التي تطبق علي هذه المشروعات.
ثالثاً »اللامركزية« وهي مطلب أساسي للجهاز الإداري للدولة وينادي به المستثمرون منذ سنوات بحيث يتم إعطاء سلطات أكبر للمحافظين وهو ما سيقضي علي فكرة تضارب القرارات التي تتخذها الهيئات التابعة للوزارات لافتاً أن اللامركزية تقودنا إلي النقطة الرابعة المتمثلة في أن جميع القرارات التي تتخذ بشأن المشروعات الاستيراتيجية الكبري تكون من قبل سياسيين وليسوا اقتصاديين بالدرجة الأولي وهو ما يجعلها في كثير من الأحيان غير موضوعية لذلك يتعين وجود جهات حيادية ولجان لتقييم المشروعات.
وأضاف نائب شعبة المستثمرين أن تعطل المشروعات بعد إقامتها يكبد المستثمرين أموالاً طائلة وخسائر فادحة، وذلك في الوقت الذي تسعي فيه الحكومة جاهدة علي دفع معدلات الاستثمار وحث القطاع الخاص علي لعب دور أكبر في التنمية الاقتصادية.
ويقول محمد المنوفي ـ رئيس جمعية مستثمري 6 أكتوبر إن جميع الوزارات والهيئات الحكومية تتجه في النهاية لاتخاذ قرار موحد حول المشروعات إلا أن هذا التضارب المبدئي عند إقامة المشروعات يجعل الحكومة تخسر مصداقيتها أمام المستثمرين الأجانب والمصريين و تعد هذه المشكلات من مظاهر عدم الاستقرار الذي يضع رجل الأعمال لها اعتبارا عند اتخاذه أي قرار خاص بمكان إقامة المشروع ومدي ما سيحصل عليه من تسهيلات.