تتسلط الأضواء دائماً علي دور الأنشطة المتخصصة المتمثلة في الائتمان من شركات السمسرة »الكريديت« والتسوية في الجلسة نفسها »T+O « خلال الأزمات التي تصيب أسواق المال نظراً للدور الذي تلعبه سلباً أو إيجاباً علي تحركات البورصة والتي يتم تحديدها بناء علي درجة نشاطها وكيفية توظيفها من خلال المتعاملين.
|
أحمد رشدى |
وتباينت آراء خبراء سوق المال حول مدي إقبال المستثمرين علي الأنشطة المتخصصة خلال فترة اضطراب السوق المحلية خلال جلسات الأسبوع الماضي إثر اندلاع »الثورة التونسية« والتي ظهرت في أعقابها حالات انتحار فردية بمصر، ليشير البعض إلي استقرار حصة التعامل علي الأسهم من آلية الشراء والبيع في الجلسة ذاتها عند معدلاتها الطبيعية التي تتراوح بين 20 و%23 من إجمالي تعاملات السوق بسبب توقع البعض ارتداد الأسهم مرة أخري في أي لحظة أثناء الجلسة، استناداً إلي رجوع هذه الهزة إلي مخاطر سياسية تنبع من حالات انتحار فردية دون التعرض لمخاطر اقتصادية حقيقية وهو ما طرح احتمالية ارتداد السوق في أي لحظة.
وأضافوا أن معدلات الائتمان كانت طبيعية، خاصة علي صعيد المؤسسات، وتراوحت بين %50 و%100 من محفظة العميل، وتزامن ذلك مع رغبة بعض المستثمرين في تكثيف مراكزهم الشرائية لاقتناص الفرص الاستثمارية التي لاحت مع تدني المستويات السعرية للأسهم.
وأرجع خبراء آخرون درجة إقبال المتعاملين لا سيما الأفراد، علي طلب »الكريديت« إلي تخوف البعض من استمرار السوق في الهبوط بما يحملهم مزيداً من المخاطر، بل كشفوا أنه كان هناك اتجاه لتخلص البعض من الأموال المقترضة لتخفيف حدة الضغوط الملقاة عليهم خوفاً من تكبد المزيد من الخسائر في حال استمرار الأوضاع الراهنة بالسوق.
ولفتوا إلي انخفاض درجة نشاط آلية الشراء والبيع في ذات الجلسة نتيجة اتخاذ جلسات الأسبوع الماضي لاتجاهاً هبوطياً منذ بداية جلسة التداول حتي نهايتها بما لا يتناسب مع طبيعة عمل الـ»T+O « التي تنشط مع صعود السوق، وهو ما يعكس زيادة وعي المستثمرين الأفراد في توظيف الأنشطة المتخصصة خلال الأزمات حتي لو كانت قصيرة الأجل.
واعتبر شريف كرارة، العضو المنتدب لقطاع السمسرة بالمجموعة المالية هيرمس، أنه لم يطرأ تغيير لافت علي درجة نشاط الأنشطة المتخصصة التي تتمثل في »الكريديت« والشراء والبيع في ذات الجلسة »T+O « خلال جلسات التداول خلال الأسبوع الماضي، خاصة أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء والتي اتسمت بارتفاع أحجام التداول وتنفيذ عمليات بيع وشراء مكثفة.
وأشار »كرارة« إلي أن معدلات الطلب علي الائتمان كانت طبيعية حيث لم تتعد حاجز %50 من قيمة محفظة كل عميل، مؤكدا حدوث اختلاف بين اتجاهات العملاء حيث رفع البعض حصتهم من الائتمان إلي %50 بهدف تكثيف عمليات الشراء لاستغلال الفرص الاستثمارية التي ظهرت بقوة بدعم من تدني أسعار الأسهم بشدة، فيما تراجعت معدلات الاقتراض لدي بعض العملاء الآخرين مع اتجاههم للبيع لتفادي أكبر قدر من الخسائر.
وفي سياق متصل أكد شوكت المراغي، العضو المنتدب لقطاع السمسرة بشركة إتش سي للاستثمارات المالية، أنه علي الرغم من اتجاه شريحة من المؤسسات إلي البيع خلال الأجواء الساخنة التي صاحبت جلسات الأسبوع الماضي لكن مستوي إقبالها علي آلية الشراء والبيع في ذات الجلسة ظل ثابتاً بالقرب من معدلاته العادية، وذلك بسبب طبيعة عمل المؤسسات المالية التي لا تلجأ إلي تنفيذ عمليات متاجرة سريعة شبه يومية.
ولفت »المراغي« إلي أن المؤسسات المالية حافظت علي توازنها من حيث درجة اهتمامها بالاعتماد علي الائتمان في تنفيذ عمليات الشراء، تزامنا مع اتجاه شريحة من الشركات إلي الالتزام بالحد الأقصي للائتمان والذي يصل إلي السماح بالاقتراض حتي قيمة محفظة العميل. وقال إنه في حال ارتفاع حجم الائتمان مع عدم وضوح الرؤية بشأن اتجاه السوق نتيجة المخاطر السياسية في المنطقة وحالات الانتحار الفردية كان سيؤدي ذلك بدوره إلي الضغوط بصورة أكبر علي السوق.
ومن جانبه أشار أحمد رشدي، العضو المنتدب لشركة دايناميك لتداول الأوراق المالية، إلي أن حجم العمليات التي تم تسويتها في ذات الجلسة استحوذت علي حصة تتراوح بين 20 و%23 من إجمالي أحجام التداول خلال الجلسات الثلاث التي تعرضت فيها البورصة المصرية إلي هزة قوية.. مشيراً إلي أن هذه النسبة تعبر عن النشاط الطبيعي لآلية التداول في ذات الجلسة خلال الأجواء العادية للبورصة.
وأوضح أن آلية الشراء والبيع في الجلسة ذاتها »T+O « حافظت علي نفس درجة نشاطها علي الرغم من عدم مواءمة ظروف جلسات الأسبوع الماضي مع هدف هذه الآلية الذي يرتكز علي توقع المستثمرين ارتفاع المستويات السعرية للأسهم خلال نهاية الجلسة بما يمكنهم من تسجيل أرباح عند البيع.
وفسر »رشدي« ذلك بتوقع شريحة من المتعاملين ارتفاع الأسهم في أي لحظة نظراً لارتباط تدهور الأسعار السوقية للأسهم بحالات انتحار فردية وليس بسبب أزمة اقتصادية بما يعطي انطباعاً بإمكانية تجاوز مرحلة التذبذب سريعاً قبل انتهاء جلسة التداول، إلا أن استمرار الاضطراب حتي نهاية الجلسة دفع بعض المتعاملين إلي البيع خوفاً من مواصلة الأسهم رحلة الهبوط.
وأضاف أن بداية اضطراب أداء البورصة كان خلال منتصف جلسة الاثنين الماضي مع إشعال أول مواطن الحريق في نفسه أمام مجلس الشعب، أي في أعقاب اتجاه شريحة من المستثمرين إلي التداول علي الأسهم المتاح لها التسوية في ذات الجلسة بصورة طبيعية مثل سهم المصرية للمنتجعات السياحية، ثم لجوئهم إلي البيع بسبب تدهور الأسعار مما رفع من حصة التعاملات من خلال الـ»T+O «.
وأشار العضو المنتدب لشركة دايناميك لتداول الأوراق المالية إلي أن هناك سمتين غلبتا علي المستثمرين الذين أقبلوا علي التعامل علي أسهم التسوية في ذات الجلسة في مقدمتهما عدم تنفيذ عمليات شراء بكميات كبيرة حتي يقللوا حدة الخسائر في حال استمرارية التيار الهبوطي، موضحاً أن السمة الثانية تتمثل في ارتفاع الملاءة المالية لهذه النوعية من المتعاملين بما يمكن بعضهم من الاحتفاظ بالأسهم وعدم بيعها إلا عند ارتدادها مرة أخري.
ولفت الدكتور إيهاب صبري، الرئيس التنفيذي لشركة سيتي ستارز لتداول الأوراق المالية إلي تراجع حجم إقبال المتعاملين علي الائتمان من شركات السمسرة خلال الجلسات الدامية في الأسبوع الماضي نظراً لارتفاع حجم المخاطر التي صاحبت الاضطرابات السياسية بالمنطقة، بما يزيد من حدة مخاطر الحصول علي الكريديت.
واعتبر »صبري« انخفاض حجم الائتمان خلال الأسبوع الماضي دليلاً علي ارتفاع وعي المستثمرين خاصة الأفراد بشأن كيفية التعامل مع آلية »الكريديت« التي أدت في أوقات سابقة إلي تكبد الكثير منهم خسائر فادحة، لافتاً إلي وجود اتجاه خلال الجلسات الماضية لإعادة »الكرديت« لشركات السمسرة مرة أخري سواء بضغط من الشركات ذاتها وإلزام العملاء بالبيع عند انخفاض أسعار الأسهم إلي مستويات يجب عندها استرداد الشركات أموالها، أو بدافع من رغبة المتعاملين أنفسهم بالتخلص من الأموال المقترضة لتخفيف حدة المخاطر والضغوط الملقاة عليهم.
كما ألمح الرئيس التنفيذي لشركة سيتي ستارز إلي حدوث هدوء نسبي في درجة نشاط آلية التسوية في ذات الجلسة »T+O « بسبب اتخاذ جلسات الأسبوع الماضي اتجاهاً هبوطياً منذ بداية جلسة التداول حتي نهايتها بما لا يتناسب مع طبيعة عمل هذه الآلية التي تنشط مع صعود السوق.. مؤكداً أن المتعاملين نجحوا نسبيا في توظيف هذه الأنشطة المتخصصة من خلال تعاملاتهم الأسبوع الماضي.
وأضاف أنه في حال نشاط آليتي الائتمان والتسوية في ذات الجلسة خلال جلسات الأسبوع الماضي، كان سينعكس ذلك علي زيادة الضغط علي السوق مع رغبة المستثمرين في البيع للحد من خسائرهم، بما يهدد ارتداد الأسهم مرة أخري، إلا أن هدوء هذه الأنشطة المتخصصة ساعد علي استعادة البورصة عافيتها نسبيا في نهاية تعاملات جلسة الأربعاء الماضي.